تكثر الأحاديث في قطاع صياغة الجواهر عن الذهب والألماس والأحجار الكريمة، أوزانها وأشكالها وتقنيات الترصيع والتصاميم الجميلة وغير ذلك.. ولكن في هذا العالم البرّاق، عالم الجواهر، هناك حكايات لا تُنسى، بل إنها تدخل في عمق تاريخ المهنة تتناقلها الأجيال المتعاقبة، وتطبع الإرث الخاص ببعض الدور.
ولعل حكاية المهراجا الهندي الآتي من مدينة باتيالا هي الأكثر شهرة في تاريخ بوشرون وإرثها العريق، وقد اختارت الدار أن تستعيد هذه الحكاية التي لم تغب يومًا عن ذاكرتها، وتلقي الضوء على ذلك الحدث التاريخي، وتستذكره بأسلوب عصري يحاكي أذواق سيدات القرن الحادي والعشرين.
عقد New Maharajah/جواهر مجموعة المهراجات الجدد
بدأ كل شيء في الثاني من أغسطس عام 1928 عندما وصل "بوبيندار سينغ" المهراجا الهندي الآتي من مدينة باتيالا إلى ساحة فاندوم الباريسية. في ذلك اليوم، كانت الساحة تعج بالحركة والنشاط، بانتظار وصوله، والاستعدادات قائمة في فندق الريتز لاستقباله مع أربعين شخصًا من حاشيته، وقد جرى تخصيص خمسة وثلاثين جناحًا لاستقبالهم.
أقراط New Maharajah/جواهر مجموعة المهراجات الجدد
هذا الرجل الضخم الذي كان طول قامته يتخطى مترين، كان معروفًا بشغفه بالجواهر وقطع الجواهر المميزة، لذلك كان الجميع يتساءلون أي من متاجر الجواهر الفاخرة في الساحة سيكون مقصده، وعلى الأغلب، كان كل من الصائغين يتمنّى أن يقع اختياره عليه.
عقد New Maharani/جواهر مجموعة المهراجات الجدد
الجواب لم يتأخر، ففي ذلك اليوم بالتحديد، اجتاز المهراجا ساحة فاندوم مع مرافقيه الذين كانوا يحملون خزانات صلبة ومتينة من الحديد، مملوءة بالجواهر، وتوجّه مباشرة إلى متجر بوشرون، حيث استقبله لويس، ابن المؤسس فريديريك بوشرون. في داخل تلك الخزانات، وجد لويس بوشرون الآلاف من أحجار الألماس، والياقوت، والزمرد واللآلئ. هذا الكنز النفيس ألهمه تصميم 149 قطعة جواهر، من ضمنها عقود مرصعة بالألماس والزمرد، وأخرى على شكل حبال من اللآلئ الطبيعية. كما تضمّنت تلك المجموعة أحزمة مرصعة بالأحجار الكريمة، وغير ذلك من القطع الخلابة التي ما زالت الدار حتى اليوم تعدها من أهم رموزها التاريخية العريقة.
الأقراط المتدلية New Maharani/جواهر مجموعة المهراجات الجدد
هذه القصة ترويها بشغف المديرة الفنية للدار كلير شوان التي تقول "إن هذه الطلبية الخاصة كانت أشبه بالأحلام أو القصص الخيالية. نحن نحتفظ في السجل الخاص بالدار بالرسومات التصميمية الأصلية الخاصة بما مجموعه 149 قطعة تتألف منها المجموعة، وفي هذه التصاميم وجدت الإلهامات للمجموعة الجديدة. لقد أردت نقل تلك التصاميم إلى القرن الحادي والعشرين، وإعادة ابتكارها لمهرانات ومهراجات اليوم، هؤلاء النساء والرجال الذين يرغبون بالتعبير عن شخصياتهم وعن أساليبهم الخاصة".
خاتم New Maharani Nacre/جواهر مجموعة المهراجات الجدد
يمكننا حقًا القول إن مجموعة "المهراجات الجدد" تحمل الكثير من الرموز الهندية القديمة والأصيلة مثل زهرة اللوتس، والعمامات، إضافة إلى الأساور الهندية المخصصة للأعراس. ولم تكتفِ شوان وفريقها بذلك، بل استعانوا أيضًا بتقنيات الصياغة الفنية التقليدية مثل تقنية "غليبتكس" أي النقش على الأحجار الكريمة لتزيين الجواهر الفاخرة ضمن المجموعة.
تضمّنت هذه المجموعة عقودًا ألماسية يمكن ارتداؤها بأساليب متعددة، فالعقد المزيّن بأحجار الزمرّد التسعة التي تبلغ زنتها 40 قيراطًا، يمكن تحويله إلى عقد قصير بإزالة القلادة التي تتوسطه وتحويلها إلى بروش. وقد استبدلت الدار بأحجار الزمرد الخضراء التي كانت متدلية منه، وفقاً لتصميم عام 1928، أحجارًا من الألماس، مغلّفة بالكريستال الصخري، ما يزيد من لمعانها وتألقها.
كما استوحت المصممة من عقد آخر من تصاميم عام 1928، لابتكار زوج من الأقراط المشغولة من البلاتين والزمرّد، وقد أتى التصميم على شكل قضبان مرصّعة بالألماس تجسّد شكل الشمس، وجرى ترصيعها بما مجموعه 58 حجرًا من الزمرّد لمزيد من الإشراق والسحر.
عقد New Maharani Nacre/جواهر مجموعة المهراجات الجدد
وفي حين أن الأزياء والجواهر الخاصة بالمهراجا غالبًا ما تكون غنية بالبهرجة والألوان التي تضفي عليها مظهرًا يضج بالحيوية والحياة، إلا أن المصممة اعتمدت على مبدأ النقاء والرقة المفرطة، لإعطاء هوية جديدة وفريدة لمقاربتها المبدعة والخلاقة للجواهر التي تتوجّه بها إلى مهراجات العصر الحالي، ونجحت بذلك من خلال استبدال التدرجات اللونية الأصلية المُعتمَدة في القطع القديمة للمجموعة، بشفافية أحجار الألماس ولعبة انعكاس الأنوار والبريق. وهذا يظهر جليًا في عقد New Maharani الذي يرتكز في تصميمه على زهرة اللوتس، فأتى مفرّغًا مرصعًا بالألماس بكامله، في وسطه ألماسة وسادية القطع زنتها 408 قراريط، وترافق مع زوج من الأقراط المرصّع بالألماس والكريستال الصخري.
سوار New Maharani Nacre/جواهر مجموعة المهراجات الجدد
والجدير بالذكر أيضًا أن المجموعة تضمّنت أساور وخواتم وعقود تزاوج فيها الذهب الأبيض مع البلاتين، والألماس مع عرق اللؤلؤ والكريستال الصخري واللآلئ النفيسة، بأسلوب مميّز تستحضر الدار من خلاله كل الفخامة التي تميّزت بها قطع المجموعة الأصلية وتمنحها شخصية فريدة لا تشبه غيرها.
تطلّب إنتاج هذه الجواهر الخلابة اللامعة، إلى جانب قطع الجواهر الأخرى التي تتضمّنها مجموعة المهراجات الجدد، الاستعانة بكامل حرفية الفنيين في الدار، والخبرة العميقة التي يتمتع بها فريق العمل، إضافة إلى القدرة الهائلة على الإبداع التي تتميّز بها كلير شوان، وشغفها بالجمال وبريق الجواهر. وكانت النتيجة قطعًا فخمة من الجواهر الألماسية، تصوّر ببراعة الأسلوب المعاصر للدار، وتكتب بأبلغ الحروف فصلًا جديدًا من تلك الحكاية الخيالية، قصة بوشرون في عالم الجواهر.