في غضون شهر واحد، يستخدم الطاهي نيكولا كلوازو نحو سبعة كيلوغرامات من الشوكولاته، وهو المقدار نفسه الذي يستهلكه المواطن الفرنسي في المتوسط خلال سنة كاملة، وذلك في سياق وظيفته من حيث كونه العقل المدبّر وراء الحلويات في دار لا ميزون دو شوكولا La Maison du Chocolat (أو بيت الشوكولاته). يجوب كلوازو العالم ليتذوّق عيّنات من الشوكولاته من مصادر رئيسة متفردة مثل جزيرة ساو تومي قبالة الساحل الإفريقي. في ما يخص هذا الطاهي، فإن البهجة التي يختبرها عند إعداد الشوكولاته تُعزى إلى التنوع في المادة الخام وفي المنتجات النهائية التي تتفاوت بين الحلوى القشدية "غاناش"، والمعجنات، والقطع الفنية.
يبتكر كلوازو مرتين في السنة منحوتات بديعة لصالح لا ميزون دو شوكولا التي تبيعها مقابل آلاف الدولارات. لكنه ينحت أيضًا إبداعاته لمشاريع تكليف خاصة. ابتكر مثلاً أواخر السنة الفائتة لدار سان لوران مجموعة من الجماجم المصنوعة من الشوكولاته والتي يحتفظ بنموذج منها في مكتبه. أما الحلوى الأكثر تعقيدًا (والأغلى ثمنًا) التي ابتكرها إلى يومنا هذا، فتمثلت بعقد من الشوكولاته في هيئة ثعبان صاغه لدار بوشرون واستغرق إعداده أكثر من 200 ساعة. دعم رأس الثعبان ولسانه حجرًا من الألماس الأصفر زنة 20 قيراطًا. وقد بيع العقد مقابل مليون دولار أمريكي.
يشتهر كلوازو خصوصًا بتقنية التخريم التي أكسبته جائزة Meilleur Ouvrier de France المميزة والتي تُمنح لأفضل حرفي في البلاد. وهو لا ينسى قول أحد المحكمين إن الشخص القادر على ابتكار دانتيل من الشوكولاته يستحق على الأرجح جائزة أفضل حرفي. يقول كلوازو: "أخذت قوله في الحسبان وعكفت على إتقان هذه التقنية التي تضفي خفة وحيوية على تصميم صلب وداكن مثل الشوكولاته".
أصول سائلة
في مرحلة تذويب الشوكولاته، يشكل رفع درجة حرارة هذا المكوّن وخفضها عملية أساسية للغاية. يقول كلوازو: "إن الخطوات المختلفة في هذه العملية هي ما يحدد الفرق بين الشوكولاته الممتازة والشوكولاته السيئة".
عمل فني بالشوكولاتة ومزيَّن بالذهب / دار لا ميزون دو شوكولا
قوالب وأشكال
يتولى قسم الابتكارات في الدار إنتاج القوالب لكل منحوتة باستخدام مصفوفة منحوتة يدويًا من الجص والخشب. وبحسب ما يقتضيه مستوى التعقيد في الشكل المطلوب، يُصنع القالب من السيليكون المرن أو من البلاستيك الصلب من الدرجة المناسبة للأطعمة.
عمل فني بالشوكولاتة ومزيَّن بالذهب / دار لا ميزون دو شوكولا
شمس من الشوكولاته الداكنة
يكمّل كلوازو نموذجًا اختباريًا من الشوكولاته الداكنة يتيح له فهم متطلبات حجم القطعة وتحديد الأجزاء التي ينبغي له تشكيلها من الشوكولاته الداكنة، أو الشوكولاته البيضاء، أو الشوكولاته بالحليب، أو الشوكولاته المكرملة. يبدو في الصورة وقد صنع نصف دائرة سيستخدمها مع نصف آخر لابتكار شكل الشمس.
عمل فني بالشوكولاتة ومزيَّن بالذهب / دار لا ميزون دو شوكولا
حفر دقيق
يستخدم بعد ذلك الفرجار ليحفر نقاطًا محددة في نصف الدائرة لتحديد المواقع التي سيثقب فيها التجاويف.
عمل فني بالشوكولاتة ومزيَّن بالذهب / دار لا ميزون دو شوكولا
تجاويف متقنة
يستعين كلوازو بمثقاب خاص لصنع الأشكال ويحدث الثقوب بعناية في نقاط التقاطع. يمتلك الطاهي في مختبره 10 مثاقيب مختلفة. تُشكل الشوكولاته الداكنة الخيار الأمثل عندما يتطلب التصميم تخريمًا، وذلك بسبب بنيته الأكثر متانة.
عمل فني بالشوكولاتة ومزيَّن بالذهب / دار لا ميزون دو شوكولا
نشارة الشوكولاته
باستخدام سكين تقشير ثم فرشاة عريضة، يزيل برفق نشارة الشوكولاته عن الدائرة العلوية.
عمل فني بالشوكولاتة ومزيَّن بالذهب / دار لا ميزون دو شوكولا
لمسات مصقولة
يدهن الدائرة الثانية بزيت نباتي يقوم مقام مادة لاصقة لتثبيت أوراق الذهب.
عمل فني بالشوكولاتة ومزيَّن بالذهب / دار لا ميزون دو شوكولا
ذائقة مكلفة
يثبّت كلوازو أوراق الذهب عيار 23 قيراطًا الصالحة للأكل. وفي هذا يقول: "الذهب يضفي ألقًا وإشراقة على الابتكار". ستمثل أوراق الذهب هنا أشعة ضوء الشمس.
عمل فني بالشوكولاتة ومزيَّن بالذهب / دار لا ميزون دو شوكولا
ختم المصادقة
يضع الطبقة العلوية فوق الطبقة السفلية ثم يسكب الشوكولاته السائلة التي أذيبت على درجة حرارة 88 فهرنهايت. عندما تتصلب الشوكولاته، ستثبت الطبقتان معًا.
عمل فني بالشوكولاتة ومزيَّن بالذهب / دار لا ميزون دو شوكولا
ضياء الشمس
في خطوة أخيرة، يُلف شريط من حول حافة القطعة. يرفع الطاهي منحوتته النهائية فيما يقضم قطعة من ألواح الشوكولاته التي يصنعها. لا يأكل كلوازو ابتكاراته الفنية أبدًا، حتى تلك المتكسرة، وذلك على سبيل تقدير فن الطهو، هذا الشعور الذي عرفه منذ أيام الطفولة عندما كان يخبّئ بيوض الشوكولاته الألذ في خزانته للحفاظ عليها.