قد يكون العثور على استوديو للتصميم تكون كفاءته على قدر تعقيد طائرة رجال الأعمال التي ينوي بناءها بتكلفة تساوي 75 مليون دولار مهمةً صعبةً، لا سيّما أن المصممين يعملون عادةً داخل مرافق تصنيع الطائرات، حيث يظل تجميع أجزائها نشاطًا صناعيًا صاخبًا.

غير أن عددًا من مصنّعي طائرات رجال الأعمال يتطلعون إلى تغيير هذا الواقع عن طريق الاستثمار في جانب مهمل من عملية التصميم، وهو تجربة الزبون.

يشكل مركز Laurent Beaudoin Completion Centre التابع لشركة بومباردييه جناحًا لبناء الطائرات المخصصة الفاخرة يقع مقابل حظائر تصطف فيها طائرات من طُرز غلوبل في مراحل مختلفة من مشروع تجهيز مقصوراتها الداخلية، ويسدّ الفجوة بين عالم التصميم والعالم الصناعي.

وفي هذا تقول كايتي بابوتسيس، رئيسة قسم تجارب الزبائن والاستراتيجية والعمليات في بومباردييه: "كان لدينا مركز لتسليم الطائرات من قبل، ولكننا قررنا تخصيص الزيارات بما يتناسب مع كل زبون. لقد أردنا الحرص على أن تشبه هذه التجربة ما يختبرونه عادة في حياتهم".

صُمم الجناح الذي تبلغ مساحته 150 ألف قدم مربعة على طراز الفنادق المعاصرة من فئة الخمس نجوم، وهو أشبه بملاذ حصري يُستخدم للزبائن فحسب، ويشتمل على غرف اجتماعات عدة، وصالة عرضٍ راقية لتخصص المقصورات الداخلية، تحتوي على مئات العينات من الأقمشة والجلود والطبقات الخشبية والمناضد، فضلاً عن مطبخ احترافي يُعد فيه كبير الطهاة ستيف ليميو وفريقه أطباقًا رفيعة لكل زبون.

وتقول بابوتسيس: "يخبرنا الزبائن بالأطعمة التي يفضلونها وتلك التي يتجنبونها، ثم يعد الطاهي الوجبات بما يتناسب مع هذه التوصيات"، مضيفةً: "نحن لا نخبرهم مسبقًا بما سيتناولونه لأن ذلك كفيل بإفساد المفاجأة".

 مجسّم لمقصورة طائرة ACJ Twenty في الاستوديو الإبداعي التابع للشركة.

Heidi Carpenter/Airbus
مجسّم لمقصورة طائرة ACJ Twenty في الاستوديو الإبداعي التابع للشركة.

جددت شركة غلفستريم أيضًا مركز التصميم الواقع في مقرها الرئيس في سافانا بولاية جورجيا، ليتحوّل إلى صالة عرض بسقف مرتفع تحتوي تجهيزاتها الأكثر شهرة والتي تُقسّم أحيانًا إلى مجموعات مثل مجموعة Sports Aesthetic للتصاميم ذات الطابع الجمالي الرياضي ومجموعة Minimalist Aesthetic للتصاميم المبسّطة.

يقول تراي كراو، مدير التصميم الداخلية في غلفستريم: "تشكل هذه المجموعات مستهلاً لتبادل الأحاديث. فعلى سبيل المثال، تتوافر مئات الخيارات التصميمية لمقصورات الطائرات من طرازي G500 وG600".

كما تضم صالة العرض ثلاثة مجسّمات بالحجم الكامل لمقصورات طائرات غلفستريم الجديدة من طُرز G700 وG600 وG400. ويقول كراو موضحًا: "إن وجود هذه المجسّمات هنا يتيح للزبائن تفحصها واختبار حجمها عن كثب".

لكن ثمة مساحات داخلية تخضع بالطبع لقدر أكبر من التخصيص، وخير مثال على ذلك طائرات رجال الأعمال من بوينغ، إذ تُصمم الشركة المساحات الداخلية لكل طائرة من طائراتها الضخمة المعدّلة من نقطة الصفر.

تعرض في مجلس إيرباص الخاص مقصورة كاملة التجهيز.

Heidi Carpenter/Airbus
تعرض في مجلس إيرباص الخاص مقصورة كاملة التجهيز.

ويقول ألكسيس فيكتو، مدير التسويق العالمي في الشركة، في معرض إشارته إلى الجدول الزمني المحدود الذي تعتمده الشركة لبناء طائراتها: "نوكل مهمة كل تصميم إلى مصممين خارجيين".

تعمل الشركة مع دور تصميم معروفة مثل أندرو وينش وألبرتو بينتو، كما أنها طوّرت علاقات جديدة مع شركات شهيرة بتصميماتها الداخلية المستقبلية، مثل شركتي SkyStyle وKiPcreating، اللتين تعملان معًا بشكل وثيق، وسبق لهما التعاون على ابتكار المفهوم التصوري "Genesis" لطائرة BBJ 787.

يقول أليكس باردو، الذي يرأس قسم المرئيات في الشركتين: "نعرض بعض العينات في الاستوديو، ولكن غالبًا ما تصطحب هذه الفئة من الزبائن مستشارين في مجال التصميم يأتون إلينا بتصوّرات محددة للغاية".

ويعتمد فريق باردو على مجسّمات رقمية فائقة الواقعية تسمح للزبائن بمعاينة التصميم الداخلي في حجمه الطبيعي، وتتيح لهم معاينة أنواع مختلفة من المواد بسهولة داخل المكان نفسه.

تتزايد أهمية التقنية المتطورة في مجال تصميم المساحات الداخلية، لا سيما في سياق الاجتماعات مع الزبائن. في شهر مايو الماضي، افتتحت شركة ACJ مركز تصميم جديدًا لطائرات ACJ TwoTwenty في المقر الرئيس لشركة إيرباص بمدينة تولوز الفرنسية.

يحتضن المركز مقصورة بالحجم الكامل، ويعرض مجموعات وفيرة من المواد، فيما يستخدم أيضًا تقنية الواقع الافتراضي التي تقدم للزبون تجربة غامرة يختبر من خلالها التصميمات المحتملة التي طورها فريق التصميم التابع لشركة ACJ والذي يرأسه سيلفان ماريات.

يقول ماريات: "لقد عرضنا على أحد زبائننا مخطط مقصورة الطائرة الذي أراده خلال زيارته الأولى، وفوجئ بقدرتنا على عرض المخطط على نحو تفاعلي مباشر، إذ استطاع معاينة كل تفصيل وتعديله ولمسه حتى قبل شرائه".

لكن يجدر بالمصممين أن يسعوا جاهدين لضمان واقعية تصاميمهم بحيث لا تكون عروضًا مبهرة فحسب. وفي هذا يقول ماريات: "إننا نفخر باشتمال تصاميمنا على ميزات إبداعية تتوافق مع المتطلبات التقنية".

يعني ذلك أن على المصممين التواصل باستمرار مع نظرائهم المهندسين الذين يجيبون عن أسئلتهم بشأن المواد والمكونات الجديدة التي تستوفي شروط لوائح القابلية للاشتعال والسلامة الهيكلية.

ويضيف ماريات: "نحن لا نقطع أبدًا وعودًا لا نستطيع الوفاء بها"، ثم يلفت انتباهنا إلى تركيبة الإضاءة الخشبية المنحوتة التي أضيفت أخيرًا إلى غرفة النوم في إحدى الطائرات الجديدة ويقول: "إذا أراد الزبون أن يقرأ على ضوء المصباح، فما عليه إلا أن يلمس الخشب. إنها تضفي على المساحة لمسة زخرفية بموازاة طابعها العملي".