ثمة محطات في تاريخ صنّاع الساعات خلّفت تأثيرًا راسخًا في مسيرتهم الإبداعية وتجلّت في كثير من الأحيان منطلقًا لأمجاد ونجاحات رسمت الطريق إلى المستقبل.
وفي تكريم هذه الفصول المتمايزة في حكايات كبرى الدور - من تاريخ تأسيسها أو تاريخ ميلاد مؤسسها الأول، إلى مجيئها بابتكارات متفرّدة حققت الاستمرارية بمرور السنين وتحوّلت إلى سمات لا تنفصل عن هوية مبدعيها – درج الصنّاع على طرح إصدارات احتفالية حصرية غالبًا ما تحظى باستحسان هواة جمع الفرائد. نستعرض في ما يأتي أربعة من هذه الإصدارات التي كشفت عنها دور جيجر - لوكولتر، وجاكيه درو، وشوبارد، وإم بي آند إف في سياق احتفائها هذا العام بسنوات من الإبداع والتمايز.
ساعة Jaeger-LeCoultre Reverso Tribute Nonantième
ريفيرسو في عامها التسعين
عندما أطلقت جيجر – لوكولتر ساعة ريفيرسو للمرة الأولى، كانت الغاية تقديم حل للاعبي البولو الراغبين في حماية الغطاء الزجاجي لساعاتهم في أثناء اللعب. ومنذ ذلك الحين، تحوّلت الساعة ذات العلبة الدوّارة والخطوط المستوحاة من فن الآرت ديكو إلى سمة راسخة في الخارطة الجينية للدار. قد يكون الابتكار الأحدث والأعلى تمايزًا ضمن مجموعة ريفيرسو اليوم ساعة Reverso Hybris Mechanica Caliber 185 التي تحتضن أحد عشر تعقيدًا وتشتمل على أربعة موانئ.
لكن هذه المأثرة التي فازت مؤخرًا بجائزة أفضل الأفضل من مجلة Robb Report عن فئة ساعة العام الرجالية لا تحتكر الاحتفاء بالذكرى التسعين لمجموعة ريفيرسو. يتمايز أيضًا هذا العام طراز Reverso Tribute Nonantième الذي تطرحه الدار في إصدار محدود من 190 نموذجًا.
صيغت علبة هذه الساعة الرجالية من الذهب الوردي وتميّزت في جانبها الأمامي بميناء فضي مصقول بزخارف شعاع الشمس التي تتناغم مع اللون الذهبي للمؤشرات والعقارب. تثري الميناء نافذة لعرض التاريخ عند مؤشر الساعة 12 يقابلها عرض لأطوار القمر في الميناء الفرعي المخصص لعداد الثواني الصغيرة.
أما الوجه الآخر من العلبة، فيكشف عن تعبير بصري جمالي آسر كرّسته الدار فوق السطح المشغول من الذهب الوردي بدائرتين متداخلتين مختلفتي الحجم ترسمان شكل الرقم 8 محاطًا بأثلام تذكر بالأخاديد المستقيمة المميزة لأطراف العلبة. في الدائرة العلوية الصغرى، يُعرض لأول مرة في تاريخ ريفيرسو تعقيد الساعات الرقمية شبه القافزة، فيما تعرض الدائرة السفلية الدقائق فوق قرص دوّار يحتجب جزئيًا خلف صفيحة مقطوعة تصور في ثلاثة أرباعها مشهدًا لسماء ليلية ابتكرت في ورشة الحرف النادرة بطلاء اللك الأزرق وزُينت بنجوم ذهبية. ويعبر في مركز السماء شمس وقمر يشيران إلى ساعات الليل والنهار.
جُهزت الساعة بالمعيار الحركي Calibre 826 الذي يوفر احتياطًا للطاقة يدوم 42 ساعة.
ساعة Chopard L.U.C QF Jubilee
25 عامًا من التمايز
في عام 1996، أطلق كارل – فريدريك شوفوليه، الرئيس المشارك في شوبارد، مصنع الساعات الذي وضع اسم الدار على خارطة كبار صنّاع المعايير الحركية. كان أول الغيث آنذاك المعيار الحركي 1.96 الذي وجد طريقه في السنة التالية إلى طراز L.U.C 1860، الساعة المجهزة بوظيفة عرض التاريخ والتي تكرّم إرث المؤسس الأول لويس – يوليس شوبارد.
فيما تحتفي شوبارد اليوم بمرور 25 عامًا على افتتاح المصنع الذي كرّس تمايزها في ابتكار ساعات تتفوق بهندستها وأدائها بقدر ما تتفرد بتصاميمها الراقية وزخارفها المتقنة، تكشف ضمن الإصدارات الاحتفالية عن طراز L.U.C QF Jubilee المجهز بآلية الحركة ذات التعبئة الأوتوماتيكية L.U.C 96.09-L. استند المصنع في بناء هذه الآلية إلى أول معيار حركي طُوّر في محترفاته، واعتمد فيه تقنية Chopard Twin التي تستخدم خزانين متراكبين للطاقة يغذّيهما دوّار بالغ الصغر من الذهب عيار 22 قيراطًا، ما يوفّر للساعة احتياطًا للطاقة يدوم 65 ساعة.
أسكنت الدار هذا المعيار علبة بقطر 39 ملليمترًا استُلهمت خطوطها المنحنية من طراز L.U. Chopard في خمسينيات القرن الفائت، وصيغت، في توجّه غير مسبوق ضمن مجموعة L.U.C، من الفولاذ المقاوم للصدأ الذي أضفى على الساعة طابعًا رياضيًا عصريًا. أما ميناء الساعة، فمستوحى في تصميمه من حركتي باوهاوس وآرت ديكو، إذ إنه ينقسم إلى دوائر متحدة المركز. تثري الميناء الفضي حلقة زرقاء تحمل مؤشرات الساعة ويلتف من حولها مقياس مدرّج للدقائق فيما يظهر عداد عرض الثواني الصغرى عند مؤشر الساعة 6. وعند حلول الظلام، يستنير الميناء بمادة سوبر لومينوفا الوضّاءة.
يكمّل الساعة، الحائزة شهادة الهيئة السويسرية الرسمية للكرونوميتر ودمغة منظمة فلورييه للجودة، سوار من جلد العجول بلون بني يكتسي بمرور الوقت مسحة عتق، وسيقتصر إنتاجها على 25 نموذجًا مرقمًا.
ساعة Jaquet Droz Grande Seconde Moon
300 عام على ولادة المؤسس
لطالما شكلت الساعة الرجالية Grande Seconde من جاكيه درو، بتصميم مينائها الذي يحاكي شكل الرقم 8، خير مثال على فلسفة الدار الإبداعية. لذا لم يكن مستغربًا أن يختار الصانع هذه الساعة لتكريم الذكرى السنوية الثلاثمائة لولادة المؤسس الأول بيار جاكيه درو. في الإصدار الاحتفالي Grande Seconde Moon Anniversary Edition، تعيد جاكيه درو ابتكار ساعة أطوار القمر في نسختين حصريتين مشغولتين في علبة من الذهب الأحمر صيغت للمرة الأولى بقطر 41 ملليمترًا (كان هذا الطراز متاحًا من قبل في علبة بقطر 43 ملليمترًا أو 39 ملليمتراً).
في النسخة الأولى التي تجسّد العناصر التقليدية في إرث جاكيه درو، تزهو الساعة بميناء عاجي اللون مصقول بطلاء المينا باستخدام تقنية الإشعال في الفرن التي تُعد واحدة من المهارات المميزة للدار. وفيما اعتمد الصانع الأرقام الرومانية في الميناء الفرعي العلوي المخصص لعرض الساعات والدقائق، زها الميناء السفلي بأرقام عربية سوداء للثواني تتوزّع في محيط الترجمة الشاعرية لتعقيد أطوار القمر الذي يحتل المركز محاطًا بحلقة من الذهب الأحمر يعبر فوقها عقرب برأس مصقول بطلاء اللك الأحمر للإشارة إلى التاريخ.
أما النسخة الثانية، فيطرح الصانع من خلالها ترجمة معاصرة لهذا الطراز تنعكس في ميناء يتعارض لونه الأسود غير اللامع بأناقة مع مؤشرات الذهب الأحمر التي حلت محل الأرقام العربية والرومانية، ما أضفى على الساعة مظهرًا حيويًا جريئًا. هنا تعرض أطوار القمر، الذي نُحتت الوهاد فوق سطحه المشغول من الذهب يدويًا، في كبد سماء ليلة حالكة.
جُهزت كل ساعة في النسختين بآلية الحركة ذاتية التعبئة 2660QL4 التي توفر احتياطًا للطاقة يدوم 68 ساعة، وازدانت في الجزء الخلفي منها بنقش يدوي لعبارة Pierre Jaquet-Droz, 300ème Anniversaire (بيار جاكيه درو، الذكرى الثلاثمائة).
MB&F LMX
مأثرة العقد
أطلقت دار إم بي آند إف أول ساعة رجالية من طراز Legacy Machine سنة 2011، فتمايز ابتكارها وسط ساعات الدار الأخرى، الأقرب إلى عجائب من عالم الخيال العلمي، بتصميم تقليدي، أو ربما واقعي بالرغم من تعقيداته المبتكرة. وعلى مدى عقد كامل، حقق مؤسس الدار ماكس باسر وفريقه من صنّاع الساعات العباقرة إنجازات ثورية من خلال إصدارات هذا الطراز المتعاقبة والتي أكسبته عبر السنين أربع جوائز ضمن جائزة جنيف الكبرى للساعات.
احتفاء بهذه السنوات العشر، كشفت الدار هذا العام عن ساعة LMX (أو Legacy Machine 10) التي تطرحها في إصدارين محدودين: 18 نموذجًا في علبة من الذهب الأحمر تثريها صفائح وجسور سوداء عولجت بتقنية NAC، و33 نموذجًا من التيتانيوم من الدرجة 5 مع صفائح وجسور خضراء اللون معالجة بتقنية CVD. على ما هو عليه حال النسخ السابقة، يكشف الغطاء الياقوتي المقبب للساعة عن عجلة توازن محلقة مركزية وميناءين مصقولين بطلاء اللك الأبيض، ومثبتين هذه المرة في زاوية مائلة.
يعرض الميناء يمينًا التوقيت المحلي (ويمكن ضبطه بوساطة التاج عند مؤشر الساعة 2، المستخدم أيضًا لتعبئة الساعة) فيما يعرض الميناء يسارًا الوقت في المنطقة الزمنية الثانية (تُضبط باستخدام التاج عند مؤشر الساعة 10). وفي محاكاة للتصميم الأكثر انفتاحًا المميز لطُرز حديثة من الدار، مثل LM Perpetual وLM FlyingT، تُظهر القبة المشغولة من البلور الياقوتي البراعة الميكانيكية التي تتجلى عبر صفيحة الميناء من خلال العناصر الوظيفية مثل جسر مضبط الانفلات الذي يتخذ شكل فأس للقتال، ومكوّنات سلسلة التروس، والعجلات الكبيرة الثلاث: تتحرك اثنتان منها عند ضبط الوقت، فيما تتحرك العجلة الثالثة عند مؤشر الساعة 6 بالتزامن مع وظيفة الثواني التقليدية.
أما أبرز التحديثات في طراز هذا العام، فتشمل عجلة التوازن المصممة بحسب الطلب بحجم 13.4 ملليمتر والتي تستعيض عن البراغي التقليدية بكتلة مانعة للقصور الذاتي، ما يحقق مستوى أعلى من الدقة، فضلاً عن الأذرع المصقولة فوق الجسور المستقيمة التي جرى تشطيبها يدويًا لاستحداث المنحنيات في سطحها.
كما تتفرّد هذه المأثرة الميكانيكية بالعرض غير التقليدي لاحتياطي الطاقة والذي يرتكز إلى أول مؤشر رأسي في العالم تمايزت به ساعة LM1، وإن كان هذه المرة يزهو بعرض ثلاثي الأبعاد يبيّن الاحتياطي الذي يدوم 168 ساعة والذي تتسنى لكم قراءته بطريقتين من خلال مؤشر أزرق يتحرك إما فوق مقياس عرض أيام الأسبوع، وإما فوق المقياس المتدرج من 1 إلى 7 لعدد الأيام في الأسبوع.
ما يستثير الانبهار أيضًا هو أن مؤشر عرض احتياطي الطاقة، ذا البنية الهندسية نصف الكروية، يدور أيضًا على محوره، ما يتيح لك اختيار الطريقة المفضلة لقراءة المؤشر. جل ما عليك فعله هو أن تواصل تدوير التاج، المصمم على هيئة فأس، بعد تعبئة الطاقة لتضبط اتجاه المؤشر على نحو يبرز إما أيام الأسبوع وإما مقياس الأرقام. - تانيا ناجيّا Tania Najia