تخال هنا أنك تولم في فقاعة زجاجية عُلقت فوق السحاب، وتولت تصميمها شركة الهندسة المعمارية الشهيرة ICRAVE التي جاءت بمفهوم مبتكر يرتحل بك على صهوة تفاصيله من اليابان إلى البرازيل وبيرو.

ففيما يستعير المجلس في مقدمة المطعم توازن الأبعاد من جماليات واحات اليابان، يكشف قلب المطعم ببعده الدرامي عن جذوره البرازيلية والبيروفية.

وفيما يلتف السقف الذي نُفذ بتقنية الطباعة الثلاثية ليبدو أقرب إلى واحة استوائية غنّاء، لا يسعك أن تغفل أيضًا عن المطبخ المفتوح الذي يحتضن مشواة روباتا تقليدية ويكشف عن مشهد الطهاة المنهمكين في أساليب طهو مختلفة كأنهم جزء من عرض مسرحي.

في زيارتنا الأخيرة إلى مطعم سوشي سامبا، كانت هذه الواحة المعلقة في الفضاء محتضنة 134 مقعدًا - يُضاف إليها 14 مقعدًا آخر في حجرة خاصة لأولئك الذين يؤثرون تجربة أكثر خصوصية - أدركنا أن الإطلالة ليست سوى عنصر من عناصر تلك السمفونية الحسية المتكاملة التي تشمل أيضًا وسط الإنارة الدافئة والخافتة صخبًا ماتعًا تختلط فيه أحاديث الضيوف بأنغام الموسيقى، وحيوية لافتة يبديها أفراد الطاقم الذين لا تلبث أن تختبر ما يتمايزون به من حس احترافي ولكن بعيد عن التكلف.

غير أن العنصر الأهم يبقى ثراء تلك المذاقات التي تتوالى على مائدتنا لتختزل الإتقان في الجمع، ليس بين أساليب طهو متنوعة فحسب، بل بين مؤثرات ثقافية مختلفة أيضًا. فبإيحاء من المطابخ اليابانية والبرازيلية والبيروفية، يصوغ كبير الطهاة مون كيونغ سو وفريقه تفاصيل رحلة تستأثر بذائقتنا فيما تتدرّج محطاتها الدرامية بدءًا من مقبلات زاخرة بالألوان والمكونات الطازجة (لا سيما الأسماك التي  يُؤتى بمعظمها من اليابان).

في طليعتها شطائر سمك النهاش Crispy Yellowtail Taquitos المقرمشة والمنكّهة بالأفوكادو وتوابل ميزو البيضاء والكزبرة والليمون، والخيارات الوفيرة من أطباق سفيتيشي المعدة من أسماك نيئة مختلفة تشمل التونة والكركند والقاروص والدنيس، والمعجنات اليابانية Japanese Gyoza المحشوة بلحم واغو البقري الفاخر، وسلطة الذرة الحلوة البيروفية التي تخلّف في الأفواه طعمًا منعشًا يوازن بين الحلو والحامض.

وإن كنت من محبي لفائف السوشي، فلا ينبغي لك أن تفوّت تجربة أي من الخيارات الحصرية في هذا المطعم الفاخر، لا سيّما لفائف "سامبا دبي" SAMBA Dubai المعدة من الكركند والمانغو والأفوكادو داخل أوراق فوق الصويا والمنكهة بصلصة من العسل والكمأة.

في مطعم سوشي سامبا، لا تجربة عشاء تكتمل دون اختبار مفهوم تشارك أطباق مشوية أعدت فوق منضدة روباتا فتشربت لحومها بالغة الطراوة مذاقاً متفردًا خلفه احتراق الفحم أسفلها، على ما يشهد مثلاً سمك القد المنكه بتوابل ميزو ومخلل جذور الزنجبيل "هاجيكامي" وبهارات "شيشيمي" المفعمة بمذاق حبات الجوز، أو شريحة من لحوم أنغوس الأسترالية تتوّجها طبقة من كبد الإوز وتعلو بمذاقها صلصة الصويا الحارة.

وإن بقي من متّسع لإمتاع الذائقة بطيب حلويات مبتكرة، فليكن خياركم إما حلوى "تشيز كيك" اليابانية المقدمة مع المثلجات بنكهة أوراق الشاي الأخضر "ماتشا" أو تلك الكرات الصغيرة المكسوة بحبيبات السكر والتي تمثّل نسخة سوشي سامبا الأطيب والأكثر هشاشة من حلوى الدوناتس التقليدية. فحتى هذه اللمسات النهائية كفيلة بالارتقاء بتجربة فيها من المتعة والإتقان والتكامل ما يحرّضكم على تكرارها ثانية.