في مشهد فني مترف يليق بعراقة دار الجواهر الفرنسية، افتتحت فان كليف أند آربلز، بالتعاون مع مركز تشكيل، معرضاً استثنائياً يحتفي بالذكرى العاشرة لجائزة المصمّم الناشئ، وذلك في رحاب مركز تشكيل بند الشبا الذي أُعيد تجديده مؤخراً.
المعرض، الذي يمتد على مدى سبعة أسابيع، يسلّط الضوء على مواهب التصميم الصاعدة من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والبحرين وعُمان وقطر والكويت، جامعاً بين الحِرَفية المعاصرة والهوية التراثية.
وقد توّجت المبادرة على مرّ السنوات الماضية عشرة فائزين وأقرّت بمواهب العديد من المصمّمين الذين تأهلوا للتصفيات النهائية، وقدّم كلّ منهم رؤيةً مميزة للحياة باستخدام مواد محلية الصنع وحرفية مبتكرة.
إرث الحِرفة… يتجدّد في دبي وباريس
يُمنح الفائزون والمتأهّلون كل عام فرصة خوض تجربة تعليمية متعمّقة لمدة خمسة أيام في مدرسة فنون صياغة الجواهر التي أنشأتها دار فان كليف أند آربلز في دبي، فيما يحظى الفائز بالجائزة الكبرى برحلة مخصصة لمدة خمسة أيام إلى باريس، يتعمّق خلالها في عالم التصميم من بوابة الحِرفة الباريسية العريقة. هذه التجربة المتفردة تعكس التزام الدار بنقل المعارف المتجذّرة في فن صياغة الجواهر إلى جيل جديد من المصمّمين الطموحين.
لا تكتفي مدرسة فان كليف أند آربلز في دبي بتعليم الحرفة فحسب، بل تتبنّى رسالة ثقافية أوسع تتمثّل في صون التراث الفني وتعزيزه. تُعدّ المدرسة منارة معرفية، تقدّم منظوراً عميقاً لفنون الصياغة وتاريخها، وتعمل بوصفها جسرًا يربط بين الأجيال، ناقلةً المهارات المتوارثة إلى جمهور عالمي يقدّر الجمال والحِرفة على حد سواء. إنها إحدى الركائز الجوهرية لرؤية الدار الهادفة إلى إحياء ثقافة الجواهر بحس معاصر ومضمون أصيل.
Van Cleef & Arpels
قصص التصميم… من الشغف إلى الجوهر
استقطبت الدورة الأخيرة من جائزة المصمّم الناشئ كوكبة من الأسماء البارزة في مشهد التصميم الإقليمي والدولي، إذ ضمّت لجنة التحكيم نخبة من الخبراء الذين يجمعون بين الرؤية الإبداعية والخبرة العميقة، ومن بينهم المصمّم الإماراتي عبد الله الملا، والمصمّمة العالمية ألين أسمر دامان المقيمة في باريس، ورنا بيروتي، المؤسسة الشريكة لأسبوع عمّان للتصميم، إلى جانب رائدة التصميم القطرية شيخة السليطي، وطالب شودري، رئيس المحتوى التحريري لمجلة أركيتكتشر دايجست الشرق الأوسط. وقد أسهم كلٌّ منهم بخبراته في صياغة مشهد التصميم المعاصر، مُضفين بُعداً نقدياً واحتفالياً يعكس ثراء الإبداع في المنطقة.
Van Cleef & Arpels
يحتفي المعرض في دورته الحالية بالمصمّمة هاجر الطنيجي، الفائزة بالجائزة الأخيرة، والتي قدّمت عملاً فنيًا ينضح برمزية عميقة تحت عنوان "السفينة الورقية الشراعية"، مستوحى من موضوع جائزة عام 2024 "رياح مُلهمة".
في هذا العمل، تمزج الطنيجي بين الخيال والذاكرة، لتُجسّد عبر تصميمها الدور المحوري للرياح في تشكيل ملامح التاريخ البحري لدولة الإمارات، لا سيما خلال رحلات الغوص والإبحار بحثاً عن اللؤلؤ على متن السفن التقليدية الدهو.
Van Cleef & Arpels
ويتماهى العمل مع رؤية معاصرة للتصميم، إذ يحوّل مفاهيم التراث إلى لغة بصرية قابلة للتفاعل، تُلهم الأجيال الجديدة للتواصل مع ماضيهم من خلال اللعب، والاستدامة، والحِرَفية الأصيلة. إنه تصميمٌ يُعيد رسم العلاقة بين الطبيعة والإنسان، ويعكس جوهر فن سرد القصص عبر المادة والشكل.
وفي كلمة خاصّة بالمناسبة، قال أليساندرو مافي، رئيس دار فان كليف أند آربلز في منطقة الشرق الأوسط والهند، "جائزة المصمّم الناشئ ليست مجرد منافسة سنوية، بل هي بيان نوايا من الدار في دعم التصميم كأداة لسرد القصص وإحياء الحِرَف على نحو معاصر".
وقد أشار سليم أحمد، المشرف الأول على مشاريع التصميم في تشكيل، إلى أن الشراكة مع الدار تمثل لقاء بين الأصالة والرؤية، واصفاً إياها بأنها "قوة دافعة لعصرٍ جديد من التصميم العربي المعاصر".
Van Cleef & Arpels
كما يحتفي المعرض بأعمال المتأهّلين النهائيين لعام 2024، أمثال لميس يحيى التي نحتت منضدة "يحملها النسيم"، وخالد الكثير الذي قدّم ثريا "لا بداية"، المصنوعة من مواد مُعاد تدويرها تُحاكي تأثير الرياح على الطبيعة.
على مدى سبعة أسابيع، وتحديداً من 15 أبريل حتى 3 يونيو، يفتح المعرض أبوابه أمام الزوّار ليمنحهم فرصة نادرة للغوص في عقدٍ من التميّز والابتكار التصميمي.
إنها تجربة غنية تتجاوز العرض البصري، لتصبح رحلة تأملية في تطوّر الحِرفة، وتحوّلات الذائقة الجمالية في المنطقة، بموازاة رصد أثر الجائزة في إعادة تعريف ملامح التصميم المعاصر من منظور عربي.
ومع ختام هذه النسخة، تستعد الجائزة لدورتها الحادية عشرة، والتي ستنطلق تحت عنوان "قصائد الشعر المُزهِرة"، ما يعد بمزيد من الإبداعات المستوحاة من الأدب والطبيعة.