بعد مرور شهرين فقط على افتتاح حدث "ديزاين ميامي باريس" Design Miami/Paris، عاد معرض التصميم الخاص بالقطع المتفردة إلى موطنه ببرنامج نُسّق ليضاهي برامج أسابيع التصميم في لندن وميلانو.
فقد احتفل معرض ديزاين ميامي بدورته التاسعة عشرة، التي نُظّمت في شهر ديسمبر الفائت، من خلال عرض باهر احتضن أكثر من 40 صالة وضمّ معروضات قيّمة تعود إلى القرنين العشرين والحادي والعشرين، تفاوتت بين قطع الأثاث وتجهيزات الإضاءة والتحف الفنية. وبالإضافة إلى القطع المستقدمة من أفضل الصالات الفنية في العالم بعد خضوعها لمراجعة الخبراء، أبرز المعرض أيضًا الشراكات التصميمية الواسعة مع العلامات الشهيرة.
تُنظم معارض ديزاين ميامي الرئيسة بجانب معرض آرت بازل في ميامي فلوريدا في شهر ديسمبر من كل عام، وفي بازل بسويسرا في شهر يونيو من كل عام، وستنظّم ابتداء من هذا العام في باريس بفرنسا في أكتوبر من كل عام بالتزامن مع معرض "باريس+ بار آرت بازل" Paris+ par Art Basel. وقد انطلق الموضوع المحوري لمعرض ديزاين ميامي الأخير تحت شعار "حيث نقف".
وفي هذا قالت آنا كارنيك، مديرة التقييم في دورة 2023: "في هذا الشعار دعوة إلى استكشاف قدرة التصميم على سرد القصص". طرحت كارنيك، القيّمة والكاتبة والمحررة المقيمة في برلين، هذا المنظور للاحتفاء بالسبل التي يُستخدم فيها التصميم لتعزيز التواصل، فتضمنت ساحة المعرض الواسعة مجموعة متنوعة ومنتقاة بعناية من أعمال كبار المصممين العالميين الذين قدموا قطعًا مستوحاة من المكان والهوية والتراث على ما تشهد المختارات التالية التي لقيت استحساننا.
Utopia by Bohinc
ابتكرت المصممة الشهيرة لارا بوهينك، مؤسسة "استوديو بوهينك" Bohinc Studio والفائزة بجائزة "التكليف التصميمي السنوي" المنتظرة والخاصة بمنطقة ميامي للتصميم، العمل التركيبي المنحوت Utopia الذي يتمايز بأشكال منتفخة لا تتبع أي نظام. انتصبت هذه المنحوتات في المساحات العامة الخاصة بمنطقة ميامي للتصميم وعند مدخل المعرض، وتفاوتت بين مقاعد للجلوس في الهواء الطلق وكراس متصلة بالأرائك، بالإضافة إلى طاولات وتراكيب إضاءة ضخمة مجهزة بألواح شمسية.
Bohinc Studio
عمل تركيبي منحوت للمصممة لارا بوهينك يمثّل أشكالاً منتفخة لا تتبع أي نظام.
كما أنشأت بوهينك 900 بيت للطيور شُكلت على هيئة بيوض بالإضافة إلى قطعة مركزية تشبه البيضة صممتها لتكون ملجأ منحوتًا للحيوانات والأطفال. ولأن التركيز كان أيضًا على الاستدامة، فقد جرى تصنيع مختلف قطع هذا التركيب الفني (الذي سيظل قائمًا حتى منتصف عام 2024) من الفلين الصديق للبيئة، كما جرى طلاؤها بألوان الباستل النابضة بالحيوية للإشادة باللوحة اللونية التي تميّز معمار ميامي ولإضافة طابع مرح وعملي ومريح على المساحات الخارجية التي تشغلها هذه القطع.
Bohinc Studio © Kris Tamburello
صُنعت مختلف قطع التركيب الفني Utopia من الفلين الصديق للبيئة والمطلي بألوان الباستل.
Alcova
شهد معرض ديزاين ميامي المشاركة الأولى لمنصة العرض الفنية ألكوفا Alcova منذ أسسها الثنائي جوزيف غريما وفالنتينا تشوفي في مدينة ميلانو. وقد جرى تنظيم الظهور الدولي الأول للمنصة في فندق "سيلينا غولد داست" Selina Gold Dust الذي يُعد أحد الأعاجيب المعمارية لعام 1950.
خضع هذا الفندق للتخصيص ليناسب معروضات ألكوفا التي اشتملت على قطع فنية من إبداع مصممين واستوديوهات ومنظمات وعلامات تعمل عند تقاطع الممارسات التصميمية المعاصرة والتقاليد الحرفية والممارسات الفنية.
كشفت المنصة عن أعمالٍ تحمل توقيع 50 اسمًا يُعد بعضها من أكثر المواهب الواعدة في قطاع التصميم المعاصر، وكلها تستكشف أنماط تعبير جديدة عن طريق الدفع بحدود الشكل والمادة والتطبيق. نظمت المنصة مجموعة من العروض الفردية والجماعية الغامرة في الفندق المكوّن من ثلاثة طوابق والمشتمل على ممرات خارجية تحيط بحوض سباحة مركزي، كما استضافت عددًا من المناقشات والمناسبات الاجتماعية.
Alcova
حوار بين الفن والتصميم والحرفية تجسده مجموعة Five Pieces-Collection No. 1 من استوديو بالما.
Aman Interiors
أطلقت أمان، التي تعد من أبرز العلامات الناشطة في قطاع الضيافة الفاخرة، استوديو "أمان إنتريورز" Aman Interiors في ديزاين ميامي، لتضع بذلك بصمتها على عالم التصاميم الداخلية. وفي هذا الحدث، عرض الاستوديو مجموعة Foundations، بالإضافة إلى عدد من التصاميم التشاركية.
وقد تجسدت هوية علامة أمان في هذه المجموعة، سواء من حيث الشكل أو التناسب أو المواد، إذ اشتملت على سلسلة من القطع الحصرية المصممة في مقر الاستوديو بمدينة لندن والمصنوعة يدويًا من قبل حرفيين من مختلف أنحاء العالم.
Aman Interiors
قطع أثاث يدوية الصنع من مجموعة استوديو أمان للتصاميم الداخلية.
فضلاً عن ذلك، كشف الاستوديو عن عمله التشاركي الأول مع كينغو كوما تحت عنوان Migumi، وهي مجموعة محدودة الإصدار من قطع الأثاث المصنوعة من مواد طبيعية فاخرة مثل خشب البلوط الأبيض ورخام كالكوتا. يشتهر المهندس المعماري الياباني الذي سبق له التعاون مع علامة أمان بتقديره الكبير لعالم الطبيعة في مجمل أعماله، وهذا ما تجلى في طاولة الطعام المتمايزة والكراسي التي ابتكرها لصالح استوديو أمان للتصاميم الداخلية.
استلهم كوما هذه القطع من مشهد اندماج ضوء الشمس والخشب الذي عاينه في ميامي عندما كان منهمكًا في تصميم مساكن أمان ميامي بيتش Aman Miami Beach Residences (قيد البناء حاليًا). تمزج قطع مجموعة Migumi بين الفن الياباني التقليدي والأسلوب التجريبي المعاصر، وهي مصنوعة على يد حرفيين خبراء من هيغاشيكاوا، وتسعى إلى أن تكون تذكيرًا يوميًا بالصلات المهمة التي تربط الإنسان بالبيئة.
Aman Interiors
طاولة Trini Side Table المشغولة من الخشب والعقيق.
FENDI
عادت علامة فندي إلى ديزاين ميامي بمشروع Fendibackfrontals، الذي يُعد حصيلة تعاون لافت مع استوديو "بليس" BLESS متعدد التخصصات. يتوزع مقر الاستوديو بين باريس ولندن، وهو من تأسيس ديزيريه هايس وإينيس كاغ، اللتين تمخض تعاونهما مع فندي عن توظيف أساليب فنية متعددة الأوجه تعكس بوعيٍ الهوية التي تتبناها دار الأزياء اليوم.
يقدم هذا التركيب الفني الغامر نظرة متفردة إلى كواليس الثقافة الإبداعية القائمة على الحرف اليدوية لعلامة فندي، وقد جاء نتيجة شهور عدة من المحادثات واللقاءات التي أجراها استوديو بليس مع حرفيي الدار الإيطالية وموظفيها وقادتها، وعلى رأسهم الملهمة سيلفيا فندي.
دُعي الضيوف إلى استكشاف هذه المساحة التي تحاكي مقر علامة فندي الرئيس ومحترفاتها، وذلك باتباع مسار متعرج عبر جدرانٍ من خشب الورد تحمل رسومات خدّاعة، أنشئت بالتوازي مع مجموعة "فندي كازا" FENDI CASA.
تمايز هذا العمل الفني المذهل بأربع شاشات مزدوجة الجوانب، تُظهر جدرانًا بالحجم الحقيقي جرى تنظيمها بطريقة تؤدي إلى استنساخ المساحات الداخلية التي تحمل توقيع فندي في المقدمة، فيما تمايز الجزء الخلفي بتجويفات تحتضن أماكن للجلوس وطاولة وحاويات للتخزين. وقد جسدت مختلف هذه القطع عالمًا مصغرًا وثلاثي الأبعاد، أتاح للضيوف لمحة عن العالم الهادئ لدار الأزياء الفاخرة.
FENDI © Robin Hill
تمايز التركيب الفني الغامر من فندي بأربع شاشات مزدوجة مثّلت نسخة مصغرة وثلاثية الأبعاد عن عالم الدار.
GINORI 1735
تُعد علامة جينوري 1735 مثالاً للتمايز الإيطالي في مجال الفخامة والرفاهية، كما أنها إحدى العلامات الرائدة عالميًا في قطاع تصميم الخزف. خلال المشاركة الأولى للعلامة في معرض ديزاين ميامي، كشفت عن الإصدار الرابع من مشروعها الشهير REBORN PROJECT، والذي أشرف عليه خبير التصميم فريديريك تشامبر.
GINORI
تفسيرات جديدة للآنية الخزفية في الإصدار الرابع من مشروع REBORN PROJECT لعلامة جينوري 1735.
ينتمي هذا المشروع الذي يُحيي فن التلاقي إلى مجموعة GINORI ARTE. فقد أرسلت علامة جينوري 1735 دعوة إلى عشرة فنانين ومصممين عالميين بهدف تقديم تفسيراتهم لآنيتها الخزفية البيضاء وقطعها المميزة، ومن ثم تحويلها إلى أعمال فنية متفردة. تحمل كل قطعة من القطع المصنوعة يدويًا توقيع الفنان الذي ابتكرها، وتُرافقها شهادة أصالة من جينوري 1735، وهي كلها تُحيي الجذور الحرفية الإيطالية للعلامة وتؤكد في الوقت نفسه التزامها بالابتكار.
GINORI © Jody Mattioli
طاولات من الخزف بتوقيع المعماري وخبير التصاميم الداخلية تشارلز زانا.
Galerie BSL
تشتهر الصالة الفنية "غاليري بي إس إل" بعرض أعمال بديعة لفنانين ومصممين معروفين بمقارباتهم المتفردة للشكل والحرفية والمفاهيم. ولم يخالف العمل الأخير الذي قدمته في ديزاين ميامي هذا النهج. فقد كشفت غاليري بي إس إل عن عمل رائع باسم Gandhara Carapace، وهو مجموعة من الطاولات والمقاعد المتمايزة بخطوط بسيطة تعزز بروز الأسطح المزدانة بفسيفساء الأحجار شبه الكريمة (اللازورد والأمازونيت والعقيق والملاكيت) والأحجار الرخامية.
تربط هذه القطع الأنيقة بين الماضي والحاضر مع الحفاظ على التراث عبر الحدود. وقد تفتق هذا العمل عن مشروع تعاون بين ندى دبس ومهير أسد، خريج معهد برات في مدينة نيويورك والمدير الفني لاستوديو ليل Studio Lél الذي يقع مقره في باكستان والذي التزم طيلة ثلاثين عامًا بصون فن ترصيع الأحجار وإحيائه في تفسيرات جديدة. بالتعاون مع الحرفيين المحليين والصناع الحاذقين المنحدرين من أفغانستان، جرت محاكاة طاولة Carapace المذهلة التي تحمل توقيع ندى دبس، ولذلك تتمايز القطعة بطابع هندسي تجريدي يختلط بلوحة لونية بديعة.
Galerie BSL © Stéphane ABOUDARAM
طاولات ومقاعد مبتكرة بتوقيع ندى دبس ومهير أسد، تتفرّد بأسطحها المزدانة بالفسيفساء.
Æquō
في أول ظهور لها في معرض ديزاين ميامي، كشفت صالة "إيكوو"، التي تتخذ من مومباي مقرًا لها، عن قطع مختارة من مجموعتها الجديدة Panna. أشرف فلورنس لويزي، المدير الإبداعي للصالة التي تعد أول صالة تصميم هندية تستحق معروضاتها الجمع، على انتقاء القطع المنحوتة المبهرة المصنوعة عن طريق مزج مواد مختلفة، مثل النحاس المؤكسد في جايبور والقوالب المحروقة المطلية بالمينا في علي باغ واللبّاد الكشميري الناعم.
تجمع هذه المجموعة في جوهرها بين الأفكار المعاصرة والتقنيات العريقة، إذ إنها حصيلة مباشرة للتعاون الوثيق مع الحرفيين المحليين وتلاقي الإبداع والخبرة في سبيل إبداء التقدير المستحق للتراث الحرفي للهند.
Æquō
قطع مصنوعة باستخدام مزيج من المواد، مثل النحاس المؤكسد والقوالب المحروقة المطلية بالمينا واللبّاد الكشميري.
Villa Albertine & Mobilier National
حصلت فيلا ألبرتين (المكتب الثقافي للقنصلية الفرنسية في ميامي) ومكتب "موبيلييه ناسيونال" Mobilier National الذي يتخذ من باريس مقرًا له على "جائزة أفضل مشروع مميز" في ديزاين ميامي، إذ كشفا عن قطع مبهجة أشرف على انتقائها القيّم الفني ألبان روجر، المولود بفرنسا والمقيم في نيويورك. أبرز هذا التركيب الفني الغامر أعمال خمسة أسماء صاعدة على ساحة التصميم الفرنسية: أتولييه جورج Atelier George، وأتولييه دوفار Atelier d’Offard، وكلوي بنساهل، وغالا إسبيل، وديمتري هلينكا.
Villa Albertine & Mobilier National
حصد هذا العمل الفني الذي يحتفي بالتقنيات الحرفية جائزة أفضل مشروع مميز في ديزاين ميامي.
شارك هؤلاء المصممون في برنامج الإقامة الفنية الذي تدعمه فيلا ألبرتين، وقد عرضت أعمالهم جماليات راقية أحيت تراث الصناعة اليدوية الفرنسية القديمة. وقد ارتكز كل مشروع على تقنية حرفية أعيد تفسيرها عن طريق المزج بين الأشكال العضوية والخطوط والمنحنيات ذات الطابع المستقبلي.