"لم تكن هناك رؤية أو حلم كبير، لكن كان هناك دائمًا خيط ثابت يدفعنا إلى الأمام بينما نواصل النمو عالميًا، وهذا الخيط هو الخدمة المتميزة". بهذه الكلمات لخّص إيزادور شارب، مؤسس شركة فورسيزونز، سر نجاح علامته التجارية التي بدأت بنزل صغير في مدينة تورونتو الكندية عام 1961، قبل أن تتحول إلى إمبراطورية تدير وتمتلك أكثر من 130 فندقًا ومنتجعًا حول العالم، وتحقق أرباحًا سنوية تزيد على 4 مليارات دولار.

المثير في الأمر هو أن شارب بدأ حياته المهنية عامل بناء، لكنه تمكن من تحويل نفسه إلى رائد عالمي في صناعة الضيافة الفاخرة. ورغم تجاوزه العقد التاسع من العمر، إلا أنه لا يزال يشغل منصب رئيس مجلس إدارة الشركة، ويولي اهتمامًا فائقًا بأدق التفاصيل، حتى أن أي موظف جديد لابد أن يمر على مكتبه للحصول على الموافقة النهائية، كما يقول في كتابه "فورسيزونز: قصة فلسفة العمل".

طفولة صعبة

لم يعش شارب حياة الرفاهية في طفولته. فقد ولد في الثامن من أكتوبر عام 1931 لوالدين بولنديين هاجرا إلى كندا. بعد وصول العائلة إلى تورونتو عام 1925، اشتغل والده ماكس عامل بناء بأجر يومي لبضع سنوات، قبل أن يتجه إلى شراء المنازل القديمة وتجديدها باستخدام خبرته العملية ثم بيعها بربح. هذا الأمر جعل شارب يعيش في 15 منزلاً مختلفًا قبل بلوغه السادسة عشرة من العمر.

كان شارب يستغل فترة العطلة الصيفية للعمل مع والده في البناء. بعد اجتياز الشهادة الثانوية، قرر الالتحاق بمعهد رايرسون للفنون التطبيقية في تورونتو، حيث حصل على دبلوم الهندسة المعمارية عام 1952، لأنه كان يرغب في اتباع خطى والده بمجال البناء. وبعد التخرج، عمل شارب بجانب والده في بناء المباني السكنية الصغيرة وتطوير المنازل.

إمبراطورية فورسيزونز.. فصول حكاية خطها عامل بناء

Four Seasons

المشروع الأول

لكن القدر كان يخبئ لشارب مكافأة خاصة على اجتهاده، ساهمت في تغيير مسار حياته بالكامل. ففي عام 1955، قرر أحد الأصدقاء بناء فندق صغير وكلفه بهذه المهمة. بعد أن شاهد شارب نجاح فندق صديقه، فكر: إذا كان ثمة فرصة لنجاح فندق على طريق سريع محدود الاستخدام، فماذا عن فندق في وسط المدينة؟

من هذه اللحظة، قرر الشاب الطموح بناء فندقه الخاص، لكنه احتاج إلى 5 سنوات لجمع المال اللازم. فقد واجه صعوبة في إقناع المستثمرين بمشروعه، نظرًا لضعف خبرته في عالم الضيافة. لجأ شارب إلى صهره إدي كريد، صاحب متجر للأزياء الراقية في تورونتو، وأفضل صديق لكريد، موراي كوفلر، مؤسس سلسلة صيدليات شوبرز دراغ مارت.

وافق الرجلان على المساهمة بمبلغ 180 ألف دولار. حصل شارب أيضًا على 90 ألف دولار مساهمة مالية من والده، واقترض 125 ألف دولار من بنك نوفا سكوتيا. مع ذلك، لم يكن ما جمعه كافيًا للبدء في المشروع، فاتصل بأحد معارف والده في الأعمال، سيسيل فورسيث، الذي كان يعمل بقسم الرهن العقاري في شركة غريت ويست للتأمين على الحياة. كانت خطة شارب هي جمع الأموال المتبقية من خلال الرهن العقاري. في البداية، رفض فورسيث طلب شارب بسبب شكه في قدرة الشاب بالمجال التجاري. مع ذلك، استجاب في النهاية لطلبات شارب المتواصلة ووافق على توفير التمويل المتبقي.

جرى افتتاح فندق فورسيزونز موتور، الذي كان يضم 125 غرفة، في اليوم الأول من فصل الربيع عام 1961. اختار شارب لفندقه شعار شجرة باللون الأسود يظهر عليها تغيرات فصول السنة الأربعة، مع خلفية بيضاء، واسم فورسيزونز مكتوبًا أسفل منها. كان الهدف من الشعار البسيط هو إلهام الضيوف لرؤية الفندق مكانًا يمكنهم الاعتماد عليه طيلة العام، وفي الوقت نفسه استثارة الشعور بالنمو والرخاء.

في ذلك الوقت، لم يكن شارب يعلم شيئًا عن عالم الضيافة، لذلك قام بتعيين مدير عام للفندق. فقد كان حريصًا على استكمال المهارات التي كان يفتقر إليها من خلال توظيف الأشخاص المناسبين. كما أنه كان يعرف ما يريده من حيث طبيعة المكان وأسلوب العمل فيه. فقد آمن بضرورة الترحيب بالزوار ومعاملتهم مثل الضيوف القادمين إلى منزله.

حقق الفندق الأول لشارب نجاحًا فوريًا. فقد انجذب الضيوف إلى بناء الفندق الذي يتميز برقيه رغم بساطته، والخدمة التي تتمايز  بكونها أكثر شخصية. وعن ذلك يقول شارب: "افتتحنا فندقنا الأول بمبدأ بسيط: معاملة كل زائر كضيف مميز".

أول فنادق فورسيزونز

Four Seasons

المشروع الثاني

نجاح الفندق شجع شارب على خوض تجربة ثانية. ففي عام 1963، افتتح فندقًا آخر في تورونتو حمل اسم Toronto's Inn on the Park. جرى بناء الفندق على مساحة 17 فدانًا في منطقة مهجورة شمال المدينة، قريبًا من مكب كبير للقمامة.

كان هناك عجز مالي قبل بدء بناء الفندق، لذا لجأ شارب إلى فورسيث مجددًا للحصول على تمويل. هذه المرة، وافق فورسيث على تقديم القرض من دون تردد، بعد رؤية النجاح الباهر للمشروع الأول.  رغم الموقع غير المتميز، إلا أن الفندق الثاني، الذي ضم 569 غرفة، حقق نجاحًا أيضًا بفضل الخدمة الممتازة التي يقدمها لضيوفه، وسرعان ما نمت المنطقة حوله لتصبح حيوية.

فندقًا آخر في تورونتو حمل اسم Toronto's Inn on the Park

Four Seasons

الطريق إلى العالمية

بعد النجاح الكبير لمشروعه الثاني في تورونتو، قرر شارب وزوجته روزالي الاحتفال بقضاء إجازة في لندن عام 1963. خلال إحدى ليالي العطلة، أقام الزوجان في فندق دورشيستر، وأُعجب شارب بجودة الفندق وفخامته. عندما عاد إلى تورونتو، تحدث مصادفة مع مقاول يعمل لدى شركة روبرت ماك ألباين، التي كانت تمتلك فندق دورشيستر. تمخض عن الحديث اتفاق على صفقة لبناء فندق في لندن يطل على حديقة هايد بارك التاريخية. 

رغم أن أبحاث السوق كانت تحذر من منافسة قوية ستواجه المشروع من فنادق الدرجة الأولى المعروفة مثل دورشيستر وكلاريدج وسافوي، إلا أن شارب تجاهل هذا التحذير. في عام 1970، افتتح فندق Inn on the Park، الذي يتألف من 227 غرفة، في ما شكل أول توسع لشارب خارج كندا، والخطوة الأولى نحو العالمية.

بسرعة، أثبتت الأيام صواب حدسه. فرغم الأسعار المرتفعة والسوق المزدحمة، حقق Inn on the Park  معدل إشغال يصل إلى 95%، واختير أفضل فندق بأوروبا بعد عام واحد فقط من افتتاحه. مجددًا، يُعزى هذا النجاح، حسب قول شارب، إلى التركيز على تقديم مستوى متميز من الخدمة يتجاوز ما يقدمه المنافسون، بالإضافة إلى التجهيزات الفاخرة.

إحدى غرف السبا في الفندق

Four Seasons

توسع أمريكي وعقبات في أوروبا

خلال عقد السبعينيات، اقتحمت فورسيزونز السوق الأمريكي بقوة، بينما تعثرت خططها للتوسع في أوروبا. فقد تأخرت بعض المشاريع بسبب خلافات مع شركاء محتملين في باريس وأثينا. وعندما بدأ البناء بفندق في روما أخيرًا، أوقف دعاة الحفاظ على البيئة العمل بعد اكتشاف قطع أثرية رومانية.

رغم التحديات التي واجهها، لم يتراجع شارب. في عام 1972، قام بالاتصال بشركة ITT واقترح إقامة شراكة بين فورسيزونز وشيراتون. نتج عن ذلك فندق تورونتو فورسيزونز شيراتون، الذي يتألف من 1450 غرفة. واجه الفندق تحديات في السنة الأولى من التشغيل، بما في ذلك تجاوز التكاليف وخلافات مع مفتشي بناء المدينة. كما لم تكن لدى شارب سلطة حقيقية في اتخاذ القرارات، رغم تعيينه مساعد مدير الفندق. في عام 1976، قام ببيع حصته بقيمة 49% مقابل 18.5 مليون دولار، وقرر التركيز على ما يجيده: تطوير وتشغيل الفنادق متوسطة الحجم التي تلبي احتياجات السوق الفاخرة.

في العام نفسه، اقتحم شارب السوق الأمريكي بتوقيع عقد إدارة لفندق ذا كليفت في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا، وهو أول عقد إدارة في تاريخ فورسيزونز. بعد أعوام قليلة، اختار قراء مجلة Conde Nast Traveler هذا الفندق أفضل فندق بأمريكا.

في عام 1978، افتتحت فورسيزونز فندقًا في واشنطن، وهو أول الفنادق التي تحمل اسم علامتها بالسوق الأمريكي. شهد هذا العقد، أيضًا، توسعات لفورسيزونز على شكل افتتاحات جديدة أو عقود إدارة لفنادق في شيكاغو وفانكوفر وتورونتو وبيلفيل.

فورسيزونز في واشنطن

Four Seasons

الإدارة بدل الامتلاك 

في عقد الثمانينيات، شهدت صناعة الفنادق تقلبات مالية بين الارتفاع والانخفاض. في مواجهة ذلك، اتبع العديد من أصحاب الفنادق، بما في ذلك شارب، استراتيجية كونراد هيلتون لإدارة العقارات بدلاً من امتلاكها. مكن ذلك فورسيزونز من افتتاح فنادق قيمتها 500 مليون دولار بتكلفة 15 مليون دولار فقط خلال الفترة بين عامي 1980 و1985.

في أوائل الثمانينيات، قامت فورسيزونز بحملة تجديد مكلفة للفنادق التي كانت تمتلكها كليًا أو جزئيًا، ما أدى إلى ارتفاع ديونها طويلة الأجل إلى 116 مليون دولار بحلول 1982. لتقليل هذه الديون، باعت فورسيزونز أصولاً في مونتريال وتورنتو وسان فرانسيسكو مع الاحتفاظ بالإدارة بموجب عقود طويلة الأجل. كما طرحت حصة من الأسهم للاكتتاب العام في بورصة تورنتو. من خلال ذلك، انخفضت الديون إلى حقوق المساهمين في فورسيزونز إلى نسبة مريحة 1:1 بحلول عام 1986.

تحولات أخرى شهدتها فورسيزونز في عقد الثمانينيات. ففي عام 1985، دخلت عالم الملاذات الخاصة، حيث أتاحت تملك وحدات تحمل اسمها في فندق بمدينة بوسطن الأمريكية. ومنذ ذلك الحين، أصبح أسلوب حياة فورسيزونز جزءًا من حياة كثير من الأشخاص. في عام 1986، قامت فورسيزونز بشيء غير مسبوق، إذ افتتحت فندقًا في دالاس يضم منتجعًا صحيًا متكامل الخدمات. كما افتتحت في دالاس، أيضًا، أول ملعب غولف لها. 

أحد الملاذات الخاصة في ميامي

Four Seasons

التوسع في آسيا وإنقاذ الوليد

واصلت فورسيزونز التوسع في أنحاء أخرى حول العالم، وبخاصة السوق الآسيوي، وركزت على المواقع المتميزة فقط. فقد قدمت أول منتجع استوائي لها في جزيرة ماوي عام 1990. بعد ذلك بعام، دشنت منتجعًا آخر في جزيرة نيفيس الكاريبية.

وفي عام 1992، افتتحت فندقًا في طوكيو، ما مثّل أول اختراق لها للسوق للآسيوي. أما في عام 1995، فأبرمت اتفاقًا مع مجموعة كارلسون للضيافة لتطوير وإدارة 9 فنادق في آسيا تحمل اسم علامتها التجارية ريجنت. كما شهد هذا العقد قيام فورسيزونز بتحويل مجموعة من الكنوز التاريخية إلى فنادق تتزين بشعارها، مثلما حدث في ميلانو (1993) وإسطنبول (1996) وباريس وبودابست (1999). 

في عام 1997، أدرجت فورسيزونز في بورصة نيويورك. ومع أول منتجع لها في جزر المالديف في عام 1998، بدأت فورسيزونز بإضافة أفضل وجهات الغوص إلى خياراتها المتزايدة للضيوف بغرض الترفيه. لكن هذا العقد لم يخلُ من مشاكل كسابقه. فقد غرق الغرب في ركود عميق عندما غزا العراق الكويت عام 1992. نتيجة لذلك تراجعت أعمال فورسيزونز بالسوق الأمريكي، وتصاعدت ديونها لدرجة الإصابة بالشلل في منتصف التسعينيات. 

واجهت الشركة هذا الوضع بالاتجاه أكثر نحو الإدارة؛ لأنها كانت أكثر ربحية وأكثر استقرارًا على المدى الطويل من امتلاك الفنادق. كانت استراتيجية فورسيزونز تقوم على شراء حصة صغيرة من الأسهم في الفنادق التي تأمل في إدارتها كوسيلة لفتح الباب أمام عقد إدارة ناجح. بسبب عبء ديونها، مُنعت الشركة من تقديم عطاءات على بعض الفنادق التي أرادت إدارتها. بحلول عام 1994، كان لديها 15 عقدًا قيد التفاوض، وتوقع أحد محللي الشركة أن تفوز فورسيزونز بخمسة منها فقط.

جاء الإنقاذ من مستثمر سعودي، إذ عرض الأمير الوليد بن طلال زيادة بنسبة 25% على سعر السهم في ذلك الوقت. اشترى الأمير الوليد ما يصل إلى 25% من أسهم الشركة في عام 1994، وخصص نحو 75 مليون دولار لتمويل مزيد من مشاريع التوسع. بفضل موارد الوليد الكبيرة، تمكنت الشركة من استكمال عطاءاتها بشأن إدارة العقارات، وسرعان ما بدأت في البناء والشراء في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك باريس ولاس فيغاس وكاراكاس.

مع تواصل الانتعاش والتركيز على الخدمة الممتازة، باتت فورسيزونز خيارًا مفضلاً للعديد من المشاهير، من نجوم الروك إلى السياسيين. وبحلول عام 1997، أعلنت مجلة بيزنس ويك أن الشركة في وضع مالي أفضل من أي وقت مضى، حتى أنها حققت أرباحًا جيدة رغم الانكماش الاقتصادي المفاجئ الذي ضرب آسيا عام 1998.

منتجع جزيرة ماوي

Four Seasons

بلوغ الشرق الأوسط والصين والهند

توسعت فورسيزونز في منطقة الشرق الأوسط والسوقين الصيني والهندي خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فدخلت منطقة الشرق الأوسط بفندق في القاهرة عام 2000، والسوق الصيني بفندق في شنغهاي عام 2002. وفي ولاية وايومنغ بالولايات المتحدة، أطلقت أول منتجعاتها الجبلية عام 2003 ثم دخلت السوق الهندي بفندق في مومباي عام 2008. 

خلال هذا العقد أيضًا، عادت فورسيزونز إلى الملكية الخاصة. فقد قام الأمير الوليد بن طلال بالتحدث إلى صديقه بيل غيتس، ليصبح مستثمرًا ثالثًا في الشركة، في عام 2007، بصفقة ضخمة بلغت 3.4 مليار دولار. بعد هذه الصفقة، بات بيل غيتس يمتلك 71.25% من العلامة التجارية عبر شركته كاسكيد الاستثمارية، بينما يمتلك الأمير الوليد بن طلال 23.75% عبر شركته المملكة القابضة.

أما شارب، فقد احتفظ بنسبة 5% فقط من الشركة، واستمر في دوره رئيسًا تنفيذيًا حتى عام 2010، عندما أصبح رئيسًا لمجلس الإدارة. وفي توضيح لتصوره لهذه الخطوة، يقول شارب، في كتابه: "كنت أرغب في خلق الاستقرار واليقين للمستقبل من خلال الحصول على ملكية لن تضطر إلى بيعها مرة أخرى".

فندق فورسيزونز في مومباي

Four Seasons

اقتحام الجو والبحر

في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، واصلت فورسيزونز تركيزها على التوسع العالمي، فيما اخترقت البحر والجو. ففي عام 2012، اقتحمت فورسيزونز منطقة جنوب الصحراء الكبرى بإفريقيا من خلال إقامة نزل سفاري في مدينة سيرينغيتي بتنزانيا. وافتتحت أول فندق لها في روسيا في مدينة سانت بطرسبرغ عام 2013، وفي أثينا باليونان عام 2019. كما وسعت بصمتها في تجربة الملاذات السكنية الخاصة بافتتاح مشروع لها في منطقة مايفير التاريخية في لندن، وهو أول مشروع مساكن خاصة مستقلة لفورسيزونز. 

في عام 2015، حدث تحول مهم في مسيرة فورسيزونز انتقلت به من الأرض إلى الجو. فقد دشنت الشركة برامج رحلات عبر طائرة خاصة تحمل اسمها لكنها مملوكة لشركة أخرى. وقدمت خيارات مبتكرة لرحلات فاخرة، منها عرض إعادة اكتشاف الأمريكتين، الذي شمل 7 وجهات خلال 18 يومًا، ورحلة حول العالم شملت 10 وجهات خلال 23 يومًا. 

في عام 2016، اقتحمت فورسيزونز البحر عبر يخت من ثلاثة طوابق ينطلق في رحلات ليلية لاستكشاف المياه الجميلة غير المكتشفة في جزر المالديف.

طائرات فورسيزونز

Four Seasons

دخول عالم اليخوت الفاخرة 

تحت عبء التحديات غير المسبوقة التي أحدثتها جائحة كوفيد-19، استمرت فورسيزونز في العقد الثالث من القرن الحادي والعشرين في التركيز على تقديم خدمة استثنائية لضيوفها والمضي قدمًا في مشاريع جديدة بالأسواق الرئيسة. في عام 2020، افتتحت فندقًا ومشروع ملاذات خاصة في مدريد، وهو أول استثمار لها في إسبانيا.

وبفضل روح المغامرة التي تمتلكها، لا تتوقف فورسيزونز عن توسيع نطاق أعمالها واستكشاف مجالات جديدة. ففي نهاية عام 2025، ستدخل الشركة عالم اليخوت الفاخرة من خلال شراكة مع رياديين في هذا المجال مثل نديم آشي وفيليب ليفين. تخطط الشركة لبناء أسطول يخوت فورسيزونز خلال السنوات الخمس المقبلة، ويجري حاليًا ابتكار اليخت الأول في تريستا بإيطاليا، بوساطة شركة فينكانتيري، وهي واحدة من أكبر شركات بناء السفن بالعالم. سيوفر اليخت الأول من فورسيزونز مساحة إقامة أكبر تقريبًا بنسبة 50% لكل ضيف مقارنة باليخوت المتاحة حاليًا.

تصميم أول يخوت فورسيزونز

Four Seasons

مقاربة فورسيزونز لمفهوم الضيافة

منذ تدشين الفندق الأول، حرص شارب على تأسيس فلسفة عمل، حولت حلمه من فندق كندي صغير إلى علامة عالمية فاخرة. يقول شارب، في كتابه "فورسيزونز: قصة فلسفة العمل"، إن هذه الفلسفة قامت على 4 ركائز هي: الجودة والخدمة والثقافة والعلامة التجارية. فقد بنت الشركة، التي بلغت عامها الثاني والستين، اسمها على أساس تقديم "جودة وخدمة لا تشوبها شائبة"، وبفضل ذلك تستمر في كسب ولاء الضيوف. 

اقتنع شارب أيضًا بأنه لا يمكن تقديم تلك الخدمة الممتازة، إلا إذا كان موظفوك سعداء. وعن ذلك يقول: "يعود الأمر إلى مبدأ واحد يتجاوز الزمن والجغرافيا والدين والثقافة. إنها قاعدة ذهبية تتلخص في عبارة: عامل الموظفين بالطريقة التي تريدهم أن يعاملوا بها الضيوف".

ولتحقيق الرضا الوظيفي وخلق مناخ يعزز الاحترافية والتفاني، عمل شارب على تقدير وتمكين موظفي الفندق، فأعطى الجميع بدءًا من العاملين في مواقف السيارات سلطة التصرف على الفور عندما يطلب أحد الضيوف شيئًا. كما اعتمد خطة لتقاسم الأرباح، وحدد لموظفيه استراحة يومية من ضغوط العمل. بل إنه كان يدفع لموظفي الاستقبال ضعف متوسط الرواتب التي يحصل عليها نظراؤهم بالفنادق الأخرى، إذ إنه أدرك أهميتهم كونهم من يعطون الانطباع الأول عن الفندق للضيوف.

هذه الثقافة التي كرسها شارب جعلت فورسيزونز واحدة من الشركات التي لديها أدنى معدل لاستقالات الموظفين. لذلك، تدرج مجلة "فورتشن" فورسيزونز ضمن أفضل 100 شركة يمكن العمل فيها، وذلك بشكل سنوي منذ أن بدأت المجلة إصدار تلك القائمة عام 1998.

أما الركيزة الرابعة لفلسفة المجموعة فهي العلامة التجارية؛ إذ جرى تصميمها لتدوم طويلاً.

الخدمة الممتازة في فورسيزونز

Four Seasons

مراقبة ما يُقدمه الآخرون

تطلع شارب إلى الفنادق الأخرى، التي كانت الأفضل في فئتها، من أجل تحديد المنتجات والخدمات التي يمكن نقلها إلى شركته. وامتد تطلعه إلى الصناعات والبلدان الأخرى للحصول على أفضل الممارسات، مع الاهتمام بالتفاصيل. 
استعار شارب مثلاً من إحدى الشركات الأوروبية خدمة الكونسيرج، وهو موظف مسؤول عن توفير المعلومات المحلية ومساعدة الضيوف في تنظيم أي أنشطة يرغبون في القيام بها خلال إقامتهم.

ولم يكتف شارب بتقليد ما كان يراه جيدًا لدى منافسيه أو لدى مؤسسات ببلدان أخرى، بل كان يقوم بإدخال تحسينات كبيرة على هذه الخدمات.

خدمة الكونسيرج

Four Seasons

كما مزج بين الاستفادة من تجارب الآخرين والابتكار الذي يؤمن بأنه ينبع من حاجة الضيوف. فعلى مر السنين، حققت فورسيزونز السبق في هذه الصناعة، واستحدثت العديد من وسائل الراحة التي لم تكن متاحة من قبل في عالم الفنادق، ويشمل ذلك الطوابق المخصصة لغير المدخنين، ورداء الاستحمام، والشامبو، ومجفف الشعر، ومرايا التجميل، ومرتبة السرير التي يمكن تخصيصها بالكامل، وخدمة الغرف على مدار 24 ساعة، وتنظيف الملابس وكيها في اليوم نفسه.

كذلك، اعتمد شارب على 3 مبادئ في توسيع مجموعته التي قامت في الأساس على مشاريع مشتركة مع مستثمرين آخرين، وهي الثقة والمنفعة المتبادلة والسمعة الطيبة. فضلاً عن ذلك، عمل شارب على تحديد جمهوره بدقة، وسعى دائمًا إلى الارتقاء بما يقدمه. فكل فندق جديد هو أفضل في كل شيء من الأخير.

على أن جزءًا كبيرًا من نجاحه يُعزى إلى زوجته. وفي هذا يقول شارب إنه لم يكن ليحقق شيئًا من دون دعم زوجته روزالي البالغة 86 عامًا. ويضيف: "خلال مسيرتي المهنية، كانت لدي زوجة لم تشتك أبدًا، وتحملت عبء أطفالنا الأربعة". إن قصة شارب وشركة فورسيزونز تعكس قدرة الإصرار والتفاني على تحقيق الأحلام، بغض النظر عن الصعوبات التي نواجهها.