تثبت التوجهات اليوم أن الساعات الأجمل هي تلك التي لا تستهدف بطبيعتها الرجال دون النساء أو العكس.

في أيامنا هذه، لا جدوى من السؤال عمّا إذا كانت ساعة ما مخصصة للسيدات أم للرجال. فساعات اليوم تصلح لكلا الجنسين، بغض النظر عما إذا كان هذا الجواب يروق للصانع أم لا. في عالم الأزياء، تبددت كثير من الحدود الفاصلة بين التصاميم المخصصة للجنسين.

بل إن بعض المصممين، من نيكولا جيسكيار في لويس فويتون إلى جون غاليانو من ميزون مارجييللا، يبتكرون بذلات محددة المعالم بقصات عريضة الأكتاف يمكن لمن يرغب من الرجال أو السيدات ارتداؤها. ويبدو أن قطاع الساعات قد شرع اليوم يلحق بركب أترابه وزبائنه. ربما لاحظ صنّاع الساعات، على ما فعلنا، أن السيدات الأنيقات يتزيّن اليوم بساعات مختلفة، بداية من ساعة رولكس في علبة ضخمة الحجم إلى نموذج من طراز F. P. Journe Souverain من إف. ب. جورن، فيما اكتشف العديد من الرجال المتأنقين مؤخرًا ميلاً إلى علب الساعات الأصغر حجمًا أو تلك المرصّعة بالألماس. لذا شرع هؤلاء الصناع يروّجون لبعض الطُرز بوصفها ملائمة للجنسين، أو يتفادون تصنيفها.

المثير للاهتمام هو أن هذا التوجه نفسه ينطبق على الساعات عتيقة الطراز الأكثر طلبًا والتي تستحق الجمع، لكن السبب في ذلك لا يُعزى إلى دور ريادي للعلامات العريقة لتبديد الفوارق بين الجنسين، أو على الأقل ليس عمدًا. فالساعات الكلاسيكية تكتسب هذه الصفة لسبب محدد: لأن التصميم يكون عصريًا ورائجًا على نطاق عالمي، شأنه في ذلك شأن كنزة محبوكة من الكشمير الفاخر ويمكن اختيارها بحسب الذائقة الخاصة في قصة ضيقة أو فضفاضة. في أيامنا هذه، تُعد مثلاً الطُرز الشهيرة، مثل ساعات نوتيلوس من باتيك فيليب، ورويال أوك من أوديمار بيغيه، وHistoriques American 1921 من فاشرون كونستانتين، وTank من كارتييه، متميّزة في علب بقطر يقارب 35 ملليمترًا بقدر ما تبدو رائعة في علب بقطر 40 ملليمترًا أو أكثر، وسواء أكانت مرصعة بالألماس أم لا.

وبالرغم من أن هذه الطُرز كلها قُدمت في بداياتها بوصفها ساعات للرجال، إلا أن المصنّعين اكتفوا عند ابتكار نسخ منها للنساء بتقليص حجم العلبة بدلاً من طرح أنماط أنثوية تقليدية مثل ألوان الباستيل، ونقوش الأزهار، والموانئء بأسلوب روكوكو.

لنأخذ على سبيل المثال ساعة Nautilus Ref. 7118/1A من باتيك فيليب في علبة بقطر 35.2 ملليمتر، مخصصة ظاهريًا للسيدات. لا تبدو هذه الساعة بعيدة عن ساعة نوتيلوس ذات الرقم المرجعي Ref. 5726/1A المجهزة بتعقيد أطوار القمر والمشغولة في علبة بقطر 40.5 ملليمتر، وكلتاهما تشبهان على نحو ملحوظ الساعة الأصلية التي قُدمت سنة 1976 في علبة بقطر 42 ملليمترًا. أحط معصمك بأي من هذه الساعات الثلاث وستكتشف أنها تعكس الذائقة الرفيعة نفسها. لكن الرسالة التي توحي بها إطلالتك ستختلف بحسب الحجم: أصبحت الساعة الضخمة فوق معصم المرأة، والساعة صغيرة الحجم فوق معصم الرجل، رمزًا للثقة المطلقة.

لكن يبدو جليًا أن تجاوز أي أسلوب للحدود الجنسانية يقتضي بداية أن يصمد في وجه عاديات الدهر، لا سيّما إذا كان يعكس تصميمًا جريئًا. يُضطر صناع الساعات إلى تعقب التوجهات السائدة، شأنهم في ذلك شأن مصممي الأزياء، بالرغم من أنهم لن يقروا بذلك أبدًا، ما يعني أنك تحتاج إلى الارتياب في المزاعم المتكررة التي تُستخدم فيها مصطلحات مثل "كلاسيكية على الفور" و"ابتكار أيقوني حديث".

فكيف سيكون أداء هذه الطُرز مقارنة بساعة ريفيرسو من جيجر – لوكولتر على سبيل المثال التي يُصادف هذا العام الذكرى التسعين لإطلاقها، والتي لم يطرأ عليها أي تغيير يُذكر على مدى القرن الفائت؟ عندما ابتُكر طراز ريفيرسو في حقبة العشرينيات الصاخبة، كان يمثل ساعة رياضية عملية على نحو مبهر بوجهها القلاب. أما اليوم، في عصر الأناقة البعيدة عن الرسمية والصرامة، فيُنظر إلى ريفيرسو بوصفها ساعة رسمية تحمل إيحاءات من فن الآرت ديكو وتناسب حتى الإطلالات الخاصة بالأمسيات. لم يتغيّر أسلوب الساعة حقيقة، لكن المجتمع تغيّر. فأي فرق سيحدث تفصيل صغير مثل الجنس عندما يحافظ طراز ما على استمراريته وحضوره القوي؟

لا شك في أن بعض التوجهات التي تثير جلبة حاليًا، والمناسبة للرجال والسيدات على حد سواء (مثل تلك المشغولة في علب من السيراميك بألوان زاهية) ستندثر. لكن ثمة تصاميم جديدة تمتلك ما يلزم لتبقى مطلوبة على المدى الطويل من قبل شراة من كلا الجنسين. تشمل الأمثلة على ذلك طراز Octo Finissimo من بولغري، الذي تميزه علبة ضخمة بالغة الخفة وأبعاد جمالية بالغة الحداثة، أو ساعة Altiplano من بياجيه، البالغة الرقة إلى حد أن حافظة بطاقات الائتمان في محفظتك تتسع له، أو ساعة أطوار القمر Arceau L’Heure de La Lune Moonphase التي تطرح ترجمة رائعة لتعقيد عمره قرون. يقول تجار البيع بالتجزئة إن الساعات من هذه الطُرز تشهد إقبالاً شديدًا وتنتهي إلى خزائن زبائن من كلا الجنسين.

يمكنك على الأقل أن ترى في إمكانات توافق أي طراز مع كلا الجنسين مؤشرًا إلى العائد على الاستثمار. قد يكون خير مثال على ذلك ساعة من طراز Cartier Crash من كارتييه بدت مؤخرًا لافتة على نحو مفاجئ فوق معصم فنان الراب كانييه ويست، وأنيقة على نحو متوقع من حول معصم لورين سانتو، رائدة الأعمال وسيدة المجتمع في نيويورك. ففي العام الماضي، بيع نسخة "لندن" من هذه الساعة، المشغولة في علبة من الذهب الأصفر عيار 18 قيراطًا، في مزاد إلكتروني لدار سوذبيز مقابل 225 ألف دولار، أي بسعر يزيد بأكثر من الضعف على قيمتها التقديرية (90 ألف دولار).

بل إن التجار يقولون إن الوصول إلى نموذج من هذه الساعة يكاد يكون مستحيلاً اليوم. كما أن الإصدار الأخير من ساعة نوتيلوس ذات الرقم المرجعي Ref. 5711/1A الذي يميزه ميناء أخضر اللون والذي طرحته باتيك فيليب في شهر أبريل نيسان الفائت يُباع اليوم في سوق الساعات المستعملة مقابل 360 ألف دولار تقريبًا، أي بسعر يفوق قيمة البيع بالتجزئة (34,893 دولارًا) بأكثر من عشرة أضعاف. إنه درس غير تقليدي ولكن مهم جدًا لصنّاع الساعات الذين رسخوا الخارطة الجينية لعلاماتهم: تكمن الطريقة المثلى لمواكبة المشهد الثقافي سريع التغيّر اليوم في عدم القيام بأي تغييرات تُذكر.

Patek Philippe Nautilus Ref.