عاد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للترشح للفترة القادمة، وقبل أن ينجح في السباق ويصل إلى المكتب البيضاوي مجددًا، أطلق مجموعة من التصريحات كان لها أثر واسع في بضعة قطاعات، وفي طليعتها قطاع السيارات الكهربائية، إذ يُعرف عن ترامب أنه من معارضي السيارات الكهربائية بشكل كبير.

ظهر حنق ترامب الواسع على السيارات الكهربائية عبر تغريدة شاركها نهاية العام الماضي في منصة التواصل الاجتماعي الخاصة به "Truth Social"، إذ أعرب فيها عن كرهه الشديد لمحبي السيارات الكهربائية. ورغم هجوم ترامب الشديد على السيارات الكهربائية، إلا أن إيلون ماسك يُعد من أكبر الداعمين لحملته الانتخابية الأخيرة.

تسلا أكبر الداعمين للحملة الانتخابية

لا يمثل موقف إيلون ماسك تعارضًا بين آرائه الشخصية وسياسات شركته لتعزيز الأرباح وتعظيمها قدر الإمكان. فقد صنع ماسك ثروته من بيع سيارات تسلا التي مثّلت باكورة إنتاج العالم للسيارات الكهربائية وقد أدى ذلك لتسنمها قمة مبيعات السيارات الكهربائية وأرباحها حول العالم، إلى أن بدأت المنافسة تشتعل بين الصناع الأمريكيين للسيارات الكهربائية وتفوق الشركات الصينية الحالي.

أعلن ماسك أيضًا أنه ينوي التبرع لصالح حملة دونالد ترامب بأكثر من 40 مليون دولار شهريًا من أجل دعم جهوده قدر الإمكان طمعًا في عودة ترامب إلى المكتب البيضاوي واتخاذ قرارات جديدة تصب في النهاية لصالح تسلا.

وفضلًا عن ذلك، ساهم ماسك في اختيار نائب الرئيس المقترح لدونالد ترامب حال فوزه، وهو عضو مجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو جي دي فانس الذي يعد معارضًا شرسًا للسيارات الكهربائية. وبينما قد يبدو هذا الدعم غريبًا على إيلون ماسك، إلا أنه في النهاية يصب في مصلحة شركة تسلا من دون بقية صناع السيارات الكهربائية لأسباب عدة.

أزمة القطع والسيارات المستوردة

تزامن نمو قطاع السيارات الكهربائية في الصين وأوروبا مع انحداره في أمريكا، إذ اتخذت الشركات الأمريكية الشهيرة موقعًا مدافعًا عن السيارات المجهزة بمحركات الاحتراق الداخلي، وهي السيارات التي برعت هذه الشركات في تقديمها لسنوات طويلة. ولكن هذا الموقف تغيّر مع نجاح السيارات الكهربائية عالميًا وتحولها إلى قطاع مثمر ومزدهر.

وفجأةً وجدت الشركات الأمريكية نفسها في مفترق طرق: إما أن تنفق ملايين الدولارات لتطوير منصاتها وقطعها الخاصة للسيارات الكهربائية أسوةً بما تفعله تسلا، أو أن تتجه إلى استيراد هذه القطع من مثيلاتها الأوروبية والصينية، وهو ما قررت الشركات فعله.

لذا وجدت تسلا منافسة شرسة على أرضها الأم من الشركات الأمريكية القادرة على تقديم السيارات بشكل أسرع بفضل استيراد القطع والمنصات من الخارج، فضلاً عن انتشار السيارات الكهربائية الصينية لما تقدمه من مزايا متنوعة داخل الأراضي الأمريكية.

ونجاح حملة ترامب الانتخابية يهدد هذا الوضع بشكل مباشر، إذ ينوي ترامب رفع قيمة الضرائب المستحقة على قطع السيارات المستوردة، فضلاً عن السيارات المستوردة بالكامل، وهو ما يؤدي قطعًا إلى رفع تكلفة صناعة السيارات الكهربائية وجعل المنافسة فيها أكثر صعوبة.

ينوي ترامب أيضًا خفض الإعفاءات الضريبية المقدمة على اقتناء السيارات الكهربائية، إذ يستفيد زبائن هذه المركبات حاليًا من إعفاء ضريبي بقيمة سبعة آلاف وخمسمائة دولار تقريبًا بفضل قانون أقرته إدارة بايدن، وهو الأمر الذي دفع تسلا إلى إعادة تسعير سياراتها بما يتناسب مع هذا الإعفاء الضريبي.

ومن المهم أخذ تصريحات جنرال موتورز عن تكلفة صناعة السيارات الكهربائية في الحسبان، إذ كشفت الشركة في أكثر من مناسبة عن الخسائر التي تسبب فيها السيارات الكهربائية حتى الآن، وهو الأمر الذي يقوض من أرباح الشركة رغم انتعاش قطاعاتها الأخرى.

لذا فإن هذا الوضع لن يفيد أي شركة إلا تسلا التي تصنع مكونات سياراتها داخل الولايات المتحدة وتعتمد على هذا السوق بشكل رئيس في مبيعاتها. 

وعلى غير ما هو عليه حال الشركات الكبيرة التي تستورد سياراتها أو بعض قطعها من الدول الأخرى، فإن تسلا لن تدفع المزيد من الضرائب وهو ما يعزز من أرباح الشركة.

التصدي للمنافسة في قطاع السيارات الكهربائية

تسعى الشركات جاهدةً لبناء سيارات كهربائية فارهة وخارقة قادرة على أن تحل محل المركبات المجهزة بمحركات الاحتراق الداخلي في أكثر من وضع مختلف. ورغم أن قرارات ترامب الجديدة قد لا تؤثر على السيارات الفارهة، إلا أنها تؤثر على عملية صناعة السيارات الكهربائية بشكل عام.

إن رفع تكلفة صناعة السيارات قد يؤدي إلى خفض الطلب عليها في الفئة الاقتصادية تحديدًا، وهو ما يزيد بالتبعية من كلفة صناعة السيارات الفارهة والابتكار فيها، إذ تصبح تكلفة بناء منصات السيارات الكهربائية أعلى مع تحقيق عائد أقل.

وفي النهاية، قد يتحول قطاع السيارات الكهربائية الأمريكية إلى قطاع تحتكره تسلا بشكل كامل وتسيطر على توجهاته من دون وجود منافسة حقيقية من الشركات الأخرى.