مبدعون واعدون أنشأوا شركاتهم في بلدان متفرقة. فهل يحتلون الصدارة في عالم الرفاهية؟

المكسيك
أوليفيا فيلانتي

يشيع استخدام عبارة "الفخامة المستترة" هذه الأيام، لكن أوليفيا فيلانتي كانت تواظب على ابتكار تصاميم بجماليات راقية وغير متكلفة أو آنية منذ أن أسست علامتها المتخصصة في الأزياء النسائية بمدينة مكسيكو قبل أربع سنوات.

تنقلت فيلانتي بين مجالات عديدة، من الرقص إلى الموضة، وبينهما عملت لصالح وكالة علاقات عامة ومن ثم في مجلة "لاكي" Lucky البائدة. في البداية، شغلت فيلانتي منصب كاتبة إعلانات في شركة "جاي كرو" J. Crew تحت إشراف ميكي دريكسلر، ثم تولّت إدارة تحرير علامتها الفرعية "ميد ويل" Madewell. 

وفي عام 2019، انتقلت فيلانتي، المنحدرة من بلدة رينبيك بنيويورك، إلى مكسيكو سيتي، حيث نشأ زوجها. وبالرغم من أنهما كانا ينويان البقاء عامًا واحدًا فقط في المدينة، إلا أن جائحة كورونا غيرت خططهما.

هناك شرعت فيلانتي تفتش في استوديو أقارب زوجها المليء بالأقمشة والقمصان. أسس جد زوجها هذا الاستوديو تحت اسم "جيلي إي إيخوس" Gilly e Hijos، بعد هِجرته من فرنسا، وفي هذا تقول: "لقد أنشأ علاقات وثيقة مع عدد من المصانع الرائعة هناك". 

حاليًا، يتولى برونو جيلي، عم زوج فيلانتي، إدارة الاستوديو الذي يتخصص في إنتاج القمصان الرجالية المصممة حسب الطلب باستخدام منسوجات مستوردة من أوروبا. 

أوليفيا فيلانتي التصوير في منطقة Colonia Ampliación Daniel Garza في مكسيكو سيتي.

Maureen Martinez-Evans

أوليفيا فيلانتي.. التصوير في منطقة Colonia Ampliación Daniel Garza في مكسيكو سيتي. 

تقول فيلانتي: "لقد أعجبني كيف أن الاستوديو يتيح لزبائنه من الرجال انتقاء مجموعات متنوعة من الياقات والبطانات الداخلية والأزرار وأطراف الأكمام". وتتابع: "ليس ثمة كثير من العلامات التي تقدم تجربة مماثلة للنساء". 

في عام 2020، أخذت فيلانتي تجرّب عيّنات مختلفة من الأنماط، ومن ثم ابتكرت قميص سهرة طويلاً بات بعدئذ منطلق خط أزيائها المصممة حسب الطلب، وقد أطلقت على هذا الخط اسم "شافا استوديو" Chava Studio، في إشارة إلى اللفظ العامي المكسيكي الذي يعني "امرأة شابة". 

سرعان ما حظيت العلامة التي أطلقتها على الشبكة الإلكترونية بإقبال شديد، وذلك بسبب أسلوبها الجديد في تصميم القمصان الذي يجمع بين الحياكة الرجالية التقليدية والرؤية الأنثوية. 

أسفر هذا الأسلوب عن أزياء تتمايز بأزرار أمامية وتفاصيل راقية مثل أطراف الأكمام القصيرة والياقات المفتوحة والأكمام المنتفخة. وعلى الرغم من أن فيلانتي تستخدم الحرير والكتان في تصاميمها، إلا أنها تفضل القطن السويسري.

لم تحظَ فيلانتي، البالغة من العمر 42 عامًا، بتدريب رسمي في التصميم، لكنها تعلمت التفاصيل الدقيقة التي تحتاج إليها (مثل طريقة إدماج البطانة في الياقة على أكمل وجه) بتوجيه من جيلي الذي يسهم فريقه المكون من أربع خياطات في إنتاج الملابس، إلى جانب الحائكين الذين توظفهم فيلانتي.

قطع من مجموعة موسم خريف 2024 معلقة في صالة شافا استوديو.

Maureen Martinez-Evans

قطع من مجموعة موسم خريف 2024 معلقة في صالة شافا استوديو.

تشتمل المجموعة الرئيسة لعلامة شافا استوديو على سبعة أنماط مختلفة، وفي كل موسم تطرح قطعًا محدودة تراوح بين 10 قطع و12 قطعة. ويعود السبب في محدودية القطع إلى اعتماد فيلانتي أساسًا على المواد المحفوظة في خزائن الاستوديو، رغبة منها في الحد من الهدر. 

تشتري العلامة بعض الأقمشة مباشرة من المصدر، مثل قماش التويل الأبيض المستخدم في قمصان السهرات، ولكن بعض الأقمشة الأخرى، مثل قطن ألومو الناعم، تحتاج إلى متابعة موسمية. 

زد على ذلك أن الكمية التي تحوزها تحدد عدد القمصان القابلة للإنتاج. بالإضافة إلى القمصان، تتيح شافا استوديو قطعًا أساسية مصممة حسب الطلب، منها الجاهزة ومنها المفصلة على المقاس، مثل السراويل والسترات حتى إكسسوارات الشعر المشغولة من نتف الأقمشة (تبدأ أسعار مجموعة الخريف من 395 دولارًا للقميص).

في التصاميم المصنوعة حسب الطلب، تتيح العلامة لزبائنها إمكانية إرسال المقاسات مباشرة، أو إجراء جلسة افتراضية بمساعدة فيلانتي، أو تحديد موعد لزيارة الصالة التي تقع في مكسيكو سيتي. 

فضلاً عن ذلك، تقيم فيلانتي في بعض الأحيان عروضًا في نيويورك ولوس أنجليس. حاليًا، تركز فيلانتي على أسواق الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك، وقد شرعت أخيرًا في البحث عن منشآت أكبر لزيادة الإنتاج الذي يقل في المتوسط عن 20 قطعة في الأسبوع.

وفي هذا تقول فيلانتي: "تعجبني فكرة نمو العلامة وتخيفني في الوقت نفسه، بيد أنني أدرك الإمكانيات المترتبة على هذا النمو، خصوصًا في ناحية التصاميم الجديدة التي ستصبح متواترة أكثر". وفي الختام، تشير فيلانتي إلى أنها تستمد إلهامها من نفسها. – أ. م A. M.

مجموعة مختارة من ياقات القمصان

Maureen Martinez-Evans

مجموعة مختارة من ياقات القمصان 

الهند
فيكرام غويال

بعدما استقال فيكرام غويال من وظيفته الرفيعة بالقطاع المالي في هونغ كونغ عام 2000، عاد إلى موطنه الهند، وهناك اكتشف ضالته. 

نشأ غويال في مدينة دلهي، وأكمل تعليمه في جامعة برينستون، ثم شغل منصبًا في البنك الدولي في الولايات المتحدة، وقد لاحظ أن ثمة العديد من الفرص الجديرة بالانتهاز بعد تحرر بلده من الحمائية الاقتصادية التي قيدته أمدًا طويلاً. 

كان قطاع الإعلام والاتصالات مزدهرًا، لكنه انطفأ بعد مدة. يعود غويال، البالغ من العمر 59 عامًا، بذاكرته إلى تلك المرحلة، ويقول: "لقد كان القطاع نابضًا بعد عودتي، ولكنه انهار فجأة". ويتابع: "كانت الفكرة تدور في ذهني حتى قبل عودتي. أقصد رغبتي في إطلاق مشروع محلي".

هجر غويال مسيرته المهنية في قطاع التمويل، ثم أقدم على خطوة جريئة، فأنشأ خط منتجات التجميل المستند إلى تعاليم الأيورفيدا تحت اسم "كاما أيورفيدا" Kama Ayurveda (استحوذت عليه في ما بعد شركة الأزياء ومستحضرات التجميل العملاقة "بويغ" Puig)، وبعدها أسس استوديو للتصميم في نيودلهي. 

صحيح أن غويال لم يتلقَّ تدريبًا رسميًا في ميدان التصميم، لكنه نهل من معين الحرف الهندية منذ طفولته بسبب الرحلات المنتظمة التي كان يقوم بها إلى راجستان لزيارة جده المولع بجمع المنمنمات الهندية. 

أراد غويال الإشادة بهذه الحرف في مشروعه الجديد، كما أراد الاحتفاء بالرجل الذي لقّنه خباياها بالإضاءة على براعة حرفيي المشغولات المعدنية في البلاد. ينحدر غويال من عائلة نبيلة في أودايبور، وقد أعانته علاقاته ونهجه التصميمي المبتكر، الذي يستبدل فيه النحاس بالذهب الشائع الاستخدام، على تلقي العديد من الطلبات محليًا.

بعد إطلاق المشروع، قضى غويال أكثر من عقدين في توسيع شركته، حتى بات محترفه يضم 200 حرفي يتكفلون بتلبية احتياجات النخبة في الهند، وهو يقف حاليًا قاب قوسين أو أدنى من ولوج سوق الولايات المتحدة الأمريكية. 

من وقت قريب، وقّع غويال عقدًا مع صالة التصميم "فيوتشر بيرفكت" FuturePerfect التي يقع مقرها في لوس أنجليس، وبناء عليه ستضيء الصالة على مجموعته في حجرة مستقلة بمعرض ديزاين ميامي في ديسمبر من هذا العام. 

فيكرام غويال، وهو جالس على المنضدة النحاسية Golden Peacock في الاستوديو بنيودلهي. وخلفه تبدو الألواح المستلهمة من مرصد جانتار مانتار الفلكي في المدينة.

Adil Hasan

فيكرام غويال، وهو جالس على المنضدة النحاسية Golden Peacock في الاستوديو بنيودلهي. وخلفه تبدو الألواح المستلهمة من مرصد جانتار مانتار الفلكي في المدينة. 

فضلاً عن ذلك، تعاون غويال مع علامة "دي غورني" de Gournay المتخصصة في تصميم ورق الجدران، بهدف ابتكار قطعة مستلهمة من كتاب الأحلام الذي يعود إلى القرن السادس عشر، وستكون هذه القطعة معروضة في راجستان.

درس غويال الهندسة، وبالرغم من أنه يتولى الإدارة الإبداعية والتجارية للشركة، إلا أنه لا يعدّ نفسه فنانًا ولا مصممًا، لذلك يأتمن حرفييه على مختلف عمليات التنفيذ. يركز الاستوديو على القطع المعدنية، سواء القطع المنضوية تحت أسلوب التصميم الوحشي أو الأثاث المنحوت والملحوم، غير أنه يشتهر أكثر باستخدام الحدادة المجوّفة والزخرفة النافِرة، التقنية المُضنية التي تتطلب طرق الصور ذات النقوش الغائرة على صفيحة من البرونز. 

يعلق غويال على هذه التقنية قائلاً: "إن مدار هذه التقنية هو التحكم، في اليدين والأنفاس، لذلك ينبغي للحرفي أن يحافظ على هدوئه لتنفيذ الزخرفة على أكمل وجه. يختلف الأمر عن الخشب القابل للتشذيب، لأن الضغط المطبق على جهة سيكون على حساب الجهة المحاذية لها". 

وتستغرق هذه العملية وقتًا طويلاً إلى حد أن فريقًا من ستة حرفيين لا يكمل زخرفة قطعة واحدة إلا بعد عشرة أسابيع. يقول غويال إن هذه التقنية القديمة تشبه "الرسم باستخدام المعدن". لذلك لا عجب أن تبدأ أسعار الألواح الصغيرة من 20,000 دولار. أما الألواح الجدارية التي يبلغ طولها 30 قدمًا، فإن سعرها يصل إلى 350,000 دولار.

يعتقد غويال أن مفتاح نجاحه يكمن في استراتيجية التكامل الرأسي. في الهند، يعمل أغلب الحرفيين لحسابهم الخاص، ما يحدّ من كفاءتهم ومن ثم إنتاجيتهم. عوضًا عن هذا النموذج الفردي، عمد غويال إلى حشد فريق بإمكانه الوقوف على كل مرحلة من مراحل تطوير المنتجات. 

وفي هذا يقول: "يشتمل الفريق على مصممين ومهندسين ومعماريين وحرفيين يعملون جماعيًا، ما يعني أننا نستطيع المخاطرة وكسر القيود". 

فعلى سبيل المثال، يشبه ورق الجدران الذي طرحته العلامة أخيرًا الصور ذات النقوش الغائرة، ولكن مادته مختلفة. على أن هذا الاختلاف ليس العنصر الوحيد الذي يميز المحترف عن بقية المحترفات التقليدية، إذ إن كبار المديرين والمصممين بمعظمهم في الشركة من النساء، وهو أمر لا يعتزم غويال تغييره. 

تسعى الأعمال الزخرفية البراقة التي يطرحها المحترف إلى استحضار الثقافة الهندية وفي الوقت نفسه تبني اللغة التصميمية الحديثة والعالمية. وفي هذا يقول غويال: "يشيع استخدام المشغولات المعدنية في الهند، فهي جزء من الحياة اليومية، سواء على الأسطح المزخرفة أو الأواني المستخدمة في الطقوس الدينية. 

وبالمثل، يشيع استخدام النحاس والذهب في المباني المصممة باعتماد أسلوب الآرت ديكو في باريس ونيويورك". ويتابع: "كادت هذه اللغة التصميمية أن تغيب عن المنتجات العصرية التي أصبحت تتمايز كلها بطابع رمادي، ولكن هذا الحال سيتغير". م. إ. M. E

قسم من حاجز Song of the Forest (أغنية الغابة) المصنوع من النحاس والأحجار شبه الكريمة.

Adil Hasan

قسم من حاجز Song of the Forest (أغنية الغابة) المصنوع من النحاس والأحجار شبه الكريمة.

الصين
تشين غان

بسبب هيمنة الصين على قطاع الساعات الصناعية، يشكك بعض هواة الجمع في قدرة الصانعين الصينيين الذين يفتقرون إلى التكوين الأوروبي والتأهيل السويسري على إنتاج ساعات فاخرة تتمايز بحواف مشطوبة ومصقولة تلتحم بخطوط جنيف الأنيقة الممتدة إلى الزوايا الضيقة. 

لكن تشين غان، المنحدر من تشونغتشينغ، المدينة الضخمة التي تقع جنوب غرب البلاد، يبتكر ساعات تحتضن هذه العناصر تحديدًا.

سبق للصانع تشين غان أن ابتكر ساعات شديدة التعقيد، منها المعززة بآلية التوربيون ومنها المجهزة بوظيفة الرنين ومنها المشتملة على آلية ذاتية الحركة. 

مع ذلك، يميل هواة الجمع الجادون إلى طرزه المنضوية تحت فئة عرض الوقت فحسب مثل طراز Pastorale I الصادر في عام 2019، ولكن بالأخص طراز Pastorale II الذي خضع للتعديل أخيرًا فأصبحت علبته مشغولة إما من الذهب الأبيض أو الوردي زنة 18 قيراطًا، بسعر 46,000 دولار. 

تمتد قائمة الانتظار لهذه الساعات إلى ثلاث سنوات، والسبب في ذلك هو أن العديد من الهواة يرون في ساعات عرض الوقت فحسب خير تعبير عن الانسجام الميكانيكي والجمالي، فضلاً عن المكانة الراقية التي تحظى بها الساعات الرسمية.

تشين غان التصوير في مدينة تشونغتشينغ.

Riccardo Svelto

تشين غان التصوير في مدينة تشونغتشينغ. 

بالرغم من أن بول بطرس، رئيس قسم الساعات في دار فيليبس بأمريكا الشمالية والجنوبية، قد طالع ساعة Pastorale II في الصور فحسب، لكنه أبدى إعجابه الشديد بتصميمها وحجمها وأبعادها وتشطيباتها الرفيعة، بداية من المكوّنات المصقولة باللون الأسود ونهاية بطلاء المينا المفرغ Champlevé. 

وفي هذا يقول: "إن تنفيذ غان للتشطيبات كلها بنفسه، من دون الاستعانة بأي صانعين آخرين في الصين، يزيد قيمة الساعة ويعزز تمايزها".

يمتلك الخبير المالي جيمس لي، المستقر في هونغ كونغ، ساعات عدة بتوقيع فرانسوا بول جورن وصانعين مستقلين آخرين. بعد انتظار دام ثلاثة أعوام، وصلته أخيرًا ساعة Pastorale II، وهو يحكي عن هذه التجربة لمجلة Robb Report قائلاً: "لقد انبهرت بشدة، إذ إن الانطباع الذي ارتسم في ذهني أنها ساعة راقية للغاية. مهما كانت زاوية النظر، تظل النتيجة واحدة، وهي أن التفاصيل التصميمية قد حظيت بعناية فائقة".

نشأ تشين، الذي يبلغ من العمر 55 عامًا، في بيئة مألوفة عند العديد من خبراء الساعات. فقد كان والده يدير متجرًا صغيرًا للساعات، ويتذكر تشين أنه كان يصلح الطرز الأوروبية مثل رولكس وأوميغا وإينيكار. كان هذا في سبعينيات القرن العشرين، وعلى وجه التحديد نهاية الثورة الثقافية. ويشير تشين إلى أن زبائن والده كانوا "ينتمون إلى نخبة المجتمع، ومنهم مديرو الشركات ومسؤولو الجيش والتجار".

صحيح أن تشين درس تاريخ الفن والفنون البصرية، ولكن ميوله ظلت تعيده إلى صناعة الساعات، وهو يقول: "لم أشرع في صناعة ساعاتي بدوام كامل إلا في عام 2005 عندما بدأت أمارس تقنيات الصقل بجدية". 

ساعة Pastorale II التي تمتد قائمة انتظارها لثلاث سنوات.

Riccardo Svelto

ساعة Pastorale II التي تمتد قائمة انتظارها لثلاث سنوات. 

بعدما تفرّغ تشين لدراسة صناعة الساعات بجدية أكبر من خلال الكتب وعبر الإنترنت، أدرك أن المعدات المحلية المتاحة لا ترقى إلى المستوى المنشود، لذلك طوّر معداته الخاصة. توقف عن استخدام هذه المعدات قبل عقد من الزمان، ثم اشترى "بعض الآلات المتمايزة" على ما يقول، مثل "آلة زخارف كوت دو جنيف وبعض الآلات الصغيرة الحديثة الخاصة بعمليات الصقل". 

لقطع التروس والمسنّنات، يستخدم تشين مخرطة سويسرية تظهر خلفه في أثناء حديثنا، وبسبب طلائها البيج المألوف وأحزمتها المكشوفة فإنها تبدو مثل آلة من منتصف القرن العشرين.

يصنع تشين المكوّنات بمعظمها بنفسه، باستثناء النابض الرئيس والنابض الشعري ونظام امتصاص الصدمات، إذ يستوردها من سويسرا وألمانيا، فضلاً عن العلب التي يستقدمها من الصين قبل إخضاعها للتشطيب يدويًا. 

عمومًا، يحذو تشين حذو أغلب صانعي الساعات المستقلين، بصرف النظر عن مستقرّهم. أما الادعاء القائل إن الصانعين الصينيين تعوزهم القدرة على إنتاج الساعات الرفيعة، فربما يرجع إلى التحيز الأوروبي المهيمن على معشر جامعي الساعات.

يقول جيمس لي إن هواة الجمع الصينيين "فخورون بوجود صانع صيني قادر على ابتكار ساعات على هذا القدر من الفخامة". ويضيف: "إن بروز اسم تشين، بوصفه صانع ساعات صينيًا، أمر بالغ الأهمية". 

يريد تشين العودة ذات يوم لابتكار ساعات أكثر تعقيدًا، لكن مستقبله المنظور حافل بساعات Pastorale، إذ إنه سيكون قادرًا على إنتاج نحو 15 نموذجًا سنويًا، ما يعني أن قاعدة زبائنه ستظل محدودة. قد يكون إنتاج تشين محدودًا، ولكن سمعته ليست كذلك، وفي هذا يقول: "لا يستفسر عن ابتكاراتي إلا هواة الجمع الراسخون، لا سيما أولئك الذين يميلون إلى الجماليات الناضجة". ويختم: "هذا ما يتردد في أعمالي". 
– آ.ف. A. F 

آلة التروس الصغيرة التي صنعها غان يدويًا

Riccardo Svelto

آلة التروس الصغيرة التي صنعها غان يدويًا 

لبنان
جويل خراط

نشأت جويل خراط في بيروت إبان تسعينيات القرن العشرين محاطة بالعقود الذهبية المتقنة وأكوام الأساور. وفي هذا تقول: "ثمة ثقافة خاصة بالجواهر في لبنان. فقد اعتادت والدتي ارتداء الكثير منها، شأنها في ذلك شأن كل سيدة لبنانية، وهذا ما أثّر فيّ وأبقاني مشدودة دومًا إلى هذه الثقافة". 

مع ذلك، لا تشبه مجموعتها التي تحمل اسمها تلك الإبداعات المزخرفة التي اعتادت سيدات المنطقة التزيّن بها. في الواقع، يصعب العثور على قطعها في المتاجر هناك. 

تُقيم خرّاط، البالغة من العمر 46 عامًا، في العاصمة اللبنانية وتدير عملها من هناك، وفي هذا تقول: "لا أحاول الترويج كثيرًا لقطعي في بيروت، لأنني لا أظن أن المفهوم التصميمي الذي تستند إليه قابل للاستيعاب بما أنه يمثل أسلوبًا مغايرًا في ارتداء الجواهر عما هو شائع في المنطقة". ولكن الأمر يختلف في الخارج، إذ إن قلائدها الطوطمية المنحوتة استحوذت على اهتمام هواة الفن في الولايات المتحدة وأوروبا منذ إطلاقها في عام 2022.

لا يُعد نجاح خراط الكبير مفاجئًا. فقد حظيت علامتها جوجوبا Jojoba، المتخصصة في الجواهر والأزياء، بقبول عالمي مهم. بل إن تصاميمها بيعت في أكبر المتاجر الإلكترونية الفاخرة مثل Net-a-Porter وMatchesFashion. 

أدارت خرّاط هذه العلامة طيلة عشر سنوات، حتى عام 2018، عندما أجبرتها زوبعة من الأحداث المتلاحقة، من جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية اللبنانية إلى وفاة والدها، على التوقف عن العمل لعامين. 

"يغمرني السرور حين تهاتفني زبونة لتسأل إن كان بالإمكان إضافة قطعة أخرى إلى القلادة أو إضافة الألماس".

Chiara Wettmann

"يغمرني السرور حين تهاتفني زبونة لتسأل إن كان بالإمكان إضافة قطعة أخرى إلى القلادة أو إضافة الألماس". 

مع ذلك، كانت فترة الانقطاع زاخرة بالأفكار الإبداعية، وفي هذا تقول خراط: "لقد واصلت الرسم بغزارة، ومع أنني لا أدرك السبب، لكنني ظللت أبتكر رسومات طوطمية مستوحاة من أعمال سلوى روضة شقير، إحدى أشهر الفنانات المعاصرات في لبنان". وتتابع: "لقد كانت شقير تبتكر المنحوتات الطوطمية والتراكيب الفنية المؤلفة من عناصر مختلفة، وكنت أحاكي عملها. كانت تلك المرحلة محفوفة بالضياع، لذلك احتجت إلى مصدر قوي للإلهام".

تفتق الفقد الذي عانت منه خراط في تلك الفترة عن قطع طوطمية ترمز إلى التحوّل الذاتي الذي اختبرته. وفي هذا تقول: "لطالما أحببت الجواهر الفاخرة، لذلك قررت ملاحقة شغفي بعد وفاة والدي". 

تُكلف خراط عددًا من الحرفيين المحليين بصناعة هذه القلائد المشغولة من الذهب الصلب زنة 18 قيراطًا، أو من الذهب المرصع بالألماس واللؤلؤ والأوبال الوردي والفيروز والخشب. 

كما أن عناصر القطع الطوطمية قابلة للفصل، ما يتيح وصلها بعناصر أخرى أو فكها بسهولة كبيرة. تقول خراط: "يغمرني السرور حين تهاتفني زبونة لتسأل إن كان بالإمكان إضافة قطعة أخرى إلى القلادة أو إضافة الألماس". 

لاقت صيغتها المبتكرة نجاحًا سريعًا، وكان متجر "باي ماري" By Marie الباريسي العصري أول متجر يتبنى تصاميمها، لذلك تزور خراط شقتها هناك مرة واحدة كل شهر تقريبًا. حاليًا، يمكن العثور على قلائدها في عدد محدود من المتاجر حول العالم، مثل متجر "تايني غودز" Tiny Gods في شارلوت بولاية نورث كارولينا، ومتجر "أوباد" Aubade في الكويت. 

ستصل هذه الجواهر قريبًا إلى ثلاثة متاجر في الولايات المتحدة، فضلاً عن متجر كبير للبيع بالتجزئة عبر الإنترنت. تلتزم خرّاط حاليًا بأسلوبها المتفرد، لكنها تزمع إضافة الأقراط والأساور إلى المجموعة. 

وتقول: "أريد مواصلة النهج الذي رسمته لنفسي لأن هذا يسعدني. لا أريد أن أحمّل نفسي فوق طاقتها، كما لا أريد لقطعي أن تكون في كل مكان".
-ب. ر. P.R

Chiara Wettmann

تركيا
علي صايكجي

عندما بلغ رجل الأعمال علي صايكجي السادسة والعشرين من العمر، كان قد شقّ مسيرة ناجحة في تصدير الرخام من موطنه الأصلي تركيا. 

وبعدها بنحو عقد من الزمان، قرر خوض غمار القطاع البحري. درس صايكجي، الذي يصف نفسه بأنه صاحب أفكار لامعة، في المملكة المتحدة، وكانت لعائلته صلات ممتدة بعالم اليخوت، لذلك قاده المؤتمر البحري الذي حضره في إنجلترا في عام 2011 إلى التفكير في بناء نوع جديد من اليخوت الاستكشافية.

في بودروم وعلى متن يخته الجديد الممتد بطول 90 قدمًا، يتحدث صايكجي، البالغ من العمر 46 عامًا، إلى مجلة Robb Report قائلاً: "آنذاك، كانت اليخوت الاستكشافية متطورة تقنيًا ولكن رديئة جماليًا. كان هدفي إنشاء يخت أكثر جاذبية وأسرع من بقية طُرز المنافسين، ولذلك ارتأيت تعزيزه بخطوط منحنية تضاهي خطوط سيارة رينج روفر".

علي صايكجي على متن النادي الشاطئي ليخته الاستكشافي الجديد RocK 90 في مدينة بودروم.

Bradley Secker

علي صايكجي على متن النادي الشاطئي ليخته الاستكشافي الجديد RocK 90 في مدينة بودروم. 

استعان صايكجي باستوديو فريباك Vripack الهولندي لتحقيق حلمه ببناء يخت أنيق يزهو بمواصفات السيارات الرياضية متعددة الاستخدامات، وفي هذا يقول: "إن فريباك أفضل من يصمم اليخوت الاستكشافية". 

أتمّ روبن دي فريس، كبير المصممين في الاستوديو، صياغة النموذج الأول في عام 2013، ثم شرع صايكجي في إنشاء الهيكل في عام 2016، إلى تاريخ اكتماله في عام 2018. 

أطلق على اليخت الذي يبلغ طوله 85 قدمًا اسم Rock في إشارة إلى تجارته بالرخام وإلى جذور عائلته في التعدين (كان جده أحد أكبر موردي البورون في العالم على ما يقول)، وفي إشارة أيضًا إلى قدرة اليخت الفائقة على بلوغ المناطق النائية. أبحر صايكجي بيخت Rock إلى مهرجان كان لليخوت في العام نفسه وهناك باعه في اليوم الأول. 

بالإضافة إلى المشتري السويسري، حاز اليخت إعجاب كثيرين. بل إن إحدى المجلات قالت إنه "من الابتكارات الفارقة في قطاع اليخوت".

بسبب النجاح الذي حققه صايكجي، اقترحت عليه زوجته تولي إدارة شركة والدها الراحل "إيفادني لليخوت" Evadne Yachts في عام 2020. وافق على اقتراحها، لكنه قرر تبديل وجهة حوض بناء السفن الواقع في إسطنبول، فاستغنى عن السفن الشراعية وأطلق خط يخوت Rock.

آمن صايكجي بأنه نجح في تحديد الطلب الكامن في فئة اليخوت الاستكشافية التي كانت حكرًا على العلامات الإيطالية والهولندية والتايوانية، فضلاً عن العلامات التركية التي دخلت غمار المنافسة. وفي هذا يقول: "لقد اعتقدت أن الطلب سيزداد على اليخوت الاستكشافية ذات الطابع العصري".

على ما توقع صايكجي، عرفت فئة اليخوت الاستكشافية نموًا مطردًا في السنوات القليلة الماضية، إذ ارتفع عدد الأحواض التي تلبي احتياجات المالكين الراغبين في بلوغ أقاصي الأرض في كنف الفخامة. 

Bradley Secker

يعتقد صايكجي أن يخوت Rock تتمايز عن سواها بفضل تبني فريق التصميم "الأسلوب الهولندي" الذي يسعى إلى زيادة مساحة هذه اليخوت ذات الهياكل الفولاذية واستخدام ديناميكا الموائع الحسابية (CFD) من أجل "حل مشكلة السرعة".

أضفى صايكجي لمسته المتفردة على هذا الخط، كما أجاد استخدام خبرته الممتدة في قطاع الرخام، وهذا ما يتبين خلال الجولة الافتراضية داخل النادي الشاطئي ليخت Rock 90، حيث يبرز الأثاث الرخامي الأنيق وبعض المشغولات المعدنية الخارجية المستوحاة من ساعته Audemars Piguet Royal Oak Offshore. 

يبلغ سعر اليخت الجديد الذي يحمل اسم Rock X قرابة 7.18 مليون دولار. وفي هذا يقول مبتسمًا: "بُني هذا اليخت بلا ضمان للربح، ولذلك قد أحتفظ به أو قد أبيعه".

حاليًا، يتضمن خط Rock خمسة طرز مختلفة، منها يخت Rock 85 الأصلي ويخت Big Rock 140 الذي يبلغ طوله نحو 138 قدمًا. 

لقد انتقلت علامة إيفادني من بناء اليخوت "واحدًا تلو الآخر" إلى ما يسميه صايكجي "نموذج خط الإنتاج"، ما يعني أنها قادرة على إنشاء الطرز القياسية بسرعة. لقد سلمت العلامة أربعة نماذج في السنوات الست الماضية كما أن ثمة نموذجين آخرين قيد البناء حاليًا، ومن الزبائن البارزين للعلامة منتج أفلام في هونغ كونغ ومؤثر في الصين".

من الناحية الموضوعية، يعد الزخم الناتج عن إطلاق خط يخوت Rock إنجازًا كبيرًا ضمن هذا القطاع المتغير ببطء، ولكن صايكجي يقول إن رواد الأعمال مثله نادرًا ما يستشعرون النجاح لأنهم "يتطلعون دائمًا إلى المستقبل". 

والدليل على ذلك هو أنه قد أطلق للتو علامة جديدة في السياق نفسه، ومن المؤكد أنها لن تكون آخر أفكاره اللامعة. 
ر. ك.  R.C 

---------------------------------

أبيغيل مونتانيز Abigail Montanez 

مارك إلوود Mark Ellwood 

آلن فارميلو Allen Farmelo 

بيج ريدينغر Paige Reddinger 

ريتشيل كورماك Rachel Cormack