تعد القصور تعبيرًا عن السلطة والسطوة، إذ إنها وسيلة مثالية لتجسيد العظمة والفخامة. وقد بُنيت أغلى القصور في العالم، التي كانت ملكيتها ترجع في غالب الأحيان إلى الملوك والنبلاء والأثرياء، من مواد باهظة الثمن، وتمايزت بطُرز هندسية مبهرة وتصاميم داخلية باذخة، فحافظت على رونقها وبهائها أمام عوامل الزمن واختباراته.

لكن هذه القصور لم تكن راعية السلطة والثروة والتعبير الأجلى عنهما فحسب، بل إنها ظلت، ولقرون متطاولة، وسيلة للتعبير الثقافي والاجتماعي عن العصر الذي شيدت فيه. فلا شك أن قصور مصر القديمة وبابل والعصور الفارسية ترسم صورة شاملة عن هذه العصور وأنماط العيش ونظم الحكم فيها. 

وربما لهذا السبب خصوصًا، تحولت هذه المباني الفخمة، التي ترقى إلى منزلة التحف المعمارية، من كونها مساكن للعائلات الملكية إلى متاحف أو مواقع تراثية.

أغلى القصور في العالم

قد لا يجمع بين أغلى القصور في العالم إلا أسعارها الباهظة وتصاميمها المتفرّدة، سوى أن وظائفها مختلفة تمامًا. فمن قصر باكنغهام في لندن، الذي لا يزال المقر الرسمي والملكي لملك إنجلترا، إلى مجمع المدينة المحرمة في بكين، الذي أصبح أكبر بقعة جذب سياحي، يخدم كل قصر من هذه القصور غرضًا متنوعًا. وفي ما يأتي نستعرض مجموعة من أبرز هذه الصروح المعمارية والثقافية.

قلعة وندسور

يعود تاريخ هذه القلعة، التي يبلغ ثمنها حوالي 236 مليون دولار، إلى القرن الحادي عشر الميلادي، إذ إنها شُيدت من أجل ويليام الفاتح، وكانت شاهدة على 41 ملكًا وملكة في تاريخ المملكة المتحدة.

تقع القلعة في متنزه وندسور العظيم Windsor Great Park في باركشير، وتمتد على مساحة تزيد على 53000 متر مربع، فيما عمارتها مزيج من الطراز القوطي والطراز الجورجي والطراز الفيكتوري.

قلعة وندسور

ٌٌRoyal Collection trust

بالإضافة إلى ذلك، فإنها تنطوي على قدر لا يحصى من القطع الأثرية والتحف الفنية التي قد يندر اجتماعها في أي مكان آخر. وتضم القلعة أيضًا مكانًا لحفلات الزفاف الملكية، وقد جعلتها الملكة الراحلة إليزابيث مقر إقامتها الدائم منذ تفشي جائحة كوفيد - 19.

قلعة وندسور

ٌٌRoyal Collection trust

قصر دولمة بهجة

قصر دولمة بهجة، الذي بني في القرن التاسع عشر، هو أحد أغلى القصور في العالم وأكثرها روعة وفخامة، وهو أكبر قصر أحادي الكتلة في تركيا. وقد بدأ بناؤه عام 1843 في عهد السلطان عبد المجيد، وكان المركز الإداري للإمبراطورية العثمانية المتأخرة وسكنه آخر السلاطين العثمانيين.

قصر دولمة بهجة

Presidency of The Republic of Türkiye, Directorate of National Palaces

بعد تأسيس الجمهورية التركية في أنقرة، نقل مصطفى كمال أتاتورك مختلف الوظائف الحكومية إلى إسطنبول، لكنه احتل صالة صغيرة فحسب في هذا القصر، ومكث بها، ورحّب فيها بضيوفه الأجانب. كما أقام مركزًا عمليًا للمؤتمرات الوطنية والتاريخية واللغوية والمؤتمرات الدولية.

يتجلى القصر المهيب، الذي يشكل واحدًا من أبرز المعالم السياحية في اسطنبول، مأثرة تزاوج بين معالم الهندسة المعمارية الأندلسية والتركية، وهو يضم 285 غرفة و 68 حمامًا، وستة حمامات تركية تقليدية و 44 قاعة. أما أبرز مظاهر البذخ في هذا الصرح، فتتمثل بزخارفه المرصعة بالأحجار الكريمة، والثريا البالغ وزنها 4.5 طن والمكوّنة من 750 مصباحًا، وكانت هدية من الملكة فيكتوريا، فضلاً عن 131 سجادة حريرية منسوجة يدويًا، و202 لوحة زيتية.  

يُذكر أن كلفة بناء هذه التحفة المعمارية بلغت نحو خمسة ملايين ليرة ذهبية تركية و35 طنًا من الذهب الخالص جرى توفيرها آنذاك من عائدات الضرائب والديون.

قصر دولمة بهجة

Presidency of The Republic of Türkiye, Directorate of National Palaces

القصر الشتوي في سان بطرسبرغ

يقع القصر الشتوي The Winter Palace، الذي تُقدر قيمته بنحو 6.44 مليار دولار، في قلب مدينة سان بطرسبرغ بروسيا، وهو يُعد أحد أشهر مباني هذه المدينة. كما أنه كان أول سكن إمبراطوري لبطرس الأكبر. إذًا ليس هذا القصر أحد أغلى القصور في العالم فحسب، وإنما كان أيضًا موطنًا للأباطرة الروس أيضًا، وذلك خلال الفترة من عام 1732 إلى عام 1917.

كلّف أحد أبناء الإمبراطور بطرس الأكبر المهندس المعماري الإيطالي فرانشيسكو بارتولوميو راستريللي بإعادة تصميم القصر الذي خضع لمشاريع ترميم وتحولات عدة خلال العقود القليلة التالية.

يشكل القصر الشتوي اليوم جزءًا من متحف هيرميتاج الضخم، ويمتد على مساحة تزيد على 60 ألف متر مربع تتوزع عبرها 1500 غرفة مزينة على الطرازين الباروكي والكلاسيكي الجديد، ومليئة بالكنوز، من المومياوات المصرية والتماثيل اليونانية الكلاسيكية، إلى لوحات كبار الفنانين القدامى، فضلاً عن مصوغات بيتر فابرجيه المرصعة بالألماس.

القصر الشتوي في سان بطرسبرغ

The State Hermitage Museum

قصر باكنغهام

يرجع تاريخ هذا البناء المهيب إلى القرن السابع عشر، وقد حوّله الملك جورج السادس من منزل إلى قصر في عشرينيات القرن التاسع عشر. ومنذ ذلك الحين أصبح بمنزلة المقر الملكي والإداري للملك، وهو لا يزال مكانًا للاستقبالات السياسية والاجتماعية ويفتح أبوابه أمام أكثر من 50000 زائر سنويًا.

قصر باكنغهام

ٌٌRoyal Collection trust

يضم القصر أكثر من 775 غرفة، منها 52 غرفة نوم ملكية وحجرة للضيوف و92 مكتبًا. كما أنه مزوّد بالعديد من وسائل الراحة الفاخرة، والتي تشمل مسبحًا ومجمعًا مخصصًا للسكينة والاسترخاء. وقد زُيّنت مساحاته المهيبة بالمفروشات الفخمة والأغراض الفنية العتيقة. كما يضم المعرض الملكي الدائم فيه حوالي 450 لوحة نفيسة.

قصر باكنغهام

ٌٌRoyal Collection trust

قصر طوكيو الإمبراطوري

بُني هذا القصر عام 1888 في موقع قلعة إيدو القديمة، لكنه دُمر خلال الحرب العالمية الثانية وأُعيد بناؤه لاحقًا بأسلوب مشابه لنمطه الأصلي. وعلى عكس المدينة المحرمة في الصين، فإن هذا القصر الإمبراطوري لا يكون مفتوحًا للزوار إلا في 2 يناير للاحتفال برأس السنة الجديدة وفي يوم عيد ميلاد الإمبراطور بتاريخ 23 فبراير.

يتألف هذا القصر الواقع في طوكيو، والذي يعد واحدًا من أغلى القصور في العالم، من الهيكل الرئيس للقصر، والمتاحف المختلفة، والمباني الإدارية، والحدائق، منبسطًا في أحد أهم المناطق العقارية في العاصمة على مساحة إجمالية تبلغ 1.15 كيلومتر مربع.

قصر طوكيو الإمبراطوري

قصر اللوفر

هُدمت القلعة الباريسية القديمة، في عام 1546، في عهد فرانسيس الأول لبناء قصر اللوفر من قبل بيير ليسكوت. بُني جزء صغير من القصر في البداية، ولكن أُجريت، خلال القرن السابع عشر، العديد من الإضافات المهمة من قبل طائفة واسعة من الملوك المتعاقبين. وبعد أن نقل لويس الرابع عشر مقر إقامته إلى فرساي عام 1682، لم يعد القصر مقرًا ملكيًا وجرى تحويله إلى متحف في العقد التالي.

يقع اللوفر على الضفة اليمنى لنهر السين، على بعد 21 كيلومترًا من قصر فرساي الواقع في قلب العاصمة الفرنسية باريس، وهو يُعد  ضمن أغلى القصور في العالم ويشكّل مجمعًا ضخمًا من الأجنحة والصالات والغرف التي مرت بأيام لا حصر لها من إعادة البناء والترميم.

يضم متحف اللوفر بعض أشهر الأعمال الفنية في العالم وأغلاها قيمة، بما في ذلك لوحة الموناليزا لدافنشي، والتي يُقال إن قيمتها تصل إلى 1.5 مليار دولار، بالإضافة إلى مجموعة واسعة من الأعمال الفنية التي لا تقدر بثمن.

قصر اللوفر

Louvre

المدينة المحرمة (الصين)

بعد أن أسس Zhu Di بكين عاصمة للصين، قام ببناء المدينة المحرمة. وقد عمل أكثر من مليون عامل و 100000 حرفي على مدار 14 عامًا لإكمال الهيكل. وكانت المدينة المحرمة -جوهرة تاج بكين- مقر إقامة الأباطرة الصينيين ومقر الحكومة من عام 1420 إلى عام 1912. وقد أصبحت لاحقًا متحفًا، ثم اعتمدت في عام 1987 موقعًا مدرجًا على قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

المدينة المحرمة (الصين)

يتكوّن مجمع القصر من 980 مبنى، شُيدت كلها من الخشب على الطراز التقليدي لتصبح من أفضل الهياكل الخشبية المحفوظة في العالم. وتتوزع هذه الأبنية على أكثر من 728000 متر مربع من الأراضي المشذبة، ويُعرض فيها أكثر من مليون عمل فني نادر ونفيس.