عندما نجحت عملة بيتكوين Bitcoin المشفرة في جذب عدد من المستثمرين الأوائل، وتحويلهم بين عشية وضحاها إلى أصحاب ملايين خلال أيامها الأولى، أثارت العملة الوليدة موجة من الاهتمام أدت إلى تحول كبير في تداولها، إذ كان محصورًا بين أولئك المستثمرين الأذكياء المغامرين، الذين يتطلعون إلى بناء ثروة طويلة الأجل، إلى أن أصبح متاحًا ومعروفًا بشكل كافٍ لشريحة كبيرة من الجماهير، التي انخرطت في التجربة من خلال المنصات وتطبيقات الأجهزة المحمولة، ثم أصبح من السهل أكثر من أي وقت مضى الانخراط في طقوس تداول عملات الألفية الجديدة.
والحقيقة هي أنه ليس ثمة من ينكر أن سوق العملات الرقمية المشفرة متقلب إلى أبعد الحدود. وقد ثبتت صحة ذلك على سبيل المثال خلال العام الماضي بشكل خاص، إذ انخفضت قيمة البيتكوين بشكل كبير، استجابة للضغوط الاقتصادية التي شهدها العالم، ولكنها عادت مرة أخرى في النهاية لتثبت وجودها.
وفيما ظل أداء العملات المشفرة الأخرى على المنوال نفسه، بقيت العملة المشفرة الأصلية والكبرى في العالم "البيتكوين" هي الأكثر طلبًا، إذ يسعى الجميع لأخذ نصيبه من كعكتها، بالرغم من مختلف التحديات التي تواجهها، وبعض الأمور التي يجهلها البعض عنها.
خلال السطور التالية نعرض بعض ما يجب معرفته عن البيتكوين.
%20 من عملات بيتكوين فُقدت للأبد!
كونها أول عملة رقمية لامركزية في العالم، مهدت البيتكوين الطريق لعصر جديد في عالم الأموال وصورها وأشكال التداول المعروفة، فيما غيرت تقنية التعاملات الرقمية المتسلسلة Blockchain المبتكرة التي يستند إليها العالم الحديث بطرق لم نكن نعتقد أنها ممكنة من قبل.
ولكن وفقًا لبيانات التشفير من Chainalysis، لم يكن الأمر كله سلسًا بالنسبة للمستثمرين، إذ يُعتقد أن حوالي 20 في المائة من العملة إما فقدت أو احتُجزت في محافظ يتعذر الوصول إليها، وهي مبالغ تقدر قيمتها بأكثر من 195 مليار دولار أمريكي.
فيما يُعتقد أن مبتكر عملة البيتكوين - يُعتقد أنه "ساتوشي ناكاموتو"- يمتلك حوالي 1.1 مليون بيتكوين، وأنها لن تطرح في سوق الصرف أبدًا، فقد بعض حاملي العملة مفاتيح التشفير الخاصة بها أو حوصرت بوفاتهم بعد أن ماتوا من دون ترك مفاتيحهم خلفهم.
ومفاتيح التشفير هذه تشبه أرقام التعريف الشخصية للحساب المصرفي، مع فارق شاسع في الشكل وكيفية العمل. كما أن فقدان أرقام التعريف الشخصية لأي حساب مصرفي لا يعني فقدان الحساب أو ما به من أموال، فيما فقدان مفاتيح تشفير العملات الرقمية يعني ضياعها للأبد!
البيتكوين هي العملة الوطنية في السلفادور
في عام 2021 أصبحت السلفادور أول دولة في العالم تعترف بعملة البيتكوين عملةً قانونية. وقد دخلت الدولة الصغرى من حيث المساحة والحجم بين دول أمريكا الوسطى التاريخ، عندما أصبحت أول دولة في العالم تعترف بعملة البيتكوين عملةً وطنية لها، على الرغم من أنها لم تحل محل الدولار الأمريكي بالكامل، مع استمرار تداول الاثنين معًا.
وعلى الرغم من تحفظات المواطنين السلفادوريين واحتجاجاتهم، إلا أن الحكومة حفزت مواطنيها على فتح محافظ رقمية وطنية، من خلال تقديم 30 دولارًا لهم مقابل القيام بذلك. على أن الخبراء ما زالوا يحللون هذا القرار المثير للجدل، إذ تعد الغالبية العظمى منهم أن مثل هذه الخطوة يمكن أن تكون محركًا خطيرًا للاقتصادات النامية مثل السلفادور.
يمكنك الدفع باستخدام البيتكوين في هذه الأماكن
كان سوق المنتجات الفاخرة أحد أسرع الأسواق في التكيف مع العملات المشفرة والفرص التي تأتي معها، ربما في إطار مواصلة جذب قاعدة من الزبائن من أصحاب الثروات الكبيرة، وكثير منهم مستثمرون في مجال العملات المشفرة. ومن ثم فقد أصبح من الممكن إنفاق بعض العملات المشفرة الشهيرة وعلى رأسها البيتكوين على مجموعة من المنتجات والخدمات الراقية.
وفي عام 2014 أصبحت airBaltic أول شركة طيران تقبل مدفوعات البيتكوين، ثم تبعتها العديد من شركات الطيران. كما امتدت تعاملات العملات المشفرة إلى قطاع الأزياء الفاخرة للعلامات الأكثر فخامة، والتي تبنتها كوسيلة ممكنة للدفع.
وكانت البداية هنا مع علامة غوتشي Gucci وهي أول علامة للأزياء الفاخرة تقبل العملات المشفرة وسيلةً للدفع في عام 2021، بينما افتتحت دار فيليب بلاين Philipp Plein أول متجر مستقبلي يعتمد مفهوم العملات المشفرة في العالم بلندن، إذ يمكن للمتسوقين الاطلاع على الرموز غير القابلة للاستبدال NFTs الخاصة بالأزياء وشرائها باستخدام مجموعة من العملات المشفرة على رأسها البيتكوين. وتأمل العلامة الانطلاق بالفكرة إلى العالمية عن طريق دمج التسوق المادي والرقمي من خلال استخدام الميتافيرس في مساحة واحدة مبتكرة.
وفيما فتحت بعض العلامات الفاخرة الأخرى أحضانها للعملات المشفرة، يبدو أن الأمر لن يقتصر على الموضة فحسب، إذ سيمتد قريبًا لشراء كل شيء من السيارات الخارقة إلى المنازل. فقد أصبح من الواضح أن العلامات التي ستحقق أفضل نتائج التعمق في العالم الرقمي، هي التي ستستمر في الصدارة.
الرهون العقارية ممكنة بالبيتكوين والعملات الافتراضية
في عام 2019 احتل رجل الأعمال بروك بيرس عناوين الصحف عندما طرح أول قرض عقاري في العالم من البيتكوين في أمستردام بهولندا. وعلى الرغم من أن هذا الأمر لا يشكل القاعدة حتى الآن، إلا أن مفهوم الرهون العقارية المشفرة ما زال مستمرًا في اكتساب الزخم. ومع تزايد وتيرة تطور ميتافيرس، يمكننا أن نرى في النهاية مستثمرين من أصحاب الثروات والعملات المشفرة يتجهون إلى الاستثمار في العقارات الافتراضية.
أما بالنسبة للعالم الحقيقي، فلا يزال الأمر في إطار البدايات، إذ يسعى الجميع لرؤية الواقع قبل كل شيء. ولكن شركة United Wholesale Mortgage وهي وسيط عقاري أمريكي، أعلنت أخيرًا أنها ستبدأ في قبول البيتكوين وغيرها من العملات المشفرة، ما يعني اتخاذ خطوات يمكن أن تصبح في نهاية المطاف خيارًا واقعيًا للجميع، في عصر قادم يحمل معه ما يناسبه من عملات المستقبل.