إجراءات أمنية وأنظمة تقنية متطورة تتيح لليخوت الفارهة صد غزوات القراصنة في أعالي البحار.
بالرغم من أن الأدبيات والأفلام السينمائية قد تضفي طابعًا شاعريًا على غزوات القراصنة في أعالي البحار، إلا أن التهديد الذي تمثله هذه الغزوات لعالم اليخوت الفارهة حقيقة لا لبس فيها. والصادم في الأمر هو أن هجوم القراصنة بات اليوم احتمالاً متوقعًا في بعض المناطق، مثل ساحل إفريقيا، وخليج عدن، والمحيط الهندي. بل إن مياه أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي شهدت زيادة بنسبة 163% في معدل الغزوات المسجلة في عام 2017.
لكن بمقدور مالكي القوارب أن يسلِّحوا أنفسهم بمجموعة جديدة من الأدوات غير الفتاكة المخصصة لمقاومة القرصنة، ومعظمها مصمم بما يتيح رصد القراصنة في مرحلة مبكرة ومنعهم من اقتحام اليخوت. على ما يرى قبطان اليخوت المتمرس مايكل شولر، يتصدر هذه الأدوات جهاز Long Range Acoustic Device (LRAD) الذي يشكل سلاحًا صوتيًا يُصدر أصواتًا عالية الحدة تصم الآذان وتتمدد إلى مسافات طويلة عبر حزمة شعاعية مركزة، ما يعني أن تأثيره لن يطال مشغلي الجهاز أو أولئك الذين يكونون على مقربة منه. يقول شولر: «أثبت هذا الجهاز حسن أدائه عندما تعرض اليخت ليندا لو، البالغ طوله 197 قدمًا، لهجوم مراكب قراصنة عدة في عام 2010 عندما كان اليخت في طريقه للمشاركة في معرض أبو ظبي للقوارب. ويضيف شولر أن الجهاز تحول في النهاية إلى واحد من الأساليب الأشد كفاءة (والأكثر تكلفة، إذ يبلغ سعره عشرين ألف دولار) لصد القراصنة قبل وصول الدعم من القوات البحرية الملكية. وعلى المنوال نفسه، يستخدم جهاز مضاد للقرصنة يعمل بتقنية الليزر، على غرار مسدس لحجب الرؤية، شعاع ليزر غير فتاك لتعمية القراصنة مؤقتًا أو تشتيت انتباههم. يسهل على طاقم أي يخت تنشيط أي من الجهازين، ويمكن استخدام كليهما في أوقات الليل والنهار.
إعاقة اللصوص باستخدام الشعاع الصوتي في جهاز LRAD.
أما الأسلحة الدفاعية الأكثر تطورًا فتشمل نظام Active Denial System المعروف أيضًا باسم مسدس الشعاع المسبب للألم (يبلغ سعره خمسة ملايين دولار)، والذي يبث شعاعًا ضيق النطاق من الطاقة الكهربائية المغناطيسية لرفع درجة حرارة الجلد واستثارة شعور لا يُحتمل بالحريق، فضلاً عن دخان الإنذار الأمني الذي يصلح للاستخدام من قبل الجواسيس، والذي يغمر اليخت بسحابة من ضباب أبيض كثيف يتقلص بسببه مدى الرؤية إلى أقل من قدم واحدة.
تُعد آلات التصوير المخصصة للمراقبة التي تثبت على متن اليخت، وأنظمة إقفال الأبواب، وأجهزة استشعار الضغط التي تُجهز بها الأسطح لرصد الحركة والوزن فوق أرضياتها، أكثر شيوعًا ضمن الأنظمة الأمنية التقليدية، إلى جانب فريق أمني مسلح يتولى مهام المراقبة على مدار الساعة في المناطق شديدة الخطورة. فضلاً عن ذلك، يمكن للسياج الكهربائي القابل للطي وأنظمة رصد الموجات الصوتية تحت سطح الماء أن تساعد على إبعاد القراصنة فيما تُبقي الركاب على متن اليخت آمنين. يقول شولر: «كان أهم ما قمنا به هو تطوير خطة ثم التدرب مرارًا وتكرارًا مع طاقم اليخت على إجراءات الاستجابة الفورية. هذا أكثر ما ساعدنا. كما أننا بسطنا أسلاكًا شائكة فوق منصة السباحة على متن اليخت، وتزودنا بمسدسات ضوئية لإطلاق الشعلات الضوئية على قوارب القراصنة، وبقاذفات حبال يمكننا إطلاقها إلى مقدمة المراكب التي تقترب نحونا لنوقع أنظمة الدفع في شركها ونعطلها.» بالرغم من أن الاسلاك الشائكة قد لا تكون الحل الأجمل، لكنها تشكل وسيلة دفاعية ذات كفاءة. تُبسط الأسلاك عبر سطح النادي الشاطئي وتبقى على تلك الحال طيلة فترة وجود اليخت في مياه المناطق الخطيرة. وطالما أنه لا يمكن من حيث المبدأ لأي ضيف الوجود على سطح اليخت في حالات العبور الخطر، فإن أحدًا لن يمارس السباحة في أثناء ذلك.
إرباك الدخلاء بسحابة من الدخان الأمني.
تشمل الإمكانات الأخرى صقل النوافذ بالصفائح المعدنية المضادة لعوامل الطقس، وتعطيل عمل نظام التعرف الآلي Automatic Identification System (AIS) وإشارات الملاحة الضوئية ليلاً لحجب السفينة. في حال الإبقاء على نظام التعرف الآلي نشطًا (يستخدمه أيضًا بعض القراصنة)، سيكون من الحكمة بث رسالة حول الوضع القائم من نوع «فريق أمني مسلح على متن اليخت» لردع القراصنة.
تنشيط الشعاع الكهربائي المغناطيسي المسبب للألم في حال اقتراب القراصنة.
بالحديث عن حماية المسافرين على متن اليخت، يقول قبطان آخر في هامبتون بايز بنيويورك: «لدى ظهور أول مؤشر إلى الخطر، وقبل إطلاق أي طلقات، يجتمع أفراد الطاقم كلهم باستثناء القبطان في «الحصن». يجري تحديد الحصن وفقًا لإمكانية عزله ليكون موقعًا مؤمن الحماية بعيدًا عن باقي أقسام اليخت، ومثاليًا لمقاومة أي مساع لاقتحامه من الخارج.» يتمثل هذا الحصن في العادة برأيه بمقصف طاقم اليخت. أما شولر، فيرى أن حجرة المحركات تشكل الخيار الأمثل. وإذا لم يكن هذا التدبير كافيًا، فإنه بالإمكان دومًا اللجوء إلى خراطيم المياه التي توفر دفقًا قويًا يصعب اختراقه من الماء، ما يتيح دفع القراصنة الذين يحاولون اقتحام اليخت بعيدًا. بمعنى آخر، تشكل هذه الخراطيم السلاح المائي الأخير. كما يمكن للخراطيم أن تملأ قوارب القراصنة سريعًا بالمياه، ما يبطئ حركتها فيما يجد اليخت منفذًا للفرار.