قد يفزع بعض هواة الطيران من التحليق بأنفسهم في طائرة صغيرة على ارتفاع مائتي قدم وبلا خبرة مسبقة في القيادة. لكن شركة "بيفوتال" Pivotal الناشئة المتخصصة في الطائرات الكهربائية القادرة على الإقلاع والهبوط عموديًا ترى المستقبل منوطًا بهذا النوع من الطيران. 
مرة أخرى، يسّرت لي الظروف قيادة واحدة من هذه الطائرات المستجدة، بعدما قُدت سابقًا طائرة Ryse Recon. تسنّى لي هذا أخيرًا من خلال النموذج الأولي لطائرة بيفوتال Blackfly.

تجربة قيادة طائرة بيفوتال Blackfly

الطائرة الكهربائية الخفيفة التي تتسع لشخص واحد والتي يمكن إتقان قيادتها من دون الحاجة إلى إجراء التدريبات اللازمة للحصول على رخصة طيّار خاص. 

على الأقل، هذا ما زعمته الشركة التي تتخذ من سيليكون فالي مقرًا لها، والمدعومة من طرف لاري بيج، المؤسس المشارك لشركة غوغل، قبل التحاقي بمقرها الرئيس للتأكد من الأمر بنفسي.

لا يعني هذا بأي حال أن التدريب المطلوب ليس تفصيليًا. فقبل الشروع في الإقلاع، احتجت إلى إكمال دورة تدريبية موجهة للمالكين تمتد على مدار سبعة أيام وتتضمن 19 درسًا بوساطة جهاز محاكاة طوّرته بيفوتال لمحاكاة مطار بايرون بكاليفورنيا، حيث موقع الاختبار الحقيقي الذي يستغرق ثلاثة أيام. 

يتمايز جهاز المحاكاة المذكور بمقعد متعدد المحاور ونظارات للواقع الافتراضي، وبفضلهما يمكن استنساخ نظام الطيران الذي يعود للخلف بزاوية 90 درجة استعدادًا للإقلاع العمودي. يشرف على الدورة التدريبية الطيّاران والمدرِّبان جون جيلبرت وسابرينا أليسنا.

تقترن بثماني مراوح

تشبه طائرة Blackfly مركبةً خارجة من السلسلة التلفزيونية ستار تريك، إذ تتمايز بهيئة وأجنحة مستطيلة تقترن بثماني مراوح، لكن التقنيات المدمجة فيها متقدمة بسنوات عدة على تقنيات الطائرات الخفيفة الأخرى المنضوية تحت الجزء 103 من مدوّنة إدارة الطيران الفيدرالية. 

يتضمن نظام الطيران عصوين للتحكم، وجهاز iPad يشتمل على بيانات الرحلة، ومقبضًا لتحرير المظلة الباليستية.

Pivotal © Justin Festejo

يتضمن نظام الطيران عصوين للتحكم، وجهاز iPad يشتمل على بيانات الرحلة، ومقبضًا لتحرير المظلة الباليستية.

ينبغي لطائرات هذه الفئة أن تحترم الوزن الفارغ الأقصى المحدد عند 115 كيلوغرامًا والسرعة القصوى المحددة عند 63 ميلاً/الساعة، كما يلزمها أن تظل بعيدة عن المناطق المأهولة بالسكان. مع ذلك، لا تحتاج قيادتها إلى ترخيص، وتُعد هذه السمة أهم عامل جذب فيها، على ما تقول شركة بيفوتال، التي تتوجّه بالأساس إلى الأثرياء الشغوفين بالمغامرات الجوية.

طائرة Blackfly.. آمنة وسهلة المنال في قطاع الطيران

تُعد طائرة Blackfly من بنات أفكار المخترع الكندي ماركوس لينغ، الذي حلّق بالنموذج الأولي حول فناء منزله في عام 2011. وبعد 13 عامًا، تخلّلها تطوير ثلاثة أنظمة احتياطية، وإنشاء أربعة نماذج للطائرات، وإنجاز أكثر من 7,000 رحلة تجريبية، باتت هذه الطائرة الكهربائية القادرة على الإقلاع والهبوط عموديًا "مركبة آمنة وسهلة المنال في قطاع الطيران"، على ما يقول غريغ كير، مدير تسويق المنتجات في بيفوتال.

ينطلق التدريب بنظام المحاكاة على مهل، مع بعض الغثيان المرافق. فترنّح الكرسي وتقلّبه بشدة كفيل بقلب المعدة، على الرغم من أن المدرِّبة أليسنا تُسارع إلى تبيان الطريقة الصحيحة لتحريك عصا التحكم لضمان انسيابية الطيران. 

أعيدُ تنفيذ المناورات الأساسية مرارًا وتكرارًا، ثم أجد نفسي وسط مواقف شائكة تستدعي الهبوط الاضطراري، مثل توقف المحرك. يتولى جيلبرت عرض الخلاصات بعد كل رحلة بنظام المحاكاة، ويُلزمني بإعادة المحاولة حتى يصبح التنفيذ مثاليًا. 

انتقال تسلسل الهبوط من التحليق الأفقي إلى التحويم العمودي.

Pivotal © Justin Festejo

انتقال تسلسل الهبوط من التحليق الأفقي إلى التحويم العمودي. 

بعد قليل، أُدرك أن عصا التحكم بمنزلة صديق. فهي متصلة سلكيًا بأجهزة التحكم بالطيران، ما يعني أنها تدير الإقلاع والهبوط (كلاهما يتم آليًا)، والصعود والنزول، والانحدار والانعطاف، والتبديل من وضع التحويم (الطيران العمودي) إلى وضع التحليق (الطيران الأفقي). 

بعد إدخال الأوامر، يقع العبء الأكبر على أجهزة الحاسب المتحكمة في الطيران، إذ تضطلع بمعادلة تأثير الرياح وإجراء العديد من التصحيحات الأخرى، فضلاً عن تشغيل تسلسل الهبوط عند الحاجة.

مع ذلك، لا تنتفي إمكانية أن يرتكب الطيار خطأً، وهي الفكرة التي صاحبتني في رحلاتي التحليقية الأولى وضخّت الأدرينالين في عروقي. 

أجدّ في تنفيذ التعليمات المتسلسلة للطيران، بنجاح ولكن بلا بهجة، وأشعر بالارتياح بعد النقر على زر الهبوط التلقائي. لكن بحلول الرحلة الثالثة، أشرع في الاطمئنان إلى قدرة الآلة كما أطمئن إلى قدرتي على التحكم بها، خصوصًا بعد إكمال 30 ساعة من التدريب على جهاز المحاكاة. 

تنفيذ إحدى عمليات الهبوط بوساطة جهاز محاكاة الطيران.

Pivotal © Justin Festejo

تنفيذ إحدى عمليات الهبوط بوساطة جهاز محاكاة الطيران. 

بحلول الرحلة الخامسة، تتجلى تأثيرات الشعور بالابتهاج وكذلك الارتياح. بل إني أغامر بإجراء انعطافات حادة في وضع التحويم، فأجد أن تنفيذها في الحقيقة أكثر متعة من تنفيذها باستخدام جهاز المحاكاة.

بحركة خاطفة للعصا، تنعطف طائرة Blackfly بسهولة. في وضع التحليق بسرعة 45 ميلاً/الساعة وعلى ارتفاع 250 قدمًا، أدع عصا التحكم في الوضع المحايد (الطيار الآلي) لبضع دورات متأنية فوق تلال بايرون المتمايزة باللون القشّي قبل الهبوط على اليابسة.

فجأة أُدرك أن التحليق بطائرة ذكية على ارتفاع منخفض وبسرعة متدنية يمكن أن يسبّب الإدمان. في الوقت نفسه، وبعد الاختبارات التي خضعت لها طائرة Blackfly في مرحلة ما قبل الإنتاج، تطرح شركة بيفوتال الطائرة المستحدثة منها والجاهزة لولوج السوق تحت اسم Helix.

يتمايز هذا الطراز بتحديثات عدة، ويأتي في ثلاثة إصدارات تراوح أسعارها بين 190,000 دولار و260,000 دولار. ومن المقرر أن تبدأ عمليات التسليم في أوائل عام 2025.