تذكّر حكاية علامة سانتوني بشركة ناشئة في قطاع التكنولوجيا أكثر منها بعلامة ناشطة في قطاع المنتجات الجلدية الفاخرة. فقد أسّس أندريا سانتوني شركته في مرآب مع خمسة عاملين فقط وعينه على الارتقاء بحرفة صناعة الأحذية. وفي هذه الحكاية ما يسوّغ تلقيبه بهنري فورد الأحذية الفاخرة.
كانت البداية في عام 1975، وكان سانتوني حريصًا على أن تتمايز أحذيته الرجالية عن الأحذية الباهتة التي كانت شائعة آنذاك، ولذلك تبنّى تقنية طلاء باسم "فيلاتورا" تعود إلى عصر النهضة.
وسرعان ما ذاع صيت سانتوني بفضل هذه التقنية التي تقوم على طلاء الجلد بطبقات عدّة من الأصباغ الشبيهة بالألوان المائية قبل صقله ليصير لامعًا.
كانت الأحذية الأولى التي أصدرتها العلامة مُفعمة بالأزرق الداكن وأطيافٍ مميزة من اللون البنّي. أما اليوم، فقد أصبحت اللوحة اللونية للدار تتضمن الألوان المُشبعة والظلال الداكنة وغيرها.
ولا يقتصر هذا التنوع على الألوان فحسب، بل يَسري أيضًا إلى الأشكال والأبعاد، على ما تشهد الأحذية ذات المقدمة البارزة والأحذية ذات القسم العلوي المنحدر بفخامة.
إلى ذلك، تَضطلع سانتوني بإنتاج أنماط مختلفة من الأحذية، تُراوح بين أحذية خفيفة مثل طراز "لوفر" بمشبك مزدوج، وأحذية أوكسفورد من طراز "بروغ".
يشير جوزيبي سانتوني، ابن أندريا والرئيس التنفيذي للشركة ورئيس مجلس إدارتها الحالي، إلى أن زبائن سانتوني "يَستحسنون القطع المتفردة والمنتجات القيّمة"، لكنه يؤكد أنهم "لا يتقيّدون بالتوجّهات السائدة".
حاليًا، تُوظّف الشركة قرابة 600 حرفيّ في مصنع مساحته 300,000 قدم مربعة في كوريدونيا بإيطاليا، ولكل واحد منهم دور وازِن في سير العمل. بل إن أحدهم لم يستطع تخصيص أكثر من 15 دقيقة لمحادثتي. فيما تتحسّر العديد من العلامات الفاخرة على فقدان الأيدي العاملة الماهرة بسبب تقاعد الحرفيين المتمرّسين، تُؤمّن سانتوني حاجتها من الحرفيين من خلال مشروع "أكاديميا ديل إكسيلينزا"، وهو برنامج تعليمي تموّله بالكامل.
مع ذلك لا ينبغي الانخداع بحجم المصنع وما يشتمل عليه من آلات. فالأحذية المنتَجة حسب الطلب كلها مصنوعة يدويًا، بما في ذلك أحذية كارتر مزدوجة الأشرطة والظاهرة في الصورة. يبلغ سعر أول زوج أحذية يقتنيه الزبون 7,830 دولارًا، ثم ينخفض السعر إلى 4,350 دولارًا عند اقتناء الزوج التالي. يقول سانتوني: "اعتدنا أن نقول إن الترف مُعادل للوقت، وهذا ما ينطبق على أحذية سانتوني، لأن إنتاجها يتطلّب وقتًا طويلاً".
جلود فاخرة
تتوقف جودة المنتجات الفاخرة على جودة المواد المكوّنة لها. لذلك، تُفضّل سانتوني استخدام الجلود البيضاء الأعلى تميزًا من أجل استحداث الألوان المشبعة المميزة لأحذيتها، ولكن بعد جسّها للتأكد من خلوّها من الخدوش والتجعّدات. لصناعة الحذاء الظاهر في الصورة، يختار حرفيو سانتوني استخدام جلد العجل.
Santoni
القطع المنضبط
في الدور الأخرى، قد يميل خبراء قطْع الجلود إلى استخلاص أكبر عدد ممكن من الأحذية من قطعة جلد واحدة. ولكن الأمر يختلف في محترفات سانتوني، إذ يتفادى الخبراء استخدام الأقسام المشكوك في نعومتها.
وفي أثناء قطع الأنماط المطلوبة، يجدر بهم مراعاة سُمك الجلد وليونته، لأن هذه العوامل تُفيد في تحديد موضع كل نمط على الحذاء.
Santoni
التطويع والتشكيل
ما إن يُكمل الخبراء قطْع الأجزاء المطلوبة حتى يتّخذ الحذاء شكله المحدد، وعندئذ تبدأ خياطة القسم العلوي يدويًا. ثم تُطلى الأجزاء نفسها بمزيج من الماء والصابون المخفّف، ما يجعل الجلد طيّعًا وقابلاً للتشكيل حول القالب.
تظل الأجزاء الجلدية على هذه الحال لأسبوعين أو ثلاثة أسابيع، إلى أن تستوي تحت تأثير الهواء الساخن.
Santoni
نعال تُحاك يدويًا
عقب تشكيل القسم العلوي حول القالب، يُخاط النعل يدويًا. في الحذاء الظاهر في الصورة، يستخدم الحرفيون نعل غودْيير المميز، لكن نوع النعل المستخدم يتوقف على طراز الحذاء وتفضيلات الزبون في حالة الأحذية المصممة حسب الطلب.
Santoni
15 طبقة من الطلاء
يُحدّد اللون المرغوب المدة التي تستغرقها تقنية فيلاتورا، إذ يُمكن أن تُراوح بين بضع ساعات وبضعة أيام. بفضل استخدام الجلد الأبيض، يستطيع الفريق استحداث ألوان مميزة، لكن التقنية صالحة للتطبيق أيضًا على الجلد الملوّن.
يَطلي الحرفيون الأجزاء الجلدية بنحو 15 طبقة من الطلاء المائي، ولا يُضيفون طبقةً جديدة إلا بعد جفاف الطبقة السابقة. في أحذية كارتر مزدوجة الأشرطة، تستغرق هذه التقنية بضعة أيام.
Santoni
تفاصيل مبهجة
عن النعال والبطانات المميزة، يقول جوزيبي سانتوني: "إن ما نبتغيه من وراء التفاصيل البرتقالية هو بثّ البهجة". في العادة، تنطوي تقنية فيلاتورا على استخدام طبقات طلاء رفيعة، غير أن استحداث لون الحذاء الظاهر في الصورة يتطلب طبقات طلاء أشد سمكًا لتعزيز المتانة.
Santoni
الصقل بشمع العسل
Santoni
حتى بعد طلاء القسم العلوي للحذاء، يظل لمعانه خفيفًا. لذلك ما إن تجفّ الطبقة الأخيرة، حتى يصقل الخبير المسؤول سطح الحذاء بشمع العسل، ثم يفركه يدويًا إلى حد اللمعان.