ينفق زبائن الطائرات الخاصة ما بين 5 آلاف دولار و25 ألف دولار في الساعة. لكنهم يختبرون في المقابل تأخيرًا في مواعيد الرحلات أو يضطرون إلى السفر على متن طائرات لا ترقى إلى توقعاتهم. فهل بات الإحباط واقع الحال الجديد؟
بعث مؤخرًا رئيس تنفيذي لإحدى الشركات برسالة إلكترونية عن طائرة خاصة استأجرتها شركته لمجموعة من زبائنها المهمين. كان من المقرر أن تقلع الرحلة في الوقت المحدد من أوستن عندما لاحظ قائدا الطائرة ضوءًا وامضًا في المقصورة واتصلا بفريق الميكانيكيين. بعد انقضاء ساعات عدة، حُلت المشكلة. لكن طاقم الطائرة، الذي كان قد تجاوز عندئذٍ عدد الساعات المجاز لهم العمل فيها في اليوم الواحد بحسب قوانين إدارة الطيران الاتحادية، احتُجز على الأرض. آنذاك، تعذّر إيجاد طائرة بديلة، فلم يكمل الزبائن رحلتهم إلى فينيكس إلا في اليوم التالي. ثارت ثائرة الرئيس التنفيذي، الذي اعتاد السفر على متن طائرات خاصة، لأن الرحلة المكلفة تأجلت بسبب عجز المزوّد عن إيجاد طائرة أخرى. كتب في رسالته يقول: "إن ما حدث يعكس أسوأ ما يمكن لشركة متخصصة في مجال تأجير الطائرات أن تقدمه".
في قطاع يفاخر بخدماته رفيعة الطراز والمواعيد الدقيقة، كان التعامل مع الدفق الهائل من الزبائن الجدد الذين تحوّلوا في حقبة جائحة كوفيد من استخدام الطائرات التجارية إلى السفر على متن طائرات خاصة، مهمة شاقة. يقول مايكل سيلفيسترو، الرئيس التنفيذي لشركة فليكس جيت Flexjet، مزوّد بطاقات السفر على متن طائرات خاصة وخدمة الملكية الجزئية للطائرات: "شهدنا ارتفاعًا في حجم أعمالنا بنسبة راوحت بين 25% و40% مقارنة بما كان عليه الحال في السنوات السابقة. تحاول شركاتنا كلها توفير عرض يرقى إلى مستوى الطلب الهائل. إننا في ذروة مرحلة الجوع إلى الوفرة".
عمدت شركة نِت جيتس NetJets، أكبر مزود لخدمة الملكية الجزئية، إلى تعليق بيع مختلف بطاقات السفر على متن طائرات خاصة بما يضمن أن يبقى أصحاب الملكية الجزئية في طائراتها قادرين على بلوغ وجهاتهم من دون تأخير. في شهر يوليو تموز الفائت، كتب رئيس الشركة باتريك غالاغير يقول: "إن الطلب على رحلات نِت جيتس يفوق حاليًا ما كان عليه في مواسم الذروة كافة التي اختبرناها على مر تاريخنا الممتد على 57 سنة". جاء تصريحه هذا في سياق الإقرار بالتأخير الذي يختبره الزبائن، وقد أضاف قائلاً: "إن الأعداد الهائلة من الرحلات ترهق البنية التحتية للسفر جوًا على نحو لم نشهده منذ سنوات".
يقول جاي مسينغر، الرئيس التنفيذي لشركة Mesinger Jet Sales، إن بعض الشركات بدأت تغيّر في شروط الخدمة في منتصف مدة العقد عبر زيادة مهلة الإعداد للرحلة، التي ينبغي للزبائن الموافقة عليها. وفيما يُرجع أصداء شعور غالاغير، يقول: "لمّا ننجح بعد في السيطرة على الوضع. أعتقد أن الزبائن سيواجهون بعض المواقف المخيّبة للتوقعات".
يشكو الزبائن بشكل رئيس من التأخير في رحلاتهم والسفر على متن طائرات أدنى مستوى من تلك التي يتوقعونها. الواقع أن المسافرين على متن الطائرات الخاصة باتوا يواجهون حالة إحباط شديدة تتسبب فيها مجموعة من العوامل تشمل ندرة الطائرات المستعملة المتاحة للبيع، والتأخير من جانب هيئة مراقبة حركة المرور الجوية، والرسوم الأعلى لاستخدام الطائرات – ما يعني مزيدًا من المشكلات في مجال الصيانة وعددًا أقل من الطائرات البديلة – والنقص في قطع الغيار، والوقود، واليد العاملة.
يقول أنتوني تيفنان، رئيس شركة ماجيلان جيتس Magellan Jets، الذي حقق بين شهري يناير كانون الثاني وأغسطس آب، زيادة عن السنة السابقة بنسبة 240%: "يحجز المسافرون أيضًا الرحلات في مهلة أقصر بكثير. فالحجوزات في كل عطلة نهاية أسبوع خلال الصيف الفائت تُقارن بما هي عليه عادة في أوقات الذروة، لا سيّما الأعياد".
يقول تيفنان إن ماجيلان جيتس تُنفق "مبالغ أكبر بكثير" على خدمة إرشاد الزبائن في محاولة لتثقيفهم حول السبل الممكنة للحد من التأخير قدر الإمكان: الحجز في وقت أبكر، وتفادي الطيران بين يومي الخميس والأحد، وخلال مواسم العطلات، أي الخطوات نفسها التي يواجهها مسافر على الدرجة الاقتصادية في سعيه إلى إيجاد مقعد على متن رحلة تجارية.
لكن بالرغم من هذا الإحباط واسع النقاط، إلا أننا لا نلاحظ أي هجرة جماعية إلى الطيران التجاري مجددًا. يقول بيدير فون هارتن، نائب رئيس قسم المبيعات والتسويق في شركة Nicholas Air في مسيسيبي: "لا يمانع المسافرون اختبار بعض التأخير، وربما ينتقلون من شركة إلى أخرى. لكنهم لن يغادروا السوق". يشير فون هارتن إلى أن شركته استقدمت أربع طائرات جديدة، وتخطط لتشغيل طائرتين إضافيتين بنهاية العام.
يعبّر دوغ غولان، محرر موقع Private Jet Card Comparisons (للمقارنة بين بطاقات السفر على متن طائرات خاصة) ومؤسسه، عن واقع الحال بأسلوب مباشر. ففيما يشير إلى استطلاع شمل مؤخرًا 300 عضو أفادوا كلهم بأنهم سيواظبون على السفر عبر الطيران الخاص، يؤكد أن "هؤلاء المسافرين الجدد لن يعودوا أدراجهم إلى شركات الطيران التجارية بغض النظر عن التأخير والعراقيل التي يواجهونها". – مايكل فيردون