بعد سنوات من الدعاية الصاخبة، دخلنا أخيرًا عهد الطيران الكهربائي. فمن المتوقع أن تُعتمد طائرة EH216  التي طورتها شركة "إي هانغ" EHang هذا العام، وهي الأولى بين ست طائرات كهربائية قادرة على الإقلاع والهبوط عموديًا (eVTOL) تعتزم دخول السوق في عامي 2024 و2025.

هذا ما هو عليه أيضًا حال مجموعة من الطائرات الكهربائية التقليدية المظهر التي تسعى للحصول على الترخيص في الوقت نفسه تقريبًا. كانت برامج التطوير تتقدم بسرعة فائقة في السنوات الماضية، ولا يزال المستثمرون يضخون مليارات الدولارات في هذا القطاع. وتجدر الإشارة إلى أن الشركات الست الرائدة في القطاع قد طرحت أسهمها للاكتتاب العام.

مطبّات عديدة

لكن المسار المؤدي إلى اعتماد الطائرات الصامتة عديمة الانبعاثات تكتنفه مطبّات عديدة. في شهر مارس، أعلنت شركة Beta Technologies، التي تُعد من أوائل الشركات التي اعتمدت تقنية الإقلاع والهبوط عموديًا، أنها أجّلت إطلاق طائرة Alia-250 eVTOL، وأنها ستسعى عوضًا عن ذلك لكي تنال طائرتها الكهربائية CX300، القادرة على الإقلاع والهبوط بالطريقة التقليدية، الترخيص اللازم في عام 2025.

طائرة Alia-250 eVTOL

eVTOL

وفي تصريح لمجلة MIT Technology Review، قال المؤسس كايل كلارك إن شركته ستواصل رحلتها على طريق تطوير الطائرات الكهربائية "ولكن من دون انتظار حدوث ثلاث معجزات أو أربع في وقت واحد"، مشيرًا إلى الشكوك بشأن اللوائح التنظيمية والتحديات التقنية التي تواجه قطاع الطائرات الكهربائية القادرة على الإقلاع والهبوط عموديًا (تسعى شركة بيتا إلى الحصول على ترخيص لطائرة Alia-250 بحلول عام 2026). 

في وقت سابق، أجّلت الشركتان المتنافستان ليليوم Lilium وجوبي Joby تاريخ استصدار التراخيص إلى عام 2025، وذلك لأسباب مختلفة، غير أن الاعتقاد السائد والمسكوت عنه يقول إن الحصول على تراخيص من إدارة الطيران الفيدرالية قد يتأخر إلى عام 2027 أو 2028، لأن الطائرات الكهربائية القادرة على الإقلاع والهبوط عموديًا لا تشبه أي طائرات سبق إنتاجها من قبل.

على أن الغموض يحيط بتصريحات إدارة الطيران الفيدرالية في هذا الخصوص، إذ أعلمت مجلة MIT Technology Review أن "السلامة ستحدد الجدول الزمني للترخيص، لكن من المرجح أن تبدأ هذه الطائرات بالتحليق بحلول عام 2024 أو 2025". ولكن هذا الجدول الزمني يدخل في باب "الترجيح" لا غير.

تحقيق حلم الاستدامة

لكن على الرغم من هذا التأخير، فلا أحد يتوقع انحسار هذه الثورة. والرأي السديد في الموضوع يُفيد بأن سيارات الأجرة الطائرة ستشيع وتدخل المجالات الجوية للمدن بحلول عام 2030، خصوصًا في ظل تقلص عدد الشركات المتنافسة من 250 شركة وأكثر إلى قلة محدودة، وبناء المدرجات العمودية، وتحسين تقنية البطاريات.

في غضون ذلك، ستكون الطائرات الكهربائية القادرة على التحليق طويلاً نقطة الانطلاق. فعلى سبيل المثال، حلقت طائرة CX300 التي طورتها شركة بيتا لمسافة بلغت نحو 22,000 ميل، فيما أكملت طائرة الرحلات الإقليمية Alice، التي طورتها شركة إيفييشن Eviation، أول رحلة تجريبية لها العام الماضي.

ومع أن الطائرتين تستهدفان فئات مختلفة غير أن هدفهما واحد، وهو تقليص انبعاثات الكربون إلى صفر. تعمل شركات أخرى على تصميم طائرات كهربائية مخصصة للرحلات الإقليمية، وفي هذا يقول غريغ ديفيس، الرئيس التنفيذي لشركة إيفييشن: "إننا بصدد تطوير طراز حسب الطلب يصل بين مدن لا صلة بينها"، مشيرًا إلى أن عدد المطارات الصغيرة المجهزة بمدرجات معبدة في الولايات المتحدة يبلغ 3,500 مطار.

ويتابع: "ما عليك إلا اختيار التاريخ والموقع وسنكون هناك. الأمر يشبه خدمة أوبر للطائرات. نعتزم أيضًا الوصل بين المناطق التي تصلها القطارات والعبّارات فحسب".أهذا حلم صعب المنال؟ ربما. أهو حلم شديد الأهمية؟ بالتأكيد.

يقول كلارك: "إذا لم نفعل شيئًا إزاء الوضع الحالي، فإن قطاع الطيران سيكون أكبر مصْدر لانبعاثات الكربون بحلول عام 2035". ويؤكد: "لن ندع هذا الأمر يحدث. مستحيل".