تخبر ريشته الكثير من الحكايا والتجارب، وبنضوجها تخلق مشهدًا متناغمًا فكراً ولوناً وأسلوباً، فموهبته في مجال الرسم فطرية اكتشفها في سن مبكرة وعشقها حتى الولع، ونماها وطورها بعد التحاقه بكلية ميد ويست سيتي بالولايات المتحدة الأميركية وكلية سوليهول بالمملكة المتحدة حيث درس الفنون الجميلة، وبات عضواً في بيت الفنانين Maison des Artistes بفرنسا ومنتدى الفنانين الإيرانيين في إيران منذ عام 1979.
إنه الرسام أبول أتيغتشي، المبدع الإيراني المتعدد الثقافات، فقد ولد في عام 1948 في طهران حيث أكمل دراسته الابتدائية، ثم تابع دروسه في سويسرا. ولاحقاً، انتقل إلى إنكلترا حيث تخرج مهندس طيران من كلية كوين ماري في جامعة لندن. وقد شاركت لوحاته منذ عام 1987 في المزادات الفنية مثل آرت دروت، وبونهامز، وسوذبيز، إضافة إلى المزادات الأخرى التي تقام عبر الإنترنت. ونظراً إلى تفوقه في مجاله، أدرج أيغتشي على قائمة La Côte des Peintres Akoun باسم Abol.
لم يقتصر تأثر أبول أتيغتشي على الفنان الإسباني بابلو بيكاسو وعلى مدرسة الفنان الفرنسي بول غوغان الانطباعية فحسب، بل تأثر بالشاعر الفارسي الصوفي جلال الدين الرومي أيضًا.
Abol Atighetchi/حكاية المبدع أبول أتيغتشي
عاش أبول أتيغتشي في فرنسا بين عامي 1983 و1992، حيث رسم خلال هذه الفترة سلسلة من اللوحات التشكيلية تحت عنوان Nouvelle Figuration، وهي تمثل تفسيراته للثقافات المختلفة حول العالم ورؤيته للسكان القدامى في أمريكا الشمالية والجنوبية وبابوا غينيا الجديدة والشرق الأقصى والقبائل الإفريقية.
ولم تظهر تلك اللوحات إلى العلن حتى اتخذ قراراً بإبرازها، على أثر تعاونه الجديد مع صالة أوبلونغ Oblong للفن المعاصر في دبي، حيث قدم للمرة الأولى سلسلة من 12 لوحة غير منشورة، كشفت أكثر من 31 عاماً من مسيرته الفنية بين عامي 1991 و2022، من ضمنها لوحة Les Iroquois التي رسمها في عام 1991 وتظهر رؤيته للقبائل الأمريكية الهندية ذات البشرة الحمراء في أمريكا الشمالية، وتحديداً في كندا، ولوحة Mururoa، ولوحتان عن سفينة رينبو ووريورز التي صممتها منظمة السلام الأخضر، ولوحة من الأكريليك كبيرة تظهر الزخرفة القرآنية من وجهة نظره، إضافة إلى لوحة الخط التي تظهر تأثره بالشاعر جلال الدين الرومي، وغيرها مما يغذي العين ويأسر الروح ويغني الفكر.
Abol Atighetchi/حكاية المبدع أبول أتيغتشي
ولأنه متشبث بجذوره وشغوف بالمعرفة، حثه إتقانه للرسم التشكيلي، بعد عودته إلى إيران في عام 1993، إلى الغوص في أسرار فن الخط، لا سيما جمال الخط المقدس، فتعلم وأتقن عملياته التقنية الفنية على أيدي أهم الخطاطين، متخطياً كل الصعوبات، وارتقى بأعمالهم إلى مستوى مختلف بذوقه وأسلوبه الفريد، مستخدماً الألوان بشكل مذهل، مازجاً بين الأبعاد الكبيرة والتركيبات العميقة، فبدأ برسم آيات من القرآن الكريم وأبدع في التفاعل مع خطي الثلث والنسخ وكتابتهما، ثم انتقل إلى أسلوب النستالي، وهو أسلوب الخط الفارسي، ثم الخط الحديث، فخط على الخشب، مستعيناً بخطوط جميلة ونقاط مختلفة لتزيين الخلفية.