خلف جدار تفترشه الخضرة وستارة سميكة من المخمل الأحمر، ينغمس الزائرون في رحلة تمضي بهم عبر وجهات متعددة تجتمع تحت سقف واحد. إنها رحلة تصوّر معالمها رجل الأعمال الرائد توم أرنيل، مؤسس شركة EatX، وحوّلها إلى واقع ملموس المهندس المعماري المقيم في لندن ديفيد آرتشر الذي اشتهر بتصميم الفندق اللندني تشيلترن فايرهاوس Chiltern Firehouse المفضل عند النجوم والمشاهير.

مشروع The Guild

بإيحاء من حيوية المطاعم الفاخرة بغير تكلف، استحدث آرتشر عبر مساحة هذا المشروع أربع واحات متمايزة، بداية من مقهى ومطعم The Nurseries المفتوح طيلة اليوم والذي يحتجب وسط مئات النباتات، ومطعم The Rockpool الذي يشكّل ملاذًا لذوّاقة المأكولات البحرية، على ما تشهد في مركزه البركة الصخرية التي تستوطنها أصناف من الكركند والسلطعون والمحار، والذي تشرف عليه قاعة ذا ريتز The Ritz المثالية لمن ينشدون الخصوصية، ووصولاً إلى مطعم The Salon، القلب النابض لمشروع ذا غيلد، واستراحة The Aviary التي استُحدثت فوقه. 

وبالرغم من أن هذه الوجهات كلها تبدو أقرب إلى منصة يحكي الطهاة المتمرّسون من خلالها حكاية إبداعهم، إلا أن نجم المشروع يبقى مطعم The Salon. تخال في هذه الواحة أنك تحل ضيفًا على أحد مطاعم الشواء الشهيرة في نيويورك ولندن، حيث التصميم المهيب، الذي تكرّسه مجالس فاخرة وثريات ضخمة، يرسم خلفية المشهد الدرامي الذي يفيض عن منصة موقد الطوب الأحمر الذي تتراقص فيه ألسنة النار في المطبخ المفتوح. 

في زيارتنا الأخيرة إلى المطعم، الذي تحافظ أجواؤه على مزيج من الحيوية والحميمية، تسنت لنا الفرصة لاستكشاف المقاربة الإبداعية للطاهي التنفيذي الأسترالي بول غاجفسكي الذي تمرّس في وجهات حائزة نجوم ميشلان مثل Noma وGuy Savoy وL’Atelier de Paris، والذي انعكس ميله إلى النظام والدقة والتزامه بمعايير الاستدامة في ابتكارات تكرّس مساعي المشروع للارتقاء بكل تجربة إلى ذكرى مبهجة. 

في مطعم The Salon، تحمل قائمة الطعام التي تتشاركها هذه الواحة مع مطعم The Rockpool، ملامح إبداع يقدّم الجودة والإتقان على الإتيان بابتكارات جديدة غير مألوفة أو متوقعة. فالتجربة الموعودة هنا ترتكز إلى مفهوم الارتقاء بأطباق تقليدية موثوقة، وهذا ما نختبره في الأصناف التي نختارها لوجبة الغداء، بداية من المقبلات التي تشمل حساء البصل الغني بمذاق جبن غرويير، وسلطة جبن بوراتا الإيطالية، وطبق كارباتشيو لحم واغيو البقري الذي تزيد مذاقه تمايزًا نكهة الخل البلسمي وجبن بارميزان المعمّر. 

هذا الإتقان في تقديم تفسيرات متقنة للمذاقات التقليدية يحضر أيضًا في الأطباق الرئيسة، وفي طليعتها شريحة اللحم المشوي من فئة برايم المعتمد من قبل وزارة الزراعة الأمريكية، والدجاج المشوي على الطريقة الفرنسية مع العصارة والخبز، وسمك الدنيس المشوي الذي تكمّله الفاصولياء البيضاء وحبيبات مشوية من الطماطم الكرزية بطعم الريحان، فضلاً عن طبق الريزوتو المنكّه بالكمأة السوداء وفطر بورشيني، والذي يتكامل مع صلصة الطرخون، وطبق النخاعات المشوية في الفرن مع حبيبات الكبّر وزبدة الليمون والمقدّمة إلى جانب خبز ميلبا المحمّص.

أما خاتمة هذه السمفونية الحسية من المذاقات الثرية والمتوازنة، فتوثّقها خيارات مغرية من الحلويات التي نختبر منها حلوى التشيز كيك مع صلصة التوت، وكعكة الشوكولاته مع المثلجات، وحلوى الكراميل التي يتناغم فيها الطعم الغني للبندق مع الانتعاش الذي يفيض عن المثلجات بطعم اليوسفي والنعناع.  

بالرغم من أن تجربتنا تقتصر على مطعم The Salon، إلا أنها تبدو كافية للتأكيد على أن مشروع ذا غيلد بكليّته قد يكون طموحًا وجريئًا في مفهومه، لكنه متجذّر في أرض الخبرة ويعكس بجلاء الرؤية الواضحة لمؤسسه توم أرنيل.