إنه السفر مدى الحياة. ففي أعقاب الجائحة، أصبح كثير منا يرى السفر من منظور مختلف تمامًا، إذ لم يعد هروبًا من الروتين بل استراحة داخله، وجزء من حياتنا اليومية. إذا أردت التأكد من هذا التوجه، فما عليك سوى أن تسأل أي وكيل سفر متخصص في الرحلات الفاخرة عن الزيادة في معدل الاتصالات التي يتلقاها من زبائنه.
ترحال دائم أكثر
وفي هذا تقول تانيا دالتون، المدير العام في شركة غريفز ترافل ليميتد Greaves Travel Limited، إن حوالي 30% من زبائنها باتوا يتواصلون معها خارج ساعات العمل، وهو تصرف كان يُعد نادرًا قبل الجائحة، لكن إمكانية العمل من أي مكان جعلت النخبة من المسافرين في ترحال دائم أكثر من أي وقت مضى.
بل إن هذا ما دفع شركة كوكسون أدفينتشرز Cookson Adventures التي تنظم تجارب سفر فاخرة للنخبة إلى إضافة خدمات مميزة مثل برنامج ستارلينك Starlink للانطلاق في رحلات إلى وجهات يصعب الوصول إليها.
تنامى أيضًا عدد أولئك الذين يرافقون الزبائن في أسفارهم، إذ بات يشمل العديد من الموظفين الذين يعملون على تسهيل احتياجاتهم اليومية. شمل أحد الحجوزات التي أجرتها شركة كوكسون أخيرًا رئيس الموظفين، والمساعد الشخصي، ومدير وسائل التواصل الاجتماعي، والطاهي، واثنين من رجال الأمن، ومربّيتي أطفال.
ولا يكتفي المسافرون من هذه الفئة باستئجار طائرات خاصة لرحلاتهم، بل يبقونها جاهزة تحت الطلب. هذا ما هو عليه حال الرحلة التي تنسقها كوكسون اليوم إلى وجهات في مدار السرطان والتي ستستمر ستة أسابيع.
بسبب هذا التعطش للسفر ظهر "أشباه الرحَّالة" وهم يشكلون فئة جديدة وحصرية من الزبائن لكريستوفر ويلموت-سيتويل، المالك المشارك في كازينوف آند لويد Loyd&Cazenove ومدير الشركة. وفي هذا يقول إن الرحلات التي تمتد لسنوات عدة أصبحت شائعة، وغالبًا ما تسمح للزبائن بالعيش في منطقة نائية لمدة تمتد من شهر واحد إلى ستة أشهر.
ويضيف ويلموت - سيتويل: "إنهم يتفاوضون مع رؤسائهم في العمل على شروط محددة تسمح لهم بالعمل من بلد آخر لعدد محدد من الأشهر". وقد لاحظ إدوارد غرانفيل، الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة ريد سافانا Red Savannah، الأمر نفسه، إذ يسعى العديد من زبائنه إلى التخطيط لحياتهم على الطريق لمدة تصل إلى خمس سنوات.
وفي هذا يقول: "لا يقومون بالحجوزات كافة بالضرورة، ولكنهم يحددون الخطوط العريضة لرحلتهم في محاولة لجعل السفر جزءًا لا يتجزأ من حياتهم. بل إن بعضهم يخطط للرحلة التالية قبل انتهاء رحلته الحالية".
لاحظ غرانفيل زيادة بنسبة 225% (مقارنة بما كان عليه الحال قبل أربع سنوات) في حجوزات ما يسمى الفيلات الفارهة، وهي منازل تضم 10 غرف نوم أو أكثر وتزيد تكلفتها على 75 ألف دولار في الأسبوع.
وقد نمت شهرة هذه الملكيات مع تحول السفر إلى وسيلة للم شمل أو إعادة إحياء التواصل، ولقاء الأصدقاء أو الأقارب المنتشرين في أنحاء مختلفة من العالم. يقول مايكل هيويل، الذي يدير شركة Michael’s VIPs الرائدة في تنظيم رحلات ديزني إنه نادرًا ما كان يعمل مع أكثر من عائلة في الرحلة الواحدة خلال فترة ما قبل الجائحة. أما اليوم، فما لا يقل عن 20% من حجوزاته تتضمن عائلتين أو أكثر، أو مجموعة كبيرة من الأصدقاء.
بات السفر أولوية. بل إنه أصبح اليوم هدية يمكن تقديمها، وهو أمر كان نادرًا قبل بضع سنوات. بدأ زبائن شركة فيشر ترافيل Fischer Travel ومقرها مدينة نيويورك في تكليف فريقها بمهمة ابتكار رحلات فاخرة يمكن تقديمها هدايا، إذ منح أحدهم مساعده منذ فترة طويلة عطلة في كابري الصيف الماضي، فيما اختار آخر منح أفراد أسرته المقربين رحلات مفتوحة ومدفوعة التكاليف بالكامل إلى وجهات من اختيارهم. تخطط ابنته وزوجها للذهاب في رحلة إلى ويمبلدون، مع إمكانية حجز مباراة في كرة المضرب مع أحد لاعبي الدرجة الأولى في اليوم السابق للسفر.