قد يختلف هواة الساعات الفاخرة في تعداد الطرز التي سطّرت صفحات هذا القطاع بحروف من ذهب. لكن الثابت أن بعض الطرز نالت من الاهتمام ما لم تنله إبداعات أخرى، إما بسبب الابتكار الراقي المتجسّد فيها أو الجماليات الفاخرة المستحدثة في ثناياها أو بسبب محدودية النماذج التي طرحها صنّاعها في الأسواق.
مهما كان الحال، ومهما اختلفت الآراء، تظل بعض الإصدارات علامات منيرة في قطاع صناعة الساعات، ومنها الطرز التالية التي تُعيد الدور إطلاقها ليس تأكيدًا لقيمتها التاريخية فحسب، بل لأحقّيتها بالتحديث والتجمّل بثوب العصر أيضًا.
Vacheron Constantin
Historiques 222
بدأ الفصل الأول من رحلة فاشرون كونستانتين المتنَاقلة عبر الأجيال في عام 1755، بعدما وقّع جان مارك فاشرون على عقد تدريب سمح له بالانطلاق في طريق التمايز الساعاتي بثقة.
ومنذ تلك اللحظة التأسيسية الفارقة، سارت فاشرون كونستانتين على درب الإبداع المتسامي في كل ما تضطلع به من ممارسات جمالية وتصميمية وتقنية، حتى أصبحت اليوم مضرب المثل في التمايز والدفع باتجاه الآفاق غير المطروقة.
وعلى مرّ مسيرة متجذرة في الإبداع، طرحت الدار مجموعة واسعة من الطرز المجهزة بشتى أنواع التعقيدات، مثل وظيفة الرنين وآلية التوربيون وتعقيد الكرونوغراف والوظائف الفلكية وغيرها الكثير.
وفي ذكرى تأسيسها المائتين والسبعين، لا تحتفي فاشرون كونستانتين بمسيرتها الحافلة بالإنجازات من خلال إبراز منطلقات رؤيتها التصميمية فحسب، بل عبر طرح نسخة جديدة من ساعة Historiques 222 هي الأولى ضمن مجموعة من الإصدارات المتمايزة التي ستكشف عنها على مدار العام.
يستوحي الإصدار الجديد رموز ساعة 222 التي أصدرتها الدار في عام 1977، والتي أضفى عليها المصمم الألماني يورغ هايسِك لمسة جمالية خارجة عن أعراف الساعات الرياضية آنذاك.
إلى جانب كسْر قواعد التصميم المعروفة واستحداث لغة تصميمية جريئة..
جسدت الساعة أسلوب حقبة السبعينيات أيّما تجسيد، كما أضافت توقيعًا جماليًا مبتكرًا إلى إرث فاشرون كونستانتين المتنوع أصلاً.
صحيح أن لمحدودية النماذج التي طرحتها الدار من هذه الساعة أثرًا في اندراجها السريع تحت فئة الساعات الأيقونية، لكن السبب الأكبر في تصنيفها هذا هو الرموز الجمالية التي تفرّدت بها.
وفي النسخة الجديدة من ساعة Historiques 222، التي تلتحق بالنسخة الذهبية الصفراء التي أصدرتها الدار في عام 2022، تعود الرموز الأصيلة بقوة، لكن بعد تطعيمها بالعديد من التحسينات التقنية.
صيغت الساعة في علبة مشغولة من الفولاذ المقاوم للصدأ بقطر 37 ملليمترًا، مع قرص مخدد يتباهى عند مؤشر الساعة 5 بشعار مالطي مشغول من الذهب الأصفر، وتاج مصقول بدقة، وسوار مدمج بتشطيبات لامعة ومشبك ثلاثي الشفرات يُخفي دبابيسه الظاهرة.
تكشف الواجهة المشغولة من البلور الياقوتي عن ميناء أزرق أنيق يحتضن نافذة لعرض التاريخ تقبع عند مؤشر الساعة 3، وعقارب ومؤشرات مصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ ومطلية بمادة سوبرلومينوفا بيضاء عاجيّة وضّاءة، تتألق ليلاً بلون أخضر ليموني يستحضر لون التريتيوم المستخدم في الساعات عتيقة الطراز.
بالإضافة إلى الرموز التصميمية الرفيعة، تنبض هذه النسخة بآلية الحركة ذاتية التعبئة 2455/2 التي انبثقت بالكامل عن محترفات العلامة. وتتمايز هذه الآلية بقطر أصغر من سلفها ووزن منقوش بشعار 222 الأصلي وزخارف تُحاكي أخاديد القرص، كما توفر احتياطيًا للطاقة يدوم نحو 40 ساعة ومقاومة لضغط الماء حتى عمق 50 مترًا.
Vacheron Constantin
صيغت الساعة في علبة من الفولاذ بقطر 37 ملليمترًا، وتمايزت بميناء أزرق وسوار مدمج بتشطيبات لامعة.
Louis Vuitton
Tambour Taiko Spin Time Air Tourbillon
بعدما قضى ميشيل نافاس وإنريكو باربازيني سنوات طوالاً في صناعة الساعات، تحت لواء دور بارزة مثل أوديمار بيغيه وباتيك فيليب، أسّسا في عام 2007 محترف La Fabrique du Temps، فاتحين صفحة جديدة في مسيرة زاخرة بالإبداعات المتمايزة.
ولم تمض أربعة أعوام على إطلاق المحترف حتى استحوذت عليه لويس فويتون، معلنة بذلك سعيها إلى تطعيم صناعة الساعات الفاخرة برؤيتها الإبداعية المتفردة، وهي رؤيةٌ تجلّت قسماتها أخيرًا في مختلف النسخ المنضوية تحت مجموعة Tambour Taiko Spin Time.
تعود رموز المجموعة إلى ساعة Tambour Spin Time التي استلهم فيها نافاس وباربازيني شاشات العرض القلّابة في المطارات ومحطات القطار لإنشاء تعقيد مبتكر للساعات القافزة.
Louis Vuitton
ساعة Tambour Taiko Spin Time Air Tourbillon التي تجمع بين تعقيد الساعات القافزة وآلية التوربيون المحلق.
وقد بلغ هذا التصميم، القائم على مكعّبات ثلاثية الأبعاد، مبلغًا شديدًا من التعقيد، حتى إنه حصل على براءة اختراع ولازَم مختلف الطرز اللاحقة على الساعة الأصلية.
وحدة الرموز الجمالية على امتداد النسخ الست الجديدة لا تقتصر على التصميم الفريد للساعات القافزة فحسب، بل تسري أيضًا على العلب التي صيغت كلها من الذهب الأبيض وتألقت بتشطيبات مستحدثة بتقنية السفع الرملي وصقل لامع، وعلى الموانئ التي تباهَت جميعًا بلون رمادي أخاذ يُمكن تمييزه على الفور.
لقد أجادت لويس فويتون توحيد الجماليات كما أحسنت توزيعها بما يُناسب رؤيتها الإبداعية، ولا أدل على ذلك من ساعة Tambour Taiko Spin Time Air Tourbillon، التي تجمع بين تعقيد الساعات القافزة وآلية التوربيون المحلق.
أكدت الدار من خلال هذه الساعة أنها على استعداد لمجابهة سائر التحديات التقنية التي قد تعترض طريقها نحو تثبيت اسمها رقمًا صعبًا في قطاع الساعات الفاخرة، إذ لم يكن توحيد التعقيدين ضمن الساعة نفسها سهلاً بأي حال.
فقد تطلّب استحداث تصميم ذكي يستوعب شتى مكوّنات التعقيدين. أفلح خبراء المحترف في تجاوز هذه العقبة التقنية وتجميع سائر المكونات داخل العلبة التي يبلغ قطرها 42.5 ملليمتر.
ويُمكن للناظر معاينة هذا الإنجاز في مركز الميناء، حيث آلية التوربيون التي تتراقص في بهاء مُكملة دورة واحدة كل دقيقة.
صيغ القفص يدويًا من الفولاذ المقاوم للصدأ، متخذًا هيئة زهرة المونوغرام المميِّزة لمنتجات لويس فويتون. ولإبراز دقة الآلية، صُقلت الصفيحة القابعة أسفلها إلى درجة اللمعان. يُذكر أن الساعة تحتضن آلية حركة ذاتية التعبئة، توفر احتياطيًا للطاقة يدوم 45 ساعة ومقاومة لضغط الماء حتى عمق 50 مترًا.
Louis Vuitton
في ساعات Tambour Spin Time المشغولة في علب من الذهب الأبيض، استلهم نافاس وباربازيني شاشات العرض القلّابة في المطارات ومحطات القطار.
Tiffany & Co.
Jean Schlumberger by Tiffany Bird on a Flying Tourbillon
لم تكن تيفاني أند كو لتفوّت فرصة المشاركة في أسبوع إل في إم إتش للساعات دورة 2025 لعرض أحدث ابتكاراتها المذهلة.
وبالرغم من أنها تُشارك للمرة الأولى في هذا الحدث المرموق الذي يجتذب إليه هواة الفخامة من حول العالم، إلا أنها ليست دخيلة على هذا القطاع الذي تشتدّ فيه المنافسة عامًا تلو الآخر.
انطلقت حكاية الدار في صناعة الساعات عام 1847، عشر سنوات بعد تأسيسها، لكن انطلاقتها الحقيقية جاءت في عام 1874، عندما باشرت في إنتاج ساعات تحمل توقيعها الخاص. ولم يمض وقت طويل حتى بدأت الجوائز الدولية تتهافت على ساعات العلامة، بحكم ما تجسّد فيها من ابتكار وإبداع وحِرفية وإتقان.
هذه المبادئ التي تتحرك تيفاني أند كو في فلكها نالت نصيبها من الاحتفاء في أسبوع إل في إم إتش، من خلال العرض الذي اشتمل على طرز تاريخية أصدرتها بين سبعينيات القرن التاسع عشر وثلاثينيات القرن العشرين، ومن خلال الطرز العصرية المطعّمة برموز الدار الخالدة.
ومن هذه الطرز ساعة Jean Schlumberger by Tiffany Bird on a Flying Tourbillon، التي يُفرد فيها طائر جان شلومبرجيه الأيقوني جناحيه كنايةً عن الإبداع المتطلّع إلى المستقبل.
تُمثل هذه الساعة خطوة جليلة في مسيرة تيفاني أند كو. فبعد مُداومتها على إثراء فئة الساعات الجواهر بابتكارات تشهد على اقتدارها في ميدان الحِرف الفنية، قررت أن تعتنق سبيل التعقيد بالعكوف على تطوير آلية توربيون محلّق لأول مرة في تاريخها.
قضى فريق الدار أكثر من عامين في تطوير هذه الساعة، لكن النتيجة كانت مبهرة على مختلف الأصعدة، بداية من العلبة المشغولة من الذهب الأبيض بقطر 39 ملليمترًا ونهاية بالألماس المنظوم ببراعة على القرص والوصلات.
يَعبر ضياء هذه المصفوفة حاجز الواجهة ليصل إلى الميناء المركزي المكوّن من شرائح رفيعة شبيهة بالسُحب، صيغت من الفيروز الطبيعي، وتحديدًا إلى الميناء الفرعي المرصّع بضياء 168 ألماسة وإلى عصفوريْ شلومبرجيه اللذين يُحلقان بحرّية فوق السماء الزرقاء الفيروزية.
ومع أن البراعة التي تتجسد في سائر العناصر المذكورة قد تكون مألوفة لزبائن العلامة الأوفياء، لكن المفاجأة هذه المرة تحققت على مستوى آلية التوربيون، التي تتحصّن تحت واجهة دقيقة متعددة الأوجه مشغولة من البلور الياقوتي.
فمن النادر اتخاذ مثل هذه الواجهة في صناعة الساعات، ما يؤكد أن هذه الساعة، التي تنبض بآلة حركة ذاتية التعبئة توفر احتياطيًا للطاقة يدوم 50 ساعة، تحفة فنية بمختلف المقاييس.
Tiffany & Co © Thomas Milewski
تتحصن آلية التوربيون في هذه الساعة التي تتباهى بضياء الألماس وطائر شلومبرجيه تحت واجهة مشغولة من البلور الياقوتي.
Daniel Roth
Extra Plat Souscription
يُذكَر اسم دانيال روث مع عمالقة الصناع المستقلين في القرن العشرين، أمثال جورج دانيالز وفرانسوا بول جورن وفيليب دوفور، علمًا أنه عاصر هؤلاء كلهم وتعاون مع بعضهم على الدفع بصناعة الساعات التقليدية إلى الأمام.
بدأ روث تدريبه في أوديمار بيغيه، ثم انخرط بعدها في صفوف بريغيه وقادها إلى العودة برزانة إلى ساحة الدور البارزة في قطاع الساعات الفاخرة.
ولكن الأثر الأكبر الذي يُحسَب له متّصلٌ بالتجربة التي خاضها في ميدان الصناعة المستقلة. أطلق روث علامته عام 1988، قاصدًا التفرّغ لتطوير ابتكارات بالغة التعقيد، تنهل من معين التقاليد الحرفية العريقة وتروم في الوقت نفسه شقّ دروب جديدة تسترشد بها الأجيال اللاحقة من الصانعين.
Daniel Roth
تتجسّد في الميناء المشغول من الذهب الأصفر سائر الجماليات العزيزة على دانيال روث.
بعد 35 عامًا على ذلك التاريخ، بَزغت علامته للواجهة ثانية عن طريق محترف La Fabrique du Temps الذي أحيا ذكره على الألسن بفضل ساعة Tourbillon Souscription التي اختارتها مجلة Robb Report في عام 2023 بين أفضل الساعات عن فئة ساعة التوربيون.
هذا العام، وفي أثناء انعقاد أسبوع إل في إم إتش للساعات، كشفت العلامة التي يُدير دفّتها ميشيل نافاس وإنريكو باربازيني عن ساعة Extra Plat Souscription، لتكون بذلك ثاني طراز في مِحفظة العلامة.
تتقاسم هذه الساعة تفاصيل عديدة مع شقيقتها الكبرى، منها العلبة البيضاوية المصنوعة من الذهب الأصفر والتشطيبات الفاخرة والوصلات المُقوسة بعناية، ولكنها تختلف عنها في السّمك، الذي يبلغ هذه المرة 7.70 ملليمتر فقط.
الأناقة الرسمية الظاهرة على العلبة تتعزز أكثر عبر الواجهة المشغولة من البلور الياقوتي، حيث الميناء المشغول من الذهب الأصفر والذي تتجسد فيه سائر الجماليات العزيزة على دانيال روث: يتباهى هذا الميناء بزخارف غيوشيه فاخرة وزخارف مسمارية على نمط Clous de Paris، استحدثها خبراء العلامة يدويًا باستخدام آلات عتيقة يعود تاريخ إحداها إلى عام 1850، بالإضافة إلى الأرقام الرومانية المطبوعة التي يحاكي لونها الأزرق لون عقارب الساعات والدقائق.
وكما كان الالتزام بجوهر التقاليد الحرفية في صناعة الساعات ديدن دانيال روث، كذلك كان الحال مع نافاس وباربازيني في هذه الساعة، التي تعززت بآلية الحركة ذاتية التعبئة DR002 التي صيغت لتتماشى مع هيئتها البيضاوية.
يُذكر أن هذه الآلية، التي تنطوي مكوناتها على زخارف كلاسيكية أنيقة تحتجب خلف غطاء الجزء الخلفي المشغول من الذهب الأصفر، توفر احتياطيًا للطاقة يدوم نحو 65 ساعة ومقاومة لضغط الماء حتى عمق 30 مترًا.