فقدت حكومة الولايات المتحدة 52 غواصة خلال الحرب العالمية الثانية لأسباب عديدة ومتنوعة. والآن بعد مضي أكثر من 70 عامًا، يسعى الباحثون للعثور على هذه الغواصات كلها في محاولة منهم لإعادة جزء من التراث الأمريكي المفقود للبحار والمحيطات عبر مشروع Lost 52 الذي يقوده رائد الأعمال ومكتشف المحيطات تيم تايلور.
يسخّر المشروع التقنيات الحديثة لاكتشاف أعماق البحار عبر المسيّرات تحت المائية والمسح التصويري المتطور من أجل بناء صورة واضحة لقاع المحيط، ثم تبدأ عمليات الذكاء الاصطناعي وتحليل هذه الصور لفهم ما يدور في القاع والبحث عن الكنوز المفقودة. وبفضل هذه التقنيات الحديثة، تمكن المشروع من العثور على إحدى الغواصات الأمريكية متعددة الطبقات.
العثور على غواصة USS Harder
عثر فريق المشروع على غواصة USS Harder التي كان يشار إليها باسم Harder اختصارًا. وتعد هذه الغواصة إحدى أكبر الغواصات الأمريكية التي ترتفع في طوابق عدة وتضم ترسانة أسلحة ومختبرات للأبحاث، فضلاً عن غرف للطاقة وغرفة محركات. ومن الجدير ذكره أن الغواصة اختفت بالقرب من شواطئ الفلبين في عام 1944.
يعد اكتشاف الغواصات بعد فقدانها من أصعب الأمور، كونها لا تظهر فوق سطح البحر إلا نادرًا، إضافة إلى ضعف أنظمة تحديد المواقع والاستشعار المستخدمة في الماضي. لذلك عند اختفاء الغواصة وانقطاع الاتصال مع طاقمها، تفقد مراكز المراقبة والتحكم قدرتها على تحديد موقعها.
الإعلان عن العثور على الغواصة جاء عبر فرع الآثار لدى قسم التاريخ في البحرية الأمريكية بالتعاون مع مركز التراث البحري. وقد أشارت البحرية إلى جهود مشروع Lost 52 في العثور على الغواصة.
Lost 52 © 2024
تمكن فريق المشروع من التعرف على هيكل الغواصة الغارقة الذي كانت أقسامه محفوظة في حالة جيدة باستثناء برج المراقبة الذي تضرر كثيرًا. وفي الغالب كان هذا الضرر هو السبب الرئيس في غرق الغواصة واختفائها إلى جانب طاقمها المكوّن من 79 فردًا.
يذكر أن غواصة Harder كانت من الأسلحة الفتاكة الأمريكية في الحرب العالمية الثانية، إذ تمكنت من إغراق 5 سفن مدمرة لسلاح البحرية الياباني قبل غرقها في معركة مع سفينتين يابانيتين بالقرب من خليج داسول في الفلبين الشمالية، وفق تصريحات الأدميرال البحري صموئيل ج. كوكس.
أثمرت جهود فريق المشروع عن العثور على 6 غواصات أخرى إلى جانب USS Harder، وهو الأمر الذي يشير إلى أن الطريق مازال طويلاً أمام فريق المشروع الذي يسعى لبناء خريطة كاملة لقاع المحيط وأرضيته، وقد تعززت أهميته بفضل الاكتشاف الأخير للغواصة.
وصلت قيمة مشروع Lost 52 إلى 50 مليون دولار تُنفق خلال بضع سنوات، مع آمال بوصول قيمة الاقتصاد الأزرق التي يروج لها المشروع لأكثر من 30 تريليون دولار بحلول عام 2030 وفق تصريحات تايلور المسؤول عن المشروع.