ما إن تطأ أعتاب مطعم "أوجين أوجين" Eugène Eugène، الذي يشكّل أحدث إضافة إلى محفظة مجموعة ريكاس للضيافة، حتى يُهيّأ لك أنك تحط الرحال في ما يشبه حديقة مسحورة تلبس خضرتها الغناء. فإذ ينضم هذا المطعم اليوم إلى مجموعة من وجهات الطعام الفاخرة التي كرّست بها ريكاس حضورها في مدينة دبي - بداية من لا كانتين دو فوبورغ La Cantine du Faubourg وليس انتهاء بميمي كاكوشي Mimi Kakushi - يستحضر فتنة بيوت الدفيئة وأروقة أسواق الطعام الفرنسية إلى ركن قصي في الطابق الثاني من فندق كمبينسكي مول الإمارات ليتجلّى واحة تنأى بمريديها عن صخب موقعها فيما تعد بتجربة تستلهم أجواء وجهات الطعام الفرنسية الفاخرة بغير تكلف والمنضوية تحت المفهوم الشهير Brasserie.
على ما هو عليه حال كثيرين، قد يكون أوّل ما أستحسنه هو الموقع الذي اختارته مجموعة ريكاس لمطعم Eugène Eugène خارج حدود منطقة مركز دبي المالي العالمي التي غالبًا ما تستأثر بـأفضل وجهات الطعام في المدينة.
هنا ننغمس ذات أمسية في أنس يفيض عن واحة تتزيّن بأشجار النخيل والزيتون وأصص نباتات الغار والمريمية وإكليل الجبل تحت ظلّة سقف زجاجي مرتفع نخمّن أن الضوء المتسرّب عبره بغزارة يغمر المساحات نهارًا ليكرّس أجواء مختلفة في أوقات تناول الغداء وشاي ما بعد الظهيرة.
وعلى ما يليق ببيت دفيئة أو حديقة شتوية، تتوزّع عبر المساحات الداخلية للمطعم، الذي تكمّله شرفة خارجية، أرائك جلدية وثيرة وكراس من الراتان تؤثث لجلسات يغلب عليها صخب حيوي وطابع مسترخٍ لا ينتقص من عناصر الفخامة المعهودة في تجربة طعام فرنسية، يحمل أولى بشائرها هنا طاقم من النُدُل يتنقلون بين المجالس بخفة نختبر منهم مستوى خدميًا رفيعًا وكياسة في الرّد على الاستفسارات وتقديم التوصيات وتلبية الطلبات.
Eugène Eugène
وسرعان ما نكتشف تكامل عناصر التجربة المعهودة في قائمة طعام تعكس ترجمة حديثة لأطباق كلاسيكية بقدر ما توثّق نجاح جيل بوسكيه، الطاهي التنفيذي في مجموعة ريكاس، ويانيس سغارد، كبير الطهاة في مطعم Eugène Eugène، في الإتيان بمكوّنات وصفة كفيلة بتلبية توقعات أولئك الذين ينشدون اختبار طعام فرنسي معد بإتقان ولكن في بيئة تنأى عن التكلف.
وفي هذا يقول الطاهي سغارد، الذي تمرّس على صنعته في وجهات باريسية شهيرة (تشمل مطعم Lasserre Paris وفندق فورسيزونز جورج الخامس) والذي تكرّس أطباقه مسيرة إبداعية تستلهم إرثه: "غايتنا الارتحال بالضيوف إلى فضاءات آسرة، حيث كل مذاق يروي حكاية وكل تجربة تتحوّل إلى ذكرى مبهجة".
Eugène Eugène
هي رحلة نستهلها بمقبلات تشهد على البراعة في إعادة ابتكار مكوّنات تقليدية، بداية من شطائر بليني التي يرافقها غموس الكمأة، وسلطة جبن بوراتا الذي تتوّجه على غير ما هو مألوف طبقة رغوية من الطماطم تضفي عليه لونًا زهرية، وليس انتهاء بطبق من كارباتشيو اللحم البقري يزاوج بين شرائح من اللحم النيء وأخرى مقدّدة، وطبق ترتار السلمون الذي يُقدّم بطريقة مبتكرة مع شطائر الوافل.
على أن قائمة المقبلات تزخر بكثير من الأصناف التي تغريك بتجربتها، من كافيار بيلوغا (إذا كنت مستعدًا لدفع 1600 درهم إماراتي لتذوّق 30 غرامًا فقط من هذا البيض النفيس) والمحار بالليمون والبصل المنكّه بالخل، إلى الحبّار المقرمش، وسلطة الشمندر مع جبن فيتا والفستق الحلبي وتوت العليق، أو سلطة السبانخ مع الخرشوف والكمأة.
Eugène Eugène
تعدّنا هذه الأصناف التي تستسيغها ذائقتنا للانغماس في الفلسفة الإبداعية لسغارد وبوسكيه على صهوة أطباق رئيسة متنوّعة تتلاحم فيها المكوّنات الطازجة في سمفونية منضبطة من الألوان والمذاقات. وإذا كانت أطباق مثل الرافيولي بالسبانخ و جبن ريكوتا، أو السباغيتي بالكركند المنكه بالزيت والثوم والأوريغانو، أو الريزوتو بالزعفران، أو حتى البيتزا بالكمأة، أو الدجاج المشوي مع البطاطس والفطر، تعكس ثراء كفيلاً بأن يلقى استحسانكم، فإننا نوصيكم خصوصًا بألا تفوّتوا اختبار المذاق الطري لشريحة اللحم المشوية المقدّمة مع صلصة "أنتروكوت" متقنة الصنع، وسمكة موسى المقلية بالزبدة على الطريقة الفرنسية والتي نُجمع على أنها نجم قائمة الطعام هنا.
Eugène Eugène
بحلول ختام الأمسية، كنّا على يقين من أن Eugène Eugène يستحق زيارات لاحقة للاستزادة من تجربة طعام متكاملة الأركان. لكنّ ما زاد في هذا اليقين كان أصنافًا من الحلويات التي تعذّر علينا مقاومة مذاقها المتفرّد، وفي طليعتها شطيرة التفاح المكوّنة من شرائح دائرية رُصفت في طبقات وترافقت مع المثلجات بنكهة الفانيليا، وطبق Exotic المعدّ من قطع مانغا تحتجب مع المثلجات بنكهة الليمون الأخضر داخل فتات جوز الهند، فضلاً عن حلوى Croquant Dulce de Lece المثالية لمن يرغبون في إمتاع ذائقتهم بمثلجات بطعم الفشار المكرمل.