تكشف فيراري عن نموذج جديد خلفا لسيارة كاليفورنيا تي يرتحل

بأصل طراز جي تي المتفرد في أسطولها نحو آفاق جديدة. 

 

كان ندف الثلج يتساقط بلا انقطاع حين انطلقت مجموعتنا من السائقين من فندق ماسيرا سان دومينيكو الذي ارتفع في بوليا بإيطاليا فوق أنقاض برج مراقبة يعود إلى القرن الخامس عشر. كان البساط الثلجي الأبيض يفترش الطرقات الساحلية، وماسحات الواجهات الزجاجية الأمامية في مركباتنا تضج بهسيس محموم. لم يكن الطقس في ذاك الصباح مناسبًا للإفادة من مباهج الهواء الطلق التي تعد بها سيارة بورتوفينو المكشوفة الجديدة. لكن حتى الأحوال الجوية الرديئة لم تكن لتخمد حماستنا لقيادة نماذج السيارة الأحدث من فيراري. بموازاة إنجازات فيراري في عالم سباقات السيارات، تشتهر هذه العلامة أيضًا بوصفها صانعًا لسيارات مخصصة للطرقات العادية أبهرت كل كائن حي منذ أواسط القرن الفائت.

تُعد سيارات فيراري من فئة جي تي تحديدًا مركبات الأحلام بحسب ما تثبت اليوم القيمة الحالية لسيارات من طراز 250 GT SWB أو طراز Lusso أو طراز 275 GTB. أما الطرز الأحدث والأعلى تميزًا، فتشمل سيارة 365 GTB/4 Daytona وسيارة Maranello 550 وسيارة Maranello 575، فضلاً عن مركبات الفئة جي تي المتسلسلة من طرز 365 و400 و GT 412وطراز 456 GT التي غالبًا ما يجري تجاهلها. هذه الطرز كلها تشكل أمثلة رئيسة على ما يميز ابتكارات فيراري من حضور واثق وغير متكلف، وجماليات مصقولة بإتقان يقارب الكمال، وأداء جوهري يضمنه المحرك V-12 المكون من 12 أسطوانة. تبرز ضمن طرز جي تي التي طبعت ماضي فيراري سيارة دايتونا التي يرى المصممون أنها كانت أقرب إلى «مستشار روحي» في سياق مشروع تطوير مركبة بورتوفينو الجديدة.

تحمل سيارة بورتوفينو اسم القرية الرابضة في جوار البحر على الريفيرا الإيطالية، هناك حيث سيشكّل حضورها بلا شك إضافة مثالية إلى مشهد أسلوب الأناقة السائد. تُعد السيارة (التي يبدأ سعرها من 210٫783 دولارًا) خلفًا لمركبة كاليفورنيا تي. قد تبدو السيارتان متشابهتين ظاهريًا، لكنهما في الواقع مختلفتان إلى حد بالغ. أما وجه الشبه بينهما، فيمكن إيجازه بالمواصفات الوظيفية الأساسية. كلتا السيارتين تُعد مركبة مكشوفة ينبض قلبها بمحرك V-8 من ثماني أسطوانات مثبّت في موقع وسطي أمامي يدفع بالعجلتين الأماميتين ويعززه شاحن توربيني مزدوج. إذ انطلق الفريق الهندسي من هذه المواصفات، عمد إلى الارتقاء بمفهوم سيارة كاليفورنيا تي الأكثر مبيعًا على الإطلاق في أسطول الصانع، وجعل هذا المفهوم الذي أثبت فاعليته أفضل على المستويات كافة.

 

" تبرز ضمن طرز جي تي التي طبعت ماضي فيراري سيارة دايتونا التي يرى المصممون أنها كانت أقرب

إلى «مستشار روحي» في سياق مشروع تطوير مركبة بورتوفينو الجديدة "

 

‏Ferrari Portofino

 

تمثّل المستوى الأول الذي قاربه فريق المصممين بمعالم المظهر الخارجي. صحيح أن سيارة بورتوفينو تشبه بأبعادها المركبة كاليفورنيا تي، إلا أنها تتميز عنها بالهيكل الداخلي وألواح البنية الخارجية الجديدة كليًا. اجتهد المصممون على وجه الخصوص في ابتكار السقف الصلب القابل للطي، وحرصوا على الإتيان بتصميم سقف منحن دون أن يفرض ذلك اعتماد الخطوط الملتوية النموذجية عند قاعدة المصابيح الخلفية، وهي سمة تحضر في كل نموذج آخر من سيارات الشركة، ومن بينها في كاليفورنيا تي. لكن في حالة سيارة بورتوفينو تحديدًا، تتحول مركبة الكوبيه الآسرة إلى مركبة مكشوفة لا تشوبها شائبة في غضون 14 ثانية فقط (حتى إن لم تكن في وضعية التوقف) دون أي دعامة خلفية غير مجدية وغير جذابة مثل تلك الدعامات المشابهة التي تميز المظهر الخارجي لكثير من السيارات المكشوفة الأخرى.

أضف إلى ذلك أن لمزايا الديناميكية الهوائية دورًا مؤثرًا إلى حد بالغ في مظهر بورتوفينو، إذ إنها تساعد من جهة على تحسين معامل الجر (بنسبة 6% إضافية مقارنة بسيارة كاليفورنيا تي)، وتعزيز قوة السحب السفلية، فضلاً عن توفير معدل تبريد إضافي للمحرك الذي بات أكثر قوة. لكن كان يبقى لمجمل تفاصيل هذه المقاربة الهندسية التي تتجاوز حدود المتوقع والمألوف أن تضمن الإتيان بمركبة يعكس مظهرها حقيقة هويتها بوصفها سيارة فيراري، وهذا ما تحقق في سيارة بورتوفينو. وكما هو عليه الحال في لوحة إيطالية طباعية تتدرج فيها الألوان فوق لوح خشبي وفقًا لتقنية الجلاء والقتامة، ينبثق تراقص الضوء والظلال فوق هيكل السيارة من التعارض بين أسطحها المقعرة وتلك المحدبة (وهو تعارض يخدم أيضًا توجيه دفق الهواء عبر المصابيح الأمامية، ومنافذ الهواء الأمامية، وفتحات التهوية في الحواجز الواقية من الصدمات، ونظام الناشر الهوائي الذي ثبّت في الجزء الخلفي لتعزيز مزايا الديناميكية الهوائية ودواعي التبريد).

 

 سيارة بورتوفينو

خير نموذج لسابقتها
إن ما يجتمع في سيارة بورتوفينو من هيكل داخلي جديد، ومحرك أقوى أداء، ومزايا ديناميكية هوائية محسنة،
يجعلها خير نموذج يأتي خلفا للطراز الأكثر مبيعا على الإطلاق في أسطول فيراري.

 

يذكّر مظهر سيارة بورتوفينو بحيوان مفترس من فصيلة السنور يميزه وركان يوحيان بالقوة العضلية ومحيط خصر ضيّق ينتهي إليه الصدر البارز (أمعن النظر في التناغم بين اللوحين الجانبيين الممتدين بين العجلتين الأماميتين والعجلتين الخلفيتين، وأقواس العجلات، وتصوّر نفسك في حضرة فهد التقطت عدسة إدوارد مايبريدج تفاصيل حركته المتتابعة في مجموعة من الصور).

تدثرت السيارة التي كنت أستقلها أنا وشريكي في القيادة بلون أبيض، ما قد يشكّل ضربًا من الهرطقة لهواة مركبات فيراري الحمراء الذين خصّهم المصممون لدى الشركة بلون معدني أحمر جديد حمل اسم Rosso Portofino. لكن الطلاء الأبيض بدا مثاليًا لهذه السيارة تحديدًا، وأسهم في إبرازه اللون الأسود الذي صُقل به الجزء السفلي من الهيكل المتوافر أيضًا في نسخة مصنوعة من ألياف الكربون من أجل أولئك الراغبين في مسحة تميز إضافية.

لكن الأهم من ذلك كله هو المحرك V-8 المكون من ثماني أسطوانات والذي يقبع تحت غطاء بورتوفينو. هذا المحرك المعزز بشاحن توربيني مزدوج قادر على إنتاج قوة مقدارها 591 حصانًا، أي بفارق 40 حصانًا إضافيًا عن محرك سيارة كاليفورنيا تي. تُعزى هذه الزيادة إلى عناصر المحرك الجديدة كليًا (على غرار أذرع التوصيل، والمكابس، وغيرها)، وبصورة أهم إلى الشاحن التوربيني المزدوج ذي اللفائف الثنائية ومشعبات التغذية. أما نظام ناقل الحركة المزدوج الخاص بفيراري F1 والمكون من سبع سرعات، فيثبت كفاءته إذ يطلق العناء لأداء السيارة القوي فوق الطرقات. بل إنه يبقى ناقل الحركة الأوتوماتيكي الذي ينبغي أن يُقاس عليه أداء الأنظمة الأخرى المشابهة. تتيح هذه التوليفة بين عناصر مجموعة القيادة التسارع بسيارة بورتوفينو من صفر إلى 62 ميلاً/ الساعة في أقل من 3.5 ثانية، وتحقيق سرعة قصوى مقدارها 199 ميلاً/ الساعة.

 

" يثبت نظام ناقل الحركة المزدوج الخاص بفيراري F1 والمكون

من سبع سرعات كفاءته إذ يطلق العنان لأداء السيارة القوي فوق الطرقات. وهو يبقى ناقل الحركة الأوتوماتيكي الذي ينبغي

أن يُقاس عليه أداء الأنظمة الأخرى المشابهة " 

 

كنت أنا والسائق الآخر على متن السيارة، نقودها طيلة الساعات الأربع التي استغرقتها تجربتنا على الطريق، مستخدمين إعدادات القيادة الأوتوماتيكية، فيما مفتاح مانيتو الخاص بضبط الإعدادات من فيراري، والمثبّت إلى المقود، يشير إلى نمط القيادة المريحة Comfort. لكننا استمتعنا قبل أن تسوء الأحوال الجوية أكثر بتجربة نمط القيادة الرياضية Sport، واختبرنا نصيبًا من شقاوة القيادة باستخدام ذراع التبديل اليدوي لدى مرورنا ببعض التعرجات الحادة التي يفرض تجاوزها قدرًا أكبر من التحديات. يذكر أن رداءة الطقس، التي حملت إلى الفضاء الإيطالي مقدارًا من الثلوج لم يسبق للبلاد أن عرفت لها مثيلاً على مدى نصف عقد من الزمن، غطّت الطرقات أيضًا بطبقة شفافة ورقيقة جدًا من الجليد. لكننا واصلنا تقدمنا عبر الطريق بشجاعة. وفيما خلا بعض الاهتزازات الخفيفة في وضعية القيادة الرياضية، تماسكت سيارة بورتوفينو مظهرة قدرًا مثاليًا ومبهرًا من الثبات.

يُعزى هذا الثبات الهائل بجزء كبير منه إلى نظام تعليق يمتص العيوب التي تشوب سطح الطريق كأنه قطعة من الإسفنج. أما تتبع الطرقات عبر جنوبي إيطاليا، فيجعل المرء يتساءل: كيف كان له أن يقصد أي وجهة قبل ابتكار تقنية الملاحة وأنظمتها بالغة التميز والجودة في سيارات فيراري؟ لكن على الرغم من ذلك، انتهي الأمر بي وبشريكي الصبور، عن غير قصد، إلى بعض المناطق النائية، فعشنا مغامرات فوق طرقات من الغرانيت المتحلل كانت تتعرج بنا عبر بساتين أشجار الزيتون المعمرة. آنذاك، تمنيت لو كانت السيارة مجهزة بنظام لرفع مقدمة السيارة بضع بوصات إضافية، وإن لم يكن من داع للشعور بالقلق لأن مقدمة المركبة لم تلامس الأرض قط.

لا شك في أن الجمع بين الراحة والرفاهية من جهة، والسرعة وقوة الأداء من جهة أخرى، يندرج ضمن المواصفات الوظيفية لطراز سيارات التجوال بعيد المدى. ففي النهاية، من السهل قيادة واحدة من السيارات الأفضل ضمن هذا الطراز. بل إن قيادتها لا تفرض أي تحديات على السائق إلا إذا كان راغبًا في ذلك. على الرغم من أن قلة من أصحاب سيارات بورتوفينو قد يختبرون أداءها على حلبة السباق، إلا أن معظمهم سيرغبون في أن تتمثل مهمتها الأساسية في السفر بهم مسافة أميال فيما تنقل على متنها صحبهم، أو ربما الأبناء، والقليل من الأمتعة. فيما يتعلق بالأمتعة، فإن نظام السقف القابل للطي لا ينتقص كثيرًا من المساحة المخصصة لها. فصندوق السيارة يتسع لترتيب ثلاث حقائب جرارة صغيرة (أو لحقيبتين في حال كان السقف مكشوفًا).

 

  سيارة بورتوفينو

أرقام

المحرك

‏V-8 سعة 3.9 لتر معزز بشاحن توربيني مزدوج.

القوة

591 حصانا عند 7٫500 دورة في الدقيقة.

قوة عزم الدوران

760.61 نيوتن متر عند 3٫000 دورة إلى 5٫250 دورة في الدقيقة.

ناقل الحركة

ناقل الحركة المزدوج F1 المكون من سبع سرعات.

السرعة القصوى

199 ميلا/الساعة.

مدة التسارع من صفر إلى 62 ميلا / الساعة

3.5 ثانية.

الوزن الإجمالي

3٫668 رطلا.

السعر الابتدائي

210٫783 دولارا.

 

 جُهِّزت المقصورة الداخلية الأنيقة في سيارة بورتوفينو بمقاعد كهربائية يمكن تعديلها في ثماني عشرة وضعية مختلفة. ثُبّتت المقاعد إلى بنية من المغنيسيوم خفيف الوزن سمحت بالتخفف من سماكة ظهر المقعد إلى حد بالغ، ما أتاح توفير مساحة أكبر للأرجل في القسمين الأمامي والخلفي من المقصورة. (تشمل الخيارات المتاحة مقاعد دايتونا التي تحتفي بالتاريخ إذ تستحضر في الأذهان التصميم الشهير للمقاعد المزدانة بالتخاريم والتي اعتُمدت في مقصورة السيارة 365 GTB/4). فضلاً عن ذلك، تثري وفرة الجلود التي تعكس مظهرًا عصريًا وذائقة رفيعة عبر كامل أرجاء المقصورة تفاصيل مشغولة من الألمنيوم باللون الفضي. إذ ثُبّتت شاشة بحجم 10.25 بوصة لعرض المعلومات في لوحة التحكم المركزية، بات من السهل بلوغها وقراءة البيانات التي تعرضها. أما عداد مؤشر السرعة كبير الحجم، والعدادات المحاذية له المعززة بتقنية الترانزستورات ذات الأغشية الرقيقة، فتتخذ موقعها خلف عجلة القيادة متعددة الوظائف والتي ضُمِّنت مفتاحي تنشيط إشارات الانعطاف باستخدام الإبهام، ما يشكّل ابتكارًا جديدًا من فيراري، إضافة إلى مفتاح مانيتو متفوق الأداء الخاص بضبط إعدادات نمط القيادة. توفر الشركة خيار تجهيز المقصورة بشاشة عرض تُثبّت فوق صندوق القفازات بما يتيح توفير بيانات عن أداء السيارة للركاب الراغبين في ذلك. كما عمدت الشركة إلى تحسين تجربة القيادة في موسم الحر من خلال نظام للتحكم بدرجة الحرارة يسمح بتعزيز القدرة المطلوبة لتبريد المقصورة بنسبة 20%. للحد من الضجيج والاهتزازات لدى قيادة السيارة مكشوفة، استُحدث فيها عاكس جديد للرياح يسمح بخفض معدل تدفق الهواء فوق هيكل السيارة بنسبة 30%، وإن كنّا لم نحظَ بفرصة طي السقف لأكثر من برهة.

فيما راحت السيارة تتلوى بنا عبر الطريق المتعرج، مررنا ببلدات صغيرة ومناظر ريفية تزهو بأكواخ حجرية قديمة تتوجها أسقف مخروطية الشكل وتشكّل عمارتها السمة الهندسية المميزة للمنطقة. في بلدة ألبيروبيللو، انتظمت مئات المعالم التاريخية في مشهد يتعارض بشكل بديع وآسر مع مجموعة سيارات فيراري اللامعة التي أوقفناها في الساحة الرئيسة. الواقع أن هذا التجاور بين المشهدين ذكّرنا بأن التعارض سمة راسخة في كل سيارة من سيارات فيراري التي تستلهم من طرزها التاريخية روح أحدث ابتكاراتها. وسيارة بورتوفينو، الكلاسيكية والثورية في آن، تجسد، بما يجتمع فيها من مزايا التصميم والأداء المتفوق للمركبات السياحية، ابتكارًا وفيًا لأصله ولهوية فيراري.

 


www.ferrari.com