ستزدحم السماء عما قريب بالطائرات الكهربائية

 

فقد بدأ هذا الشكل الأكثر نظافة والأقل صخبًا والأدنى كلفة من أشكال النقل الجوي يلوح في الأفق في ظل تسابق شركات أمريكية وأوروبية إلى إطلاق ابتكاراتها في هذا المجال. ستتمثل الإصدارات الأولى بطائرات أصغر حجمًا، إذ يبقى العنصر المقيد الرئيس توفير تقنية بطاريات مناسبة للرحلات ذات المدى الأطول. أما الحلم بإطلاق طائرات ضخمة وطويلة المدى تدفعها محركات كهربائية تعمل بنظام البطاريات فحسب، فيبقى إلى يومنا هذا أمنية بعيدة المنال.

 

لكن الأنظمة الهجينة التي ترتكز إلى استخدام آليات الدفع المعتمدة على محركات كهربائية تستمد الطاقة من مولدات توربينية، قد باتت ممكنة حقًا على ما يقول فرانك آنتون، رئيس وحدة eAircraft التابعة للشركة الألمانية الهندسية العملاقة سيمينز. تعمل سيمينز، بالتعاون مع إيرباص، على تطوير الطائرة E-Fan X التي تَحدد عام 2020 موعدًا لإطلاق أول رحلة لها. كما تشارك سيمينز وإيرباص في مشروع ثانوي أصغر حجمًا تنفذانه بالتعاون مع شركة رولز-رويس المصنعة لمحركات الطائرات.

 

في هذا الجانب من المحيط الأطلسي، تخطط شركة Zunum Aero، التي تحظى بالدعم من شركتي بوينغ وجت بلو، لإنتاج نظام دفع هجين مشابه ستعتمده في طائراتها الصغيرة قيد التطوير التي تتسع لاثني عشر راكبًا والقادرة على السفر بسرعة 340 ميلًا/الساعة. من المقرر إطلاق هذه الطائرات في رحلات أولية بحلول عام 2020 أو عام 2021. وقد سبق لشركة تأجير الطائرات جتسويت أن أعلنت أنها ستبتاع ما مجموعه مئة نموذج من تلك الطائرات التي سيبدأ تسليمها إلى أصحابها في عام 2022. وإذ تتطلع شركة Zunum Aero إلى المستقبل الأبعد بعض الشيء، تُبقي الأبواب مشرعة على احتمالات تطوير طرز كهربائية بالكامل عندما تتحسن القدرات التخزينية للبطاريات.

 

بات الواقع الكهربائي وشيكًا أيضًا في حالة شركة الطيران الأوروبية منخفضة الكلفة إيزي جت، إذ من المتوقع أن تثمر شراكتها مع شركة Wright Electric عن نموذج أولي لطائرة تتسع لتسعة ركاب سيُحلق في الأجواء العام المقبل. لكن الجدول الزمني الذي حددته شركة النقل الجوي لإطلاق طائرتها سيكون أطول لأن خطتها تُعد طموحة. فشركة إيزي جت تطمح لأن تتمكن في غضون عشر سنوات من الإتيان بطائرة كهربائية بالكامل قادرة على السفر دون توقف مسافة 300 ميل تقريبًا أو أقل.

 

في الطائرات ذات الوزن الخفيف جدًا، لا يشكل وزن البطارية حجر عثرة. تشهد على ذلك الطائرة الصغيرة الكهربائية بالكامل Alpha Electro المكونة من مقعدين التي ابتكرتها الشركة السلوفينية Pipistrel. فقد باتت هذه الطائرة متوافرة في الأسواق حيث تُباع مقابل 137٫500 دولار تقريبًا. تستهدف الطائرة سوق التدريب على الطيران، إذ تُعد طاقتها الكافية للسفر مدة ساعة مثالية للدروس الأولية في المسارات النموذجية لحركة المرور عبر مهبط الطائرات. وبالرغم من أن الطائرة الصينية الصنع Liaoning Ruixiang RX1E-A، التي حازت التراخيص اللازمة في الصين في شهر أكتوبر تشرين الأول الفائت، تشابه طائرة الشركة السلوفينية في جوانب عدة، إلا أن عمر بطاريتها يساوي الضعف على ما يُقال.

 

تتجلى أيضًا ظاهرة مركبات الأجرة الجوية. فأعداد هائلة من الشركات تتنافس في هذا المجال، موفرة لمحة عما ستبدو عليه أجواء المدن الكبرى إذا ما أفلحت مشاريع هذه المركبات كلها في التحليق. وفرت شركة أوبر الزخم لهذا الواقع من خلال مخططاتها الطموحة لإطلاق خدمة الطيران بحسب الطلب بحلول عام 2023. لكن الأمر لا يخلو من بعض العقبات التي لا تقتصر في الحد الأدنى على المشكلات المتعلقة بالإجراءات التنظيمية وإجراءات السلامة التي ينبغي التغلب عليها قبل أن تضطر المدن إلى التعامل مع آلاف الطائرات ذاتية القيادة التي تحمل الركاب على متنها. لكن ثمة منافسة محتدمة لبناء أفضل طائرة كهربائية قادرة على أن تقلع وتحط في وضع عمودي eVTOL. وتشمل قائمة الشركات المتقدمة في هذه المنافسة الشركة الألمانية ليليوم، وإيرباص التي تطرح خيارات عدة على هذا المستوى، ورولز-رويس. بل إن أستون مارتن قد شرعت أيضًا في استكشاف إمكاناتها في هذا المجال بتؤدة وحذر. تضم القائمة أيضًا شركة Vertical Aerospace من المملكة المتحدة، وشركة Karem Aircraft من الولايات المتحدة الأمريكية. وسرعان ما ستضاهي في تصورنا صفوف الانتظار لحيازة رخصة قيادة هذه المركبات الصفوف أمام هيئة إدارة السيارات.

 

يحظى قطاع الطيران ببعض الدعم لتسوية العراقيل التي تعترض الإجراءات التنظيمية. ويُعزى السبب الرئيس في ذلك إلى كون الطاقة الكهربائية توفر الفرصة المثلى لتحقيق الهدف الطموح للرؤية التي أطلقتها المفوضية الأوروبية تحت اسم «مجال الطيران 2050» بغية خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة %75، وأكسيد النتروجين بنسبة %90، ومستوى الضجيج بنسبة %65. لكن الجدول الزمني الأكثر طموحًا المرصود لذلك سيتقلص على الأرجح. فمستقبل الطيران الكهربائي بات وشيكًا، وجل ما في الأمر أنه لما يحط رحاله بعد.

  

ثمة منافسة محتدمة لبناء أفضل طائرة كهربائية قادرة على أن تقلع وتحط في وضع عمودي