على قارب سريع في البحر الأحمر، يراقب جوزي ألتيدور، المهاجم المحترف في دوري النخبة الأمريكي لكرة القدم والبالغ من العمر 34 عامًا، فريقه الجديد في أثناء تسابقه في جائزة الإمارات الكبرى للإبحار في دبي على متن قارب متطور مزدوج الهيكل يبلغ طوله 50 قدمًا.
بطولة SailGP تدخل موسمها الرابع هذا العام
تعد المسابقة جزءًا من سلسلة سباقات بطولة الجائزة الكبرى للإبحار الشراعي SailGP التي تدخل الآن موسمها الرابع وتتضمن 13 سباقًا في 10 دول. إن ألتيدور مثال حي على رياح التغيير التي تهب على رياضة الإبحار، التي كانت من قبل حكرًا على المليارديرات المسنين الذين يموّلون بأنفسهم كأس أمريكا وغيره من السباقات طمعًا في التفاخر أكثر منه بالربح المادي.
شبّ الكثير من المنتمين إلى نوادي الإبحار النخبوية على هذه الرياضة، وتنافسوا في بطولاتها لعقود طويلة. وفي غضون ذلك، غالبًا ما أنفقوا عشرات الملايين من الدولارات. في المقابل، لم يشاهد ألتيدور سباقات الإبحار شخصيًا إلا في دبي، وفي هذا إشارة إلى أن مصادر التمويل التقليدية الموجهة إلى الإبحار الاحترافي لم تعد تحتكر هذه الرياضة.
على أن لاعب الكرة الأمريكي ليس النجم الوحيد في فرقة المستثمرين المتوسعة، إذ تشمل القائمة أيضًا رياضيين وفنانين بارزين آخرين. لا يستثمر ألتيدور في رياضة الإبحار فحسب، بل إن له أسهمًا في رياضات الغولف والبيكل بول وكرة القدم للسيدات. وبالرغم من أنه لم ينشأ على رفع الأشرعة وإنزالها والاستجمام على متن الأسطح المكسوة بخشب الساج، غير أنه انجذب إلى هذه الرياضة بعد التعمق في مقدّرات بطولة الجائزة الكبرى للإبحار الشراعي على المدى الطويل. الأمر نفسه حدث مع الآخرين، وتسري شائعات موثوقة مفادها أن أحد نجوم هوليوود الكبار يفكر جديًا في شراء فريق من SailGP، لكن الصفقة ما زالت معلقة.
في أواخر عام 2023، اشترى رائد الأعمال في قطاع التكنولوجيا ريان ماكيلن وزوجته مارغريت والبحّار المحترف مايك باكلي الفريق الأمريكي في البطولة بسعر يتعدى بكثير قيمته السوقية المحددة عند 40 مليون دولار. وقد جاء القسم الأكبر من هذه الأموال من صندوق التحوط الرياضي "أفينيو" المملوك لمارك لاسري، والذي يتوخى الاستثمار في الفرق الرياضية والبطولات الناشئة.
نخبة من المستثمرين المشاهير في البطولة
إلى جانب ألتيدور، تضم النخبة المستثمِرة مشاهير الشاشة والرياضة على حد سواء، مثل الممثلة إيسا راي ولاعبين محترفين في دوري كرة القدم الأمريكية مثل دي أندريه هوبكنز وماليك جاكسون وروكوان سميث وكايفون ثيبودو، بالإضافة إلى دالاس تورنر، مدافع جامعة ألاباما المقبل على الاحتراف.
شاركت راي في ابتداع مسلسل Insecure التابع لشبكة إتش بي أو وأدت دور البطولة فيه، كما أدت أدوارًا داعمة في فيلمي American Fiction وباربي Barbie الحائزين جوائز الأوسكار أخيرًا، وقد وقعت في حب هذه الرياضة بعد مشاهدتها السباق المنظم في لوس أنجليس العام الماضي.
يقول مايك باكلي: "تكتنف الإثارة سباقات SailGP، إذ لا فارق بينها وبين سباقات الفورمولا 1 وغيرها من الرياضات المماثلة. ولأنه يتعذر على أصحاب الملايين شراء الفرق الرياضية المتنافسة في أبرز الدوريات الأمريكية حاليًا، فقد وجهوا استثماراتهم باطراد إلى الرياضات الناشئة".
وبالحديث عن الفورمولا 1، فقد اشترى البطل السابق سيباستيان فيتيل قبل فترة الفريق الألماني في بطولة SailGP. وجدير بالذكر أن الإثارة المضمونة التي يختبرها المستثمرون على متن القوارب الفاخرة عالية السرعة، فضلاً عن القارب المزعنف المزدوج الهيكل الذي يبلغ طوله 50 قدمًا وسرعته البالغة 50 عقدة بحرية، أشد من الإثارة التي قد يختبرونها في أثناء مشاهدة المباريات في غرفة الملاك أو في أثناء حضور جلسة محاكمة أو خلال معاينة ترويض الخيول.
تنتمي مجموعة المستثمرين التي يقودها الزوجان ماكيلن والبحار باكلي في مجملها إلى الأمريكيين الأفارقة، في اختلاف واضح عن مالكي الفرق الأخرى المنحدرين من أستراليا ونيوزيلندا وإسبانيا وسويسرا والدنمارك وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وكندا. وعلى الرغم من ألا دراية كبيرة للمساهمين برياضة الإبحار، إلا أن كثيرًا منهم يمتلكون شبكة متابعين واسعة، وهو أمر يصب في صالح رياضة SailGP، كما يسهم في تعزيز شهرتها وضمان التنوّع فيها.
في الختام يقول ألتيدور: "بحكم احترافي لهذه الرياضة، فإن التنافس مدار اهتمامي الأول، وهذا ما دفعني إلى خوض غمار هذا الاستثمار. ولكن قولي هذا لا ينفي أن تمثيل بلدي يكتسي برأيي قيمة كبيرة". صحيح أن تمثيل المرء بلده أمر مرغوب فيه، ولكن المرغوب أكثر إن جاز لنا التخمين هو تجربة الإبحار بسرعات خيالية على متن أصل استثماري يخترق المياه اختراقًا.