دور حديثة ناشطة في حياكة البذلات تعيد تحديد إطلالة الرجال المتأنقين من خلال تصاميم مشغولة بحسب الطلب لمظهر عملي أكثر أناقة وإيحاء بالاسترخاء.
في باريس، تعيد علامة هازبندز Husbands إلى البذلات ألقها الساحر.
يقول نيكولا غابار، مؤسس هازبندز: «أصبحت البذلة اليوم رمزًا للجاذبية. أردنا أن نمنح الرجال سببًا يدفعهم إلى التخلي عن سراويلهم القطنية غير الرسمية، وأن نظهر لهم أنه يمكن للبذلات أن تتسم بالأناقة والروعة.»
إذا كان ثمة شخص يناصر اليوم قضية الجاذبية الراسخة للحياكة المتقنة، فإنه غابار نفسه. أسس المحامي ورجل الإعلانات السابق علامة هازبندز في عام 2012، وتمثل هدفه الصريح آنذاك بإضفاء جاذبية على الأزياء متقنة الحياكة، وخصوصًا البذلات.
أسبغت تصاميمه لمسة حداثة على إطلالات سبعينيات القرن المنصرم التي تعكس معالم أناقة ملتبسة، واستُلهمت قصاتها من صور قديمة لميك جاغر، وبراين فيري، وسيرج غاينزبور، تعود كلها إلى الحقبة الذهبية لاستوديو 54.
يُفضل ارتداء بذلات غابار على نحو غير متكلف من خلال تنسيقها مع قمصان بياقة مفتوحة أو كنزات بياقة مرتفعة، وأحذية غير رسمية. أما غابار، فغالبًا ما ينسقها مع حذائه الذي يرتفع إلى ما فوق الكاحلين ويتميز بسحّاب وكعب عريض مرتفع إلى حدٍ ما.
في أماكن أخرى، تعيد علامات أوروبية مستقلة مقاربة مفهوم الحياكة المتقنة من منظور جديد، وربما تستفيد في ذلك من كونها حديثة العهد نسبيًا في هذا القطاع وتفتقر إلى «أسلوب» معتمد يرجع إلى عقود ماضية.
في لندن، يتخلى جوشوا دوبريك وكيمبرلي لاتون، الخبيران بالأزياء المصممة بحسب الطلب، عن بعض القواعد القديمة عندما يتعلق الأمر بحرفتهما. وفي هذا يقول دوبريك: «نفصّل لزبائننا كثيرًا من الملابس الجريئة والفريدة التي يمكنهم ارتداؤها في الأمسيات أو في عطلات نهاية الأسبوع.
سلّمنا الآن سترة مستوحاة من الزي العسكري إلى زبون أراد قطعة ملابس تعكس ترجمة عصرية لملابس جدِّه في زمن الحرب. إنها سترة مصممة لارتدائها فوق كنزة محبوكة وتنسيقها مع سروال جينز.»
سترات بتدرجات الألوان الباردة إلى الدافئة لدى متجر هازبندز في باريس.
تُعد علامة بيرغ آند بيرغ في ستوكهولم من دور الحياكة الأخرى التي أتقنت فن إقصاء الصرامة عن البذلة الرسمية. تسوّق الدار لتصاميمها بوصفها مقاربة عصرية لأسلوب التأنق التقليدي.
(تحولت السويد منذ وقت إلى معقل لانتشار الأزياء الرجالية المبتكرة، ولم تظهر أي مؤشرات تنذر بتباطئها في هذا المجال.) تتميز البذلات والسترات من بيرغ آند بيرغ بقصات تقليدية تستلهم أسلوب الأناقة في نابولي وتتسم بالخطوط الانسيابية عند الكتفين والبطانات غير السميكة. لكنها تعكس في الوقت نفسه الرؤية الاسكندينافية التي تقدِّر الأقمشة غير المتكلفة ذات الألوان الهادئة.
تعرض حملات بيرغ الإعلانية تصاميم الدار متقنة الحياكة منسقة مع شتى القطع الأخرى، مثل القمصان التي يغلب عليها طابع الغرب الأمريكي، والكنزات السميكة ذات الياقة المرتفعة، فيما تغيب رابطات العنق غيابًا كليًا.
سترة سفاري من الكشمير من دار تيموثي إيفرست
يقول أندرياس لارسن، المدير الإبداعي للدار: «ما عدتُ في الغالب أرتدي رابطة العنق سوى مرتين في الشهر. ما زلنا نمتثل للمبادئ التي تحكم الجودة والحرفية، إلا أن تصاميمنا متقنة الحياكة مخصصة للرجل المبدع، وتهدف إلى إقصاء الصرامة عن إطلالته وليس تكريسها.» تعكس علامة سويدية رائجة أخرى، تنشط في مجال الحياكة اليدوية المتقنة، هذه الفلسفة نفسها.
إنها علامة سامان آمل Saman Amel التي تشتهر أيضًا بالجمع بين البذلات وقطع الملابس المحبوكة ذات التصميم غير المتكلف. يمثل ارتداء كنزة بياقة مستديرة محبوكة من صوف ميرينو الفاخر مع البذلة تغييرًا ضئيلاً، إلا أنه يعكس إطلالة حيوية تبدو أشد نقاء وإيحاء بالاسترخاء مقارنة بالمظهر الذي يوحي به أي قميص رسمي.
نيكولا غابار، مؤسس علامة هازبندز، في مقر عمله.
يشكل هذا الانصراف عن التكلف سمة يتمايز بها الأسلوب الاسكندينافي، إلا أن المصممين الإيطاليين يقاربون أيضًا الطابع الوظيفي للبذلة. شكلت التصاميم المحيكة من صوف ميرينو المعالج تقنيًا Techmerino عصب مجموعات زينيا على مدى عدد من المواسم، فقدمت الدار للمسافرين من رجال الأعمال سترات وبذلات يمكن تنظيفها في الغسالات.
لكن دار كورنيلياني كانت مثار الإعجاب مؤخرًا من خلال مجموعتها التقنية من قطع الملابس المفردة المريحة التي يمكن تنسيقها معًا والمصنوعة من أقمشة ملائمة للسفر. كما توصف مجموعة KNT، التي أطلقتها علامة كيتون في أكتوبر تشرين الأول من عام 2018، أيضًا بالأزياء الحضرية متقنة الحياكة، إذ إنها ملابس رسمية مشغولة من أقمشة معالجة تقنيًا جرى تعزيز مقدرتها على التمدد وطرد الرطوبة.
تتناغم المعاطف القصيرة مع القمصان والسراويل الرياضية المصنوعة من الأقمشة نفسها لبناء خزانة ملابس هجينة تُدخل البذلات في منافسة مع الملابس الرياضية. تستحق المجموعتان محدودتا الإصدار أن يستكشفهما أولئك الذين ينشدون لإطلالاتهم في أثناء السفر ملابس مشغولة من أقمشة عالية الأداء، ولكن أنيقة وعصرية في الوقت نفسه.
جوشوا دوبريك وكيمبرلي لاتون
في لندن، تعكف علامة تيموثي إيفرست في منطقة إيست إند على اختبار مادة مختلفة، فتحيك السترات العادية وسترات السفاري من الجلد المقلوب. وفي هذا يقول لي ريكرت، المدير العام للعلامة: «لا بد من تطوير الأزياء المصممة يدويًا. يتبين لنا أن الزبائن يرغبون حاليًا في قطع ملابس توفر لهم مقدارًا أكبر من الراحة.» في الأشهر الأخيرة، عمد كبير خبراء القص لدى الدار، فريد نييدو، إلى تشجيع الزبائن على طلب بذلات انسيابية الخطوط تُحاك من النسيج القطني أو المضلع، وسترات سفاري مشغولة من الجلد المقلوب، وسراويل من القطن، صُممت كلها بما يتيح تنسيقها معًا. تصف الشركة هذه التصاميم بالملابس غير الرسمية متقنة الحياكة، وهدفها مساعدة الزبائن على اقتناء ملابس مصممة بحسب الطلب، ولكن أقل صرامة من الأزياء التي يُتوقع أن يصوغها حائك لندني.
معطف من طراز Nisse من بيرغ آند بيرغ.
على الرغم من أن جاذبية الملابس الرسمية التي تعكس مظهرًا تقليديًا بالغ الصرامة قد تكون في طريقها إلى الزوال، إلا أنه من المرجح أن يبقى لها مكان في خزانة الرجل العصري. لكن إضفاء لمسات مبتكرة جديدة على حياكة البذلات يبدو راسخًا. لا يزال للبذلة حضور في عصرنا، سواء أكانت مكونة من قطعتين وتتسم بأسلوب باريسي جذاب وتُعد مناسبة للسهرات، أم كانت مشغولة من قماش متطور تقنيًا وملائمة للسفر. بل إن النسخة الجديدة متعددة الاستعمالات منها تستحق أن تأخذ في خزانتك مساحة أكبر من ذي قبل.