قبل نحو أحد عشر عامًا، أطلقت ماكلارين ثاني سياراتها الرياضية الخارقة بعد طراز F1 الأسطوري تحت اسم P1، ليتأسس بذلك تقليد يفرض تجهيز سيارتها المرخصة للسير على الطرقات بتقنيات جرى تطويرها في سياق سباقات الفورمولا 1، هذه البطولة التي حقق فيها الصانع أمجادًا تليدة بدأت مع أمرسون فيتيبالدي، الذي حقق لقبه الأول مع الفريق البريطاني في عام 1974، ولم تنتهِ مع لاندو نوريس الذي ينافس اليوم بجدارة على البطولة.
في المقابل، وضمن استكمال تقليد بدأ في تسعينيات القرن الماضي مع طراز F50 الذي يُفيد أيضًا بنقل تقنيات الفورمولا 1 بشكلٍ مباشر إلى السيارات الحصرية التي تُباع لنخبة الزبائن، أطلقت فيراري طرازها الشهير لافيراري، لتتشارك السيارتان بالتطبيق الرياضي للتقنيات الهجينة، أي استخدامها ليس بهدف التوفير في استهلاك الوقود على ما جرت عليه العادة، بل من أجل إنتاج قوة إضافية تعزز الأداء العام للسيارة.
ويبدو أن المشهد نفسه يتكرر اليوم. فبفارق زمني لا يتجاوز أسبوعين، جرى الكشف عن McLaren W1، لتتبعها Ferrari F80 ضمن عملية إعادة إحياء المنافسة الضارية بين العلامتين على الطرقات، أو في مرآب جامعي التحف الميكانيكة النفيسة، بموازاة تكريس المنافسة التي لم تتوقف قط على حلبات السباق.
McLaren W1
تحالف الذكاء والقوة
أبرز ما يميّز سيارة McLaren W1 هو أنها تعتمد على محرك احتراق داخلي يتألف من ثماني أسطوانات بسعة 4 لترات ضمن مجموعة محرّكة تتصل حصرًا بالعجلات الخلفية.
وعلى غير ما هو عليه حال مختلف طرز ماكلارين السابقة التي كانت تستخدم محركًا من ثماني أسطوانات جرى تطويره من قبل شركة ريكاردو البريطانية (باستثناء F1 التي كانت تستفيد من خدمات محرك يتألف من اثنتي عشر أسطوانة من إنتاج بي م دبليو)، تولّت ماكلارين تطوير محرّك طراز W1 بنفسها، ودعمته بشاحن توربيني مزدوج لإنتاج قوة 928 حصانًا، تنتقل إلى العجلتين الخلفيتين عبر علبة تروس أوتوماتيكية من ثماني نسب.
أما عندما يتعاون هذا المحرّك مع محرك كهربائي مثبّت في الخلف ويولّد قوة 347 حصانًا، فإن إجمالي القوة الذي يتوفّر للسيارة يبلغ 1,275 حصانًا تترافق مع 1,353 نيوتن متر من قوة عزم الدوران.
وبما أنّ كامل القوة الحصانية التي تنتجها المجموعة المحركة وكامل قوة العزم تصلان حصرًا إلى المحور الخلفي، فإنّ قيادة السيارة ستكون تجربة تسيطر عليها خصائص الدفع الخلفي التي تقترب مما توفره سيارات الفورمولا 1 على الحلبة.
يتمثل الشق الثاني من عملية محاكاة تجربة قيادة سيارات الفورمولا 1 التي تسعى ماكلارين لتحقيقها مع W1 بالتركيبة الديناميكية الهوائية التي تتمتع بها السيارة، إذ تتمكن من توليد قوة ضغط هوائي نحو الأسفل تُقدر بنحو 1,000 كيلوغرام عند سرعة 280 كيلومترًا/الساعة، وهذا رقم يقترب من الرقم الذي تسجله أستون مارتن فالكيري، بالرغم من أنّ الأخيرة تعتمد مقاربة تصميمية متطرفة تجعلها تبدو مثل سيارة سباق أكثر منها سيارة للطرقات.
McLaren
عززت الشركة السيارة بتركيبة ديناميكية هوائية متقدمة، على ما يشهد الجناح الأمامي النشط الذي يتحرك تبعًا للحاجة.
يتحقق هذا الأداء الديناميكي المميز بفضل جناح أمامي نشط يتحرك تبعًا للحاجة لإضافة أو تقليص قوة الضغط الهوائي على المحور الأمامي، وطبعًا الجناح الخلفي الذي تُطلق عليه ماكلارين اسم "الجناح الطويل النشط"، كونه مستوحى من الجسم الطويل لسيارة السباق F1 GTR. فعندما يتمدد الجناح إلى الخلف، يوفر الكفاءة الانسيابية نفسها التي تتمتع بها السيارات ذات المؤخرة الطويلة.
في الداخل، توفر مقصورة W1 من خلال مقاعدها الثابتة التي لا تتحرك وضعية قيادة شبيهة إلى حدٍ ما بوضعية قيادة سيارات الفورمولا 1، فتكون قدما السائق أعلى من وركيه.
ولكن رغم هذه الميزة السباقية المتطرفة، إلا أن المقصورة لا تخلو من مظاهر الفخامة التي تتجسّد في الجلود والمواد عالية الجودة التي صيغت منها. وجدير بالذكر أن ثمة إمكانية لتخصيص المقصورة، بما في ذلك خيارات عدة للألوان والجلود والمواد وخيارات الألوان التي باتت تتضمن ولأول مرة مادة McLaren InnoKnit، وهي مادة جديدة مرنة وخفيفة الوزن مناسبة لكسوة مجموعة متنوعة من الأسطح.
على الصعيد التقني، جُهزت لوحة القيادة بشاشة قياس 8 بوصات تعمل باللمس ونظام معلومات متوافق مع تطبيقي آبل كار بلاي وأندرويد أوتو، بالإضافة إلى منافذ لتوصيل الأجهزة الإلكترونية، فيما يوفر رف صغير خلف المقاعد مساحة تخزين بسيطة داخل السيارة.
وفقًا لماكلارين، يمكن لـسيارة W1 الوصول إلى سرعة 100 كيلومتر/الساعة في غضون 2.9 ثانية فقط، وإلى سرعة 200 كيلومتر/الساعة خلال 5.8 ثانية فقط. أما في حال كان السائق بالغ الشجاعة وواصل الضغط على دوّاسة التسارع، فإنه سيصل بالسيارة إلى سرعة 300 كيلومتر/الساعة بعد 12.7 ثانية، علمًا أن السرعة القصوى محددة إلكترونيًا عند 349 كيلومترًا/الساعة.
ستتوفر سيارة McLaren W1 التي سيجري إنتاج 399 نموذجًا منها فقط بسعرٍ يبدأ من 7.7 مليون ريال سعودي.
McLaren
دعمت ماكلارين محرّك طراز W1 بشاحن توربيني مزدوج ومحرك كهربائي لإنتاج قوة قدرها 1,275 حصانًا.
Ferrari F80
انتصار الأداء على الوسيلة
أن تأتي السيارة الرياضية الفاخرة التي تمثل جوهر تراث صانع رفع منذ بداياته في أربعينيات القرن الماضي راية الأداء المتمايز عاليًا، مع محرك بحجم أقل بمقدار النصف من حجم محرك المركبة التي أتت لتحل محلها - فهذا أمر لا يكاد يُصدّق. ولكن هذا مع حدث مع Ferrari F80.
فهل تنكر الصانع الإيطالي لتراثه أو تراخى في تطبيق ما ينسجم معه؟ إلإجابة هي بالتأكيد لا، إذ إنّ ما قامت به علامة الحصان الجامح هو أمر ينسجم كل الانسجام مع إرثها الرياضي الذي يفيد بضرورة التركيز على الأداء المتفرّد، وليس على الوسيلة التي تؤدي إليه.
فرغم أنّ محرك الأسطوانات الست أقل إثارة من محرك الأسطوانات الاثنتي عشرة ذي الصوت الهدّار، ورغم أنّ ضرورات الوجود في الفئة الحصرية من عالم السيارات تفرض على المركبة تحقيق أرقام كبيرة رنّانة، إلا أنّ المحرك الذي اختارته فيراري لجديدتها، هو أولًا محرك حقق انتصارين متتاليين في سباقات لومان 24 ساعة، وهو ثانيًا محرك يتمتع بحجم مدمج يسمح بتطبيق العديد من الحلول التصميمية والهندسية القادرة على رفع مستوى الأداء الديناميكي الذي يبقى هو الهدف الأسمى.
وإذا كان السعي لضمان أداء ديناميكي عالٍ هو العنصر المحدد لخيارات فيراري الميكانيكية، فإن السعي إلى تحقيق الكفاءة الانسيابية العالية هو ما حدد خطوط السيارة الخارجية في سياق تصميم يستخدم الهواء تارةً لتعزيز قدرات التماسك، وطورًا للوصول إلى سرعاتٍ عالية تترافق مع ثبات مثالي.
Ferrari
إن السعي إلى تحقيق الكفاءة الانسيابية العالية هو ما حدد خطوط السيارة الخارجية.
فالمقدمة صُممت على نحو يجعلها قادرة على تطبيق تقنية التحكم إلكترونيًا بتمرير الهواء بشكلٍ يساعد على توليد قوة ضغط هوائي يثبّت محور العجلات الأمامية عند المنعطفات السريعة مقابل تمريره بسلاسة نحو الخلف خلال السير في خط مستقيم. والأمر نفسه ينطبق على الجناح الخلفي النشط الذي يخدم الغرض نفسه.
وفي الشق الجمالي للتصميم، يجمع شكل سيارة F80 بين العناصر الحديثة المبتكرة، خصوصًا في المقدمة من خلال فتحات التهوية الجانبية وغطاء المحرك، وبين الإرث الذي تبرز تجلياته من خلال اللوح الأسود الذي يتوسط المصابيح الأمامية في إشارة إلى طراز 365 GT4 والرفرف الأمامي المستوحى من طراز F40.
جُهّزت سيارة F80 بمنظومة هجينة تتألف من محرك سداسي الأسطوانات بسعة 3 لترات ينتج وحده قوة 900 حصان، ويدعمه شاحن توربيني مزدوج وعلبة تروس أوتوماتيكية من ثماني نسب، فضلاً عن ثلاثة محركات كهربائية، واحد في الخلف واثنان على المحور الأمامي بقوة 300 حصان، ليُصبح إجمالي القوة المتوفّرة للسيارة 1200 حصان.
وبما أنّ المحور الأمامي يستفيد من خدمات محرّكين كهربائيين، فهذا يعني أنّ سيارة F80 تتمتع بدفع رباعي، على غير ما هو عليه حال سيارة W1 التي تندفع حصرًا بمحورها الخلفي. بفضل هذه المنظومة، وبالتعاون مع البنية الخارجية للسيارة، تتمكن F80 من الوصول إلى سرعة 100 كيلومتر/الساعة في غضون 2.15 ثانية، ثم تستمر في التسارع حتى تصل إلى سرعة قصوى تبلغ 350 كيلومترًا/الساعة.
Ferrari
جُهّزت سيارة F80 بمنظومة هجينة تنتج إجمالي قوة قدرها 1200 حصان.
تتميز مقصورة القيادة بتصميم رياضي مستوحى من سيارات السباق مع مقعد للسائق قابل للتحرك ويميّزه لون مختلف عن لون باقي أرجاء المقصورة، بما في ذلك لون مقعد الراكب الأمامي المثبّت بشكلٍ مباشر بالأرضية. أما المقود، فهو جديد بقسميه العلوي والسفلي الأكثر تسطحًا. وفي هذا تقول فيراري إنها ستعتمد هذا المقود في طُرز الشركة المستقبلية.
تحت اسم Boost Optimization، قدمت فيراري تقنية جديدة تعمد عند تنشيطها في أثناء القيام بلفة تجهيزية على الحلبة بتعرّف المسار، ثم تُطبق في اللفة السريعة التالية أوتوماتيكيًا الإعداد المناسب لكل نقطة من نقاط الحلبة، مثل توفير كامل طاقة المحرك في المقاطع المستقيمة وضبط الأجهزة الانسيابية على الوضعية الأكثر سلاسة لشق الهواء، ثم إعادة ضبطها بشكلٍ يؤمّن ضغطًا هوائيًا نحو الأسفل عند المنعطفات.
على ما هو عليه الحال مع بوروسانغويه، تستفيد F80 أيضًا من نظام تعليق نشط، يعتمد على مخمدات معززة بمحركات كهربائية صغيرة تضبط حركتها، ما يُلغي الحاجة إلى قضبان مانعة للانقلاب ويسمح بمزيج ممتاز من الراحة والأداء الديناميكي.
ستُنتج فيراري 799 نموذجًا من سيارة F80 بسعر يقارب 15 مليون ريال سعودي لكل نموذج، وهذا يجعلها أغلى مركبة فيراري جديدة غير كلاسيكية على الإطلاق.