حقائب اليد الأعلى تمايزا تتجاوز حدود كماليات الأزياء لتتجلى كنوزا يجد في طلبها هواة جمع الفرائد. 

 

لا ينفك الثمن الباهظ، الذي لا يتوانى بعض الناس عن تكبده لاقتناء حقيبة يد متفردة، يواصل ارتفاعه العالي جدا. قد يصل سعر حقيبة هيرميس إلى 1.13 مليون درهم إماراتي لطراز بيركن، وإلى 565 ألف درهم لطراز كيلي. بينما قد يبلغ ثمن حقيبة يد من شانيل 106 آلاف درهم، وقد تباع حقيبة أمتعة من لويس فويتون بمبلغ مقداره 780 ألف درهم. قد يتساءل المرء على هذه الحال إن كان الألماس هو حقًا خير صديق للحِسان! 

في عام 2017، شهد مزاد في هونغ كونغ بيع حقيبة يد من طراز Himalaya Diamond Birkin لإحدى الشخصيات المرموقة مقابل 1.4 مليون درهم، ليتحدد بذلك الرقم القياسي العالمي للحقيبة الأغلى ثمنًا التي تُباع في مزاد. إذا كنا لنأخذ هذا الرقم مرجعًا للقياس والمقارنة، فإنه قد لا يكون من المبالغة القول إن النفائس في عالم السيدات لم تعد تقتصر على الألماس.

  في أواخر عام 2019، نُظم مزاد على أزياء وكماليات من مقتنيات إليزابيث تايلور، بينها مجموعة من لويس فويتون شملت حقائب سفر من طراز Alzer وحقيبة للمستحضرات والأدوية

 في أواخر عام 2019، نظم مزاد على أزياء وكماليات من مقتنيات إليزابيث تايلور،
بينها مجموعة من لويس فويتون شملت حقائب سفر من طراز Alzer وحقيبة للمستحضرات والأدوية.

تُرجع هذه المبالغ الباهظة أصداء التحليلات التي خرج بها في الآونة الأخيرة خبراء السوق، وفي طليعتهم باتريتزيا أريانتي التي ترأس قسم الأزياء والمنتجات الفاخرة لشركة الاستشارات دلويت في مناطق عدة تشمل الشرق الأوسط. تقول أريانتي: «إن الطبيعة الأصيلة للمنتجات الفاخرة تجعلها عصية على مرور السنين، ودالة على مكانة أصحابها، وهذا ما يُضفي على المنتجات الفاخرة، وحقائب اليد على وجه الخصوص، جاذبية في أوساط هواة جمع الفرائد وفي سوق السلع المستعملة. بل إن حقائب اليد الفاخرة الجديرة بأن تجد منتهاها في المجموعات الشخصية لهواة جمع الفرائد تمثل اليوم سوقًا مهمة متنامية. في أيامنا هذه، يُنظر إلى هذه الحقائب بوصفها استثمارًا آمنًا للمستقبل.»

 

طرز نادرة ومنشودة

إذ تسلط أريانتي الضوء على أبرز العلامات التي يواظب هواة جمع الحقائب على تعقب ابتكاراتها، تقول: «إن طُرز الحقائب القديمة والأكثر أهمية تُباع في مزادات تنظمها بعض أبرز الدور الناشطة في هذا القطاع في العالم. وغالبًا ما تُعرض هذه الحقائب إلى جانب أعمال فنية نفيسة. قد يتجسد المثل الأوضح لهذا التوجه في حقيبة هيرميس المستعملة من طراز بيركن التي تحقق عائدًا سنويًا بنسبة %14.2 وتحدد كامل مسار سوق حقائب اليد عتيقة الطراز الجديرة بالجمع.»

«إن الطبيعة الأصيلة للمنتجات الفاخرة تجعلها عصية على مرور السنين، ودالة على مكانة أصحابها، وهذا ما يُضفي على المنتجات الفاخرة، وحقائب اليد على وجه الخصوص، جاذبية في أوساط هواة جمع الفرائد» – باتريتزيا أريانتي

ينعكس هذا المزاج نفسه في النسخة الأحدث من التقرير المرموق حول الثروات Wealth Report الذي تُعده شركة نايت فرانك العالمية. فالتقرير يشير إلى أن حقائب اليد تفوقت بأدائها العام الفائت على المنتجات الأخرى في فئة الاستثمار في الفرائد الجديرة بالجمع. فقد ازدهرت قيمة حقيبة بيركن من هيرميس بنسبة %13 في سنة واحدة، فتقدمت على فرائد الأعمال الفنية، والساعات، والسيارات، والطوابع. اللافت هو أن حقائب اليد حققت خلال السنوات العشر الأخيرة زيادة مرتفعة جدا في قيمتها بنسبة %108.

في عالم جمع حقائب اليد المتفردة، تبقى الدار الفرنسية هيرميس بلا شك المطمح الذي ينشده المهتمون ممن يجدُّون على وجه الخصوص في إثر طُرز حقائبها التقليدية الشهيرة مثل بيركن، وكيلي، وكونستانس. وغني عن القول أن الحرفية بالغة الإتقان هي أكثر ما يميز هذه العلامة التي انبثقت في الأصل عن محترف لصنع اللُّجُم توسع لاحقًا إلى مصنع لسروج الخيل. يحتاج حرفي في دار هيرميس إلى 48 ساعة ليحيك يدويًا حقيبة من طراز بيركن (هذا الطراز الذي حمل اسم الممثلة البريطانية جاين بيركن بعد أن ألهمت جان – لويس دوماس، رئيس مجلس إدارة الدار آنذاك، عندما التقى وإياها مصادفة خلال إحدى الرحلات الجوية). الواقع أن حقائب بيركن المحدودة التي تُنتج كل سنة ما عادت مُتاحة لأولئك الذين تُدرج أسماؤهم على قائمة انتظار. بل إن هذه الابتكارات الحصرية صارت مخصصة لما يشبه قائمة أمنيات لا تشمل سوى أسماء النخبة من زبائن هيرميس. وفي غالب الأحيان، تدفع هذه الندرة بالمشترين المهتمين إلى البحث عن مبتغاهم في سوق المنتجات المستعملة، حيث سعر الحقيبة أغلى مما سيكون عليه إذا ما جرى ابتياعها مباشرة من الدار.

تمثل ابتكارات هيرميس ما نسبته %90 من الحقائب التي تبيعها دار كريستيز في المزاد

تمثل ابتكارات هيرميس ما نسبته %90 من الحقائب التي تبيعها دار كريستيز في المزاد.

تُظهر دار المزادات العريقة كريستيز قدرًا مماثلاً من الحماس لعلامة هيرميس التي تمثل ابتكاراتها ما نسبته %90 من الحقائب التي تبيعها الدار في المزاد. وفي هذا تقول لوسيل أندرياني، الخبيرة في حقائب اليد لدى كريتسيز: «إن فئة حقائب هيرميس هي الأكثر طلبًا. وإذ تقتضي مهمتنا تلبية احتياجات زبائننا وإرضاء رغباتهم، نحرص على أن تكون الحصة الأعلى من الحقائب التي نعرضها في المزاد لابتكارات هيرميس، تليها حقائب شانيل ولويس فويتون.»

الواقع أن لعلامة شانيل أيضًا حضورًا طاغيًا في السوق الرئيسة وسوق المنتجات المستعملة عندما يتعلق الأمر بحقائب اليد المتفردة التي تستحق الجمع. كانت أول حقيبة يد من ابتكار مصمم بيعت في مزاد لكريستيز حقيبة من شانيل عُرضت في مزاد «كوكو شانيل» في كينغ ستريت بلندن سنة 1978. استحوذت حينئذ على الحقيبة مؤسسة سميثسونيان الشهيرة.  

في مزاد لكريستيز نُظم سنة 2016 في باريس، بيعت هذه الحقيبة من طراز Peekaboo من فندي، والمشغولة من جلد التمساح، مقابل 10,625 يورو

في مزاد لكريستيز نظم سنة 2016 في باريس، بيعت هذه الحقيبة من طراز Peekaboo من فندي، والمشغولة من جلد التمساح، مقابل 10,625 يورو.

في أيامنا هذه، تُعد أي حقيبة من طراز 2.55، الأبرز ضمن طُرز شانيل التقليدية، جوهرة التاج في مجموعة كل امرأة مولعة بحقائب اليد. يُحسب لهذا الطراز أنه أحدث ثورة في عالم الحقائب إذ أتاح تصميمه للمرأة أن تعلق حقيبتها إلى كتفها بدلاً من أن تمسك بها بيدها. يصوغ الحرفيون بعض تفاصيل الحقائب من هذا الطراز، على غرار البطانة المميزة له، باستخدام آلات ابتكرها مهندسو الدار خصيصًا لشانيل. وفيما تفرض الدار قبضتها على مستوى العرض، يبقى الطلب مرتفعًا على الدوام، ما يضمن للمرأة بيع حقيبتها من شانيل بسعر يفوق بكثير الثمن الذي تكبدته عند الشراء.

 حقيبة من شانيل من طراز Jumbo Classic Double Flap، مشغولة من جلد التمساح اللامع.

حقيبة من شانيل من طراز Jumbo Classic Double Flap، مشغولة من جلد التمساح اللامع.

سلوكيات متبصرة

تختص سارة خان، مؤسسة شركة By Appointment، في تقديم خدمات التسوق الشخصي الفاخرة حصريًا لكبار الشخصيات، وأفراد العائلات الملكية، ورؤساء الدول، والمشاهير والأثرياء. إذ تكشف عن السلوكيات المرتبطة باقتناء حقائب اليد في أوساط الأثرياء والمشاهير في منطقة الخليج العربي، التي تنشط خان فيها من خلال مكتبها في إمارة أبو ظبي في دولة الإمارات. وفي ذلك تقول: «إن معظم زبائننا من هواة جمع الفرائد رفيعي المستوى ومن المستثمرين نافذي البصيرة، وهم يميلون إلى طلب ابتكارات لا تتوافر لغيرهم. لذا فإن الحصرية، والندرة، والإتقان الحرفي تتفوق لدى غالبيتهم على العناصر المتغيرة مثل السعر والقيمة التي يمكن تحقيقها من إعادة بيع المنتج مستقبلاً.» وتستطرد الخبيرة في عالم الرفاهية لتقول: «ينشد زبوننا النموذجي رفيع المستوى مآثر هيرميس من الابتكارات المتميزة والشهيرة، والإصدارات الحصرية، وحقائب اليد النادرة التي توقف إنتاجها. فضلاً عن ذلك، قد تكون الحقائب باهظة الثمن ملائمة لهواة جمع الفرائد أكثر منها للمستثمرين. كما نلاحظ أن الحقائب المشغولة من الجلود الاستوائية تشهد زيادة في قيمتها بوتيرة أسرع مقارنة بالحقائب الأخرى العادية.» 

حقيبة هيرميس نادرة من طراز Kelly Sellier 28، مشغولة من جلد الحملان ومزادنة بتفاصيل مصقولة بالذهب والفضة والنحاس

حقيبة هيرميس نادرة من طراز Kelly Sellier 28، مشغولة من جلد الحملان ومزادنة بتفاصيل مصقولة بالذهب والفضة والنحاس.

معايير التمايز

ثمة عوامل مختلفة تحدد قيمة حقيبة اليد، وفي طليعتها العلامة التي أبدعتها. ولا يخفى على أحد أن هيرميس تتربع على العرش فيما يتعلق بالحقائب التي تستحق الجمع، فتُحقق ابتكاراتها أعلى الأسعار، تليها حقائب شانيل ولويس فويتون. كما تشمل لائحة الحقائب التي يسعى كثيرون إلى إثراء مجموعاتهم بها إبداعات علامتي غوتشي وغويار. يُذكر أن لحالة الحقيبة أثرا كبيرا في تحديد سعرها، شأنها في ذلك شأن المواد التي صنعت منها، والتي تتمايز بينها الجلود الاستوائية إذ تزيد في قيمتها على نحو بالغ. كما تشمل العوامل المحددة الأخرى التفاصيل الزخرفية المشغولة من المعدن، واللون، والحجم. وقد تجلى في الآونة الأخيرة ميل لدى هواة جمع هذه الفرائد إلى الحقائب صغيرة الحجم.  

حقيبة Mini Kelly من هيرميس، المشغولة من جلد التمساح باللون الأحمر، والتي تعود إلى عام 1994 سجلت رقمًا قياسيًا في أوروبا عندما بيعت في مزاد نظم سنة 2007 في لندن مقابل 31,700 جنيه إسترليني

حقيبة Mini Kelly من هيرميس، المشغولة من جلد التمساح باللون الأحمر،
والتي تعود إلى عام 1994 سجلت رقما قياسيا في أوروبا عندما بيعت في مزاد نظم سنة 2007 في لندن مقابل 31,700 جنيه إسترليني.

فضلاً عن ذلك، يشكل الطراز عاملاً رئيسًا في تحديد قيمة الحقيبة، ويولي هواة جمع الحقائب أهمية بالغة للابتكارات محدودة الإصدار. قد يتجلى خير مثال على هذا التوجه في حقائب اليد التي تبتكرها لويس فويتون بالتعاون مع بعض أشهر الفنانين المبدعين في عصرنا، أمثال جيف كونز، وتاكاشي موراكامي، وياوي كوساما.  

«إن معظم زبائننا من هواة جمع الفرائد رفيعي المستوى ومن المستثمرين نافذي البصيرة، وهم يميلون إلى طلب ابتكارات لا تتوافر لغيرهم. لذا فإن الحصرية، والندرة، والإتقان الحرفي تتفوق لدى غالبيتهم على العناصر المتغيرة مثل السعر» – سارة خان

عند سؤال سارة خان عن بعض حقائب اليد الأكثر حصرية التي ساعدت من خلال شركتها على توفيرها لزبائنها المرموقين، استعرضت قائمة طويلة من الطُرز قائلة: «كان الأبرز حقيبة بالغة الندرة من طراز Kelly Doll، وهي حقيبة بيركن محدودة الإصدار من ابتكار الفنان البريطاني نيغيل بيك، وحقيبة من طراز Lizard Micro Mini Kelly من عام 1994 أو 1995، وهو طراز توقفت الدار عن إنتاجه لكن زبوننا أراد نموذجًا جديدًا منه. لا يميل الزبائن هنا بطبيعة ثقافتهم إلى منتجات كانت تخص آخرين من قبل.» كما ذكرت خان أن طُرز Boite Chapeau من لويس فويتون، وبيكابو Peekaboo من فندي، ولايدي ديور من ديور، ومينوديير Minaudière من غويار، فضلاً عن ابتكارات كارل لاغرفيلد لشانيل، تشكل بعض أبرز الحقائب التي يواظب زبائنها على طلبها.   

شكلت هذه المجموعة من حقائب السفر من غويار جزءًا من المعروضات في مزاد على قطع الأثاث المنزلي أقامته كريستيز العام الفائت في لندن.

شكلت هذه المجموعة من حقائب السفر من غويار جزءًا من المعروضات
في مزاد على قطع الأثاث المنزلي أقامته كريستيز العام الفائت في لندن.

قد يصح القول إن ثمة هواة لجمع الحقائب على اختلافها، من الطرز العتيقة التي لم تفقد ألقها، إلى النماذج محدودة الإصدار أو التي تُبتكر لعروض الأزياء فحسب، والحقائب النادرة التي توقفت مسارات إنتاجها. فجمع كماليات الأزياء المفضلة لدى الحسان ما عاد هواية باذخة تمتعهن. بل إن هذه الهواية قد تحولت على ما يبدو من واقع السوق وعالم المزادات إلى فرصة للقيام بقرارات استثمارية حكيمة.