نادين عطار
خفق الفؤاد

منذ أن اغتربت نادين عطار عن قطاع المصارف لتجيء عالم الجواهر مستكشفة آفاق شغف كامن بالإبداع ورثته في الأصل عن والدها الراحل صديق عطار، أحد أشهر الأسماء في عالم تجارة الجواهر في المملكة العربية السعودية، وطّنت المصممة السعودية وخبيرة الأحجار الكريمة ذائقتها على التأمل في بديع أشكال وألوان وعواطف تحشد معانيها ألقًا في التصاميم التي تبتكرها.

وفي كل رحلة إبداعية تستهلها بحلم يولّد فكرة وتصميمًا قبل أن يتجلى، بعد عناء التكوين والصياغة، مشهدًا تعبيريًا أتقنت الأنامل نحته في محترفات إيطاليا من نفائس المعادن والحجارة الثمينة. في كل رحلة تكشف نادين عطار، إذ تمسك بتفاصيل إبداعها، عن براعتها في نظم الجماد خطوطًا ومنحنيات تتآلف ألوان الحجارة النفيسة فوقها فكرة أو عاطفة تستثير في نفوس الناظرين اندهاشًا جميلاً.

تحمل الفكرة الأحدث اليوم اسم "نماء"، هذا الابتكار العاطفي بامتياز الذي توثق به نادين عطار ذكرى والدها الذي توفي العام الفائت. وعلى عادتها في التأمل الذي يسبق الإبداع، تقول: "فيما تتوالى الأيام، يلفتنى ذاك التأثير البالغ الذي لا ينفك قلبه المفعم بالبهجة والطيبة يخلفه في نفوس الكثيرين. أدرك إذ ذاك أن وحدها القلوب الطيبة لا يخبو نبضها، وأن الذكريات الخالدة تبقى امتيازًا حصريًا لأولئك الأصيلين الصادقين الذين يصعب نسيان حضورهم وإن أعقبت السنين سنون".

لذكرى والد يتوقد القلب بالحنين إليه وإلى حضوره، تبعث نادين عطار الحنين اليوم في نبض من خفق الفؤاد إذ تصوغ الحجر الألماسي الأصفر زنة قيراطين، والذي قدمه لها والدها هدية قبل وفاته بوقت قصير، لتبث الحيوية في تصميم تجريدي لقلب ينبض ليزدهر وينمو. ائتمنت المصممة على الحجر الأصفر النفيس شريانًا أحمر يرمز إلى الشغف، وشريانًا أخضر يجسد النماء، يتلامسان من حول قلب مفعم بالبهجة والحبور. ينبعث التصميم مشبكًا أو قلادة تتلاحم عناصرها فيما يشبه دعوة إلى النماء بشغف، إلى التشبث بالإيمان، وإلى بناء ذكريات قيمة للأجيال اللاحقة.  

وفي صورة متخيلة، إذا ما انقسم القلب إلى نصفين، فإنه لا ينكسر، بل يتمدد الشريانان ليجسدا شكلًا حياتيًا جديدًا ينبعث هذه المرة في قرطين للأذنين، كل منهما يزهو بلون مختلف للدلالة على أغراض مختلفة، لكنهما يمضيان معًا نحو الغاية نفسها: الطريق إلى قلب يزدهر إذ يوظف العبر التي تعلمها والذكريات الجميلة التي حفظها من أجل بناء مستقبل أكثر إشراقًا.

Van Cleef & Arpels
حُلم فلكي

لطالما استلهمت دار فان كليف أند آربلز مفاتن الطبيعة، وعوالم الأزياء الفاخرة، والموروثات في حضارات مختلفة، لتصوغها عجائب في الترف تهمس بألف حكاية وحكاية نُسجت أبجديتها على ما يليق بطقوس العشق الأحلى. على مر السنين، أحسنت الدار الارتحال بنا، على صهوة ابتكاراتها العصية على الاستنساخ، مرة إلى أعماق البحار والمحيطات، ومرات إلى فضاءات شاعرية وبلاطات ملكية من أزمنة غابرة، وما بين ذلك من مشاهد تستعيرها لنا من قصص الأطفال الخيالية لتبعثها روائع فنية تزين الجيد أو المعصم.

أما اليوم، فإنها تستلب الأنظار إلى فضاء نجمي شكلته الأنامل في مجموعة Sous Les Etoiles فرائد جواهر تنبعث فيها ألوان الحجارة النفيسة إشراقات سنا فيما ترسم خطوطها المتموجة أشكالاً هندسية حيوية تحاكي الكواكب والنجوم والمذنبات والسدم لتجسد رؤية آسرة للكون تراوح بين الحقيقي والتجريدي.

في المجموعة المكونة من 150 قطعة متفردة، يُعيد المصممون في الدار استكشاف موضوع الفلك مستلهمين تارة إرث الماضي الزاخر بتصاميم استعارت أشكالها وألوانها من نجوم تطرز ثوب العتمة، وطورًا من المشاهد الفلكية المتوهجة في صور التُقطت حديثًا للفضاء الأوسع.

وفيما يقدمون ترجمتهم العصرية لهذا الموضوع، مستخدمين تقنيات حديثة لصياغة المعادن الثمينة، يبعثون الظواهر الفلكية في ابتكارات شاعرية تتوهج بألوان الحجارة الكريمة لترسم معالم رحلة تأملية حالمة في مدارات الفلك.  

في أحدث لوحة إبداعية من فان كليف أند آربلز، يرسم عقد وهاج مسار مذنب هالي الشهير - الذي لا يُرى من كوب الأرض إلا مرة كل 75 عامًا – مزيجًا من ألماسات بيضاء وصفراء مختلفة الحجم تتراصف مذكرة بذيل المذنب فيما تستحضر رأسه ألماسة صفراء نقية بالقطع الإجاصي.

وبالمثل يستعير عقد Céphéide القابل للتحول اسمه من تلك النجوم العملاقة التي ينافس وهجها سطوع الشمس ليتجلى في التدرجات الوضاءة لظلال الياقوت البنفسجي، وأحجار تسافوريت غارنيت والتنزانيت والعقيق الأبيض. أما مشبك Saturne المشغول من الذهب والألماس في محاكاة لكوكب زحل، فيشهد على براعة الحرفيين في استحضار ظلاله اللونية التي تراوح بين الأصفر والبرتقالي ونحت حلقاته الضخمة التي تبدو وكأنها تطفو في الفضاء الرحب فيما تدور من حول نصف دائرة مشغولة من الذهب الأصفر المطرق تبرز عبر سحابة من الحبيبات الألماسية.

في المقابل، تصور 154 ياقوتة باللونين الزهري والبنفسجي – عكف خبراء الحجارة الكريمة في الدار على جمعها طيلة سنتين قبل رصفها في عقد Antennae - فورة الألوان وتفجر النجوم التي خلفها حدث اصطدام مجرتين حمل الاسم نفسه وبدأ قبل نحو 500 مليون عام. هندس خبراء الأحجار والمصممون تفاصيل عقد Antennae على نحو يجعل الحجارة تتخذ موقعًا مركزيًا فوق البنية المرنة التي تعانق الجيد بما يتيح ارتداءه بطرق مختلفة على نسق بعض ابتكارات فان كليف أند آربلز التي ترجع إلى ما بين ثلاثينيات القرن الفائت وخمسينياته والتي تستنسخ طيات الأقمشة في صفوف من الأحجار الكريمة.  

وعلى ما عودنا الصانع، لم تخلُ مجموعة Sous Les Etoiles من ساعات تزهو بطابع شاعري فيما تُثري نبض الوقت بالأشعة الضوئية المنبعثة من ثراء حجارتها الملونة. هذا ما هو عليه حال ساعة Galaxie Secrète التي استغرقت صياغتها أكثر من 1,600 ساعة عمل، والتي تذكر بتصميمها الأخاذ ودفء ألوانها بالمجرات الحلزونية فيما تحتضن في قلبها ميناء سريًا.

ففي تجسيد درامي لمفهوم الوقت، تطل مؤشرات الساعات من وسط دوامة تتعاقب فيها صفوف متموجة من الألماس يتعارض ضياؤها الثلجي مع وهج الحجارة الياقوتية الزرقاء والزهرية والبنفسجية التي تلتمع عبر البنية الهيكلية للسوار مثل النجوم في السماء.

Pasquale Bruni
الفن والطبيعة

في محترفات باسكال بروني بمدينة فالنتزا الإيطالية، يواصل الجيل الثاني من العائلة صياغة جواهر تتلاحم فيها معادن نبيلة وأحجار ثمينة فيما تبدو تصاميمها أقرب إلى صور تعبيرية تستثير العواطف بقدر ما تختزل إرثًا من الشغف في الإبداع وميلاً راسخًا إلى الابتكار واستكشاف أسرار الألوان والمواد. هذا الإرث - الذي وضع لبنته الأولى المؤسس الأول باسكال الذي شرع، وهو لمّا يتجاوز العشرين من العمر، في تشكيل ابتكاراته من الجواهر تناغمًا بديعًا بين إيحاءات من الطبيعة ورموز تستلهم جذوره الإيطالية – تكرّسه اليوم ابنته يوجينيا التي تسلمت زمام الإدارة الإبداعية للعلامة منذ عام 2001 مضفية بُعدًا معاصرًا إلى مجموعات باسكال بروني، من Ghirlanda وSissi، إلى Bon Ton وGiardini Segreti.

تبعث يوجينيا اليوم ذاك الشغف بالإبداع الذي أخذته عن والدها، فتنة من ألوان الطبيعة وأشكالها معيدة تكوينها في تصاميم متقنة الصياغة ترقى بمعاني الأنوثة لتزين إطلالات الحسان ونخبة المشاهير، من ميشال أوباما وهالي باري وسلين ديون إلى جينيفر لوبيز التي ستثري ظهورها على الشاشة الفضية هذا الشهر في مجموعة مختارة من أحدث الجواهر الراقية للدار. في فيلم Marry Me، من إنتاج يونيفرسال بيكتشرز، الذي سيبدأ عرضه في الحادي عشر من شهر فبراير الحالي، تؤدي لوبيز دور النجمة الموسيقية كات فالديز إلى جانب الممثل أوين ويلسون في دور مدرس الرياضيات تشارلي غيلبرت.

وفيما تتوالى أحداث الفيلم وتتعاقب فصوله، تستعرض البطلة جماليات تلك الابتكارات الفذة التي شكلتها أنامل الحرفيين في دار باسكال بروني هدايا من وجد تليق بمناخات العشق. في مجموعة Giardini Segreti المستلهمة من حدائق ميلانو السرية وفناءاتها التي تبوح بأسرار ذاك التلاقي البديع بين الفن والطبيعة، تلتف الخطوط المنحوتة من الذهب والمرصعة ببريق الألماس في تمازج بديع بين الشكل والضوء لتستحضر الرحلة التحولية لأوراق يخالها الناظر تتهيأ للانعتاق من جماد المادة لتتفتح على استحياء مثل بتلات زهرة، أو لتخفق كأجنحة فراشات تغازل الضوء.

يرجع خفق الأجنحة أيضًا في مجموعة Aleluiá حيث الأوراق نُحتت ورُصعت بتأن ورقة تلو الأخرى ثم نُظمت في كل تصميم لتوثق قوة الطبيعة وبالمثل قوة امرأة تنطلق على صهوة أنوثتها لاستكشاف عجائب العالم.