في مشهد يُجسّد التلاقي بين الرفاهية الراقية والتفوّق الهندسي، خطّت مجموعة إل في إم إتش LVMH فصلًا جديدًا في سجلّ تحالفاتها النخبوية، بعد توقيعها اتفاقًا طويل الأمد مع بطولة الفورمولا 1 بقيمة تقديرية تبلغ مليار دولار.
على مدى عشر سنوات، تلتقي ثلاث من أبرز علامات المجموعة الفرنسية مع عالم السرعة والمنافسة، ليس بوصفها جهة دعم تقني فحسب، بل صانعًا لهوية السباق.
تجلّت أولى لمحات هذا التحوّل مع انطلاق سباق موناكو العريق، حين عادت العلامة السويسرية تاغ هوير Tag Heuer إلى الواجهة بوصفها الشريك الرسمي للتوقيت، واضعة حدًا لهيمنة رولكس التي طال أمدها.
لم تكن العودة إلى الحلبة مجرد إعادة تموضع، بل دفعة حيوية أعادت تسليط الأضواء على رموز العلامة الأيقونية، مثل ساعات كاريرا Carrera وموناكو Monaco، اللتين شهدتا ارتفاعًا لافتًا في الإقبال، دفع المدير التنفيذي أنطوان بان إلى الإقرار بأن الفورمولا 1 أصبحت محرّكًا حقيقيًا لأعمال العلامة.
على أن المشهد لم يكن ليكتمل من دون ظهور ربّان المجموعة برنار أرنو الذي زار مرآب فريق ريد بُل رايسينغ بصحبة أبنائه الثلاثة، في صورة تختصر المعنى الرمزي للانتقال المدروس من الإرث إلى المستقبل.
فريديريك، الرئيس التنفيذي لعلامة لورو بيانا Loro Piana والمسؤول المباشر عن ملف الفورمولا 1 داخل المجموعة؛ ألكسندر، نائب رئيس قسم المشروبات؛ وجان، الذي يقود قسم ساعات لويس فويتون، جميعهم اجتمعوا في الكواليس ليشهدوا ولادة فصل جديد من التحالف بين التصميم والديناميكية، وبين الأناقة والسرعة.
حقائب الجوائز والساعات: هوية فخمة في قلب الحلبة
في تجلٍّ لافت لاندماج الحرفية الرفيعة بعالم المنافسة، يبرز تعاون الفورمولا 1 مع مجموعة إل في إم إتش LVMH في تفاصيل مدروسة بعناية تُعيد تعريف مفهوم الفخامة على الحلبات. من جهة، تسجّل ساعات تاغ هوير الزمن بدقّة بوصف العلامة الشريك الرسمي للتوقيت، ومن جهة أخرى، تُقدَّم صناديق الجوائز المصنوعة حسب الطلب من لويس فويتون في مشهد يُجسّد التقاء الرقي بالأداء.
هذا الحضور اللافت لم يقتصر على الحضور البصري فحسب، بل انعكس مباشرة على أداء العلامات، إذ قفزت تاغ هوير أربع مراتب في تصنيف الساعات السويسرية، وفقًا لتقرير صادر عن شركة مورغان ستانلي، المتخصصة في الخدمات المالية والاستشارات الاستثمارية، ولوكس كونسالت Luxe Consult، الشركة المعنية بتحليل سوق الساعات الفاخرة. هذا التقدم اللافت يُعزى إلى الربط الذكي بين منتجات العلامة وأجواء الفورمولا 1.
ويعلّق المدير التنفيذي للدار، أنطوان بان، مؤكدًا: "نحن في مرحلة ترسيخ هويتنا بوصفنا شريكًا للفورمولا 1؛ لكن ما نطمح إليه يتجاوز ذلك. نريد أن نُعبّر عن النبض العاطفي للمنافسة، وأن نُجسّد الإثارة والانفعال في كل لحظة سباق".
TAG Heuer
من موناكو إلى الأولمبياد: خريطة LVMH الرياضية تتسع
لم يكن التحوّل الاستراتيجي نحو الرياضة في مجموعة إل في إم إتش LVMH وليد اللحظة، بل هو امتداد لمسار مدروس تُعيد من خلاله العلامات الفاخرة رسم حضورها في ميادين التنافس العالمية.
LOUIS VUITTON
ففي دورة الألعاب الأولمبية التي تستضيفها باريس، أُوكلت مهمة تصميم الميداليات إلى دار شوميه، جوهرة التاج في فن الجواهر الفرنسية، بينما حملت صناديقها طابع لويس فويتون المترف، كما لو أنها تذكار خالد لانتصارات لا تُنسى.
وفي عرض البحر، عادت المجموعة لتتصدّر مشهد الإبحار عبر بطولة كأس أمريكا America's Cup في برشلونة، حيث استأنفت شراكتها التاريخية بوصفها الراعي الرئيس للحدث، في علاقة تمتد جذورها إلى عام 1983، حين وُضعت اللبنة الأولى لهذا الارتباط بين الفخامة والرياح المفتوحة. وقد جسّدت هذه العودة التزام الدار بالمنافسات العريقة التي تحتفي بالحرفية والدقة، سواء في تصميم الأشرعة أو في نحت الجلود والمعادن.
TAG Heuer
أما في كرة القدم، فقد استحوذت المجموعة العام الماضي على الحصة الكبرى في نادي باريس إف سي Paris FC، مؤمنة بأن جماليات الرياضة الشعبية لا تقل شأنًا عن نخبوية الموضة، وبأن المستطيل الأخضر بات اليوم ساحة جديدة لتجسيد القيم الجمالية والعلامات الفارقة. وقد ترافق ذلك مع مبادرات تنموية تهدف إلى إعادة رسم صورة النادي وتعزيز حضوره المحلي والدولي.
وفي المملكة المتحدة، دخلت دار شانيل عالم الرياضة من بوابة سباق القوارب الشهير بين جامعتي أوكسفورد وكامبردج Oxford and Cambridge Boat Race، بعدما أصبحت الشريك الرسمي لهذا الحدث العريق.
خطوة لا تعكس اعتزاز الدار بالإرث الأكاديمي الإنجليزي فحسب، بل تضعها أيضًا في صلب تجربة رياضية تتلاقى فيها التقاليد مع الأناقة، إذ يصبح كل مجداف امتدادًا لرؤية فنية تتقن ترجمة الانسيابية والاتزان.