لا تقتصر طموحات السائق البريطاني لويس هاميلتون، الذي يخوض موسمه الأول مع فريق فيراري العريق والأكثر نجاحًا في تاريخ الفورمولا 1، على تحقيق الانتصارات على الحلبة فحسب، بل تمتد لتشمل عالم تصميم السيارات. فقد كشف بطل العالم سبع مرات عن رغبته في المساهمة في تصميم سيارة رياضية جديدة، مستوحاة من أيقونة السيارات الخارقة، فيراري F40.
هاميلتون يهتم بالتصاميم
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يعبّر فيها هاميلتون عن اهتمامه بتصميم السيارات. ففي عام 2019، وخلال فترة وجوده مع فريق مرسيدس، أبدى رغبته في المشاركة في تطوير إصدار خاص من السيارة الفائقة One، التي استُلهم تصميمها من سيارات السباق. وعلى الرغم من أن ذلك المشروع لم يرَ النور، إلا أن رغبة هاميلتون في خوض غمار التصميم لم تخفت، بل زادت مع انضمامه إلى فريق فيراري.
وفي حديث له إلى موقع Motorsport.com في أثناء وجوده في أستراليا للمشاركة في سباق الجائزة الكبرى الافتتاحي للموسم، صرح هاميلتون قائلاً: "أحد الأشياء التي أطمح لتحقيقها بشدة هو تصميم سيارة فيراري خاصة. أريد أن أبتكر F44، وهي سيارة مستوحاة من F40، ولكن مع ناقل حركة يدوي حقيقي. هذا هو مشروعي للسنوات القليلة المقبلة".
ولا يعد اختيار هاميلتون لـسيارة F40 بوصفها مصدرًا للإلهام أمرًا مفاجئًا، لا سيما وأنه سبق أن لمح إلى حبه لهذه السيارة الأسطورية. ويرجع سبب تسميته للمشروع بـسيارة F44 إلى رقم سيارته في سباقات الفورمولا 1. هذا وتعد F40 واحدة من أعظم السيارات التي أطلقتها شركة فيراري، بل يعدها الكثيرون من السيارات الرياضية الأشد تميزًا على الإطلاق، إذ احتلت المركز الثاني في تصنيف أفضل 50 سيارة رياضية على مر العصور.
Ferrari
فيراري F40: أسطورة خالدة في عالم السيارات
تاريخ فيراري F40 غني بالإنجازات، إذ إنها كانت آخر سيارة اعتمدها المؤسس إنزو فيراري قبل وفاته عام 1988، وقد جاءت خليفةً لسيارة 288 GTO. ظهرت السيارة لأول مرة في عام 1987، تزامنًا مع احتفال فيراري بالذكرى الأربعين لتأسيسها.
وبفضل تصميمها الجريء الذي صاغته شركة بينينفارينا، وهيكلها المصنوع يدويًا، أصبحت F40 إحدى أيقونات السيارات الخارقة. لكن ما جعلها متميزة عن بقية السيارات في عصرها لم يكن مظهرها فحسب، بل محركها القوي. فقد زُودت السيارة بمحرك V8 من ثماني أسطوانات بسعة 2.9 لتر، معزز بشاحن توربيني مزدوج، ما يمكنها من إنتاج قوة 478 حصانًا، ويدفعها إلى سرعة قصوى بلغت 320 كيلومترًا/الساعة.
عند طرح طراز F40، كانت نية فيراري إنتاج 400 نموذج فقط، لكن الطلب الكبير على السيارة دفع الشركة إلى زيادة الإنتاج إلى 1,315 نسخة حتى توقفت عن تصنيعها في عام 1991. لقد كانت السيارة تمثل قمة الأداء في عصرها. فتصميمها المستوحى من سباقات السيارات، وهيكلها خفيف الوزن المصنوع من ألياف الكربون والكيفلار والألمنيوم، عززا من أدائها.
كانت F40 متجردة من وسائل الرفاهية التي كانت متاحة في السيارات الأخرى، فلم يتوفر فيها مكيف هواء قياسي، أو نوافذ كهربائية، أو حتى مقابض أبواب داخلية تقليدية، إذ كان الهدف الرئيس هو تقديم تجربة قيادة نقية أقرب ما تكون إلى ما تتيحه سيارات السباق.
لماذا يرغب هاميلتون في تصميم F44؟
بالنظر إلى رؤية هاميلتون، فإن مشروع F44 يبدو أقرب إلى إعادة إحياء للسيارة الأسطورة، ولكن مع لمسات حديثة تتماشى مع تطور صناعة السيارات. يبدو أن السائق البريطاني يرغب في الحفاظ على جوهر F40، خصوصًا في ما يتعلق بتجربة القيادة الحقيقية التي يوفرها ناقل الحركة اليدوي، وهو أمر نادر في السيارات الخارقة الحديثة.
يُذكر أن هاميلتون معروف بشغفه الكبير بالمركبات، إذ يمتلك مجموعة متميزة من السيارات الفائقة، بما في ذلك فيراري LaFerrari، وماكلارين P1، وبوغاتي Veyron. وبحكم خبرته الطويلة في عالم سباقات الفورمولا 1، فإنه يدرك تمامًا ما يجعل السيارة الرياضية ممتعة للقيادة، وهذا ما يريد تحقيقه في مشروع F44.
Ferrari
هل ستعود فيراري إلى إحياء F40؟
لم تكن هذه المرة الأولى التي تشيع فيها الشائعات حول إعادة إحياء F40، إذ ظهرت تقارير في خريف العام الماضي – أي قبل تصريحات هاميلتون بأشهر – تفيد بأن فيراري تدرس إعادة إطلاق الاسم ضمن سلسلة سياراتها الحصرية "Icona Series". وحتى الآن، لا يزال الأمر مجرد تكهنات، لكن من الممكن أن يكون هذا الطراز المنتظر هو نفسه سيارة F44 التي يحلم بها هاميلتون.
إن فكرة إعادة إحياء السيارات الأسطورية ليست جديدة على فيراري، فقد سبق لها أن قدمت طرزًا حديثة تستلهم تصاميمها من سيارات كلاسيكية، مثل SP1 وSP2، المستوحاة من سيارات السباق الكلاسيكية من خمسينيات القرن الماضي. لذا، فإن احتمال تقديم سيارة جديدة تحمل روح F40 ليس مستبعدًا، خصوصًا إذا كان المشروع يحظى بدعم من شخصية مؤثرة مثل هاميلتون.
التحديات التي تواجه مشروع F44
ثمة الكثير من التحديات التي قد يواجهها هاميلتون في سعيه لتحقيق حلمه بتصميم سيارة F44، ويتمثل أولها بمدى استعداد فيراري لإعادة إحياء سيارة بتراث قوي مثل F40. فالشركة الإيطالية معروفة بأنها تحافظ على هويتها الخاصة، ولا تقدم طرزًا جديدة بسهولة من دون دراسة متأنية للسوق.
التحدي الثاني يكمن في مسألة التكنولوجيا. فمع التوجه المتزايد نحو السيارات الكهربائية والهجينة، قد يكون من الصعب إقناع فيراري بإطلاق سيارة جديدة تعتمد بالكامل على محرك احتراق داخلي وناقل حركة يدوي، لاسيما في ظل التشديدات البيئية العالمية.
وأخيرًا، ثمة تحدٍ يتمثل بجعل السيارة متميزة بما يكفي عن باقي طرز فيراري..
حتى لا تبدو كأنها مجرد نسخة محدّثة من سيارة قديمة، بل سيارة جديدة كليًا تحمل روح الماضي وتقنيات المستقبل.
لكن إذا نجح هاميلتون في تحويل حلمه إلى حقيقة، فقد نشهد ولادة سيارة جديدة تدمج بين الروح الكلاسيكية لـسيارة F40 والتكنولوجيا الحديثة، لتكون تحفة فنية تمثل مزيجًا بين الماضي والحاضر، وتحمل بصمة أحد أعظم سائقي الفورمولا 1 في التاريخ.