يقف لحم واغيو متفردًا على قمة أنواع اللحوم حول العالم، وذلك لأنه يأتي من سلالة نادرة من الأبقار لا يمكنك أن تجدها إلا في اليابان. وبالرغم من أنك تستطيع تربيتها في أي مكان حول العالم، إلا أن لحم واغيو الياباني يُعد فريدًا من نوعه ويجب عليك استيراده خصيصًا من تلك البلاد.

يُعرف اليابانيون بشكل عام بحبهم الشديد للدقة والاهتمام بالتفاصيل والنظام، لذلك عندما تعرف أن هذه الأبقار تُربى خصيصًا في مراع خاصة في اليابان، فيجب أن تتوقع نظامًا صارمًا ومعقدًا لتربيتها وإنتاج أفضل اللحوم في العالم.

ولأن لحم واغيو هو الأفضل حول العالم، فإن الكلمة أصبحت ترمز إلى الجودة غير المسبوقة. وكعادة الكثير من الأمور المتعلقة باليابان، فإن ثمة الكثير من المفاهيم الخاطئة والغامضة حول لحم واغيو وأبقاره، لذلك نقدم لكم الدليل الشامل للتعرف على لحم واغيو، أفخم أنواع اللحوم في العالم.

ما هو لحم واغيو؟

كلمة "واغيو" في اليابانية ترادف كلمة "بقرة" في اللغة العربية، ولكن هذه الترجمة الحرفية تبقى قاصرة، إذ لا تعد الأبقار اليابانية كلها أبقار "واغيو". بل الحقيقة هي أن لحوم "واغيو" تأتي حصرًا من سلالة واحدة من سلالات الأبقار الموجودة في اليابان، وذلك لأنها تتمتع بتركيبة جينية فريدة من نوعها تجعلها تمزج بين الدهون واللحم الأحمر معًا بطريقة فريدة لا توجد إلا فيها.

وبالرغم من أن اليابان تمتلك أربع سلالات من الأبقار الخاصة بها، إلا أن الحكومة اليابانية تحاول جاهدةً الحفاظ على نقاء السلالة الوحيدة التي تنتج لحم واغيو الفاخر، لذلك يجري التحكم قدر الإمكان في مختلف التفاصيل المتعلقة برعاية الأبقار وتربيتها، فتُختم العجول حديثة الولادة كلها بأرقام تعريفية خاصة، وتحتفظ هذه الأرقام بالبيانات الخاصة بكل بقرة من مكان ميلادها والتاريخ الذي ولدت فيه وسلالتها.

ويحدد الاختلاف الأكبر بين لحم واغيو وباقي أنواع اللحوم نسبة الدهون الموجودة في ها وتوزيعها داخل قطعة اللحم ذاتها، إذ بعكس الأبقار والكائنات الحية الأخرى، فإن أبقار واغيو تستخدم الدهون الموجودة في جسمها مصدرًا للتغذية، لذلك تجد أن ألياف الدهون مرتبطة وممزوجة بشكل متفرد مع ألياف العضلات في مختلف أجزاء الجسم. لذا لا يمكن إنتاج لحم واغيو من أي بقرة أخرى لا تمتلك هذه القدرة الجينية المتفردة.

وبفضل التركيبة الفريدة من نوعها والمزج بين الدهون والعضلات في لحم واغيو، فإنك تحصل على قطعة لحم غنيّة المذاق وطرية، تذوب في فمك بمجرد أن تلمسه. ولا يهم كيف تطهو لحم واغيو، لأنه سيكون دائمًا أشهى من أي قطعة لحم أخرى.

لحم واغيو.. كنز اليابان القومي

Pixabay

الفرق بين لحم واغيو الياباني وباقي لحوم واغيو

بالرغم من أن سلالات واغيو حصريّة في اليابان، إلا أن طعمها الفريد من نوعه جعل الكثير من المستثمرين يستقدمونها إلى مختلف البلاد حول العالم ويحاولون جاهدين الوصول إلى تجربة واغيو اليابانية. لكنهم فشلوا في الوصول إلى الطعم الأشهى الذي تقدمه السلالة اليابانية، مع أنهم اقتربوا كثيرًا من ذلك.

وتمتلك أستراليا أكبر أعداد من أبقار واغيو خارج اليابان، ولكنها لا تقدم تجربة لحم واغيو الياباني ذاتها، ويعود السبب في ذلك إلى اختلاف طريقة التربية والتغذية بين اليابان وأستراليا. تمزج أستراليا بين سلالات واغيو اليابانية مع أبقار هولشتاين التي تعتمد عليها كثيرًا في البلاد، إلى جانب اختلاف طريقة تغذية الأبقار بالاعتماد على المراعي الخضراء بدلاً من الحبوب والأعلاف المخصصة لها.

وتأتي الولايات المتحدة الأمريكية في المرتبة الثانية من ناحية أعداد واغيو خارج اليابان. تصل أعداد أبقار واغيو في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أكثر من 40 ألف بقرة من ضمنها 5 آلاف بقرة نقية السلالة وتنتمي إلى أبقار واغيو اليابانية الأصلية بنسبة 100٪.

ولكن المربون في الولايات المتحدة الأمريكية يخلطون بين أبقار واغيو وأبقار أنغوس بطريقة غير علمية وتفتقر إلى المعايير الصارمة التي تفرضها اليابان. لذلك لا يتمتع لحم واغيو الأمريكي بنكهة الأومامي الواضحة في نظيره الياباني، كما أنه لا يصل إلى درجة الذوبان ذاتها التي تقدمها اللحوم اليابانية. صحيح أن لحم واغيو الأمريكي يبقى شهيًا، ولكنه ليس الأفضل.

ويعد موريس ويتني أول من جلب عجول واغيو إلى الولايات المتحدة في عام 1976، واستُقدم بعد ذلك الكثير من الأبقار الأخرى في عام 1993 وعام 1997 حتى حُظر تصدير أبقار واغيو الحيّة لأن الحكومة اليابانية أعلنتها كنزًا قوميًا.

لحم واغيو.. كنز اليابان القومي

تاريخ واغيو في اليابان

أصبح الوصول إلى لحم واغيو الياباني الأصلي أسهل بعض الشيء مما كان عليه في الماضي عندما كنت تحتاج للذهاب إلى اليابان أو التوجه لـأفخم المطاعم في نيويورك لتذوق هذا اللحم المتفرد بمذاقه.  فاليوم يمكنك الحصول عليه في منزلك عبر مجموعة من الشركات التي تقوم باستيراد لحوم واغيو باعتماد تقنيات تضمن الحفاظ على جودته وخصوصيته.

وبالرغم من أن كلمة "واغيو" تشير إلى الأبقار اليابانية كلها، وهي موجود منذ ملايين السنين في الجزيرة، إلا أن لحم واغيو الذي نعرفه اليوم قد ظهر بشكل كامل في بداية عودة حقبة ميجي Meiji في مطلع عام 1868.

وتزامن ذلك مع زيادة التأثير الغربي داخل الدولة الذي جلب معه مجموعة من الأبقار من القارة الأوروبية والكورية معًا حتى تتزاوج مع الأبقار اليابانية الأصلية، ونتج عن ذلك ظهور ثلاث سلالات جديدة من واغيو الأسود وهي:  Tajima و Fujiyoshi  و Kedaka. وتشكل هذه السلالات معًا 90٪ من إجمالي أبقار واغيو في اليابان، فيما تتوزع النسبة المتبقية بين سلالات الأبقار الحمراء من فصيلتي Kochi و Kumamoto.

ظروف خاصة

تُربى أبقار واغيو بطريقة مختلفة وخاصة، وتعد راحة هذه الأبقار الجانب الأهم في تربيتها، إذ يجب أن تبقى الأبقار في بيئة خالية تمامًا من الضغط العصبي أو المجهود، ما يدفع الكثير من المربين إلى الابتعاد عن التجمعات السكانية حتى يبعدوا الضوضاء عن الأبقار. كما تجري مراقبة الأبقار بطريقة مكثفة، فتُفرّق ويُعاد توزيعها بناءً على تعايشها وذلك حتى لا تحدث أي مشاحنات بين العجول المختلفة.

فضلاً عن ذلك، يهتم المربّون كثيرًا بجودة الطعام المقدم إلى الأبقار، إلى جانب الماء والهواء، فيجري تغيير الطعام والمياه بشكل دوري طوال اليوم حتى تظل نقيّة قدر الإمكان وحتى لا تسبب أي ضرر للحيوان، ويحدث ذلك كله في مزارع مفتوحة ولكن في ظل مراقبة صارمة.

الفرق بين لحم كوبي Kobe ولحم واغيو

يشير كثيرون إلى كون لحم كوبي بديلاً للحم واغيو، إلا أن هذا غير صحيح. فلحم كوبي يُعد أحد أنواع لحم واغيو، ولكنه يشير إلى منطقة كوبي الواقعة في اليابان. ويشترك المساهمون كافة في عملية نقل لحم كوبي من اليابان إلى طاولتك من خلال ما يُعرف باتحاد كوبي للحوم. 

لحم واغيو.. كنز اليابان القومي

Unsplash

تصنيف صارم وأولمبياد وطني

بالرغم من أن لحم واغيو يعد الأفضل والأفخم حول العالم، إلا أنه يُصنف إلى درجات مختلفة. وتشير هذه الدرجات إلى جودة اللحم وظروف تربية الأبقار وجودة المراعي والمزارع.

ويُعتمد في تصنيف لحم واغيو رمزان: الأول وهو حرف أبجدي يرمز إلى نسبة اللحم الناتج عن البقرة. لذا فإن التصنيف A يشير إلى الحيوانات التي تنتج أكبر كمية ممكنة من اللحوم، والتصنيف B يشير إلى الحيوانات التي تنتج كميات أقل.

أما الرمز الثاني، وهو رقمي، فيشير إلى مقدار امتزاج اللحوم والدهون معًا. ويعتمد هذا التصنيف بشكل رئيس على مقياس عالمي يُعرف باسم BMS اختصارًا لكلمة Beef Marbling Standard وهو يتكون من 12 درجةً مختلفة حيث تعد الدرجة 12 هي الأعلى.

ويجب أن تحصل لحوم واغيو ذات التصنيف A5 على درجة في تصنيف BMS تراوح بين 8-12، وهي تشير إلى أفضل درجة وأعلى تصنيف في لحم واغيو.

وبالرغم من أن الكثير من المطاعم الأمريكية تعتمد على مهارتها الخاصة في تصنيف اللحوم، إلا أن الأمر يختلف كثيرًا في اليابان، إذ يعد تصنيف اللحوم هناك مهارة خاصة تستغرق دراستها ثلاث سنوات، ويخضع الدارس خلال ذلك لأكثر من اختبار، وذلك بسبب اهتمام اليابانيين بالتفاصيل وبحثهم الدؤوب عن الجودة.

بل إن هذا الاهتمام قادهم إلى تنظيم مسابقة وطنية مرة كل خمسة أعوام تحت اسم أولمبياد واغيو. في الأولمبياد، تتنافس أكثر من 500 بقرة في أجواء حماسية ومميزة على لقب "البقرة البطلة"، وتهتم المسابقة بقياس درجة جودة اللحوم مع الجوانب الأخرى المتعلقة بتربيتها ومظهرها العام.

يُذكر أن رابطة صناعة الثروة الحيوانية اليابانية استحدثت شعارًا يميز أبقار واغيو اليابانية الأصلية عن الأصناف الأخرى الهجينة الموجودة حول العالم. توسم بهذا الختم الأبقار التي ولدت في اليابان ورُبيت خصيصًا من أجل التصدير.