ثمة إجماعٌ في قطاع الأزياء الرجالية مفاده أن فصل الخريف هو فصل الأناقة. فارتداء الملابس في الصيف والشتاء والربيع مَرهون بتقلبات الحرارة والبرودة والمطر، على عكس ما هو عليه الحال في فصل الخريف المعتدل، المتمايز بدرجات حرارة مُتوسّطة والمناسب تمامًا للتأنّق.
على أن تميّز الأزياء الخريفية يُعزى أيضًا بدرجة كبيرة إلى جمال الملابس المحبوكة. وقبل أن تقول إنك في غِنى عمّن يُخبرك عن الفائدة الكبرى لملابس الكشمير التي تمتلكها، اعلمْ أن مدار حديثنا الآن هو المستوى الثاني من إطلالات الكشمير. فقد طرحت العلامات الجديدة والعريقة على حد سواء مجموعاتٍ مذهلة لموسم خريف 2023، في امتداد للإطلالات المريحة والفاخرة التي ظهرت ردًّا على جائحة كورونا.
وخير مثال على ذلك، الإطلالات الفاخرة والمرتجلة للمصمم الإيطالي المُقيم في لوس أنجليس دافيد بارونشيني (كان يعمل سابقًا في دار برونيللو كوتشينيللي)، والكنزات المتينة والمحبوكة يدويًا من دار Flamborough Marine. لذلك، ثِق تمامًا بأن الكنزة الأنيقة تُعدّ في الوقت الحالي مفتاحَ موسم الأناقة.
هذا هو السبب في ميل وارن ألفي بيكر، المصمم المُقيم في لوس أنجليس والذي يتكفّل باختيار أزياء مشاهير مثل أندرو غارفيلد وباتريك ديمبسي وريتشارد مادن، لهذه الكنزات. وفي هذا يقول: "بحوزتي كنزة محبوكة جميلة من بريوني، تتباهى بلون الشوكولاته البُني الذي يُثلج صدري.
إنه لونٌ رائع يُمكن تنسيقه مع أي لون آخر". ويُضيف: "أمتلك أيضًا كنزة مفتوحة حمراء زاهية من علامة آمي Ami، وهي كنزة فاخرة فضفاضة أَعدُّها قطعتي المفضلة". يذكر بيكر أيضًا علامتي زينيا وبرونيللو كوتشينيللي، ويقول: "تمتلك دار زينيا مجموعة من الألوان الجميلة والأقمشة الخفيفة، فيما تتّسم كنزات برونيللو كوتشينيللي المحبوكة من الكشمير بالأناقة؛ لذا فإن ارتداء إحداها في المناسبات المسائية أمر رائع".
Janelle Jones
سترة غير مبطنة، حيكت على نسق قميص من الكشمير من فيوروني (3,395 دولارًا)، وقميص بولو طويل الأكمام محبوك من صوف الياك والكشمير من ألتيا (975 دولارًا) وسروال بطية أحادية مشغول من الصوف الإيطالي من De Bonne Facture (520 دولارًا)، وحذاء Travis Walk مصنوع من جلد العجل من لورو بيانا (1,150 دولارًا)، وقبعة محبوكة من غوتشي (430 دولارًا)، ونظارات شمسية بإطارات سوداء من الأسيتات وعدسات رمادية داكنة من أكوني (690 دولارًا)، وحزام جلدي من هيرميس (750 دولارًا).
في ما يخص أزياء المشاهير، يُحب بيكر الملابس المحبوكة بسبب الطابع الحرّ الذي تتّسم به، ويقترح مجموعة من الخيارات المثيرة المناسبة للجميع، بداية من الأثرياء الذين يميلون إلى أزياء لورو بيانا غير المتكلفة، ووصولاً إلى الأفراد الذين يُفضّلون أزياء إلدِرْ سْتيتْسمان المصبوغة.
على أن الأسلوب المفضل حاليًا عنده يُزاوج بين المألوف والمفاجئ. وفي هذا يقول بيكر موضحًا: "لقد لاحظت عودة الصدارات المحبوكة"، في إشارة إلى الصدارات المستوحاة من أناقة الطلاب الجامعيين قديمًا، الجاهزة للارتداء في كل حين والتي فقدت جاذبيتها في السنوات الأخيرة.
ويرى بيكر أن هذه القطعة ملائمة للانتقال من موسم الصيف إلى الخريف، إذ يُمكن ارتداؤها بسهولة فوق قميص تي - شيرت عندما يكون الطقس دافئًا، مثلما يُمكن ارتداؤها فوق قميصٍ بِياقة حين تنخفض درجة الحرارة. وثمة ميزة إضافية لهذه التصاميم تتمثّل في استحضارها أسلوب تأنق النخبة في ظل الحماس الراهن لكل ما يُوحي إلى الأناقة الراقية غير المتكلفة.
يَميل بيكر أيضًا إلى آخر صيحات الكنزات مفتوحة العنق، مثل تلك التي تحبكها العلامة الباريسية آمي. وفي هذا يقول: "إنها تتماشى جيدًا مع سروال الجينز الأبيض وقمصان تي - شيرت، كما تتماشى مع السراويل ذات الطيات وقمصان أكسفورد البيضاء".
لا شك في أن الكنزات المحبوكة شائعة في الخريف، شأنها في ذلك شأن السراويل القصيرة في الصيف.
Janelle Jones
معطف من الصوف البرتغالي غير المصبوغ والمتمايز بنمط متعرج من De Bonne Facture (1,700 دولار)، وكنزة بياقة مرتفعة محبوكة من الكشمير من Piacenza 1733 (1,190 دولارًا)، وسروال من الصوف من أوفيسين جنرال (485 دولارًا)، وحذاء Crosta الرياضي المصنوع من الجلد المقلوب من بريوني (890 دولارًا)، وحقيبة Envelope Folio من سميثسون (1,195 دولارًا).
ولكن المصممين يُقاربونها بإبداع متجدد وتطلع إلى التميز، وإن بأسلوب غير صارخ. لنأخذ على سبيل المثال النسيج المتموج لكنزة كيتون المحبوكة ذات اللون الرمادي الفاتح، والتي تُغدق على أي إطلالة نفحةً من الحيوية والتميز البصري.
عند ارتداء هذه الكنزة فوق قميصٍ مع سروالٍ متعدد الجيوب بخصر مطاطي، تبدو الإطلالة متقنة وعفوية في الوقت نفسه، على نحو يستحضر الإطلالات التقليدية التي راجت في السابق بين طلاب الجامعات المرموقة. أما عند ارتدائها تحت سترة أو معطفٍ غير رسمي، فإن الإطلالة تعكس تحديثًا متمايزًا لأزياء المكاتب التي شاعت بعد الجائحة.
يمكن أيضًا للملابس الرزينة أن تترك انطباعًا قويًا عند ارتدائها على النحو الصحيح. يَحكي جايسون جولز، المدير الإبداعي البريطاني ومؤلف كتاب Black Ivy، أنه اقترح قبل سنوات على بعض أصدقائه المنتمين إلى فرقةٍ موسيقية ارتداء كنزات مفتوحة، وكيف صدمهم قوله هذا. ويقول: "أعتقد أن ثمة افتراضًا بأن الملابس المحبوكة للمسنين، ولكنها راقت لي دائمًا بسبب تعدد استعمالاتها".
يرى جولز أن القاعدة الأساسية التي ينبغي احترامها عند تنسيق الملابس هي المُوازنة بين الأضداد على نحوٍ يُتيح تنوّع الإطلالات. ويقول: "إذا ارتديتُ سروالاً بطيات، أو سروال جينز فضفاضًا، فإني أنسقه على الأرجح مع كنزة محبوكة مفتوحة بقصة تعانق تضاريس الجسم أو كنزة رياضية".
ألوان محايدة
يميل جولز إلى الألوان المحايدة (مثل الألوان الترابية، أو الأسود والأبيض والرمادي والأزرق الداكن) لتتلاءم مختلف القطع في خزانة ملابسه من دون وقوعه ضحية التنسيق الزائد عن الحد. كما أنه يُفضّل الأنسجة خفيفة الوزن على الأنسجة السميكة، وهي ضرورة عملية لقاطني لندن. وفي هذا يقول: "تصعد إلى القطار مرتديًا كنزتك، فتشعر بارتفاعٍ في الحرارة، ثم تنخفض الحرارة بمجرد نزولك منه. وما إن تصل إلى المكتب حتى تضطر إلى خلع الكنزة". ويُتابع: "ما أرتديه في الصيف، أرتديه في الشتاء".
قد يُعجِز هذا الكم الهائل من الخيارات بعض الأشخاص، ولكنك تستطيع التفكير فيها بوصفها تحديًا. لقد أصبحت الملابس المحبوكة فئةً متنوعة للغاية وغنية بالابتكارات، إلى درجة أن اختيارات المرء تكشف عن ملامح من شخصيته: كنزتك المفضلة قد تشكل نافذة إلى روحك. لذا أطلق لنفسك العنان.
يقول بيكر: "أعتقد أن عَظَمة قِطع الملابس مرتبطة بالمشاعر التي تبعثها في النفس. ثمة العديد من الخيارات الرائعة، لكن المهم هو إيجاد القطعة التي ترتاح إليها دون غيرها". بعبارة أخرى، حتى في العالم الجديد الشجاع الخاص بالملابس المحبوكة، تبقى بعض الأمور على حالها.
Janelle Jones
كنزة فضفاضة محبوكة من الكشمير ومزدانة بغرزات منقوشة وأزرار على هيئة أبواق من كيتون (5,360 دولارًا) وكنزة محبوكة من الصوف من L.B.M. 1911 (450 دولارًا)، وسروال كلاسيكي بِطيّات مشغول من القطن من Umit Benan B+ (1,150 دولارًا)، وحذاء مصنوع من جلد الغزال والجلد المقلوب من كانالي (795 دولارًا).
راحة مثالية
تقول ساسكيا دايْكسترا، مؤسسة علامة الملابس المحبوكة "إكستريم كشمير" Extreme Cashmere التي تتخذ من أمستردام مقرًا لها ومن هونغ كونغ مشغلاً لها، والتي يستحسنها مشاهير مثل لويس هاميلتون وهيلي بيبر: "لقد صممت كنزات مختلفة من الكشمير، من التصاميم الأشد فخامة إلى المنتجات بخسة الثمن.
وفي مرحلة ما، أدركت أن العلامات تُضطر إلى تقديم التنازلات عند الوصول إلى نقطة معينة. ولذلك، أردت تصميم كنزة محبوكة مثالية من دون تقديم أي تنازلات". منذ عام 2016، ركزت دايكسترا على الإتيان بتصاميم متنوعة تتمايز بقصاتها المثالية للرجال والنساء على حد سواء، مثل الكنزات ذات الياقات المستديرة، والكنزات مرتفعة الياقة، والكنزات المفتوحة، وكلها متقنة الحياكة.
Janelle Jones
مجموعة من الكنزات المحبوكة التي تتفوق علامة "إكستريم كشمير" في صنعها.
بعد إشرافها على توفير الكشمير لعلاماتٍ مثل جيل ساندر وجوزيف وAgnes B، بدأت دايكسترا رحلة البحث عن الكمال عن طريق استخدام أطول ألياف الكشمير على الإطلاق، من الخيوط مقاس 36 و38 إلى الخيوط مقاس 40 "النادرة للغاية" (تقول دايكسترا: "أنا محظوظة لأنني أعرف المصنع جيدًا")، ثم حياكتها بإحكامٍ شديد (النسيج المرن يحتاج إلى صوف أقل)، وإضافة الليكرا إلى القطع السميكة لضمان تعزيز الكثافة والوزن.
لطالما دافعت دايكسترا عن استخدام الليكرا بهذه الطريقة، ولكن جرى تجاهلها مرارًا لصالح حياكة قطعٍ أكثر هشاشة تُوصف مع ذلك بأنها مصنوعة 100% من الكشمير. وفي هذا تقول: "هذا ما استصعبته في صناعة الأزياء، إذ تعمد العلامات إلى تلبية مطالب السوق". وتضيف: "بما أنك علامة قائمة، فينبغي أن تُركز على ما تبرع فيه. وما نُركز عليه نحن هو السعي إلى تصميم أفضل كنزة في العالم".
الإعداد: ماكس بيرلينغر Max Berlinger
تصوير: جانيل جونز JANELLE JONES
تنسيق الأزياء: تشارلز و. بومغاردنر CHARLES W. BUMGARDNER
محرر منتجات السوق: لويس كامبوزانو LUIS CAMPUZANO