تختص صناعة الساعات الميكانيكية بطبيعتها بتحويل الأجزاء بالغة التعقيد والصغر إلى مآثر فنية لها طابع وظيفي. أما صياغة تجليات هذه الدراية في أرق شكل ممكن، فيعكس إنجازًا تقنيًا يُقاس بالملليمترات ويشكّل عمليًا مجالاً قائمًا بذاته. بالرغم من أن لبولغري شهرة واسعة النطاق من حيث كونها دارًا تتفوق في صياغة الجواهر، إلا أنها نجحت خلال السنوات السبع الأخيرة في أن تنحت لنفسها مكانة حصرية في مجال صناعة الساعات بالغة الرقة متحدية بذلك التوقعات كلها. حققت بولغري ستة أرقام قياسية عالمية في هذه الفئة من الساعات، وتضيف إليها اليوم إنجازًا سابعًا من خلال المعيار الحركي الأكثر رقة لتعقيد التقويم الدائم، والذي لا تزيد سماكته على 2.75 ملليمتر، ما يعني أنه أرق من سماكة ربعي دولار.
اللافت هو أن الدار حشرت الأجزاء الأربعمائة والثمانية في علبة بقطر 40 ملليمترًا وبسماكة 5.8 ملليمتر فقط. لتحقيق هذا المستوى من الهندسة الميكانيكية بالغة الدقة، دمج الصانع تعقيد التقويم الدائم في المعيار الحركي الأصلي Octo Finissimo، الأمر الذي اقتضى إضافة 150 مكونًا، وزيادة في السماكة بمقدار 0.4 ملليمتر فقط. كان لا بد أيضًا من الاستغناء عن وظيفة عرض أطوار القمر التي تشتمل عليها ساعات التقويم الدائم التقليدية. لكن حتى أولئك التقليديون سيثمّنون هذه التضحية لصالح المساحة، إذ إنها أتاحت الإتيان بتصميم مبسّط جذّاب يتوافق مع الطابع الجمالي لساعات Octo Finissimo. ينعكس هذا التوجه أيضًا في العرض الارتدادي للتاريخ والسنة الكبيسة على نحو يذكّر بالرؤية التصميمية التقدمية لعلامة جيرالد جينتا التي استحوذت عليها بولغري سنة 2000.
فضلاً عن ذلك، تتميز الساعة بوزن خفيف يحاكي مظهرها الرقيق. فالنسخة المشغولة من البلاتين، والتي يكملها سوار من جلد التمساح باللون الأزرق، تزن 95 غرامًا فقط، فيما يبلغ وزن النموذج المصنوع مع السوار من التيتانيوم 74 غرامًا. كان من الصعب أن نصدّق أن اختصاص هذه الدار في عالم الساعات هو قهر المستحيل لو أنها لم تثبت ذلك عامًا تلو الآخر (يبلغ سعرها 89 ألف دولار للنموذج المشغول من البلاتين، و59 ألف دولار لعلبة التيتانيوم).