لا أحد يعلم إن كنا نختبر أسوأ الأوقات أو أحسنها. فالمسألة تبقى مثار جدل، ولا شيء مؤكد سوى أن الأمور مرتبكة الآن على مستويات عدة. فالعام الفائت انقضى على إيقاع كرّ وفرّ بسبب الجائحة: العودة إلى الظهور في المناسبات الاحتفالية يعقبها انسحاب حذر، وأخبار واعدة يخالطها واقع جدي.

وفي حالة كثير منا، شملت هذه الظروف المزدوجة أسلوب تأنقنا، فكانت إطلالاتنا تراوح بين الملابس غير الرسمية المثالية للعمل من المنزل والمظهر المصقول. بل إننا غالبًا ما كنا نتنقل بين الأسلوبين مرات عدة في الأسبوع نفسه.

في عالم الأزياء، تجلى هذا الوضع المقلوب رأسًا على عقب في مدرستين متناقضتين، أو بمعنى آخر في رؤيتين لما تخبئه لنا الحياة بعد الجائحة. هل كنا سنعود متبخترين وعلى أتم الاستعداد لإطلاق حقبة عشرينيات هذا القرن الصاخبة بعد بضع سنوات من بدايتها؟ أم أن الوقت قد حان للتراجع عن المبالغة واختيار التحفظ وقدر من الجدية؟ يبدو أن التصورين جائزان على ما توحي به عروض الأزياء.

لا تُعد معركة شد الحبال بين البساطة والإسراف أمرًا مستجدًا، لكن هذه الازدواجية القديمة العهد باتت تتسم هذا العام بفوارق أكثر دقة يمكن اختصارها بالإطلالة الأقل صخبًا مقابل الإطلالة الهادئة، والمظهر الأكثر رصانة مقابل الميل إلى اللامبالاة.

وقد اغتنم البعض الاضطراب الكبير من حيث كونه فرصة للمضي في مسار أوسع نطاقًا، فأثروا الأساليب التقليدية بمسحة عملية وابتكروا أزياء مخصصة لقضاء أوقات ممتعة (راجعوا مثلاً بدلات إدوارد سيكستون المبهرجة عمدًا، والبدائل الباذخة التي قدمتها دار بريوني عن رابطة العنق السوداء الرصينة).

بل إن برونيللو كوتشينيللي نفسه، الذي تشكل مجموعاته في العادة خير مثال على تنسيق الإطلالة بتدرجات لونية متشابهة، أثرى تصاميمه الأخيرة بمسحات صارخة من اللونين البرتقالي والأحمر الناري. قد يكون في ذلك رسالة مبطّنة، لكن المقصود هو الآتي: يمكنك التمرّد على التقليدي والمألوف بأساليب مختلفة.

في المقابل، آثر آخرون العودة إلى الركائز الكلاسيكية لأزياء الرجال، فحوّلوا تركيزهم عن المظهر المسترخي الذي كان غالبًا في السنوات الأخيرة. وبداية من أحذية أكسفورد الممهورة بتوقيع جون لوب إلى قمصان فيناموريه الرسمية، تبنى المصممون في هذا المعسكر الدفاع عن أناقة الأزياء الكلاسيكية التي لا يخبو ألقها والمشغولة بإتقان ينأى عن أي بهرجة.

وفيما قد يبدو أن النأي عن التكلف ينتقص من الأناقة، يمكن للبساطة أن تعكس مظهرً آسرًا. يكفي شاهدًا على ذلك مجموعة رالف لورين لموسم الخريف التي غلبت عليها ألوان أحادية.

برزت هاتان الرؤيتان بوصفهما التوجهين السائدين. لكن إن كنا قد تعلمنا أي شيء عن الأزياء في السنتين الأخيرتين، فهو أن أي إطلالة تفي بالمطلوب.

خذوا مثالاً على ذلك الإطلالات على السجادة الحمراء في حفل الأوسكار الأخير حيث ظهر كثيرون في بدلات سوداء وقمصان بيضاء (فبدوا متأنقين للغاية)، فيما اختار بعض الرجال أزياء مزدانة بالترتر اللامع، وأحذية عسكرية عالية.

بل إن تيموثي شالامي مثلاً تخلى في زيه عن القميص. المقصود باختصار هو أنك ما عدت تحتاج إلى اختيار واحد من مسارين.

فقد بات يتوافر اليوم للرجال ترف الجمع بين النقيضين في عالم الأزياء. وقد تكون مجموعة ديور لموسم الخريف، التي زاوجت بين تصاميم متقنة الحياكة وقطع رياضية أضفت عليها الدار مسحة فخامة، وأخفاف بيركنشتوك المفتوحة، خير مثال على تعايش النقيضين في إطلالة واحدة.

وسواء أكنت تود الخروج عن حدود المتوقع والمألوف، أم الالتزام بما هو مجرّب وناجح، أم الجمع بين الاثنين، فإن أسلوب الأناقة في عام 2022 يتعلق في النهاية باختيارك مغامرتك الشخصية.