في شهر أبريل المنصرم، وفي غرفة خاصة داخل صالة شانيل الفسيحة في معرض واتشز أند وندرز (ساعات وعجائب)، قعَد فريديريك غرانجيه وأرنو شاستينت في سكينة فيما العالم خارج مجلسهما يعجّ بالصحفيين وتجار البيع بالتجزئة وكبار الشخصيات القادمين من مختلف الأقطار لاستكشاف أحدث ما تفتقت عنه قريحة مجموعة واسعة من دور الساعات، ولا سيما تلك التي لها باع طويل في القطاع. 

وعلى غير ما هو عليه الحال في أسبوع الموضة في باريس، حيث لدار شانيل مكانة مرموقة، قد يبدو إبراز شعار العلامة في سويسرا غير مؤاتٍ. 

يعود السبب في ذلك إلى تنافس دار الأزياء على جذب اهتمام هواة الساعات إلى جانب شركات عملاقة ومهيمِنة مثل باتيك فيليب ورولكس، تمتلك مجموعة من الطرز المرغوبة التي يعود تاريخها إلى مئات السنين. 

مع ذلك، لا يُبالي غرانجيه، رئيس قسم الساعات والجواهر الراقية في شانيل، بهذا الواقع، شأنه في ذلك شأن شاستينت، مدير استوديو Creation Studio للساعات في الدار. 

كلاهما يصرّ على أن الرؤية الجديدة لشانيل، وتاريخها المهيب في قطاع الأزياء وإعلائها من شأن البراعة الحرفية، ميزات تمنحها أفضلية في صناعة الساعات الفاخرة.

يقول غرانجيه: "نحترم الدور المنافِسة. فبعضها له تاريخ يمتد قرنين وأكثر، ولكن دارنا لا تزال في مرحلة يتشكّل فيها إرثها انطلاقًا ممّا تطرحه من ابتكارات". 

ويتابع: "ثمة فروق عدّة بين إبداعاتنا وابتكارات الدور المنافِسة. كنّا سنقع في مأزق صعب لو كيّفنا خبرتنا في صناعة الأزياء لصناعة الساعات، وهذا ما لم يحدث، لأننا أقمنا صرح إبداعاتنا على الأسس المتعارف عليها في القطاع". 

لم تدخل شانيل ميدان الساعات إلا في عام 1987. ولكن بالرغم من حداثة عهدها، إلا أنها استطاعت أن تصبح من روّاد الابتكار والإبداع. 

فعندما طرحت ساعة J12 X-Ray في عام 2020، كانت أول ساعة تتمايز بعلبة وحزام مصنوعين من البلور الياقوتي الشفاف، المادة الباهظة التي تُغطي واجهات الساعات والتي تقتضي بسبب صلابتها استخدام أدوات بأطراف ألماسية. 

بالرغم من صعوبة تطويع هذه المادة، إلا أن علامات مثل هوبلو وريتشارد ميل وبيل أند روس (تمتلك شانيل حصة فيها) نجحت في إدماجها في بعض طرزها الراقية. ولكن J12 كانت الساعة الأولى التي تكتمل بحزام من البلور الياقوتي. 

يقول غرانجيه: "عندما وقعت عينا أحد المنافسين على الساعة، أخبرنا بأنهم حاولوا تطوير حزام مماثل، لكن الأمر كان أشبه بكابوس". يتابع غرانجيه: "أؤكد لكم أنه كابوس". 

مع ذلك، طرحت شانيل هذا العام طرازًا محدودًا من 12 نموذجًا مصنوعًا من البلور الياقوتي الوردي، والذي يعدّ تطويره تحديًا هائلاً لما يستوجبه من توحيد اللون على امتداد النماذج كلها. 

هذا مثال واحد على ما تضطلع به شانيل، إلى جانب دور الأزياء والجواهر الأخرى من بولغري وفان كليف أند آربلز إلى هيرميس ولويس فويتون، وفيه دليل واضح على رغبتها في الارتقاء بابتكاراتها في قطاع الساعات ومنافسة الدور العريقة أيّما منافسة.

آلية الحركة BVL 180، التي تستوطن ساعة Octo Finissimo Ultra من بولغري، والتي يبلغ سُمكها 1.50 ملليمتر فقط.

Bulgari

آلية الحركة BVL 180، التي تستوطن ساعة Octo Finissimo Ultra من بولغري، والتي يبلغ سُمكها 1.50 ملليمتر فقط.

سباق محموم

لطالما شكل تطوير الساعات فكرة متأخرة تتبادر إلى العلامات المتخصصة في المنتجات الفاخرة عندما يتعلق الأمر بتوسيع قائمة منتجاتها. 

فعلى سبيل المثال، كانت دور الجواهر تُقدم لزبائنها من الرجال الوافدين على متاجرها لشراء الهدايا مجموعة من الساعات الجديرة بالاقتناء

على أن الساعات لم تكن تخدم هذه الغاية فحسب، بل كانت تُعدّ أيضًا أداة تسويق جماهيرية ووسيلة لجذب الزبائن العاجزين عن شراء جواهر بملايين الدولارات أو حقائب يدوية بآلاف الدولارات. 

تبدّل الحال مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي اجتذبت جيلاً جديدًا من هواة الساعات، لا سيما في أثناء جائحة كورونا، ما دفع دور الجواهر الفاخرة إلى إيلاء فئة الساعات أهمية كبيرة بسبب الآفاق الواسعة التي يفتحها الاستثمار في تصميمها وتطوير آليات حركتها. 

أسفر هذا النهج عن دفع حدود الإبداع في صناعة الساعات السويسرية إلى أقصاها، بالرغم من أن بعض هواة الجمع لمّا يدركوا هذه الحقيقة بعد. 

احتدم السباق بين هذه الدور إلى تطوير ابتكارات تتصدّر عناوين الأخبار، حتى إن بعضها قد فاق حد التصوّر. وخير دليل على هذا الصراع المحتدم ما يحدث بين بولغري وبياجيه، العلامتين اللتين تعود جذورهما إلى قطاع الجواهر، إذ تتنافسان على ابتكار أنحف ساعة في العالم. 

في عام 2018، بلغت بياجيه أفقًا جديدًا في ميدان الهندسة الفائقة بطرح ساعة Altiplano Ultimate Concept، التي كانت آنذاك أنحف ساعة ميكانيكية في العالم بسُمك لا يتعدى ملليمترين. 

كان الرقم القياسي السابق باسم دار جاجيه - لوكوتر عن ساعة Master Ultra Thin Squelette التي بان فجأة أن سُمكها البالغ 3.6 ملليمتر أكبر من المعتاد. 

بعدها بأربعة أعوام، تفوّقت بولغري على بياجيه من خلال ساعة Octo Finissimo Ultra التي بلغ سُمكها 1.8 ملليمتر فقط، بالرغم من احتوائها على 170 مكوّنًا وتوفيرها احتياطيًا للطاقة يدوم 50 ساعة، وبها سجلت بولغري الرقم القياسي العالمي الثامن لأنحف ساعة في خط Octo Finissimo. 

يرى بعض المتابعين في هذا الرقم القياسي حيلة لا أكثر، لكن التسابق على تطوير أنحف ساعة في العالم أعطى الدار حقّ التباهي في صناعة يشقّ فيها تحقيق مثل هذا التمايز.

في سياق استحضار المباحثات الأولى حول خط Octo Finissimo، يشير فابريتزيو بيوناماسا ستيغلياني، المدير التنفيذي لقسم ابتكار المنتجات في الشركة، إلى أنّ أول سؤال طرحه هو: "لماذا ينبغي للزبون شراء ساعة بولغري؟". ويتابع: "لا صلة لنا بأي مجال معيّن مثل الرياضة أو الغولف أو البولو أو الطيران". 

سبق للدار أن طرحت ساعة الأزياء الناجحة Bvlgari Bvlgari في السبعينيات، وقد أعادت إحياءها هذا العام، لكن ستيغلياني ألحّ على الفريق التنفيذي للموافقة على تطوير طرز أشد تعقيدًا. 

لم يتوقع أحد من المراقبين أن تستطيع بولغري ابتكار آلية حركة على تلك الدرجة من التعقيد، وهذا ما يقرّ به ستيغلياني، إذ يقول: "نمتلك محترفًا داخليًا يتيح لنا تطوير أنحف الساعات في العالم". 

وظّفت الدار هذه السردية لصالحها أحسن توظيف، وفي هذا يقول ستيغلياني: "لقد بادرنا إلى استخدام قصة تسجيل الرقم القياسي بقصد تحريك المياه الراكدة في صناعة الساعات".

المدير التنفيذي لقسم ابتكار المنتجات في بولغري، فابريتزيو بيوناماسا ستيغلياني.

Gabriel de la Chapelle

المدير التنفيذي لقسم ابتكار المنتجات في بولغري، فابريتزيو بيوناماسا ستيغلياني.

الإبداع المتفرّد

إن السعي الجاد إلى الابتكار والتفرد يُغذي قطاع الساعات بدفعة من الأفكار الجريئة التي يتعرض أصحابها للتهميش. على سبيل المثال، تُطعّم فان كليف أند آربلز ساعات المعصم وساعات الطاولة بالغة التعقيد والمعززة بآليات حركية بجملة ما اكتسبته من خبرات في قطاع الجواهر على امتداد 118 عامًا. 

وعلى غير ما هو عليه حال العديد من دور الساعات التقليدية، تُناغم الدار في طرزها بين براعة التصميم وجاذبية الحكاية، مع التركيز على التقنيات المتطورة لتحويل تصوراتها الحالمة إلى حقائق.

باشرت الدار صناعة الساعات شديدة التعقيد المجهّزة بآليات حركية منذ عام 2006، وأحدث مثال على نهجها الإبداعي هذا هو ساعة Brise d’Été التي تكشف عن حقل يتهادى فيه العشب والبنفسج في مهب الريح، فيما الفراشات تُرفرف عاليًا لتشير إلى الوقت على مقياس ارتدادي. 

يُشير نيكولاس بوس، الذي كان رئيسًا عالميًا ورئيسًا تنفيذيًا لدار فان كليف أند آربلز قبل تولّيه الرئاسة التنفيذية لشركتها الأم ريتشمونت، إلى أن إقبال الدار على هذه المشاريع، التي تتبنى فكرة شاعرية الوقت ومنه تسمية الساعات المنضوية تحتها باسم التعقيدات الشاعرية Poetic Complications، كشف عن مقدار ما فيها من التعقيدات التقنية الجمّة. 

لقد أمضت فان كليف أند آربلز سبع سنوات في تطوير ساعات طاولة تحتضن المفاهيم التصميمية نفسها، ولكن على نطاق أكبر. 

كانت البداية مع ساعة Automate Fée Ondine، التي جسدت مشهدًا غريبًا تتصدّره جنية مرصعة بالجواهر تستريح فوق زنبقة مائية وحيدة. عن هذه الساعة يقول بوس: "لم يبصر هذا الابتكار المتفرد النور إلا بعد تضافر خبرة وإبداع حرفيين من 20 محترفًا بين فرنسا وسويسرا".

يتطلب تطوير إبداعات على هذه الدرجة العالية من الإتقان تعيين خبراء وحرفيين مهرة، لذا عمدت العديد من العلامات إلى تمكين فرقها المسؤولة عن ابتكار الساعات الأشد تعقيدًا. 

عندما عُيّن راينر برنارد مديرًا لقسم البحث والتطوير في فان كليف أند آربلز قادمًا من بياجيه في عام 2011، كان أحد أربعة أشخاص فقط تُعيّنهم الدار لتسريع مسار تحقيق رؤيتها الخاصة بصناعة الساعات. 

لكن الفريق المعني بهذه المهمة بات اليوم يضم 20 شخصًا. يقول برنارد إن الأفكار اللامعة التي تتبناها الدار تُحفّز الابتكارات الميكانيكية الجديدة، ويتابع: "إنها تقودنا إلى آفاق لم يُدركها أحد من قبل، ولذلك حُزنا في بعض الأعوام من ثلاث إلى خمس براءات اختراع مختلفة". 

ليست هذه الإنجازات وسيلة للتباهي بالمقدرات التقنية للدار، بل إنها معالم بارزة على مسار يؤدي إلى ابتكار قطع جديرة بالمتاحف. 

وقد يكون خير مثال على ذلك ساعة الطاولة Planétarium، الأعجوبة التي تنطوي على كواكب دوّارة مرصعة بالجواهر ضِمن بنية يبلغ ارتفاعها نحو 20 بوصة وقطرها 26 بوصة. 

يدور كل كوكب في هذه الساعة، التي قيل إن سعرها يبلغ نحو 10 ملايين دولار، بسرعة دورانه الحقيقية على أنغام لحن من تأليف ميشيل تيرابوسكو، الموسيقار والفنان السويسري. 

ويقول برنارد: "منذ تعييني، زاد عدد الأدوات التي في جعبتنا، كما تعززت قدرتنا على دفع حدود الإبداع إلى أقصاها. لذلك، أصبحنا قادرين على استحداث ساعات لم نكن لنحلم بها قبل سنوات".

 ساعة Octo Finissimo Ultra المشغولة في علبة من البلاتين.

Bulgari

 ساعة Octo Finissimo Ultra المشغولة في علبة من البلاتين. 

استحواذات مُجدية 

لقد اشتد التنافس على إبهار هواة الجمع، إلى حد أن بعض العلامات الفاخرة لم تعد تكتفي بتوظيف الحرفيين الموزّعين على مختلف أقسامها الداخلية، بل صارت تستحوذ على المحترفات السويسرية المرموقة وتستثمر في العلامات المستقلة الصغيرة التي راكمت خبرة محترمة. 

كانت الريادة لدار بولغري في هذا الميدان، إذ إنها استحوذت على علامتي جيرالد جينتا ودانيال روث في عام 2000، وبعدها ببضعة أشهر ضمّت بيوناماسا ستيغلياني إلى فريقها. 

يؤكد ستيغلياني أن عمليات الاستحواذ تلك أسهمت في إنماء قسم صناعة الساعات في بولغري، ويقول: "صحيح أننا كسبنا موردًا وافرًا من المعارف، لكننا بذلنا أيضًا جهودًا عظيمة لقطف الثمار المرجوّة. فالهدف كان تطوير آليات حركة جديدة". 

ويضيف: "كان غرضنا من ضم المحترفات المتخصصة في صناعة الساعات الفاخرة شقّ طريق تتجلى فيه رؤيتنا".

إن الاضطرار إلى استمداد آليات الحركة من صانعين في الخارج يطرح العديد من المشكلات، منها الافتقار إلى الحصرية وإمكانية تأخر التوريد. لكن الأهم من ذلك كله هو أن حقوق المفاخرة تنحصر عادة في العلامات القادرة على صناعة آلياتها من دون الاستعانة بجهة خارجية. 

إن إنتاج آليات الحركة داخليًا يجتذب صفوة الزبائن المحنّكين، وفي هذا يقول ستيغلياني: "يحتاج الأمر إلى استخدام لغة مختلفة، لأن الحديث ينبغي أن يتناول آلية الحركة والتحديات التقنية التي اكتنفت عملية تطويرها. فإذا اقتصر الحديث على الشكل فحسب، فكن على يقين أن هاوي الجمع الخبير لن يبالي بما تقوله". 

سلكت شانيل مسلكًا مشابهًا، إذ استحوذت على العديد من الشركات المرموقة التي لها باع طويل في المجال. في عام 1993، استحوذت الدار على شركة Châtelain G&F المعروفة بإنتاج علب وآليات حركة من الطراز الرفيع، وفي عام 2019 اشترت حصة ضئيلة في شركة Kenissi السويسرية المتخصصة في إنتاج آليات الحركة والمشهورة بتوريد زجاج البلور الياقوتي. 

ساعة Planétarium من فان كليف أند آربلز.

Clément Rousset-Studio Contraste Sàrl

ساعة Planétarium من فان كليف أند آربلز. 

تُعد علامة رولكس المساهم الرئيس في هذه الشركة عن طريق علامتها الفرعية تيودور. إلى ذلك، تمتلك شانيل حصصًا في بيل أند روس، وإف بي جورن، فضلاً عن علامة رومان غوتييه التي أعانتها في عام 2016 على العبور إلى ضفة التعقيدات من خلال ساعة Monsieur المعززة بتعقيد الساعات القافزة. 

وفي شهر أغسطس المنصرم، فاجأت الدار الباريسية المتابعين كافة بإعلانها الاستثمار في الشركة الرائدة إم بي أند إف.
يقول غرانجيه: "كما نعكف على تطوير ساعات تحمل توقيع شانيل، كذلك نسهر على تزويد العديد من الدور بما تحتاج إليه.

لطالما كان هذا ديدن الدار، إذ تمتلك في قطاع الأزياء الراقية أكثر من 35 محترفًا متخصصًا في شتى الحرف المعروفة، وهذا ما يتيح لها التعاون مع ألمع الأسماء في القطاع". 

بطبيعة الحال لم تكن إل في إم إتش لتغيب عن هذه المواجهة الفاخرة. في عام 2011، استحوذت المجموعة على محترف La Fabrique du Temps الذي أسسه الصانعان إنريكو باربازيني وميشيل نافاس اللذان تمرّسا على صناعة آليات الحركة الرفيعة في معامل باتيك فيليب وغيرها من الدور. 

يقع المحترف في ميرين بسويسرا، ويضم مصممين ومهندسين وحرفيين يستحدثون ساعات لصالح لويس فويتون وجيرالد جينتا ودانيال روث. 

لقد مكّن المحترف علامة لويس فويتون من تطوير ساعات مبتكرة وجريئة، مثل ساعة Tambour Opera Automata التي ترشّحت لجائزة جنيف الكبرى للساعات. 

يصل سعر هذه الساعة، المعززة بوظيفتي الدقائق الارتدادية والساعات القافزة، إلى نحو 580,000 دولار، وقد سعت العلامة من وراء تطويرها إلى الاحتفاء بتقليد بيان ليان الشائع في أوبرا سيتشوان. 

لا تستهدف مثل هذه القطع الزبائن الذين يمليون إلى الحذر في خياراتهم أو هواة الساعات التقليدية، بل هي موجهة لفئة ذوّاقة تستسيغ التعقيد التقني الشديد الكامن في آلية الحركة. 

ساعة J12 X-Ray التي أصدرتها شانيل في عام 2020.

Chanel

ساعة J12 X-Ray التي أصدرتها شانيل في عام 2020.

ساعات جديرة بهواة الجمع 

في المقابل، يُشرف جان أرنو، نجل رئيس مجموعة إل في إم إتش والبالغ من العمر 26 عامًا، على ابتكار ساعات تتمايز بتصاميم بديعة وتنحو أكثر نحو الطابع العملي لصالح لويس فويتون التي يدير قسم الساعات فيها. 

يشير درو كوبليتز، مدير صندوق أصول بديلة وجامع ساعات مخضرم مقيم في فيلادلفيا، إلى أن ساعة Tambour Automatic لفتت انتباهه فور إطلاقها لكنه لم يُقبل على شرائها إلا بعد حديثه مع جان أرنو. 

وفي هذا يقول: "من حديثي مع جان، استقر لديّ انطباع بأنه شخص متقد الذكاء ويولي التفاصيل اهتمامًا كبيرًا في أثناء تصميم المنتجات. 

إن ما يحاول تحقيقه من تسويقٍ للعلامة صعب للغاية، بل أكاد أجزم أنه من أصعب الأمور في صناعة الساعات".

يشير كوبليتز إلى محاولة لويس فويتون الخروج من نطاق الأزياء الراقية إلى نطاق الساعات الجديرة بهواة الجمع، وهذا خصوصًا ما تُحققه طرز الدار التي تراوح أسعارها بين 23,000 دولار و200,000 دولار. 

تخصّ العلامة صفوة زبائنها ببعض طرزها الأكثر تمايزًا، لكنها تضع أمام هواة الجمع المهتمين بالتفاصيل الدقيقة والمظهر الكلاسيكي، أمثال كوبليتز، خطي ساعات Tambour وEscale. 

وفي هذا يقول كوبليتز: "إن التفاصيل الدقيقة في ساعة Tambour رائعة، وتزداد روعة بمعاينة التشطيبات التي تزين آلية الحركة عبر غطاء الجزء الخلفي".

بالمقارنة مع طراز محدود مثل ساعة Tambour Opera Automata، يعدّ استحداث مثل هذه التشطيبات الدقيقة في خط ساعات متسلسل استنزافًا للموارد، ما يعني أن الدور الفاخرة بصدد الاستحواذ على مزيد من الشركات المصنّعة. 

تجمع ساعة Arceau Duc Attelé من هيرميس بين آلية توربيون ثلاثية المحاور ووظيفة معيد الدقائق.

Hermès

تجمع ساعة Arceau Duc Attelé من هيرميس بين آلية توربيون ثلاثية المحاور ووظيفة معيد الدقائق.

على ما هو عليه حال لويس فويتون، لا ترضى هيرميس بالهامش، فقد أطلقت هذا العام ساعة Arceau Duc Attelé، التي تعد إنجازًا ميكانيكيًا مدهشًا يجمع بين آلية توربيون ثلاثية المحاور وتعقيد معيد الدقائق الذي لا يُعلى عليه والمعزز بمطارق بديعة على هيئة رؤوس خيول. 

تُفيد أحدث الأخبار بأن هذين الخصمين اللدودين، اللذين يشتهران أساسًا بصناعة المنتجات الجلدية الفاخرة وحقائب اليد، يتنافسان للاستحواذ على علامة "فوشر" Vaucher، الشركة السويسرية المرموقة المعروفة بتطوير أجود المكونات وآليات الحركة.

في الصيف المنصرم، ظهر إعلان يقول إن مؤسسة عائلة ساندوز تنوي بيع دار برميجياني فلورييه وشبكتها من المورّدين الفرعيين لأجزاء الساعات، بما في ذلك فوشر. 

تمتلك شركة هيرميس حصة 25% في فوشر منذ عام 2006 لذلك قد يبدو أن هذا الاستحواذ سيكون من نصيبها، لكن التقارير الواردة تقول إن إل في إم إتش دخلت على خط المنافسة لحيازة ملكية الشركة التي تزوّد أيضًا دورًا راقية مثل شوبارد وريتشارد ميل، فضلاً عن تاغ هوير، المملوكة لمجموعة إل في إم إتش، والتي تستعين بها للتعاقد مع صانعي آليات الحركة المستخدمة في طرزها. 

رفضت هيرميس ولويس فويتون وبرميجياني فلورييه التعليق على الموضوع، ولكن المؤكد أن الشركة التي ستحوز ملكية المنشأة الثمينة ستتقدم على العديد من الشركات المنافسة، بل قد تُصبح المورّد الرئيس لها.

من المرجح أن تتحدى العلامات الفاخرة ما جرت عليه العادة في قطاع صناعة الساعات، مع استمرارها في تطوير قدراتها في المجال عن طريق الاستحواذ على الشركات الصغيرة المتخصصة والاستثمار فيها. 

ساعة Tambour المشغولة في علبة من الذهب الأصفر، بتوقيع لويس فويتون.

LOUIS VUITTON

ساعة Tambour المشغولة في علبة من الذهب الأصفر، بتوقيع لويس فويتون. 

ترى شانيل أن هذه الاستراتيجية ستسهم في دفع حدود الإبداع، وفي هذا يقول غرانجيه: "سوف يدفعك منافسوك، الذين هم زبائنك أيضًا، إلى تطوير ابتكارات قد لا تخطر على بالك. 

بذلك تتحسّن قدراتك، فتصبح قادرًا على ترسيخ نسق مستدام على المدى الطويل، لأن المنافسين من ضمن الزبائن أيضًا. وهذه الاستراتيجية مربحة للطرفين". 

لكن دور الساعات الراسخة ترى في الإبداع المتأصل في رؤية دور الأزياء والجواهر، والمسنود بأفضل الخبراء والصانعين في سويسرا، تهديدًا يتربّص بالقطاع. 

بعض هذه الدور تتّبع سبيل الحكمة إذ تغادر منطقة راحتها، على ما فعلت دار باتيك فيليب أخيرًا بإطلاقها أول مجموعة جديدة منذ 25 عامًا، بهدف استقطاب الزبائن الشباب. 

في المقابل، تُسارع شانيل إلى ترسيخ رؤيتها التصميمية، وفي هذا يقول غرانجيه: "في العام المقبل، سنكشف عن ابتكارات مبهرة استغرق تطويرها زمنًا طويلاً"، مضيفًا: "نسعى إلى إنشاء نظام يسند أعمالنا وطموحاتنا المستقبلية، بالاعتماد على أمهر الخبراء أو على الأسماء اللامعة التي تربطنا بها صلات وثيقة". 

فيما تحاول الدور العريقة لفت اهتمام جيل جديد من الزبائن، تُواصل دور الأزياء الوافدة على قطاع الساعات تطوير ابتكارات لم يسبق لها مثيل، ما يعني أننا قد نكون على عتبة عهد جديد في صناعة الساعات الفاخرة.