عندما بدأت علامة أوفيتشيني بانيراي مسيرتها في قطاع الساعات سنة 1860 من محترف في فلورنسة، كانت في الأصل تختص بتزويد قوات البحرية الإيطالية، وخصوصًا فوج الغوّاصين فيها، بأدوات القياس بالغة الدقة. بل إن التصاميم التي ابتكرتها الدار آنذاك، بما في ذلك ساعات Luminor وRadiomir، ظلت تندرج تحت بند السرية العسكرية ولم تجد طريقها إلى الأسواق إلا بداية من عام 1997، عندما انضوت أوفيتشيني بانيراي تحت مظلة مجموعة ريشمون.
وبالرغم من أن الدار الإيطالية الأصل تفوّقت منذ ذلك الحين في الإتيان بابتكارات تنافس بهندستها المتقنة ساعات الصنّاع السويسريين فيما تتباهى بالروح الإيطالية للتصميم، إلا أن أكثر ما يُحسب لها هو أنها أفلحت خلال السنوات الأخيرة في أن تستحدث لعلامتها أوجهًا جديدة من دون تغيير هويّتها أو النهج الذي تعتمده في تطوير ساعاتها، بداية من توثيق روابطها مع الزبائن من خلال تجارب مبتكرة تحتفي بأسلوب حياتي خاص، وليس انتهاء بالانخراط في بناء ممارسات أفضل في قطاع صناعة الساعات، إن لم نقل الاضطلاع بدور ريادي في هذا المجال.
يتجلّى هذا الدور اليوم خصوصًا في المسعى الحثيث إلى تبني ممارسات مستدامة للحد من الأثر البيئي لصناعة الساعات والمساهمة في ابتكار حلول لمواجهة التحديات البيئية العميقة، بما في ذلك أزمة التغيّر المناخي التي تحوّلت أخيرًا إلى واقع راهن. فقد ذهبت بانيراي على طريق تحقيق هذا المسعى إلى تطوير إطار عمل باسم Panerai Ecologico أدرجت فيه مختلف ممارساتها لتحقيق الاستدامة انطلاقًا من خمس ركائز: المنتجات، ومسارات الإنتاج، والبناء، والشراكات والأفراد.
فولاذ صديق للبيئة
في ما يتعلق بتطوير ساعات مستدامة، قدمّت بانيراي العام الفائت ابتكارًا ثوريًا كاشفة عن المادة الفولاذية الصديقة للبيئة eSteel من خلال طراز Luminor Marina. وبالرغم من أن هذه المادة تمتاز بخصائص الفولاذ التقليدي نفسها من حيث البنية الفيزيائية والسلوك الكيميائي المتماثل وخاصية مقاومة التآكل، إلا أن الصانع نجح في تطويرها بنسبة 95% من معدن معاد التدوير.
ولهذا العام، يبرز هذا المركب الفولاذي رفيقًا مثاليًا لـساعات الغوص Submersible الشهيرة من بانيراي. فقد اختارت الدار أن تصوغ منه ساعة Submersible QuarantaQuattro eSteel التي تستوطن علبة بقطر 44 ملليمترًا.
يشكل هذا المركب الفولاذي ما نسبته 52% من إجمالي وزن الساعة البالغ 137 غرامًا، ويتوثّق حضوره بنقش على جهاز حماية التاج وفوق الميناء عند مؤشر الساعة 6.
تطرح بانيراي ساعة Submersible QuarantaQuattro eSteel - المجهزة بالمعيار الحركي الأوتوماتيكي P.900 الذي يتيح احتياطًا للطاقة يدوم 3 أيام ومقاومة للماء حتى عمق 300 متر تقريبًا – في ثلاثة إصدارات (بألوان الأزرق الداكن، والرمادي، والأخضر) يتطابق فيها لون الميناء والقرص أحادي الاتجاه.
وفي سابقة لبانيراي، استخدمت مادة السيراميك المصقول للمرة الأولى في ساعاتها، فتمايز القرص بسطح لامع هو الأول من نوعه في تاريخ الدار. وفيما حيك سوار الساعة الأول من قماش مصنوع من مادة البولي إيثيلين تيريفثالات معادة التدوير، صيغ السوار الثاني من مطاط أعيد تدويره.
تطرح بانيراي ساعة Submersible QuarantaQuattro eSteel، المجهزة بالمعيار الحركي الأوتوماتيكي P.900 في ثلاثة إصدارات يتطابق فيها لون الميناء والقرص أحادي الاتجاه.
الساعة الأكثر استدامة
قد يكون أكثر ما سهّل مهمة أوفيتشيني بانيراي على طريق الإتيان بمواد ثورية لا تواكب إيقاع العصر فحسب، بل تسبقه أيضًا، هو مقاربتها الراسخة للدفع قدمًا بحس الابتكار، على ما تشهد الحلول والمواد المتطورة تقنيًا التي تبصر النور في مختبر الأفكار Laboratorio di idee.
وربما لا حاجة أن نقول إن هذا المختبر هو الذي احتضن خطوة بانيراي العملاقة العام الفائت، والتي تمثلت بابتكار الساعة الأكثر استدامة في تاريخ الصانع وقطاع الساعات عمومًا. بعد ثلاث سنوات من الأبحاث والتطوير، أثمرت جهود بانيراي عن ساعة Submersible eLab-ID التي طُرحت في 30 نموذجًا فحسب وصيغت بنسبة 98.6% من مادة معادة التدوير.
فقد صُنعت علبة الساعة، إلى جانب الميناء المكوّن من قرصين متراصين، وجسور آلية الحركة، من مادة EcoTitanium، النسخة المعاد تدويرها من التيتانيوم من الفئة المستخدمة في الصناعات الجوية. كما صيغت المادة الوضّاءة سوبر لومينوفا، ومضبط الانفلات المصنوع من السيليكون، والغطاء البلوري، من عناصر معادة التدوير.
لكنّ الجدير بالذكر هو أن المسعى الطموح للدار لم يقتصر على ابتكار ساعة Submersible eLab-ID، بل تجاوزه إلى تطوير سلسلة توريد مخصصة لإنتاج مكوّناتها، والكشف عن المزوّدين الذين تتعامل معهم في هذا السياق، وذلك في محاولة منها لتشجيع الصنّاع الآخرين على الانضمام إلى قضيتها.
في ساعة Submersible eLab-ID، صُنعت العلبة، إلى جانب الميناء المكوّن من قرصين متراصين، وجسور آلية الحركة، من مادة EcoTitanium، النسخة المعاد تدويرها من التيتانيوم من الفئة المستخدمة في الصناعات الجوية.
نحو مستقبل أفضل
يقول جان – مارك بونترويه، الرئيس التنفيذي للدار: "نحن في بانيراي لا نودّ أن نبقى وحيدين في هذا المسعى. فالسلوك الأحادي لن ينقذ العالم". ويبدو أن هذا التوجّه هو ما يقف اليوم وراء شراكات بانيراي الهادفة إلى بناء مستقبل أفضل للجميع، على ما تشهد مثلاً شراكة الدار مع علامة Razer، الرائدة في مجال الرياضات الإلكترونية والألعاب الرقمية، في إطار مشروع لدعم المنظمة البيئية غير الربحية Conservation International في أبحاثها حول الأجناس البحرية، بما في ذلك تعقب أسماك البحر لجمع معطيات تساعد على حمايتها في مواطنها الطبيعية.
دخلت بانيراي أيضًا في مشروع تعاون آخر مع اليونسكو مدته سنتان ويهدف إلى تطوير برنامج Ocean Literacy Program لمحو الأمية في ما يتعلق بالحفاظ على المحيطات.
وفي هذا السياق، أطلقت الدار حملة عالمية بعنوان Panerai Ocean Conservative Initiative (مبادرة بانيراي للحفاظ على المحيطات) شملت 100 جامعة في العالم بهدف تنوير الطلاب حول الإمكانيات المتاحة أمام أي علامة فاخرة، مثل بانيراي، لأن تكون قوة فاعلة تخدم كوكب الأرض من خلال التزامها الجدي بجهود الاستدامة.
بل إن العلامة تشجّع أيضًا موظفيها على الانخراط بمبادرات تطوعية تخدم الأهداف نفسها في مجتمعاتهم، وتنظم برامج لجمع البلاستيك والمشاركة في مساعي تنظيف المحيطات.
يعتمد مصنع بانيراي في نوشاتيل مسارات عدة لإعادة التدوير تثبت التزام الدار تحقيق أعلى المعايير المستدامة للحد من تأثير أنشطتها على البيئة.
وعلى ما يمليه هذا الالتزام، حرصت بانيراي أيضًا على الحد من تأثيرها على التغير المناخي عبر الاستثمار جديًا في خفض البصمة الكربونية لمواقعها في العالم، بداية من البناء الحديث الذي يحتضن مصنعها في نوشاتيل والذي اعتُمدت فيه مسارات عدة لإعادة التدوير، بما في ذلك استخدام موارد متجددة مثل مياه الأمطار، والطاقة الشمسية. بل إن الدار تحرص اليوم على استخدام المواد معادة التدوير في ما نسبته 70% من مساحات متاجرها في العالم والمفروشات التي تؤثث بها.
وإن كانت هذه المساعي كلها تدل على شيء، فهو أن قول بونترويه "نحن مسؤولون، بوصفنا شركة، عن الاضطلاع بدور فاعل يدعم الحاجة الملحة إلى التغيير والمساهمة في حماية كوكبنا" يختزل بحق رؤية طموحة لمستقبل أفضل ليس في عالم الساعات فحسب.