وجد كأس أمريكا للإبحار موطنًا جديدًا له في نابولي، إيطاليا، للدورة 38 التي ستنطلق في ربيع عام 2027 وصيفه. وقد أعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني أن نابولي ستستضيف الحدث، وذلك بعد التأكد من أن مدينة برشلونة – التي استضافت النسخة السابقة – لا تمتلك الموارد الكافية لتنظيم البطولة مرة أخرى.
كما استبعد فريق طيران الإمارات نيوزيلندا لليخوت Emirates Team New Zealand، المدافع عن البطولة Defender، ميناء أوكلاند النيوزيلندي، الذي استضاف الكأس في عامي 2000 و2021.
وهذه ستكون المرة الأولى التي تستضيف فيها إيطاليا كأس أمريكا، على الرغم من أن فريق لونا روسا برادا بيريللي Luna Rossa Prada Pirelli الإيطالي قد شارك بتشكيلات قوية عدة في دورات سابقة. وكان الإيطاليون قد فازوا بكأس أمريكا للقوارب الشراعية في النسخة الأخيرة التي أقيمت في برشلونة.
قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في أثناء إعلانها عن القرار : "إن اختيار إيطاليا يملؤنا فخرًا. فهو يُكرّم هوية أمتنا، ويؤكد على الدور الحيوي للبحر بالنسبة لإيطاليا".
وأضافت: "البحر هو التاريخ، والهوية، والثقافة، لكنه أيضًا ركيزة لا غنى عنها في اقتصادنا، بفضل مكانتنا الريادية في الصناعات البحرية، وبناء السفن، والشحن، والرحلات البحرية، والعديد من المجالات الأخرى المرتبطة بالاقتصاد الأزرق. نتطلع إلى الترحيب بكأس أمريكا، وستكون إيطاليا على قدر هذا التحدي، وستُثبت للعالم مرةً أخرى ما هي قادرة عليه".
يتمثل أحد الأهداف الرئيسة للحكومة الإيطالية من استضافة كأس أمريكا للإبحار بتطوير البنية التحتية السياحية في مدينة نابولي. ووفقًا لدراسة أجرتها وكالة يونيمبريسا الحكومية، من المتوقع أن يحقق الحدث أكثر من 700 مليون دولار من الفوائد الاقتصادية لنابولي والمناطق المحيطة بها.
38th America's Cup
وقال غرانت دالتون، الرئيس التنفيذي لفريق نيوزيلندا: "هناك روحٌ فطرية وفخرٌ مطلق في إيطاليا، ويبدو من المناسب جدًا إقامة كأس أمريكا المقبل هنا"، مضيفًا أن الإيطاليين هم الجمهور "الأكثر شغفًا وتفاعلًا" في كأس أمريكا.
وأشار دالتون أيضًا إلى أن منتخب نيوزيلندا سيخوض "مواجهة حاسمة" ضد فريق لونا روسا، الفريق المحلي المفضل، والذي دعمه الرئيس التنفيذي المشارك في مجموعة برادا، باتريتـزيو بيرتيللي، في 6 نسخ سابقة من الكأس. ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة تنظيم حملة تنافسية على مدى ثلاث سنوات ما لا يقل عن 100 مليون دولار.
أضفى الإعلان قدرًا كبيرًا من الاستقرار الذي كان كأس أمريكا في أمسّ الحاجة إليه، بعد أن تعرض لسيل من الانتقادات الإعلامية لأسباب سلبية. فقد أعلن أحد المتحدّين الستة في النسخة السابقة، فريق Alinghi Red Bull Racing، أنه لن يشارك في النسخة المقبلة من البطولة. كما لا يزال من غير الواضح ما إذا كان فريق American Magic وفريق Orient Express Racing الفرنسي سيشاركان في الدورة الثامنة والثلاثين.
وكان الملياردير البريطاني، وأحد مالكي نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي، جيم راتكليف، الذي موّل فريق INEOS Britannia، قد أعلن الشهر الماضي أنه لن يموّل فريقًا في كأس أمريكا مجددًا، وذلك بعد قطيعة علنية حادة مع بن أينسلي، قائد الفريق السابق، واللاعب الأولمبي السابق في رياضة سباق القوارب الشراعية.
أسّس أينسلي لاحقًا فريق أثينا رايسينغ Athena Racing، الذي أصبح رسميًا المتحدي في البطولة Challenger of Record، وكان له دور في اختيار نابولي موقعًا للنسخة المقبلة من كأس أمريكا. وقال أينسلي: "القاعدة الجماهيرية الضخمة لرياضة الإبحار في إيطاليا ستوفر أجواءً مذهلة لملايين المشجعين الزائرين"، مضيفًا أن البطولة ستكون "منصة استثنائية للشراكات التجارية".
38th America's Cup
يعود السباق إلى عام 1851، عندما أطلق أعضاء نادي يخوت نيويورك مركبًا شراعيًا يبلغ طوله 110 أقدام عبر مياه الأطلسي، وفازوا بسباق يمتد بطول 53 ميلاً نظمه نادي رويال يخت سكوادرون Royal Yacht Squadron حول جزيرة وايت في إنجلترا. حمل المركب الشراعي، آنذاك، اسم أمريكا. عاد أصحاب المركب إلى نيويورك حاملين معهم نصرهم وكأسًا فضيًا منمقًا كان يُعرف بكأس Hundred Guinea Cup قبل أن يُطلق عليه بعد وقت وجيز اسم "المركب الفائز".
دافع أهل نيويورك عن كأس أمريكا للإبحار لمدة 132 عامًا في أطول سلسلة انتصارات متواصلة، حتى كسرها فريق أسترالي بارع عام 1983 قبالة سواحل رود آيلاند. منذ ذلك الحين، أصبح الفائز والموقع المتغير للسباق يحددان ملامح البطولة الحديثة.
استعادت الولايات المتحدة الكأس عام 1987، واحتفظت به حتى 1992، ثم سيطرت نيوزيلندا في 1995 و2000. فاز السويسري إرنستو بيرتاريللي بالكأس عام 2003 ودافع عنه مرة واحدة، قبل أن يخسره عام 2010 لصالح الأمريكي لاري إليسون ويخته المتطور.
ومنذ ذلك الانتصار، بدأت حقبة جديدة من اليخوت عالية التقنية، مثل المزعنفة متعددة الهياكل التي استُخدمت في بطولات 2013 و2017، عندما استعادت نيوزيلندا الكأس.
لا تزال أعراف كأس أمريكا للإبحار الحديثة تحافظ على طابعها التقليدي رغم بساطتها. بعد الفوز، يُصبح الفريق المنتصر هو المدافع عن البطولة (Defender)، فيما يطلق اسم المتحدي في البطولة (Challenger of Record) على أول فريق يبادر إلى التحدي وتلقى مبادرته قبول الفريق المدافع.
يتفق الطرفان معًا على شروط البطولة التالية، بما في ذلك الموقع، والمواعيد، والأهم نوع اليخوت المستخدمة. ومنذ عام 1970، سُمح لفرق إضافية بالمشاركة، لكن المتحدي الرسمي يظل الممثل الرئيس لبقية الفرق في الجوانب الإجرائية والبروتوكولية.