فورد تطرح نموذجا جديدا من طراز GT احتفاء بالانتصارات التي حققتها هذه المركبة قبل خمسة عقود
تتربع السيارات الأصلية من طراز فورد GT40 على عرش مركبات السباق الأسطورية التي أنتجتها الشركة على مدى تاريخها. تشكّل اليوم هذه السيارات مطمح كثيرين بوصفها كنوزًا لا تقتصر قيمتها ودلالتها على جماليات مظهرها وتفوّق أدائها فحسب، وإنما على الدور المحوري الذي اضطلعت به أيضًا إذ ضمنت للصانع السيطرة على عالم سباقات السيارات خلال حقبة السباقات الأكثر إثارة إذا أمكن القول. ففي أعقاب فشل مساعي الفوز في سباق لومان سنة 1964، أوكل هنري فورد الثاني إلى كارول شيلبي مهمة تصويب العيوب في سيارة GT40 حديثة العهد التي يحتل محرّكها موقعًا وسطيًا في الهيكل، طالبًا تحويلها إلى مركبة قادرة على إلحاق الهزيمة بسيارة فيراري.
نفّذ شيلبي المهمة بنجاح، لتحقق المركبة إذ ذاك الفوز بالمراكز الثلاثة الأولى في سباقي دايتونا وسيبرينغ، ولاحقًا في سباق لومان لسنة 1966. على الرغم من أن سياسة احتساب أجزاء الثانية في سباق لومان حرمت آنذاك كين مايلز (الذي قضى نحبه بعد فترة وجيزة على الحلبة في أثناء اختبارات تطوير المركبة) من فوز مستحق بالمرتبة الأولى (عوضًا عن الثانية)، إلا أن تفوّق مركبات ثلاث من طراز فورد GT40 على المنافس الإيطالي في السباق نفسه أثبت عزمها. يشير الرقم 40 إلى مقدار ارتفاع المركبة عن سطح الأرض بوحدة البوصة. قدّر مستوى هذا الارتفاع وتخيّل أنك تقود سيارة منخفضة إلى هذا الحد.
على مدى العقود اللاحقة، تحولت هذه المركبة إلى رمز للانتصار للعلامة ذات الشعار البيضاوي الأزرق. خلال المدة الممتدة بين عام 2004 وعام 2006، أعادت الشركة إحياء مركبتها الأسطورية بشكل موجز باسم «فورد جي تي» وصنّعت منها 4٫038 نموذجًا. بدا هيكل المركبة الجديدة، الذي اعتُمد فيها عن قصد تصميم عتيق الطراز يوحي بالثقة، أضخم من الهيكل الأصلي، كما أنها عُدَّت أول سيارة خارقة، بالمفهوم الحديث لهذا التعبير، تطلقها فورد على الرغم من أن عمرها كان قصيرًا. خلافًا لسابقاتها، لم يكن الصانع ينوي المشاركة بها في السباقات. بعد ذلك، عرف هذا الطراز عشر سنوات من القحط في ظل غياب طراز جديد قادر على مضاهاة أسطول المركبات الفخمة التي يطلقها صنّاع آخرون على الطرقات أو في الحلبات. أما اليوم، فبات بمقدور الشركة أن تواكب منافسيها، أو بكل بساطة أن تتفوق عليهم بسيارة فورد جي تي 2017.
هندس الصانع كل سطح على النحو الأمثل بما يعزز الديناميكية الهوائية في سيارة جي تي إلى أقصى حد ممكن
هذا ما حدث سنة 2016 في سباق لومان حين حققت سيارة جي تي الجديدة من فورد الفوز بالمركز الأولى عن فئة GTE. وجاء هذا الفوز بعد انقضاء 50 عامًا على ذاك النصر الثلاثي لسنة 1966. أما المركبة الفائزة، فتمثلت بالسيارة رقم 68 التي حملت اسم Floyd Chip Ganassi Racing Ford GT، وتشارك قيادتها كل من سيباستيان بورديه، وجوي هاند، وديرك مولر. في السباق نفسه، حققت السيارة رقم 69 المركز الثالث، فيما فازت كل من السيارتين رقم 66 و67 بالمركزين الرابع والتاسع على التوالي، وكانت المركبات الثلاث كلها من طراز فورد. أما اللافت في الأمر، فهو عودة فورد إلى سباق لومان بسيارة لا يزيد عمر مشاركتها في أي منافسة على سنة ونيّف. كان للمشروع التطويري، الذي بدأ العمل عليه سنة 2013 تحت الاسم الرمزي «مشروع فينيكس» Project Phoenix (في إيحاء إلى طائر الفينيق الخيالي الذي ينهض من الرماد)، غاية تتجاوز حدود بناء سيارة سباق من الطراز الرفيع لتشمل أيضًا تطوير مختبر للتقنيات الجديدة والمواد المتطورة بهدف الإتيان بابتكارات تجد طريقها في النهاية إلى كل مركبات الاستخدام اليومي التي تنتجها فورد على نطاق واسع. في سياق تطوير مركبة جي تي، ركّز المهندسون على المحرك ومزايا الديناميكية الهوائية، التي دُعِّمت بتطبيقات جديدة من ألياف الكربون خفيفة الوزن، من أجل إثبات متانة التصميم وكفاءته لقيادة السيارة على الطرقات السريعة وللمشاركة بها في سباق الأربع والعشرين ساعة على حد سواء.
اعتمدت فورد في مركبتها بابين ينفتحان نحو الخارج وصعودًا إلى أعلى في تصميم يعكس فنا هندسيا بديعا
ويكشف عن مقصورة تلحظ مزاياها الشعور بالراحة في أثناء التسابق.
تولّت أعمال تطوير المركبة جي تي وحدة فورد بيرفورمانس التي انبثقت من تكتل أقسام مستقلة سابقة في الشركة (هي Ford SVT، وTeam RS، وFord Racing ووحدة قطع مركبات الأداء العالي) دُمجت معًا لتعزيز مستوى التآزر والفاعلية في العمل. أما تصنيع مركبات جي تي، فيتم في تورونتو في مصنع مالتي ماتك، شريك فورد المتخصص في تطوير الأنظمة المعقدة لتطبيقات القيادة على الطرقات أو السباق في الحلبات.
لا غرابة في أن تكون نواة سيارة جي تي قد صُنعت من لوح أحادي من ألياف الكربون. فبنية المقصورة الداخلية خفيفة الوزن، التي تشتمل على قفص حماية مدمج فيها تشكّل النواة التي تطفو كامل أجزاء المركبة من حولها. ثُبتت قطع من الألمنيوم مصبوبة آليًا ومثيرة للإعجاب إلى كل زاوية من بنية المقصورة وجرى ربطها بأنظمة ثانوية للتعليق والتوجيه. أما الهيكل الداخلي، فيتميز بتصميم مسطّح القعر ثُبِّتت فيه نقاط ربط نظام التعليق الداخلية بالقرب من محور السيارة على نحو يتيح الإفادة من طبيعة تصميم عجلة الدفع المستلهمة من مركبات الفورمولا 1. يسمح نظام التعليق الهيدورليكي هذا بتغيير ارتفاع المركبة عند تدوير أحد المقابض، ما يؤدي إلى ضبط أنماط القيادة على نحو تتبدل معه نسبة الوزن المطلوب لضغط النوابض فيما ينخفض مستوى ارتفاع السيارة من 4.7 بوصة على الطريق العادية إلى 2.7 بوصة في وضعية القيادة على الحلبة حتى تكاد المركبة تلامس الأرض.
في الجزء الخلفي من السيارة، اعتُمد جناح مبتكر تمتلك فورد براءة اختراعه وينفتح أوتوماتيكيًا خلال القيادة السريعة. وكحال المركبات الخارقة الأخرى التي تعيق المطبات الصناعية والممرات أمام البيوت استخدامها في الأيام العادية، اعتُمد في هذه السيارة نظام رفع أمامي ينشط بتحفيز من السائق ليزيد في ارتفاع السيارة عن الأرض ثم يعود ليخفضها إلى مستوى أدنى تلقائيًا لدى بلوغ سرعة مقدارها 25 ميلاً/ الساعة.
يشكّل الوزن المنخفض، والقوة الهائلة، وكفاءة الديناميكية الهوائية ثلاثية تؤكد التصميم الناجح لسيارة جي تي. تتفرد المركبة، التي لا يزيد وزنها على 3٫054 رطلاً بشكل مخادع هندس خطوطه مدير التصاميم لدى فورد، كريستوفر سفينسون، فجعله متطرفًا لسيارة مخصصة للشارع، وموجهًا بشكل جلي إلى تحقيق مهمة واحدة هي الفوز في السباقات. صُنع كل لوح في هيكل السيارة من ألياف الكربون التي تُعد تركيبتها ضرورية لبناء أشكال معقدة على غرار قوسي الركيزة الداعمين لمزايا الديناميكية الهوائية في الجزء الخلفي من المركبة واللذين يستحيل صنعهما في هذا الشكل المحدد باستخدام الألمنيوم. وضع الصانع كل سطح في الشكل الأمثل بما يعزز الديناميكية الهوائية إلى أقصى حد ممكن. يشهد على ذلك الجنيحان المتحركان في محيط الهيكل وأسفله واللذان يضمنان خفض قوة الجر وزيادة القوة السفلية لتعزيز إمكانات الثبات على الطرقات، وبالطبع التسارع الذي تسطيع السيارة تحقيقه في غضون مدة زمنية وجيزة جدًا.
يتيح المحرك V-6 المكون من ست أسطوانات سعة 3.5 لتر إنتاج قوة مقدارها 647 حصانًا عند 6٫250 دورة في الدقيقة،
الأمر الذي كان كافيا لكي تتفوق سيارة جي تي على طرز صناع آخرين في سباق لومان لعام 2016.
يعكس المحرك الذي يحتل مركزًا وسطيًا في السيارة تحوّلاً جذريًا عما هو مألوف في أسطول الصانع، كما أنه يسلط الضوء على تقنية «إيكو بوست» EcoBoost (أي نظام محركات الوقود ذات السحب المباشر والمعززة بشاحن توربيني) الخاصة بشركة فورد. شُكل المحرك V-6 المكون من ست أسطوانات سعة 3.5 لتر من الألمنيوم المضغوط، وقد جرى تطويره بالتزامن مع بناء المركبة أف 150 رابتور، أي شاحنة فورد عالية الأداء المخصصة للطرقات الوعرة. يولّد هذا المحرك قوة مقدارها 647 حصانًا عند 6٫250 دورة في الدقيقة في نمط القيادة على الطرقات العادية، كما أنه ينتج قوة عزم دوران مقدارها 745.69 نيوتن متر عند 5٫900 دورة في الدقيقة. يذكر أن ما يتيح «لمحرك الشاحنة الذي ضمن للمركبة الفوز في سباق لومان» إنتاج قوة حصانية وقوة عزم دوران تتناسبان مع المحركات ذات السحب الطبيعي ومعدل الإزاحة الأعلى هو الجمع بين آلية الشحن التوربيني المعزز بنظام تفويت الشرارة (أي نظام إشعال الشرارة في العادم لكبح التأخير في زمن تغيير معدل الطاقة لدى الاستجابة لمقدار الضغط على دوّاسة الوقود) والآلية المباشرة لحقن الوقود.
تشمل الفوائد الجانبية لهذا الدمج تعزيز كفاءة الوقود بنسبة 30 في المئة، وخفض انبعاثات غاز الدفيئة بنسبة 15 في المئة. فضلاً عن ذلك، يضمن ناقل حركة محوري من طراز Getrag بجهاز تعشيق مزدوج من سبع سرعات التبديل بين التروس أوتوماتيكيًا أو التغيير في ذراع نقل الحركة. تُقدّر المدة التي يستغرقها التسارع بالمركبة من صفر إلى 60 ميلاً/ الساعة أقل من ثلاث ثوان. الأهم من ذلك أن المعدلات النسبية لنقل الحركة مرنة جدًا لدرجة أننا أتممنا الجزء الأكبر من الجولة الاختبارية المكثفة على الحلبة مستخدمين الوضعية الثالثة في ناقل الحركة، ما عاد عليَّ بالفائدة بوصفي سائقًا قليل المهارات إذ استطعت تركيز انتباهي على المناورة عبر مسار الحلبة دون أن يتشتت انتباهي بضرورة تبديل السرعة.
كانت تلك الجولة الاختبارية قد نُظمت العام الفائت في حلبة مخيم يوتا موتورسبورتس كامبوس في تولي، على بعد 30 ميلاً من مدينة سولت لايك. تحتضن تلك الحلبة مدرسة فورد بيرفورمانس رايسينغ سكول للسباقات. وقد جرى اختيارها كمنصة لإطلاق المركبة عالميًا في سياق حدث زيّنته مجموعة من سيارات جي تي كانت تتوهج تحت أشعة الشمس فيما سائقوها يستعدون للانطلاق بها كأنها طائرات مقاتلة فوق حاملة طائرات.
يتيح نظام التعليق الهيدروليكي الذي جهزت به السيارة الخارقة خفض ارتفاعها عن سطح الأرض بمقدار
بوصتين لدى الانتقال من نمط القيادة على الطرقات العادية إلى نمط التسابق على الحلبة.
اعتمدت فورد، عوضًا عن الأبواب التي تُفتح كأنها ظلة، في مركبتها بابين ينفتحان نحو الخارج وصعودًا إلى أعلى. يكشف البابان بتصميمهما المعقد (ومن بينهما المفصلات التي تعكس فنًا هندسيًا بديعًا) عن مقصورة داخلية تتميز بعتبة عريضة، ومقعدين مقعّرين ضيقين غير قابلين للتعديل يُضطر الراكب إلى الدخول أولاً بظهره للجلوس في أحدهما. تفصل بين المقعدين وحدة تحكم مركزية ثُبتت في مساحة ضيقة للغاية. أما لوحة العدادات الرقمية، وعجلة القيادة ذات القعر المسطح (التي جُهِّز محورها بمجموعة من الوظائف المختلفة)، ومجموعة الدوّاسات، فتنضبط كلها معًا، صعودًا ونزولاً ونحو الداخل والخارج، بما يُبقي لوحة القيادة بعيدة عن المقعد مسافة تزيد على ذراع. عندما تضغط زر التشغيل في وحدة التحكم المركزية، يزأر المحرك ذو الأسطوانات الست كقطيع من الكلاب المسعورة.
بينما تستخدم عبارة «سيارة سباق مخصصة للطرقات» كثيرًا على
نحو مغلوط، إلا أنها تشكّل توصيفا ملائما ومثاليا على وجه الخصوص لهذه السيارة المتميزة
لحظة غادرنا الحظائر، تسارعت السيارة مندفعة كالوحش لتتم دورتها الأولى وقد صار ناقل الحركة في الوضعية الثالثة. كانت السيارة تبدو عريضة ومنخفضة ولا تعيقها التضاريس المحدّبة والمطبات. كانت عجلة التوجيه الهيدروليكية، التي لا تعمل كهربائيًا، تومض بسرعة للإشارة إلى أي اختلاف طفيف في سطح الطريق. وإذا كانت المكابح قد سمحت لأمهر السائقين بيننا بالانتظار حتى الجزء الأخير من الثانية قبل تجاوز المنعطفات لاستخدامها، فإنها قد ولّدت إحساسًا بالرفاه لدى بقيتنا، نحن الذين نرى أن سيارة فورد جي تي قد صُمِّمت لتكون سيارة خارقة تتحلى بالصبر وبقدرة هائلة على التحمل. لكنها في المقابل تستجيب كأفضل ما يكون للسائق المتمرس والموثوق.
بينما تأمل شركة فورد في أن ترى عددًا كبيرًا من الزبائن الجدد يقودون سيارات جي تي على حلبة السباق، تثبت المركبة قدراتها بشكل جيد على الطرقات العامة، بل وتكشف عن أداء أفضل كلما ازداد عدد المنعطفات عبر هذه الطرقات. قمنا بجولة على متن سيارات جي تي استمرت ثلاث ساعات عبر ريف يوتا الساحر صعودًا باتجاه الجبال، مستأنسين التبديل في ذراع ناقل الحركة اليدوي وتنامي عزم محرك السيارة وصولاً إلى الذروة عند 7٫600 دورة في الدقيقة. كان صوت الفحيح المثير للحماس المنبعث من الشاحن التوربيني يضفي مسحة تميز على صخب العادم. لكن في الجولات المطوّلة، لا سيما عبر الطرقات السريعة، يمكن لضجيج سيارة جي تي ومقصورتها المتقشفة أن يجعلا قيادتها مرهقة بعض الشيء.
لن يكون بالإمكان التغاضي عن مقارنة المركبة جي تي بالسيارات المجهزة بمحركات مركزية الموقع من طراز أودي وفيراري ولامبورغيني وماكلارين، ونماذج بورشه 911 الأقوى، وكلها، باستثناء سيارة أفنتادور من لامبورغيني، تبُاع بأسعار أدنى من سعر البيع بالتجزئة المقترح لمركبة جي تي من قبل المصنّع والذي يعادل 453٫750 دولارًا. لكن سيارة جي تي لا تختلف عن هذه المركبات بوصفها أغلى سعرًا وأندر ثمنًا فحسب. فهي أيضًا، وبما لا يقبل الشك، تتميز بوصفها سيارة ذات غرض أحادي. فهي تخلو من مظاهر الرفاهية، ولا تعطي أولوية لمواكبة الصيحات الرائجة، ولا تكترث لحكم الآخرين على ندرة المكابس في محركها، أو غياب نظام الدفع الكلي، أو هدير محركها الأجش، أو ضيق المساحة المخصصة للحقائب فيها. على الرغم من أن عبارة «سيارة سباق مخصصة للطرقات» كثيرًا ما تُستخدم على نحو مغلوط، إلا أنها تشكّل توصيفًا ملائمًا ومثاليًا على وجه الخصوص لهذه السيارة المتميزة واللافتة للأنظار.
أما أكثر ما يلفت الانتباه، فهو أن أولئك الذين يرغبون في اقتناء نموذج من هذه السيارة لن يحظوا، على الأرجح، بفرصة تحقيق أمنيتهم. فقد أعلنت فورد عن التزامها إنتاج ألف نموذج فقط من سيارة جي تي على مدى أربع سنوات، ما يعني أن اقتناء هذه المركبة سيبقى بعيدًا عند كثيرين. بل إن مسار بيع مركبات جي تي لن يكون ديمقراطيًا بأي شكل من الأشكال. فبعد أن يحظى كبار الرؤساء التنفيذيين لدى فورد وزبائنها من كبار الشخصيات بسياراتهم، ستقوم شركة فورد بمراجعة أشرطة فيديو تختزل مسيرة مقدمي طلبات شراء المركبة في مجال القيادة، والإنجازات التي حققوها في السباقات، وحتى مستوى شهرتهم على منصات وسائل التواصل الاجتماعي. على هذا، ستختار الشركة قلة قليلة فقط من هؤلاء تنصّبهم زبائن جديرين حقًا بامتلاك هذه السيارة. وإذ يتجاوز الطلب العرض بأشواط وأشواط، يمكن القول إن سيارة فورد جي تي تشكّل مركبة تنافسية على أكثر من مستوى.
خلفيات القصة
كان الصحافي مات ديبورد حاضرًا معنا في حفل إطلاق سيارة جي تي في يوتا، وقد تحادثنا عن كتابه الجديد Return to Glory: The Story of Ford’s Revival and Victory at the Toughest Race in the World «استعادة المجد: قصة انبعاث فورد وانتصارها في السباق الأقسى عالميًا».
قد يصلح هذا الكتاب المثير للاهتمام جائزة ترضية لأولئك الذين لن يتمكنوا من اقتناء السيارة نفسها.
أيهما أولاً؟ تعني كلمة Raptor «رابتور» الطائر الكاسر الذي ينقض على فريسته. كما أنها قد ترمز عند أصحاب المخيلة الواسعة إلى ديناصور مفترس من الحجم الصغير أو المتوسط. في العادة، لا يكون الطائر الكاسر ودودًا أو مسليًا لطريدته. أما الكلمة اللاتينية الأصل لهذا الجارح، فتعني «النهب»، وهذا ما فعله تحديدًا المهندسون لدى فورد عندما غزوا حاوية قطع المحرك V-6 من طراز إيكو بوست والمكون من ست أسطوانات لتوفير الطاقة لسيارة جي تي وللشاحنة أف -150 رابتور عالية الأداء المخصصة للطرقات الوعرة.
يتشارك محرك الشاحنة ما نسبته تقريبًا 60 في المئة من أجزائه مع محرك سيارة جي تي. ففي خلال مرحلة التجارب التي أخضع لها النموذج الاختباري من المركبة، كانت أعمدة المرافق في المحرك تتضرر بشكل متكرر. لتسريع الاختبارات، لجأ الصانع إلى استخدام عمود المرفق الخاص بمحرك شاحنة أف -150 رابتور والذي سبق إنتاجها. بهذا المكون الحيوي، تمكّن النموذج الاختباري من سيارة جي تي من كسب أول سباق يشارك فيه في سبرينغ.
بغض النظر عما إذا كان محرك إيكو بوست المكون من ست أسطوانات والذي يشكّل القلب النابض لشاحنة أف -150 رابتور قد اعتُمد أولاً في السيارة أم في الشاحنة، فمما لا شك فيه أنه يجعل الجولة على متن رابتور تجربة رائعة. بوصف هذه الشاحنة مريحة كأي سيارة رياضية فاخرة متعددة الاستعمالات إنما دون تكلف أو بهرجة، قد تشكل مركبة مثالية للاستخدام عبر طرقات المناطق الحضرية المزدحمة.
يجلس المرء داخل المقصورة في موقع مرتفع لينعم كأنه نسر برؤية المناظر المحيطة على نحو أفضل مقارنة بما يكون الوضع عليه في معظم السيارات الرياضية متعددة الاستعمالات. كما أن الشاحنة تتمتع بقدر هائل من القوة إذ ينتج محركها 450 حصانًا وعزم دوران يعادل 745.69 نيوتن متر. لكن بغض النظر عن الشعور الذي تولّده قيادتها، يكفي أنها جُهِّزت بمزايا الثبات، ومجموعة امتصاص الصدمات من نوع Fox Racing، ونظام Terrain Management المبتكر لضبط إعدادات المركبة بحسب طبيعة الطريق (والذي يتيح التبديل بين أنظمة الدفع بعجلتين، والدفع بأربع عجلات، والدفع الكلي)، ما يتيح قيادتها بمستوى الكفاءة نفسها على الطرقات السريعة وعبر الطرقات الوعرة. يذكر أن هذه المركبة تشكّل أيضًا خيارًا جيدًا بوصفها مركبة متعددة الاستعمالات يمكن استخدامها بشكل يومي. فهي تتسع لخمسة ركاب ولعدد كبير من الحقائب، كما يمكنها بلوغ وجهات لم يسبق أن وصلت إليها أي مركبة رياضية أخرى متعددة الاستعمالات. يبدأ سعر البيع بالتجزئة المقترح من قبل المصنّع من 49٫785 دولارًا، مقابل 70 ألف دولار للشاحنة كاملة التجهيز، ما يجعل اقتناء نموذج من هذا الطراز مبررًا حتى وإن كانت الشاحنة غير منمقة. |