يُعد مفهوم تشارك اليخوت أمرًا منطقيًا: تؤدي الملكية المُشتركة عبر شركة إدارة إلى تقليل التكاليف وتفادي القلق بشأن الصيانة أو طاقم اليخت فيما تعزز فرص الاستمتاع بتجربة متكاملة (هذا في أفضل الأحوال). لكن على غير ما هو عليه الحال في قطاع طائرات رجال الأعمال، لم يترسّخ هذا النموذج في قطاع اليخوت.

في الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً، ثمة أسطول من الطائرات ذات الملكية الجزئية يضم نحو 830 طائرة، تراوح أسعارها بين 3 ملايين دولار للطائرات الخفيفة و65 مليون دولار لطائرات غلفستريم من طراز G650. في المقابل، لا يزيد عدد اليخوت ذات الملكية الجزئية على عشرين يختًا معظمها بطول لا يتجاوز 70 قدمًا، ومملوكة لشركتين فقط. أما اليخوت الفاخرة التي يزيد طولها على 100 قدم والتي تخضع لنظام الملكية الجزئية، فمجموعها ستة فقط.

في هذا يقول فينتشينزو بويريو، الرئيس التنفيذي لشركة تانكوا لليخوت: "إن نموذج الأعمال هذا منطقي، ولكن ردود فعل مجتمع اليخوت عليه غير منطقية". ويضيف: "يُعزى السبب الرئيس إلى أن معظم مالكي اليخوت لا يُحبون مفهوم التشارك"، مشيرًا إلى أن أولئك المهيئين لقبول هذا النموذج يميلون إلى رفع سقف توقعاتهم كثيرًا.

بخلاف إدارة الطاقم واليخت، يتمثل التحدي الآخر في التوقعات المرتبطة باليخوت ذات الملكية الجزئية على مستوى الخدمات بالغة الفخامة. وترجع إحدى قصص النجاح في هذا السوق إلى شركة سي نيت SeaNet التي بدأت برنامجها المعتمد على الملكية المشتركة قبل 18 عامًا في كاليفورنيا، والتي تمتلك اليوم أسطولاً من يخوت بينيتي Benetti الفاخرة التي تجوب البحر الأبيض المتوسط والبحر الكاريبي.

يقول مايك كوستا، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة سي نيت: "بينيتي اسم يرتاح له زبائننا. اقتنينا أول يخت يحمل توقيع العلامة في عام 2016، ونحن في طريقنا إلى إضافة يخت سادس ما زال قيد الإنشاء، يحمل اسم Oasis ويبلغ طوله 34 مترًا [نحو 111 قدمًا]". يُذكر أن سي نيت حصرت عدد الزبائن الذين يتشاركون ملكية يخوتها بأربعة مالكين، وذلك بهدف زيادة عدد الأسابيع التي يقضيها كل منهم على متن اليخت.

ويقول كوستا: "لا نريد لزبائننا أن يشعروا بأنهم مقيدون بالوقت، كما لا نريد إرغامهم على قبول المواقيت المتاحة بسبب الجدول الزمني". في كل عام، يتناوب المالكون المشتركون ليخوت سي نيت على استخدامها في العطلات ومواسم الذروة لتحقيق "تكافؤ الأولويات"، على حد تعبير كوستا.

ويتضمن أسطول سي نيت أيضًا زوارق مائية فاخرة من علامات مثل أبسولوت Absolute وسانسيكر Sunseeker وفان داتش VanDutch.

أما الشركة السويسرية Floating Life، المتخصصة في إدارة اليخوت وتأجيرها، فأطلقت مفهومها التشاركي قرابة عام 2010 من خلال ثلاث سفن من تصميم نورمان فوستر. ولكن سفينة واحدة فقط ظلت صالحة للعمل، وهي Ocean Pearl البالغ طولها 134 قدمًا، والتي يمكن شراء حصة فيها ابتداءً من 500,000 دولار.

تخطط الشركة أيضًا لابتكار يخت بتصميم أكثر مواءمة للرحلات السياحية. سيحمل اليخت اسم Dream 42 وسيمتد بطول 138 قدمًا، وقد بيعت إلى الآن ثلاث حصص من ملكيته المجزأة إلى سبع حصص إجمالية. وسيشتمل اليخت، الذي أوكلت مهمة تصميمه إلى أندريا بيزيني، على ست مقصورات فاخرة - اثنتان منها بشرفات قابلة للطي - تعكس الاهتمام البالغ بالمساحات الخارجية الخاصة والمساحات الداخلية المفتوحة.

مقابل نحو 4 ملايين دولار للحصة، يستفيد كل مالك من فرصة استخدام اليخت لمدة 31 يومًا، وتبذل Floating Life قصارى جهدها لتخصيص الإقامة على متن اليخت، سواء أكان ذلك يعني تجهيزه بأعمال فنية خاصة أم تخصيص وجبات الطعام مقدّمًا. يقول فيليبو روسي، الرئيس التنفيذي للعمليات التجارية في الشركة: "لا يحتاج المالكون إلى الانشغال بأي شيء. في ختام الرحلة، يشبه الأمر مغادرة غرفة في فندق. لا قلق بشأن الطاقم أو التنظيف أو الصيانة أو غيرها من المشكلات المترتبة عن امتلاك اليخوت".

يبدو هذا الأمر رائعًا، ولكن لا بد من أن نسأل: لماذا لم تكتمل بعد قائمة المالكين الذين تحتاج إليهم شركة Floating Life لتشرع في بناء اليخت Dream 42، خصوصًا في ظل الطلب القياسي الحالي على اليخوت؟ يقول روسي: "إن الفئة التي يستهدفها هذا المشروع ستظل دائمًا محدودة للغاية". ويستطرد قائلاً: "إن تشارك ملكية اليخوت لن يحدث ثورة في السوق، وذلك لأن الشركات تلاقي صعوبة كبيرة في إدارة اليخوت".

سارعت شركة AvYachts، التي تتخذ من فلوريدا مقرًا لها، إلى دخول عالم اليخوت المُتشاركة في عام 2017، ولكنها باعت في النهاية قاربيْها Wesport 130  وWestport 112. لا تزال الشركة ناشطة، بيد أن عملها يدور حول تقديم خدمات وساطة تُيسّر لكل مالكَيْن اقتناء يخت واحد. ولا تتدخل الشركة في الجوانب الإدارية التي تتبع عملية البيع، ولكنها تركز، بدلاً من ذلك، على ما تسميه المؤسسة كاثي كينيدي "حلول الملكية المشتركة".

أما باتريك غالاغر، رئيس شركة NetJets، فيصف مفهوم تشارك اليخوت بأنه "نموذج رائع" ولكنه يعي عيوبه. وفي هذا يقول: "لا يتميز هذا النموذج بذلك المزيج المتكامل الذي يجمع بين العمل والترفيه". ثم يضيف: "ثمة أيضًا مسألة الاستفادة من اليخوت على مدار العام. فمن المعلوم أن الطلب على اليخوت يكون موسميًا بدرجة كبيرة". ولكنه يشير إلى أن هذا النموذج قد يكون قابلاً للتطبيق إذا ارتقت شركة ما "بمستواه واعتمدت فيه قيودًا تشغيلية مناسبة". مع ذلك، يبدو أن القول أسهل من الفعل.