تحولت العلا، الواحة القديمة في المملكة العربية السعودية، مرة أخرى إلى مركز حيوي للفن والثقافة مع عودة مهرجان فنون العلا السنوي، الذي يستمر حتى 22 فبراير 2025. 

فنون العلا 2025

في سياق المهرجان، الذي يبث حياة جديدة في الدور الراسخ للعلا من خلال نسيج متقن بين الماضي والحاضر والمستقبل، تقدم منطقة الفنون الجديدة ووادي الفن معارض غامرة وعروضًا آسرة وورش عمل تفاعلية، على الخلفية الصحراوية الخلابة للعلا. تثري المهرجان أيضًا أعمال تركيبية تحرّض على التفكير وتعبيرات ثقافية متنوعة من مبدعين سعوديين ودوليين رائدين في مختلف التخصصات. 

وفي هذا تقول المديرة التنفيذية للفنون والصناعات الإبداعية في الهيئة الملكية لمحافظة العلا، نورا الدبل: "نحن فخورون بالبناء على إرثنا بوصفنا مركزًا عالميًا للفن والثقافة تكرّسه عودة مهرجان فنون العلا الذي يعزز مكانة المنطقة من حيث كونها وجهة يزدهر فيها الفنانون والمبدعون، ومكانًا تتلاقى فيه الحرف اليدوية القديمة وممارسات الفن المعاصر وتجارب الفن الخلابة مع المناظر الطبيعية".

ذكرى.. حين يلتقي الماضي بالحاضر 

عكس العرض الأول العالمي "ذكرى"، وهو أداء ملحمي بتكليف من وادي الفن، رغبة الهيئة الملكية لمحافظة العلا في مشاركة تراث العلا مع العالم والاستثمار في الإبداع الناشئ من المنطقة. 

وقد كان العمل الفني الأدائي "ذكرى: حين يلتقي الماضي بالحاضر" الذي حمل توقيع مصمم الرقصات الشهير أكرم خان والفنانة السعودية الشهيرة منال الضويان، من أكثر العروض المنتظرة والمستوحاة من العلا. 

أقيم العرض وسط أجواء درامية في متحف وادي الفن المفتوح، والمعروف بمناظره الطبيعية الغنية وارتباطه بفن الأرض، وفيه تجلّت ثمار تعاون خان مع الضويان لتصميم عرض أداء متعدد الثقافات شمل 14 راقصًا جسدوا أسلوب الرقص الكلاسيكي الهندي التقليدي من خلال إيقاعات وإيماءات معاصرة مستوحاة من المناظر الطبيعية الصحراوية والأساطير القديمة للعلا. 

حمل العمل الفني الأدائي توقيع مصمم الرقصات الشهير أكرم خان والفنانة السعودية الشهيرة منال الضويان.

Royal Commission for AlUla

حمل العمل الفني الأدائي توقيع مصمم الرقصات الشهير أكرم خان والفنانة السعودية الشهيرة منال الضويان.

كما تضمن عرض "ذكرى" مقطوعة موسيقية أصلية للملحن الشهير أديتيا براكاش، مع مساهمات من الموسيقية الرائدة لولوة الشريف وموسيقيين محليين من مركز العلا للموسيقا.

تعاونت الضويان مع حرفيين من مختلف أنحاء العلا خلال تصميم الأزياء واللافتات بهدف نسج تقنيات الحرف التقليدية مع الجماليات المعاصرة، مستخدمةً الأصباغ والألوان الطبيعية المصنوعة في مركز العلا للفنون والتصميم، مدرسة الديرة، لتعكس درجات ألوان المناظر الطبيعية في المنطقة. 

وشملت الجماليات البصرية أيضًا تصميم الأزياء واللافتات والإطلالات والجواهر بإيحاء من التراث النبطي وزخارفه الهندسية لاستحضار التراث الثقافي والطبيعي العميق للمنطقة. ومن ثم، عكس عرض "ذكرى" حقيقة أنه "لا مستقبل من دون ماضٍ".

تعاونت الضويان مع حرفيين من مختلف أنحاء العلا خلال تصميم الأزياء واللافتات.

Royal Commission for AlUla

تعاونت الضويان مع حرفيين من مختلف أنحاء العلا خلال تصميم الأزياء واللافتات. 

إسقاطات ضوئية 

يقدم وادي الفن معرضًا يستضيف أعمال جيمس توريل، الفنان الرائد في مجال الضوء والفضاء، ويشرف على المعرض الذي يستمر حتى 19 أبريل المقبل القيِّم الفني المستضاف مايكل جوفان، وهو الرئيس التنفيذي لمتحف مقاطعة لوس أنجليس للفنون (LACMA)، الذي كان قد أشرف على تنظيم المعرض الاستعادي الكبير لأعمال جيمس توريل في المتحف خلال عامَي 2013-2014. 

في العُلا، يهدف المعرض إلى الربط بين مسيرة توريل الفنية والمشروع الطموح الذي يعدّه لوادي الفن، متيحًا للزوار فرصة نادرة لاختبار مفاهيم الضوء والفضاء الفني، وذلك من خلال مجموعة من الأعمال التركيبية الضوئية والنماذج والمخططات وخرائط الكواكب. وتشمل أبرز المعروضات عرضًا بتقنية الإسقاط الضوئي يحمل اسم (1968) Alta ويحوّل ركنًا معتمًا من الغرفة إلى هرم مضيء، وعملاً بعنوان (2021) Jubilee, Circular Glass يتمثّل بشاشة زجاجية دائرية تتغير ألوانها بصورة تأسر الأبصار والعقول.  

جدير بالذكر أن هذا المعرض يندرج ضمن البرنامج التمهيدي لافتتاح وادي الفن، الذي يوفر سياقًا لأعمال الفنانين المكلفين بمشاريع الفن الأرضي الضخمة. 

ويمكن للزوار الاطلاع على خطط مشروع توريل المقبل في وادي الفن والمتمثل في سلسلة من الغرف الضخمة في أرض الوادي حيث يختبر الزوّار تجربة حسية تقوم على التفاعل مع المساحة واللون والإدراك. 

ومن خلال اختبار "ماهية الضوء" وعناصر السماء والأرض، سيستكشف الزائرون هذه المساحات عبر سلسلةٍ من الأنفاق والسلالم. كما يتناول هذا المشروع الضخم حاسة الرؤية وطبيعتها الجوهرية، متيحًا فرصة متفردة لاستكشاف الفن في حواره مع الطبيعة.

أعمال تركيبية في معرض يربط بين مسيرة جميس توريل الفنية والمشروع الذي يعدّه لوادي الفن.

Royal Commission for AlUla

أعمال تركيبية في معرض يربط بين مسيرة جميس توريل الفنية والمشروع الذي يعدّه لوادي الفن. 

بيت الهمس 

على امتداد المهرجان، تُخصص مساحة الورشة (داخل منطقة الفنون الجديدة) لممارسات الصوت المعاصرة، مع التركيز على التعليم والارتجال والتجريب والإنتاج الفني الذي ابتكره الفنان والملحن اللبناني الشهير طارق عطوي بعنوان "بيت الهمس" في إطار تعاونه المستمر مع متحف العلا للفن المعاصر. 

يستكشف عطوي، المعروف بعمله المبتكر في مجال فن الصوت (الأداء والتركيب والتأليف)، الحدود بين الموسيقا والصوت والفضاء المادي. وقد سهل عمله التعاون بين المؤدين والطلاب المحليين والوطنيين والدوليين على ما ظهر في حفل موسيقي عام رائد، أقيم في اليوم الافتتاحي للمهرجان، وشجع الحاضرين على الانخراط في العمل التركيبي والتفاعل مع مختلف الآلات.

في بيت الهمس، يستكشف طارق عطوي الحدود بين الموسيقا والصوت والفضاء المادي.

Royal Commission for AlUla

في بيت الهمس، يستكشف طارق عطوي الحدود بين الموسيقا والصوت والفضاء المادي.

مساحة العلا للتصميم: من الجذور إلى النور

تعود مساحة العلا للتصميم بنسختها الثانية "من الجذور إلى النور" لتقدم بالشراكة مع مدرسة الديرة معرضًا يسلط الضوء على تراث المنطقة الثقافي ويحتفي بالتصاميم المبتكرة. 

وللمرة الأولى، يستعرض المعرض أعمالاً صُممت داخل مدرسة الديرة وتؤكد التقاطع العميق بين التراث والحداثة على نحو يسهم في تشكيل الهوية الثقافية للعُلا. 

وإذ يوفّر المعرض تجربة حسية متكاملة، تُبرز جمال العُلا الطبيعي وحرفها اليدوية، يدعو الزوار لاستكشاف القوام والروائح والأصوات والمرئيات في سياق تفاعلي يعكس قصة تحوّل مدرسة الديرة من مدرسة بنات تاريخية إلى مركز مزدهرٍ للفنون والتصميم في العلا.

استعرضت مساحة العلا للتصميم أعمالاً ابتُكرت داخل مدرسة الديرة في سياق يؤكّد على التقاطع العميق بين التراث والحداثة.

Royal Commission for AlUla

استعرضت مساحة العلا للتصميم أعمالاً ابتُكرت داخل مدرسة الديرة في سياق يؤكّد على التقاطع العميق بين التراث والحداثة.

النفس: لحظات طواها النسيان

تقدم الفنانة السعودية سارة إبراهيم والفنان الفرنسي أوغو شيافي عملاً فنيًا مشتركًا بعنوان "النفس: لحظات طواها النسيان"، وهو أول عمل فني يجسد هوية "فيلا الحِجر" التي تعمل المؤسسة السعودية الفرنسية على تطويرها في قلب العلا. 

ويضم المشروع معرضًا داخليًا في "دار طنطورة" وأعمالًا تركيبية في "وادي النعام"، إلى جانب عمل زجاجي تأملي. كما يضم المعرض منحوتات من الزجاج المنفوخ مستوحاة من جمال الأحجار المحلية، إلى جانب بث فيلم وثائقي يستعرض فيه الفنانان رحلتهما البحثية في هذا المشروع.

معرض داخلي في دار طنطورة ضمن التجربة الفنية التعاونية بين السعودية سارة إبراهيم والفرنسي أوغو شيافي.

Royal Commission for AlUla

معرض داخلي في دار طنطورة ضمن التجربة الفنية التعاونية بين السعودية سارة إبراهيم والفرنسي أوغو شيافي.

خطوط عربية

شملت الأنشطة أيضًا معرضًا جماعيًا ضم أعمالاً من روائع الخط العربي لأسماء مثل وسام شوكت وعبد الله عكار وإبراهيم زكي.

Royal Commission for AlUla

شملت الأنشطة أيضًا معرضًا جماعيًا ضم أعمالاً من روائع الخط العربي لأسماء مثل وسام شوكت وعبد الله عكار وإبراهيم زكي.

ينظّم مهرجان فنون العُلا معرض الخط بالتعاون مع مؤسسة خولة للفن والثقافة احتفاءً بالإرث الغني للخط العربي. وينقسم المعرض إلى ثلاثة أقسام، يكشف كل منها جوهر الخط العربي. 

في معرض "الخط في طنطورة"، عمل تركيبي لسمو الشيخة خولة بنت أحمد خليفة، تدور حلقاته لتكشف عن 512 بيت شعر.

Royal Commission for AlUla

في معرض "الخط في طنطورة"، عمل تركيبي لسمو الشيخة خولة بنت أحمد خليفة، تدور حلقاته لتكشف عن 512 بيت شعر.

يضم القسم الأول "الخط في طنطورة" عملًا تركيبيًا لسمو الشيخة خولة بنت أحمد خليفة السويدي، مستوحى من عملها المتميز "الهوى"، فما يقدم قسم "الخط غاليري" معرضًا فرديًا للفنان اللبناني غالب حويلا، ومعرضًا جماعيًا يضم أعمالاً من روائع الخط العربي لأسماء مثل وسام شوكت وعبد الله عكار وإبراهيم زكي وغيرهم. 

جانب من معرض الخط الذي نُظّم بالتعاون مع مؤسسة خولة للفن والثقافة.

Royal Commission for AlUla

جانب من معرض الخط الذي نُظّم بالتعاون مع مؤسسة خولة للفن والثقافة.

أما قسم "بيت الخط"، فيدعو الزوار إلى استكشاف منتجات يومية مزينة بالخط العربي.

استكشاف منتجات يومية مزينة بالخط العربي في "بيت الخط".

Royal Commission for AlUla

استكشاف منتجات يومية مزينة بالخط العربي في "بيت الخط".