انطلقت العديد من المشاريع التصميمية من تجميع قطع الليغو، وخير مثال على ذلك السفينةُ المنوطة بإطلاق سبيس شيب نبتون Spaceship Neptune، الكبسولة الفضائية المعلّقة بمنطاد والتي طورتها شركة سبيس بيرسبيكتيف Space Perspective.
على ساحل فلوريدا، أسّس تابر ماكالوم شركة سبيس بيرسبيكتيف رفقة زوجته جين بوينتر في عام 2019، وفيها يشغل منصب كبير مسؤولي التكنولوجيا. وعن ابتداء التصميم من قطع الليغو يقول: "لقد داومنا على شراء صناديق قطع الليغو كلما أدخلنا تعديلات على النموذج الأولي".
أول سفينة لإطلاق المركبات الفضائية في العالم
لإطلاق كبسولة الركاب المعلقة بالمنطاد البالغ طوله 650 قدمًا، تستخدم الشركة سطحًا مساحته 200 قدم فقط على متن سفينة MS Voyager التي يبلغ طولها 294 قدمًا.
تتمايز السفينة بنظام إطلاق بالغ التعقيد، يتضمن بكرات ميكانيكية ضخمة على منوال آلة روب غولدبرغ عملاقة، تبسط جسم المنطاد بدقة فائقة في خط متعرج.
من عهد قريب، أخذت مجلة Robb Report جولة على متن السفينة، وفي سياق الحديث عن نظام الإطلاق قال ماكالوم: "إن الهدف من نظام البكرات هو الترفّق بالمنطاد وتفادي الضغط على سطحه".
تُحقن كمية ضئيلة من الهيدروجين في طرف المنطاد، ثم تبسطه البكرات ليتخذ وضعًا رأسيًا قبل ربطه بالكبسولة المركونة في مؤخرة السفينة.
وفي هذا يقول ماكالوم: "نحتاج إلى 1% فقط من غاز الرفع، لأن الهيدروجين يتمدد في أثناء ارتفاعه. وما إن يصل المنطاد إلى ارتفاع 100,000 قدم، حتى يكون قد انتفخ إلى أقصى مداه".
إن نظام الإطلاق المستند إلى البكرات نظام مبتكر للغاية، لكن السفينة بدورها تكتسي أهمية كبيرة لأنها أول سفينة لإطلاق المركبات الفضائية المُجازة للرحلات التجارية.
Space Perspective
نجاح أول رحلة تجريبية غير مأهولة لمنطاد سبيس شيب نبتون بعد إطلاقه من سفينة MS Voyager.
ولذلك، تعاونت الشركة عن كثب مع إدارة الطيران الفيدرالية وخفر السواحل الأمريكي للالتزام بالقوانين التنظيمية الخاصة بهذا الصنف الجديد من السفن.
في البداية رفض ماكالوم فكرة منصة الإطلاق العائمة، لكنه أدرك في ما بعد أن تدابير السلامة فيها أفضل ممّا هي عليه في المنصات البرّية، إذ تنتفي الحاجة إلى مظلات الهبوط وإلى المهبِط المحدد مسبقًا.
يتحكم المنطاد في سيرورة الهبوط، ولإنجاح هذه المهمّة يتعاون مركز التحكم على متن السفينة مع مركز العمليات الرئيس في تيتوسفيل بولاية فلوريدا.
يتطرّق مايكل سافاج، الرئيس التنفيذي بالإنابة لشركة سبيس بيرسبيكتيف، لماضي سفينة Voyager عندما كانت سفينة إمداد لمنصات النفط، ويقول: "إنها بالطبع سفينة عملية، لكننا أصلحناها إصلاحًا شاملاً وعزّزناها بمزايا فاخرة".
بلغت تكلفة إعادة تجهيز السفينة 31 مليون دولار واستغرق المشروع عامين كاملين. تضمنت هذه العملية تحديث محركات كاتربيلر لتتقبّل مزيجًا من الوقود الحيوي منخفض الانبعاثات، وتطوير الأنظمة الإلكترونية، وتجهيز الأسطح التي يبلغ عرضها 56 قدمًا لتستوعب المعدات الضخمة التي تشمل خزانات كبيرة من الهيدروجين.
بالإضافة إلى ذلك، عمدت الشركة إلى تعزيز المساحات الداخلية بمكاتب جديدة ومركز طبي وأجنحة فاخرة وصالة للضيوف، كما استعانت بمالك المطاعم ديفيد غروتمان، مالك مطعم غيكو في ميامي ومطعم كومودو في لاس فيغاس، لتقديم أرقى الأطباق "على متن السفينة وفي الكبسولة"، على ما يقول سافاج.
Space Perspective
صممت شركة سبيس بيرسبيكتيف نظام بكرات عملاقة لبسط جسم المنطاد الذي يبلغ طوله 650 قدمًا.
يتألف طاقم سفينة Voyager من 15 فردًا و25 خبيرًا تقنيًا، ينشغلون جميعًا بإنجاح إطلاق كبسولة سبيس شيب نبتون، وضمان عروجها الموجّه إلى ارتفاع 19 ميلاً على مدار ست ساعات، وعودتها اللاحقة.
تُدار المهمّة من السطح العلوي المكيّف للسفينة، حيث تتوزع مجموعة من الخوادم وأجهزة الحاسب والمعدات المسؤولة عن متابعة الأنظمة الداعمة للحياة في الكبسولة ومعدلات الحرارة داخلها. فضلاً عن ذلك، تستخدم السفينة أربع شبكات أقمار اصطناعية لتأمين قنوات الاتصال. وبعد هبوط الكبسولة في عرض البحر، يقصدها زورقان قابلان للنفخ لتثبيتها في مكانها حتى وصول سفينة Voyager.
تعتزم الشركة تطوير سفينة استرداد أكبر قادرة على استيعاب كبسولتين في الوقت نفسه، على أن تدخل حيز العمل في عام 2026. وفي هذا يقول ماكالوم: "تستطيع هذه السفينة استرداد الكبسولة من الماء في غضون 20 دقيقة".
يتوقع ماكالوم أن تنتشر سفن إطلاق مماثلة على امتداد أوروبا وآسيا، ويبدو أن هذه الرؤية باتت أقرب إلى الواقع بعد خمس سنوات من تأسيس الشركة.
فقد انطلقت أول رحلة غير مأهولة بلا عوائق تذكر بعد أيام من اختتام زيارة فريق المجلة. يثبت هذا جدوى منصة الإطلاق العائمة، كما يثبت أن قطع الليغو كانت صائبة.
مقصورة رحبة
على غير ما هو عليه حال القيود الخانقة المتصلة بالسفر إلى الفضاء، تتمايز كبسولة إكسلسيور Excelsior المعلّقة بمنطاد سبيس شيب نبتون بارتفاع يبلغ 19 قدمًا، وقطر يبلغ 16 قدمًا، ومنطقة معيشة بحجم 2,000 قدم مكعبة. تشتمل الصالة الداخلية على مرحاض خاص، وميزة الاتصال بشبكة واي فاي، وكراسٍ مريحة تقابل أكبر واجهة معروفة في المركبات الفضائية.
Space Perspective
تتمايز كبسولة إكسلسيور Excelsior بمنطقة معيشة بحجم 2,000 قدم مكعبة.
إلى ذلك، تستوعب الكبسولة ثمانية ضيوف والقبطان، ويرتدون جميعًا ملابس غير رسمية، بدلاً من البدلات الفضائية. وعن الكبسولة يقول مايكل سافاج: "لقد زدنا ارتفاع الواجهات، وميّزنا النوافذ بتصميم بارز إلى الخارج، ما يتيح إطلالات شاملة على الفضاء".
يتولّى النظام الداعم للحياة والمدبّر للبيئة داخل الكبسولة عملية تجديد الهواء وتدويره، بالإضافة إلى عمليات التدفئة والتبريد النشِطة لضمان أقصى درجات الراحة.
ثُبتت أجهزة الحاسب وأنظمة الأقمار الصناعية والبطاريات في القسم السفلي للكبسولة المُجازة للرحلات المأهولة، فيما الشكل المخروطي لهذا القسم يحدّ من الارتجاجات الناجمة عن الارتطام بالماء ويؤدي في الوقت نفسه دور مرساة بحرية ثابتة. إذا حدث تلف أو عطل في المنطاد خلال هبوطه من ارتفاع 100,000 قدم، فإن كبسولة إكسلسيور مجهزة بست مظلات أمان.
يقول سافاج: "إن صناعة الطيران مهووسة بالوزن، ولكننا لا نقلق كثيرًا بهذا الشأن إذ نستخدم عناصر متينة قادرة على تحمل الصدمات". ويتابع: "لقد قدّرنا أن الكبسولة تستطيع تنفيذ 1,000 رحلة طالما أنها تخضع للصيانة دوريًا". بعبارة أخرى، إن هذه الكبسولة تجسيد حقيقي لمبادئ الاستدامة.