دائمًا ما يوضع الملياردير جيف بيزوس، مؤسس شركة الصناعات الفضائية بلو أوريجين، في مقارنة بأغنى رجل في العالم، الملياردير إيلون ماسك، مؤسس شركة تقنيات استكشاف الفضاء سبيس إكس. ولكن عند تحديد إنجازات وإخفاقات كل منهما على أرض الواقع نجد أن الفجوة كبيرة جدًا وتتزايد في الاتساع لصالح إيلون ماسك.
يكفي القول إن بلو أوريجين لم تطلق أي صاروخ باتجاه مدار الأقمار الصناعية حتى الآن، واكتفت بإطلاق صاروخها نيو شيبارد الذي يصعد بالسائحين الراغبين في تجربة الشعور بانعدام الوزن. في المقابل، أطلقت سبيس إكس صاروخها الذي يُمكن إعادة استخدامه جزئيًا فالكون 9 نحو 250 مرة، منها رحلات صعد على متنها بشر، وأخفقت في مرتين فقط، عام 2015 و2016.
جيف بيزوس يفضل التأني
بالقرب من شاطئ غير مأهول في ولاية فلوريدا الأميركية، أنشأت شركة بلو أوريجين منصة إطلاق صواريخ مصممة لتحمل درجات الحرارة العالية وهدير محركات الصواريخ القوية، ولكنها لم تُستخدم بعد.
تستعد الشركة للوصول إلى المدار بصاروخها نيو غلين، المسمى على اسم رائد الفضاء في ناسا، جون غلين، العام المقبل، إذ بدأت في إنتاج الأجزاء المعدنية الضخمة في مصنعها القريب من منصة الإطلاق. وفي ذلك يقول الرئيس التنفيذي لشركة بلو أوريجين، بوب سميث: "أعرف أن الجميع يريدنا أن نطلق نيو غلين في أقرب وقت ممكن، لكننا لن نتسرع".
تفضّل سبيس إكس السرعة حتى إذا تطلب الأمر إنفاق مزيد من الأموال، وتتعلم من محاولاتها الفاشلة. على الجانب الآخر، بدأت بلو أرويجين، التي كانت تتخذ من السلحفاة شعارًا لها، عملها كمؤسسة فكرية تعمل بحذر شديد ومنهجية. وفي ذلك يقول مطور الصواريخ في يونايتد لانش ألاينس: "سياسة بلو أوريجين مناسبة لتجنب ارتكاب كثير من الأخطاء، ولكن في الوقت نفسه، ارتكاب الأخطاء هو طريقة تعلم سبيس إكس".
احتمال انفجار صواريخ الفضاء
راقب العالم إطلاق مركبة ستارشيب وان صناعة سبيس إكس على الصاروخ الهائل سوبر هيفي في 20 إبريل 2023 باعتباره حدثًا تاريخيًا يبشر بعصر جديد من استكشاف الفضاء، ولكن المهندسون فوجئوا بعدم اشتعال 3 محركات من 33 محركًا في الصاروخ، وتبع ذلك توقف المزيد من المحركات مع انطلاق المركبة باتجاه الفضاء. وبعدها فوجئت الجماهير بانفجار المركبة والصاروخ بعد أقل من 4 دقائق. وهنا يخطر في بالنا سؤال مهم: ما هي نسبة فشل إطلاق الصواريخ منذ بدء عمليات الإطلاق على نحو جدي قبل 75 عامًا؟
يقول خبير التأمين في شركة أتريوم سبيس إنشورنس، ديفيد وايد: "خلال عام 2022، أُطلق 186 صاروخًا، كانت تحمل 2,509 أقمار صناعية، معظمها لصالح شركة ستارلينك التابعة لإيلون ماسك أيضًا. من بين هذا العدد الضخم، فشل إطلاق 8 فقط". ومن ثم فإن النسبة هي 4%، أي مرة كل 25 عملية إطلاق. يضيف وايد أن نسبة الإخفاق تزيد عند تجربة صواريخ جديدة، إذ ترتفع نسبة إخفاق المحاولة الأولى إلى 30% ثم تبدأ في الانخفاض حتى المحاولة العاشرة عند 5%.
ولكن ديفيد تود من شركة تحليل صناعات الفضاء سيراداتا يوضح أن نسبة فشل الإطلاق تنخفض كثيرًا مع وجود بشر على متن هذه الصواريخ، إذ تتراجع إلى 1% فقط، وهذا يرجع إلى ارتفاع مستوى الاهتمام بسبب الأرواح المرتبطة بعملية الإطلاق، إلى جانب استخدام صواريخ سويوز الروسية، وهي صواريخ مستخدمة منذ عقود لإرسال البشر إلى الفضاء.