يمتلك ميشيل نافاس، صانع الساعات المخضرم والشريك المؤسس لمحترف La Fabrique du Temps باعاً طويلاً في عالم قياس الوقت الذي اختبر تعقيداته في سن مبكرة. فهذا الرجل الإسباني المقيم في سويسرا، يتحدر في الأصل من عائلة صنّاع ساعات.
كما أنه صقل مهاراته في هذا القطاع من خلال العمل لصالح عدد من كبار الصنّاع، وفي طليعتهم أوديمار بيغيه، وباتيك فيليب، وفرانك مولر، وجيرالد جنتا قبل أن ينخرط مع شريكه إنريكو باربازيني في مشروع إطلاق محترف La Fabrique du temps الذي يتبع اليوم لملكية دار لويس فويتون.
وفيما يواصل نافاس، المولع بالفن والاستكشاف، مسعاه للارتقاء باسم لويس فويتون في هذا القطاع ويقود بموازاة ذلك مسيرة إعادة بث الحياة في علامتي جيرالد جنتا ودانيال روث، يبقى مدفوعًا بشغف راسخ بتعقيدات الوقت وطموح لا ينضب لابتكار أفضل الساعات في العالم.
متى تجلى عندك الشغف بصناعة الساعات، وما الذي استثار اهتمامك بهذا المجال خصوصًا؟
في الواقع، لست أنا من اختار، إذ إنني أنتمي إلى عائلة تعمل في مجال صناعة الساعات. عندما كنت في العاشرة من عمري، علمني والدي مهارات إصلاح الساعات، وكنت منبهرًا جدًا بأدائها. كنت فضوليًا للغاية، لذلك أثار الأمر بالغ اهتمامي، وهو ما دفعني في النهاية إلى مزاولة هذه المهنة. أدين بالكثير لوالدي، لأنه كان مدرستي الأولى ومدخلي إلى عالم صناعة الساعات. يعمل أخي أيضًا صانع ساعات وكلنا ننحدر من عائلة صنّاع ساعات.
ما هي أول ساعة امتلكتها وهل لا تزال بحوزتك؟
كانت هدية من والدي، ولا أزال أحتفظ بها. إنها ساعة جميلة، مشغولة في علبة نحيلة من الذهب الوردي وتشتمل على ثلاثة عقارب من الذهب الأبيض. كانت تلك أول ساعة يهديني إيّاها وكنت آنذاك في الخامسة عشرة من العمر.
Piotr Stoklosa
في عام 2007، أسست بمعية إنريكو باربازيني محترف La Fabrique du Temps. ما كان الحافز وراء إطلاق هذا المشروع؟
في عام 2007، أردنا تأسيس شركة صغيرة جديدة لأننا كنا شغوفين بصناعة الساعات الراقية، ولأننا كنا عازمين على تقديم رؤية مختلفة. في السابق، عملت برفقة إنريكو لصالح علامة مشهورة. لكن خلال الوقت الذي قضيناه فيها، لم تسنح لنا الفرصة لتحقيق أحلامنا. لذلك، عندما افتتحنا محترف La Fabrique du Temps في عام 2007، كانت الفرصة مؤاتية لتطوير آليات حركة متمايزة واستخدام تقنيات متنوعة وابتكار ساعات شديدة التعقيد. عرضنا هذه الابتكارات على الزبائن وسرعان ما تكلل مشروعنا بالنجاح.
Piotr Stoklosa
صنّاع الساعات في محترف La Fabrique du Temps.
استحوذت شركة لويس فويتون على محترف La Fabrique du Temps في عام 2011، وقد سهرتم منذ ذلك الحين على تصميم طرز تؤكد أن ساعات العلامة لا تقل تمايزًا عن أزيائها. ولكن ما مدى صعوبة الارتقاء بعلامة ناشئة في صناعة الساعات إلى مستوى يتيح لها مقارعة عمالقة القطاع؟
كنا نشكل علامة مستقلة حتى عام 2011، تاريخ استحواذ لويس فويتون على محترف La Fabrique du Temps. قد يتساءل المرء عن سبب إقدام لويس فويتون على هذه الخطوة، والإجابة تكمن في مشروع ساعة Tambour Spin Time الذي عرضناه على الدار في وقت سابق للاستحواذ.
بعد ذلك، ناقشنا الموضوع مع فريق لويس فويتون، الذي أبدى رغبته في العمل معي ومع إنريكو. باشرنا العمل على ساعة Tambour Spin Time وقمنا بتطوير ساعة معيد الدقائق وساعة Tambour Mystérieuse، وكلها طرز حاصلة على دمغة جنيف.
في الواقع، إن أحد أسباب استقرارنا في هذه المدينة هو نيل دمغة جنيف، التي تُعد أعلى تشريف في صناعة الساعات الفاخرة، شأنها في ذلك شأن نجمة ميشلان الثالثة في مجال الطهي. يتعذر الحصول عليها كما يتعذر الحفاظ عليها، ولكننا استطعنا تطوير ثلاثة طرز مختلفة حاصلة على هذه الدمغة.
تشتهر لويس فويتون بأنها أكبر علامة منتجات فاخرة في العالم، ولكن ثمة الكثير مما يمكنها إنجازه في قطاع صناعة الساعات الفاخرة. ولهذا السبب وافقنا، إنريكو وأنا وكامل فريق محترف La Fabrique Du Temps، على العمل مع الدار لتطوير مجموعة ساعاتها. يقع مقرنا في جنيف، في قلب عالم صناعة الساعات، حيث أمهر الحرفيين في المجالات المتصلة بهذه الصناعة، وهدفنا ابتكار أفضل الساعات في العالم.
LOUIS VUITTON
ساعة Voyager Minute Repeater Flying Tourbillon من لويس فويتون.
ما أكثر ساعة تفتخر بها من بين ساعات لويس فويتون؟
كلها ابتكارات لها مكانة في وجداني. ولكن إذا اضطررت إلى الاختيار، فقد أقول ساعة معيد الدقائق. يستهويني هذا التعقيد لأنني كنت أعمل مع إنريكو والسيد جِنتا شخصيًا على آلية الحركة المجهّزة بمثل هذا التعقيد عندما كنت أعمل لصالح علامة جيرالد جِنتا. صرفنا من جهدنا الكثير لاستحداث النغم الشجي المنبعث من الساعة، وقد طورنا أخيرًا طراز Voyager Minute Repeater Flying Tourbillon المجهز بالتعقيد نفسه. أحب الساعة الأخيرة لأنني أحب هيئتها ونغمها وعلبتها النحيلة، لذلك أفضلها على غيرها اليوم.
DANIEL ROTH
ساعة Tourbillon Souscription من علامة دانيال روث.
ما الذي يعنيه لك أن تكون الشخص المسؤول اليوم عن إعادة بث الحياة في علامة جيرالد جنتا، وأنت الذي عملت في ثمانينيات القرن الفائت وتسعينياته على تطوير ساعات معقدة لصالحها؟
أعتز بدوري في إعادة إحياء علامة جيرالد جِنتا مع إنريكو وفريق محترف La Fabrique du Temps. إننا آخر من عمل مع السيد جِنتا، وحين اجتمعنا مع جان أرنو وقررنا إعادة إحياء علامتي جيرالد جِنتا ودانيال روث، غمرني حماس عارم لأننا كنا مقرّبين للغاية من جِنتا وزوجته، وندرك هوية علامته في العمق. لذلك أعد هذا المسعى إنجازًا عظيمًا. قد أكون صانع ساعات مسنًّا، ولكن خوض غمار هذه المغامرة بث في نفسي الطاقة والحيوية.
بالحديث عن إعادة إحياء علامة دانيال روث أيضًا. كيف تحافظ على إرث العلامة فيما توظّف فيها في الوقت نفسه رؤيتك الشخصية وما تمتلكه من دراية في هذه الصناعة؟
ذكرت أننا وراء إحياء علامتي جيرالد جِنتا ودانيال روث، وعندما عقدنا العزم على ذلك، ارتأى جان أرنو أن نزور روث الذي لا يزال على قيد الحياة وإن كان العمر قد تقدّم به. ذهبنا نحن الثلاثة لزيارته في منزله، وعندما أخبرناه أننا نعتزم إعادة إحياء علامته، استقبل هذا الخبر بحماس بالغ.
كان في غاية التأثر والسعادة، حتى إنه كاد يبكي. لقد غلبته العاطفة، ولهذا أردنا إشراكه في هذه المغامرة. عندما أكملنا العمل على الطراز الأول، رغبنا في استفتاء رأيه، ولذلك زار محترف La Fabrique du Temps واطلع على الرسومات. لقد كان منبهرًا للغاية بما شاهده.
كيف يصف ميشيل نافاس ساعة أحلامه؟
إنها تشبه الساعة الأولى التي أهداني إياها والدي عندما كنت في الخامسة عشرة. أتصوّرها ساعة بسيطة في علبة نحيلة، ولكنها تتمايز بتصميم بديع، ومريحة على المعصم، ويمكن التزيّن بها كل يوم.
ما هي برأيك أبرز العناصر التي تحدد الوجه المستقبلي لصناعة الساعات؟
أعتقد أن على صنّاع الساعات مراعاة احتياجات الزبائن على الدوام، والتفكير مليًا في ما يرغبون فيه وما ينقصهم. ينبغي أن ندرك أيضًا ما نستطيع توفيره للزبائن من ابتكارات تكون متمايزة عما يقدمه المنافسون. لا بد من التفكير في هذا الموضوع باستمرار، وتأجيج جذوة الإلهام، وتطوير ساعات مذهلة، ولكن الأهم من هذا وذاك هو العمل الدؤوب والمتواصل.
ما أكثر ما يستثير شغفك بمهنتك في عالم الساعات؟
أحب أن أحيط نفسي بزملائي. فكل صباح، عندما أصل إلى مقر محترف La Fabrique du Temps، تغمرني السعادة إذ أتأمل نفسي محاطًا بالمصممين وصنّاع الساعات ومبتكري الموانئ وغيرهم من العاملين. أشعر كأنني بين أفراد العائلة. عندما أغادر المنزل، يخيّل إليّ أن عائلتي ترافقني إلى المحترف، حيث ألقى عائلتي الجديدة. إن شركتنا محدودة النطاق، وهذا أمر يحفزنا جميعًا على العمل، لأن الشعور بالسعادة كفيل بدفعنا إلى تحقيق الأفضل.
Gérald Genta
ساعة Gérald Genta Grand Sonnerie من عام 1994.
هل تستهويك عوالم أخرى؟
إني شخص فضولي للغاية، ومولع بالفن. لذلك، عندما أسافر، أحرص على زيارة المتاحف واستكشاف مجالات أخرى لأن أمر التصميم الفني يُهمني كثيرًا. أتأمل حتى تصاميم المباني والمعمار والمساحات الداخلية. أحب لقاء أشخاص مختلفين ومناقشتهم في شؤون شتى. أستمتع أيضًا بممارسة الرياضة، وخصوصًا ركوب الدراجات. كما تستهويني زيارة الجبال السويسرية للانخراط في كثير من الأنشطة والاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة.
في أسفارك الكثيرة، أي البلاد تركت أثرًا بالغًا في نفسك؟
أعشق السفر واستكشاف الثقافات وأساليب التفكير والعيش المختلفة. اعتدت حضور مناسبات عديدة في آسيا، وقد باغتني الإلهام مرارًا في اليابان وكوريا الجنوبية. استمتعت أيضًا بالوقت الذي قضيته في دبي، وكنت سعيدًا جدًا بتعرّف ثقافة البلاد.
فقد بت الآن على دراية بذائقة الزبائن في منطقة الشرق الأوسط. إنهم على سبيل المثال يفضلون أساور الساعات المشغولة من الفولاذ أو الذهب، وليس الجلد، لأن الطقس حار للغاية. إني منفتح دائمًا على منابع الإلهام، وأحاول أن أتعرّف عن كثب ثقافة البلد الذي أزوره والأشخاص الذين أقابلهم.
كيف يختبر المرء ذروة الرفاهية؟ وما هي السعادة عندك؟
السعادة تكمن في إسعاد الآخرين. إذا استطعت إسعاد زبائني ومن يحيط بي، فإني أجد في ذلك سعادتي. إذا أردت السعادة، فينبغي أن يكون من حولك سعداء، وهذا ما يمثل من منظوري الرفاهية الحقيقية. على أن الرفاهية الأعلى هي بالطبع العافية. في البداية، ينبغي أن تتمتع بصحة جيدة، ثم ينبغي أن تحقق السعادة لنفسك في هذا العالم، لأن هذا شرط أساسي لإسعاد من حولك.