قبل ابتكار شركة بيل لابس Bell Labs في عام 1947 الترانزستور الأول الذي بشّر بظهور أشباه الموصلات ودخول عصر الحاسوب، كانت المكالمات الهاتفية البعيدة المدى، والبث الإذاعي والتلفزيوني، وإشارات الرادار، والتسجيلات الصوتية تعتمد أساسًا على الصمامات المفرغة الواسعة الانتشار.

طُورت هذه الصمامات بناءً على المصابيح الكهربائية خلال العقد الأول من القرن العشرين، ولكن هذه الأجهزة أُقصيت بحلول ستينيات القرن إلى متاجر بيع الأشياء المستعملة. ومع ذلك، فهي تظل إلى يومنا هذا ضرورية في أجهزةٍ مثل مُسرّعات الجسيمات وأجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي حتى أفران الميكروويف.

يتواصل أيضًا اعتماد هذا النظام المضخّم للصوت لتسجيل الموسيقى وإعادة إنتاجها. فبعض المصممين والموسيقيين والمستمعين يؤيدون استخدام هذه الصمامات بسبب المزايا الصوتية الجذابة التي تتمتع بها، وهي مزايا تدفع بعضهم إلى التخلي كليًا عن استخدام مضخمات الترانزستور.

وفي هذا يقول تشارلز ويتنر، الرئيس التنفيذي لشركة تصنيع الصمامات والإلكترونيات ويسترن إلكتريك Western Electric، التي يقع مقرها في روسفيل بولاية جورجيا: "إن الفرق بين الصمامات المفرغة ومضخمات الترانزستور يشبه الفرق بين مشاهدة فيلم مسجل على شريط 70 ملليمترًا يُعرض على شاشة عريضة داخل السينما ومشاهدة الفيلم نفسه بصيغة قرص فيديو رقمي "دي في دي" يُعرض باستخدام جهاز إسقاط رقمي منزلي".

تعمل شركة McIntosh Laboratory التي يقع مقرها في نيويورك، على تطوير تقنية الصمامات المفرغة منذ عام 1949.

Van Zandbergen
تعمل شركة McIntosh Laboratory التي يقع مقرها في نيويورك، على تطوير تقنية الصمامات المفرغة منذ عام 1949.


ويتابع ويتنر قائلاً: "إن الموسيقى التي تُشغل بوساطة إلكترونيات تعتمد على مضخمات الترانزستور لها كثافة معينة ورقّة ظاهرة، وذلك على عكس الأنظمة التي تُستخدم فيها الصمامات المفرغة، والتي تمتاز بنطاق صوتي رفيع وكثيف وعميق يتيح التفريق بين الأنغام المتقدمة والمتأخرة. إن هذه الصمامات تبعث أصواتًا وافِرة وحقيقية، تُحاكي الأصوات البشرية".

بدافع من قناعة ويتنر الكبيرة بجدوى الصمامات المفرغة، عمد إلى شراء حقوق تصنيع صمام Western Electric 300B البائد والذي يعد أشهر صمام صوتي على الإطلاق، وابتاع أيضًا التكنولوجيا اللازمة لإنتاجه. ابتُكر هذا الصمام في عام 1938، وقد استمر تصنيعه على مدار 50 عامًا، إلى أن قررت الشركة المالكة AT&T إغلاق المصنع، فلم يُستأنف إنتاجه إلا حين استحوذ ويتنر على حقوق تصنيعه بعد عقد من الزمان.

تعمل مضخمات الصوت التي تستخدم صمامات 300B بطاقة منخفضة، وهي مكلفة للغاية، ولكن جموعًا من المستخدمين يرون أن صوتها طبيعي وجذاب وغامر أكثر من صوت المضخمات الأخرى، سواء التي تعمل بالصمامات أو التي تعتمد أجهزة الترانزستور. 

ثمة أنواع كثيرة من الصمامات بالإضافة إلى صمام 300B النادر. فعلى سبيل المثال، يداوم عازفو الغيتار الكهربائي على استخدام مضخمات تعمل بالصمامات المفرغة، والسبب في ذلك صعوبة استنساخ توقيعها الصوتي الودود والجذاب بوساطة المضخمات التي تعمل بالترانزستور.

تزعم شركة Audio Research الأمريكية أنها "أعادت الصمامات" إلى واجهة التجهيزات الصوتية الفاخرة خلال سبعينيات القرن الفائت، ولكن شركة "ماكنتوش لابوراتوري" McIntosh Laboratory، التي تأسست في عام 1949، كانت قد سجلت في العام نفسه براءة اختراع تكنولوجيا محوّل المخرجات مزدوج الدارات Unity Coupled Circuit Output Transformer المستخدمة في مضخماتها الصوتية الراسخة القائمة على الصمامات المفرغة.

تنتج ماكنتوش حاليًا عشراتٍ من الأجهزة التي تعمل بأشباه الموصلات، غير أن مضخم MC275 الذي صمم في عام 1961 ويدخل الآن عقده السادس، يُعد أيقونة حلوة الأنغام لا نظير لها. وفي هذا يقول رئيس شركة ماكنتوش تشارلي راندال: "عندما تُدفع الصمامات المفرغة إلى تضخيم إشارة تتجاوز حدودها، فإنها تشوّش الموسيقى بصورة مختلفة عما هو عليه الحال في المضخمات المثقلة بأجهزة الترانزستور".

ويضيف: "يمكنك الاستماع إلى نظام يعتمد الصمامات المفرغة من دون أن تحدوك رغبة في التوقف. يسمي عشاق الموسيقى هذه الظاهرة بانعدام إجهاد المستمع".

أيّد بعض المصممين اليابانيين استخدام الصمامات المفرغة منذ البداية، وحافظ كل من حذا حذوهم في مختلف أنحاء العالم على ملاذاتهم الصوتية المتوهجة بمكوّنات تُصنّعها شركات صغيرة مثل Air Tight وليبين Leben وشيندو Shindo، إذ يُثمّنون الأنغام الصادرة عنها ولا يسمعون غيرها.

وقد يكون الراحل كين شيندو، الذي حققت مُضخماته الشهيرة، ذات اللون الأخضر الزجاجي، مكانة مرموقة بين عشاق الأنغام الأصيلة، هو خير من عبّر عن هذه الحقيقة إذ قال: "إنها مُضخمات قائمة على الصمامات المفرغة وبدونها لا يُعاد إنتاج أنغام الموسيقى على نحو مُرض".