Four Seasons Resort Maldives at Kuda Huraa 

على متن يخت يقلّنا من مطار فيلانا الدولي في ماليه، نسابق الموج إلى جزيرة كودا هورا في أتول نورث ماليه، هناك حيث ينبسط منتجع فورسيزونز وسط أشجار النخيل واحة تتبدد فيها الحدود الفاصلة بين محيط يتباهى بمياهه البلورية وسماء تسكب زرقتها فيه.

تخال للوهلة الأولى أنك تحط الرحال في قرية مالديفية تقليدية استُحدثت وسط 12 فدانًا من الحدائق الاستوائية العابقة بشذا زهر الجهنمية والياسمين الهندي والكركديه، وتشكلت معالمها العمرانية مزيجًا من الأسقف المبنية من القش، والأرضيات المكسوة بخشب الساج، والأعمدة والألواح ذات الزخارف المتشابكة مثل الدانتيل، والأثاث استوائي الطابع. تميّز هذه التفاصيل 96 فسحة إقامة تتوزّع على فيلات وأكواخ تجاور الخط الشاطئي وأخرى أقيمت مباشرة فوق صفحة الماء، لكنها كلها مجهّزة بأحواض سباحة خاصة وتنفتح من عزلتها على الأفق الذي تخط فيه شمس الشروق أو الغروب لوحة ألوانها.

أما الملاذ الأمثل لأولئك الباحثين عن أعلى درجات العزلة والخصوصية، فتختزله الفيلا الملكية الشاطئية التي تمتد على مساحة داخلية تساوي 197 مترًا مربعًا، محتضنة حجرتي نوم وغرفة معيشة رحبة، فيما تتكامل مع شاطئ خاص ومساحة خارجية تبلغ 920 مترًا مربعًا وتضم حديقة بحوض سباحة غير متناه وسطح للتشميس ومجلس ظليل.   

بغض النظر عن مكان الإقامة المختار، وعما إذا كنت تزور المالديف في رحلة شاعرية أو رفقة عائلتك أو صحبك، يُهيأ لك في منتجع فورسيزونز المالديف في كودا هورا أن حواسك كلها تنضبط على إيقاع لا يحتكم إلى دورة الوقت، بل إلى ذاك الشعور بالحبور الذي تعد به تجارب مؤنسة ينسّقها فريق فورسيزونز على قياس اهتمامات ضيوفه.

وفيما تطول القائمة لتشمل الكثير من المغامرات الموعودة في المالديف، من الجدف بقوارب الكاياك والتزلج فوق الماء، إلى صيد الأسماك والإبحار بالمراكب الشراعية والسباحة مع السلاحف وأسماك القرش، نختار بعد ظهر أحد الأيام استكشاف مهاراتنا في التوازن على لوح التزلج إذ نحضر أول درس لنا في ركوب الأمواج داخل بحيرة مياه هادئة في كودا هورا، مستفيدين من خبرة رياضي محترف من مركز Tropicsurf الذي ينظم رحلات يومية للمتمرسين في هذه الرياضة إلى أبرز مواقع الأمواج العاتية في كودا هورا والمالديف.

ذاك المرح الصاخب الذي نختبره في سياق درس ينقضي في محاولات متكررة لتفادي السقوط عن الألواح، يرافقنا أيضًا إذ ننطلق في رحلة بحرية لتعقب شمس نلاحق وشاحها الناري ساعة المغيب من على متن يخت تحرسه في رحلته دلافين نستأنس بمشهدها تقفز متراقصة من حولنا. 

على أن المباهج في هذه الواحة المالديفية لا تنضب، على ما تعد به تجارب من نوع آخر تشمل زيارة إلى قرية تقليدية مجاورة، وجولة في أرجاء العاصمة ماليه، ونزهة لتناول الطعام على طريقة "روبنسون كروزو" في جزيرة خاصة، وصفًا لتعلم فنون الطهو في مطعم باراباو Baraabaru الذي يمتع الذائقة بأطايب المطبخ الهندي فيما يتباهى بطابع تصميمي خاص يستلهم فنون العمارة في كيرالا.

أما إذا كنتم تؤثرون المطبخ الإيطالي، فإنكم ستجدون ضالتكم في مطعم Reef Club الشاطئي الذي تغلب عليه أجواء متوسطية حيوية فيما موائده تحتفي بمذاقات توسكانا وخيرات المحيط، علمًا أن المنتجع يحتضن أيضًا وجهتين إضافيتين لتجارب الطعام هما مطعم Café Huraa حيث قائمة الطعام تزخر بأصناف من المطبخين الآسيوي والمالديفي والمطبخ الغربي، ومطعم Kandu Grill المحاذي لحوض السباحة الرئيس والمثالي لهواة أطباق الشواء، لا سيّما المأكولات البحرية الطازجة. 

وغير بعيد عن هذه المرافق الموزّعة في أنحاء المنتجع، ثمة وجهة أخرى للأنس نيمم جهتها إذ ننطلق على متن مركب خشبي قاصدين جزيرة صغيرة مستقلة يحتجب في خفائها النادي الصحي The Island Spa محتضنًا سبعة أجنحة للعلاجات أقيمت فوق صفحة الماء (وجُهزت أرضياتها بكوّات تتيح تأمل مظاهر الحياة البحرية خلال الجلسات)، واستوديو لليوغا، وشرفة معلقة في أعلى شجرة يشغلها جناح لجلسات الرفاه الصحي الليلية على ضوء النجوم المشعة في كبد السماء.

وبالرغم من وفرة طقوس العافية التي يتيحها النادي، والمستوحاة من المحيط وشعابه المرجانية، بما في ذلك البرامج العلاجية التي تختبرونها على امتداد أيام عدة وتتفاوت بين التخلص من السموم واستعادة الألق وتحقيق دفق الطاقة (من خلال جلسات تشمل اليوغا ونحت الجسم والتدليك) إلا أنكم لا ينبغي أن تفوّتوا فرصة اختبار جلسة Kuda Kuraa Healing Waters التي تنطوي على الاستلقاء في أثناء التدليك فوق وسائد من المياه الدافئة تخالون معها أن أجسادكم تطفو في واحة من السكينة. 

Four Seasons Resort Maldives at Landaa Giraavaru 

نودّع المنتجع في صبيحة أحد الأيام، وقد اختزنت ذاكرتنا صورًا من لحظات ألق غزير لا ينتهي بعبارة "إلى اللقاء قريبًا" التي يرفعها أفراد عائلة فورسيزونز في كواد هورا ملوّحين لنا بأيديهم من على الرصيف البحري.

وإذ نخلّف المنتجع وراءنا، نشد الرحال إلى طائرة بحرية تسافر بنا في الأفق الأجمل إلى قلب محمية با أتول للمحيط الحيوي، التابعة لمنظمة اليونسكو، والتي تشهد بين شهري يوليو ونوفمبر أكبر تجمّع لأسماك شيطان البحر في العالم.

هناك أقامت مجموعة فورسيزونز منتجعها الثاني على مساحة 44 فدانًا من الأدغال التي تحنو ظلالها الوارفة على رحاب 103 وحدات من الأكواخ والأجنحة والفيلات الفاخرة (أكبرها ملكية لاندا التي ترتفع في طابقين على مساحة 800 متر مربع في الداخل و2000 متر مربع في الخارج حيث حوضي السباحة ومنصة تأمل النجوم، فيما تزاوج بين مفهوم الملاذ الشاطئي والمنزل بعيدًا عن المنزل).

يتمدد بعض هذه الفسحات عند أطراف الشاطئ أو في عمق الأدغال، وبعضها الآخر يطفو على ركائز فوق البحيرة الشاطئية، وكلها تشرع مساحاتها لألوان شمس تشرق أو تغرب قبالتها فيما تحرس من علوها رحاب المنتجع مترامي الأطراف.

ففي لاندا غيرافارو، يتجلى منتجع فورسيزونز واحة من المتاهات التي تعترش السكينة جنباتها فيما كل تفصيل فيها يحتفي بمفهوم الحفاظ على جماليات الطبيعة الخام. ينعكس هذا المفهوم خصوصًا في مقاربة المهندس المعماري السريلانكي مراد إسماعيل لتصميم المنتجع، والتي تقوم على مزيج بسيط وعصري من تقنيات البناء المحلية القديمة في المالديف والأنماط السريلانكية، بداية من أسقف القش العالية المائلة بزاوية 45 درجة وليس انتهاء بالجدران المبنية من الحجارة المرجانية والحدائق الاستوائية الغناء التي تضمن أعلى درجات الخصوصية. 

سرعان ما نكتشف أن هذا التصميم الهندسي يتماهى ببراعة مع محيطه الطبيعي ليعزز ما نختبره من معاني رفاهية تستأنس بها أفئدتنا. بل إنه يجعل من بيئة المنتجع الوجهة المثلى للباحثين عن خلوات للعافية في رحاب ملاذ تحكمه فلسفة ضيافة خاصة تركّز على مزيج من حماية البيئة وصون الثقافة، والابتكار، والرفاه الصحي.

أما منطلق هذه الخلوات، فهو مركز Ayurma الذي يتجاوز مفهوم النادي الصحي التقليدي وطقوس التدليك المألوفة إذ يطرح مقاربة شمولية للعافية بالاستناد إلى ركائز الأيورفيدا الأربع، والعلاج باليوغا، والبرامج العلاجية المستمدة من الأنظمة البديلة للطلب الشمولي والمصممة بحسب الاحتياجات الفردية التي يجري تحديدها إثر جلسات للتشخيص يتولاها فريق من الأطباء والمعالجين الطبيعيين (تبدو الجلسة الاستشارية التي أختبرها وأخرج منها بقائمة توصيات صحية أقرب إلى فسحة لإعادة اكتشاف الذات وتعزيز الوعي إلى الرفاه الصحي بموازاة  تعرّف الرابط الوثيق بين تحقيق العافية ورعاية الكوكب).

على أن المسعى إلى تحقيق الشفاء الصحي والنفسي لا يقتصر هنا على حدود استشارات وتوصيات، بل يمتد أيضًا من التجارب الجماعية التي تدور في الفلك نفسه (نختبر منها جلسة لتمارين اليوغا الهوائية في جناح استُحدث في قلب الغابة)، وصولاً إلى قوائم الطعام حيث الأطباق مصنّفة بحسب عناصر الأيورفيدا (لتحقيق توازن الطاقة في الجسم) في مختلف مطاعم المنتجع، بداية من المطعم الإيطالي بلو Blu المنبسط عند الشاطئ (لا بد أن تختتموا وجبة الغداء هنا عند عربة المثلجات الإيطالية التي تغريكم كل يوم بمذاقات مبتكرة جديدة)، ومطعم بركات الذي يحتفي، من موقعه فوق الماء، بمطابخ لبنان والمغرب وأرمينيا، وصولاً إلى مطعم Fuego Grill الذي يتفوّق في إمتاع الذائقة بأطباق الشواء من الأسماك واللحوم الطازجة، وحيث تجربة العشاء على إيقاع الموج وضوء النجوم ولهب المشاعل لا تكتمل من دون المشاركة في جلسة إطعام أسماك القرش من منصة قريبة. 

على مر الأيام التي نمضيها في لاندا غيرافارو، نكتشف أن أسماك القرش ليست الضيف الدائم الوحيد في منتجع فورسيزونز. في عزلة أجنحتنا، نطالع في ختام كل يوم "قصة ما قبل النوم" ونعود صغارًا إذ نستكشف بين الكتيبات التي تستقر فوق أسرّتنا مغامرة جديدة من مغامرة كاكو، شخصية السلطعون الذي يتّخذ من منتجع فورسيزونز مستقرًا له ومن مدوّنته منصة لإشراكنا في تحقيقاته الاستقصائية عن أبرز التحديات البيئية التي تواجه كوكبنا، في تأكيد إضافي على التزام العلامة الحثيث الحفاظ على البيئة بموازاة تحقيق أهداف الاستدامة (تشمل مبادرات المنتجع في هذا المجال مشروع الألواح الشمسية الأكثر طموحًا في المالديف والذي يستخدم 3,105 ألواح للتزود بالطاقة، وإنشاء محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي وأخرى لتحلية المياه، فضلاً عن استزراع حديقة عشبية يُستفاد من خيراتها في مطبخ المنتجع وفي إعداد علاجات الأيورفيدا، وتربية أجناس من الدواجن لإنتاج البيض العضوي).  

من أجل كوكب أفضل 

بالرغم من أن منتجع فورسيزونز في لاندا غيرافارو يتيح لضيوفه من الكبار والصغار العديد من الأنشطة التقليدية المتوقعة في المالديف، إلا أنه يرقى بتجربتهم إلى مستوى أعلى إذ يحثّهم على الانغماس في تجارب ملهمة ووثيقة الارتباط بمبادرات صون الحياة البحرية التي يلتزم بها.

هذا ما نختبره إذ نتلقى نداء في أحد الأيام للالتحاق ببعثة تنطلق بنا للسباحة مع أسماك شيطان البحر، وأيضًا في سياق جولة على مركز الاستكشاف البحري الذي يستضيفه المنتجع بشكل دائم والذي يضم علماء أحياء بحرية ينخرطون في مشاريع رائدة مختلفة، من استعادة الحيود المرجانية وإعادة تأهيل السلاحف البحرية، إلى حماية أسماك شيطان البحر ودراسة الكائنات الحية وسبل تكاثرها في المختبر. بل إن المركز يتيح أيضًا برامج تدريبية للصغار والمراهقين تعدّهم لمهام العالم البحري. 

يحتضن أيضًا منتجع فورسيزونز في كودا هورا مركزًا ثانيًا للاستكشاف البحري أتاح لنا المشاركة في بناء إطار من أجزاء شعاب مرجانية نلقي به لاحقًا في البحر على سبيل المشاركة في مشروع العلماء لإعادة إحياء الحيود المرجانية. 

وما بين مغامرة وأخرى في كلا المنتجعين، لا يقتصر مفهوم الترف في السفر على ما نختبره من أسلوب الضيافة الفاخر بغير تكلف المميز لعلامة فورسيزونز. بل إنه يتخذ معاني جديدة تمد بيننا وبين مفاتن الأرض والبحر روابط كانت عقولنا وحواسنا قد غفلت عنها في خضم الانغماس في صخب الحداثة. لكننا نعود لنشرع وعينا على ما فيها من فرص لاستعادة صفاء داخلي نودّ لو نستطيع أن نضعه في حقائبنا ساعة الرحيل.  

جزيرة لك وحدك 
Four Seasons Private Island at Voavah 

على بعد دقائق تستغرقها رحلة على متن زورق سريع ينطلق من لاندا غيرافاور، تتيح فورسيزونز لمجموعة من 22 فردًا في الحد الأقصى حجز ملكيتها الحصرية الممتدة على مساحة خمسة فدادين فوق جزيرة فُوافا الخاصة.

تشكل هذه الملكية وجهة مثالية لكبار الشخصيات والمشاهير التائقين إلى الانعتاق من العالم كله إلى عزلة ملاذ يوفّر لهم سبع حجرات للنوم موزعة على فيلتين ومنزل شاطئي متعدد المجالس (يضم أيضًا غرفة ألعاب، ومركزًا للياقة البدنية، ومكتبة، ومطبخًا)، فضلاً عن ثلاثة أحواض سباحة غير متناهية وناد صحي خاص أقيم فوق صفحة الماء.

وعلى ما يرقى إلى معايير الضيافة من فورسيزونز، تُتاح للضيوف الذين يحتكرون الجزيرة مختلف أسباب الرفاهية، والمغامرات البحرية والاستكشافية، والتجهيزات التي تضمن تجربة إقامة متكاملة الأركان.