بياجيه وبولغري تواصلان التنافس في الإتيان بالساعة الأكثر رقة في العالم.

أيتها المرآة على الحائط! أي الساعتين هي الأكثر رقة؟ إنه السؤال الذي تحاول اثنتان من أشهر دور الجواهر العريقة في العالم، بولغري وبياجيه، الإجابة عنه، وقد باتتا عالقتين في معركة لابتكار الساعات الأكثر رقة في السوق. لكن المقصود هنا ليس مشروعًا للتباهي. فتصنيع مثل هذه الساعات بالغة الرقة يتطلب مستوى متميزًا من البراعة التقنية. إذا كان معيار التحكيم هو الحجم الأصغر فحسب، فإن بياجيه ستكون هي الفائزة في جولة هذا العام من خلال ابتكارها الساعة الميكانيكية يدوية التعبئة الأكثر رقة في العالم. لكن المقارنة لا تكون دومًا بين غرضين متكافئين، وبولغري نجحت في أن تقدم نسختها الخاصة من التناغم الآسر عندما جمعت في ساعة ذات أبعاد رقيقة جدًا بين اثنين من مآثر عالم الساعات بالغة التعقيد. نستعرض في ما يأتي موجزًا عن الجولة الأخيرة لكل من العلامتين في مجال تقليص أبعاد ابتكاراتهما. 

Piaget Altiplano Ultimate Concept

الهندسة الرقيقة

عندما أطلقت بياجيه سنة 2018 المفهوم التصوري لساعة من طرازAltiplano Ultimate Concept في علبة بسماكة ملليمترين، بدت الساعة رقيقة إلى حد أنها تكاد تصلح أداة لفتح قفل ما. افترض كثيرون آنذاك أن هذا المفهوم التصوري لن يدخل حيّز الإنتاج، لكن الدار أثبتت هذا العام خطأ فرضية المشككين وكشفت عن الإنتاج التسلسلي لهذه الساعة التي تعرض الوقت فقط.

استغرق تطوير الساعة داخل محترفات بياجيه ست سنوات، ونجحت خلالها وحدة الأبحاث والابتكار التابعة للدار في أن تجمع 167 مكونًا في علبة لا يزيد ارتفاعها على سماكة بطاقتين ائتمانيتين. أما ما أتاح ذلك، فهو دمج آلية الحركة بالعلبة نفسها، وخفض سماكة التروس من 0.20 ملليمتر إلى 0.12 ملليمتر، وتقليص سماكة البلور الياقوتي على نحو ملحوظ من ملليمتر واحد إلى 0.2 ملليمتر. كما طوّرت الدار تاجًا مدمجًا ثُبت في وضع مسطح إلى الجزء الأوسط من العلبة وأرفق بأداة لتدويره بغية تعبئة الطاقة. صيغت علبة الساعة من مركب معدني جديد يرتكز إلى الكوبالت ويُعد أكثر صلابة من الذهب بمقدار 2.3 مرة. لا يزيد ارتفاع العلبة المكوّنة من هذه المادة، التي تفصل بين المعيار الحركي Caliber 900P-UC للساعة ومعصم اليد، على 0.12 ملليمتر. صحيح أن هذه الأرقام لا تكاد تتطابق مع مواصفات ساعة قادرة على مقاومة التأثيرات الخارجية، إلا أن بياجيه تزعم أن هذا الطراز متين بما يكفي لتحمل قوة تأثير تسارع الجاذبية على طائرة للعروض البهلوانية.

Piaget

لن نشهد قريبًا إنجازًا يتفوق على هذه المآثر في مجال الهندسة الميكانيكية الدقيقة. وبالرغم من أن هذا الطراز الذي سجل رقمًا قياسيًا عالميًا لن يكون محدود الإصدار، إلا أن إنتاجه سيترافق حتمًا مع قائمة انتظار طويلة. فضلاً عن ذلك، نجحت دار بياجيه في تعزيز ابتكارها بالغ الرقة من خلال الخيارات المتاحة للزبائن. فبمقدور الزبون أن يضفي طابعًا شخصيًا على زخارف العقارب والصفيحة الرئيسة، وعلى ألوان الجسر والميناء، فضلاً عن الاختيار بين طُرز مختلفة من الأساور، الأمر الذي يتيح تقديم الساعة في أكثر من 10 آلاف صورة.

Bulgari Octo Finissimo Tourbillon Chronograph Skeleton Automatic

التعقيد الرقيق

Bulgari

على غير ما هو عليه حال بياجيه، التي ترجع خبرتها في مجال تطوير الساعات بالغة الرقة إلى عام 1957، لم تشرع دار بولغري في تقليص سماكة ابتكاراتها من الساعات إلا في عام 2014. لكن هذه العلامة أثبتت أنها أهل للمنافسة. سجلت دار الجواهر التي ترجع أصولها إلى روما إلى يومنا هذا ستة أرقام قياسية عالمية من خلال مجموعة ساعات Octo Finissimo، بما في ذلك ساعة التوربيون الأكثر رقة من طراز Octo Finissomo Tourbillon Automatic التي طُرحت عام 2018 مجهّزة بمعيار حركي بسماكة 1.95 ملليمتر، وساعة الكرونوغراف والتوقيت العالمي الأكثر رقة من طراز Octo Finissimo GMT Automatic التي كُشف النقاب عنها العام الفائت. أما في عام 2020، فجمعت بولغري هذين التعقيدين في ساعة واحدة تمثلت بطرازOcto Finissimo Tourbillon Chronograph Skeleton Automatic.

Bulgari

لم يكن هذا الإنجاز سهلاً بقدر تضمين آلة حركة جديدة وظيفتين بالغتي الرقة متاحتين أصلاً. صحيح أن آلة الحركة الجديدة BVL 388 تستلهم آلة الحركةBVL 288 التي جُهز بها طراز Octo Finissimo Tourbillon Automatic، إلا أن الدار اضطرت إلى إعادة تصميم المعيار الحركي بالكامل لتتمكن من الجمع بين التعقيدين. استغرق هذا العمل سنتين من مساعي التطوير التقني الهادفة إلى الإتيان بتصميم أكثر رقة مع تعزيز السلاسة في الأداء، والتي شملت تضمين المعيار الحركي قابضًا أفقياً للتروس بدلاً من القابض العمودي، وعجلة عمودية بدلاً من الكامات لتنشيط آلية الكرونوغراف. للجمع بين هذه الآلية ووظيفة التوربيون، كان من الضروري تجهيز المعيار الحركي الجديد بآلية توربيون تقليدية (بدلاً من نسخة التوربيون المحلق التي جُهز بها سلفه)، يدفعها زوج من الجسور وليس نظام حامل الكرة.

تضفي في العادة آليات الكرونوغراف بعدًا ضخمًا على آلية الحركة. لكن بولغري نجحت في أن تقتصر الزيادة في السماكة الناجمة عن إضافة آلية الكرونوغراف على 1.55 ملليمتر. وعند الجمع بين هذه الآلية وبين آلية التوربيون ونظام التعبئة الأوتوماتيكي المستلهم من المعيار الحركي BVL 288، اقتصرت سماكة آلية الحركة الجديدة على 3.5 ملليمتر. لكن الدار لم تكتفِ بتجريد ابتكارها الجديد من الزوائد كافة. فساعة هذا الطراز، المتوافر في 50 نموذجًا فقط، صيغت في علبة هيكلية مصنوعة من التيتانيوم بالغ الخفة المصقول بتقنية السفع الرملي.