في الداخل أيضًا، تتجلّى المؤثرات التصميمية انعكاسًا صادقًا لجماليات ساحل البحر الأبيض المتوسط التي يوحي بها تناغم تدرجات لونية هادئة مستلهمة من العالم البحري، وتراكيب إنارة تعزز أشعتها الذهبية الإحساس بالاسترخاء والدفء الذي تستحضره أيضًا أرضيات من الخشب تتوزّع فوقها، وفي محيط جدران تتزيّن بـالأعمال الفنية، طاولات رخامية تتدثر بالأغطية البيضاء وأرائك منجّدة باللون الكريمي أو الرمادي.

على أن استحضار عوالم البحر الأبيض المتوسط إلى هذه الواحة التي تؤسس لتجربة عشاء رومانسية أو مناسبة خاصة لا يقتصر على عناصر التصميم، إذ إنك سرعان ما تستكشف هذا التوجّه أيضًا في مذاقات متقنة تُرجع، على الرغم من المقاربة الحديثة في تشكيلها، أصداء المطبخ التقليدي في جنوب إيطاليا.

هذا ما نختبره في زيارتنا إلى المطعم الذي خُصصت زاوية منه لعرض خيرات البحر وأسماك طازجة يُؤتى بها مباشرة من إيطاليا وإسبانيا ومنطقة غاليسيا، في إشارة صريحة إلى قائمة طعام الغلبة فيها للمأكولات البحرية.

فيما يرفل بين المجالس (التي تحتشد بالزائرين بالرغم من أننا لسنا في نهاية الأسبوع) طاقم من الندل المتمرّسين الذين يُظهرون بكياستهم وحرفيتهم ومعرفتهم الدقيقة بقائمة الطعام مستوى خدميًا رفيعًا يحمل أولى بشائر تجربة راقية، لا تلبث حواسنا وذائقتنا أن تُستدرج إلى تفاصيل هذه التجربة، بداية من المقبلات التي تتصدرها ثلاثية من أصناف الترتار Le Tre Tartare (تشمل روبيان صقلية الأحمر، وسمك التونة، وسمك القاروص)، تبدو بسيطة في الشكل لكنها تخلّف في الفم مذاقًا رائعًا.

وبالرغم من أنكم قد تستحسنون أيضًا الطعم المنعش والحامض لسلطة جبن بوراتا والطماطم، التي تثريها على غير العادة شرائح من الشمندر وقطع من الجوز المقرمش، إلا أننا نوصيكم بألا تفوّتوا تجربة طبق الأخطبوط المحمّر، الذي تشي طراوته بأسلوب طهيه المتقن، والذي يتكامل مع عصيدة البطاطس وحبات الزيتون.

هذه البراعة نفسها في صياغة عناصر مطبخ جنوب إيطاليا التقليدية فسيفساء مبتكرة من الألوان المتناغمة والمذاقات المنضبطة نختبرها أيضًا فيما تتوالى إلى مائدتنا أطباق تخلو بمكوّناتها من أي تعقيد لكن تمازجها يعكس ثراء تستسيغه الذائقة.

والحقيقة هي أن الشواهد على ذلك كثيرة في الأطباق الرئيسة، بداية من البيتزا بالكمأة، هذا المكوّن الذي يضيف أيضًا بعدًا أكثر تميزًا إلى طبق الريزوتو بالفطر، وليس انتهاء بأصناف الباستا، وفي طليعتها  طبق السباغيتي مع لحم قنفذ البحر وجبن بيكورينو والفلفل الأسود، والذي يُعد مثاليًا لأولئك الذين يميلون إلى الدفع بذائقتهم خارج حدود المألوف، أو طبق السباغيتي المقدّم مع الحبّار والمحار وبطارخ سمك البوري، الذي يصلح خيارًا بديلاً للتقليديين في خياراتهم وإن كان على القدر نفسه من التمايز في الطعم والإتقان في الطهو.

على أنكم ستجدون أيضًا صعوبة في الانصراف عن اختبار المذاق الطري للحم سمك الجندوري المشوي المعدّ مع صلصة الزبدة والليمون والذي تبادر نادلة إلى إزالة الحسك منه بيد ماهرة وخبيرة قبل أن تضعه أمامنا.

وعلى ما يليق بخاتمة لتجربة توثّق حضور L’Amo Bistro del Mare على خارطة أفضل مطاعم دبي الإيطالية، لا بد من التغاضي عن منغصات التفكير في الوحدات الحرارية والاستسلام لطيب أصناف مغرية من الحلويات تتقدمها حلوى التيراميسو وطبق الكريم كاراميل والمثلجات بطعم الفستق الحلبي.